الاثنين, 10 فبراير 2025

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

تجربتي مع أقدم وأشهر تماثيل العالم

تجربتي مع أقدم وأشهر تماثيل العالم
عدد : 02-2025
بقلم المهندس/ فاروق شرف
استشاري ترميم الآثار

مقدمة :

الحمد لله الذي علم الإنسان ما لم يعلم، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين .. ثم أما بعد...

يشرفني أن أقدم هذا التقرير العلمي، الذي يتناول تجربتي العملية مع أحد أعظم التماثيل الأثرية في العالم، تمثال أبو الهول، والذي يعد رمزًا خالدًا للحضارة المصرية القديمة وعنوانًا لعبقرية النحات المصري القديم.

من خلال هذا التقرير، أسلط الضوء على المراحل المختلفة التي مررت بها أثناء أعمال الترميم، بدءًا من الدراسات الأولية والتحاليل العلمية، مرورًا بالتحديات أثناء التنفيذ، وصولًا إلى الحلول التي تم تطبيقها للحفاظ على هذا الأثر الفريد.

كما أهدف إلى تقديم رؤية علمية متكاملة تجمع بين الخبرة العملية والأسس الأكاديمية، ليستفيد منها الزملاء في مجال الترميم، وكذلك الأجيال القادمة من المرممين والباحثين.
لقد كانت تجربتي مع تمثال أبو الهول بمثابة رحلة علمية وثقافية، تعلمت خلالها الكثير عن تقنيات البناء القديمة وأساليب الترميم الحديثة، إلى جانب التحديات البيئية والمناخية التي تهدد هذا الصرح العظيم. لذلك، أضع بين أيديكم خلاصة هذه التجربة بكل ما تحمله من دروس مستفادة، إيمانًا بأهمية تبادل المعرفة والتعاون بين المتخصصين للحفاظ على تراثنا الحضاري العريق.


( 1 ) تجربتى مع تمثال أبو الهول دراسياً :

* نبذة تاريخية عن تمثال أبو الهول :

- تمثال أبو الهول هو أحد أعظم المعالم الأثرية في مصر القديمة ويعد رمزًا للحضارة المصرية.
- يقع في الجيزة بالقرب من أهرامات الجيزة الثلاثة يعتقد أن التمثال يعود إلى عهد الملك خفرع (حوالي 2558-2532 قبل الميلاد)، وهو أحد ملوك الأسرة الرابعة في الدولة القديمة.

- تم نحته من صخرة جيرية ضخمة ويُعتقد أن وجهه يمثل الملك خفرع نفسه أبو الهول يعكس مزيجًا من القوة والحكمة في الثقافة المصرية القديمة، حيث يمتلك جسد أسد (يرمز إلى القوة) ورأس إنسان (يرمز إلى الحكمة).

- تمثال أبو الهول كان مدفونًا بالرمال لفترات طويلة عبر التاريخ، مما ساهم في حمايته من عوامل التعرية. أعيد اكتشافه بالكامل في القرن التاسع عشر.
---

الوصف الكامل وينقسم إلى:-

1- الهيئة العامة:
- التمثال يجسد أسدًا رابضًا برأس إنسان، مما يجمع بين القوة الجسدية والحكمة.
- الوجه ذو ملامح ملكية، يظهر عليه اللحية الملكية التقليدية وغطاء الرأس النمس.
- العينان واسعتان وتتجهان نحو الشرق، وكأنه يراقب الشمس عند شروقها.

2- النقوش والتفاصيل:
- كان هناك صبغة ملونة تغطي أجزاءً من التمثال قديمًا، لا سيما الوجه.
- هناك اعتقاد بأن أنف أبو الهول تم تدميره خلال العصور الوسطى، وربما بفعل التخريب.

3- الأبعاد والمساحة
- الطول الكلي : حوالي 73.5 مترًا (من نهاية الذيل حتى القدمين الأماميتين).
- ارتفاعه : حوالي 20 مترًا (من القاعدة حتى قمة الرأس).
- عرض الوجه : حوالي 4.2 مترًا.
- طول الأذنين : حوالي 1.37 مترًا.
- مساحة القاعدة : تمتد القاعدة بشكل أفقي وتغطي حوالي 500 متر مربع، حيث تحتضن التمثال بالكامل.

4- التضاريس :-
- تمثال أبو الهول منحوت في موقع مرتفع قليلاً .. هوه من الحجر الجيري و يقع في هضبة الجيزة، التي تحتوي على تلال صغيرة وشبه مستوية.
- التضاريس المحيطة بالتمثال تتكون من صخور رسوبية ناعمة، وهي نفس المواد التي استُخدمت لبناء أجزاء من الأهرامات.
- المنطقة المحيطة معرضة لتأثير عوامل التعرية الطبيعية مثل الرياح والرمال، مما استدعى القيام بعمليات ترميم متكررة لحمايته.

5- البئر الموجود أعلى رأس تمثال أبو الهول :
* فقد أتيحت لي الفرصة أن أكون على رأس التمثال لمعاينة ما فوق الرأس وهذا الموضوع أثار إهتمام الباحثين والمؤرخين لفترة طويلة .. هذه الحفرة أو التجويف يُعتقد أنها قديمة وتمت تغطيتها لاحقًا بغطاء معدني (باب من الصاج) لحمايتها :

-أصل البئر وتاريخه : يُرجح أن هذا التجويف لم يكن جزءًا من التصميم الأصلي للتمثال، بل تم إنشاؤه لاحقًا.فبعض الدراسات تشير إلى أن البئر قد يكون محاولة قديمة لاستكشاف التمثال من الداخل.
- مساحة البئر تبلغ حوالي متر × متر ويقع أعلى رأس التمثال، في نقطة يُعتقد أنها أكثر صلابة، مما ساعد على بقاء الرأس سليمة مقارنة بباقي أجزاء الجسم.

* الأغراض المحتملة للبئر:
الفرضية الدينية أو الرمزية :
هناك احتمال أن الفراعنة أو الكهنة قد أنشأوا هذا التجويف لأغراض شعائرية أو رمزية، لكن هذه الفرضية ضعيفة لعدم وجود نقوش أو أدلة تثبت ذلك.

الفرضية الهندسية:
بعض الباحثين يعتقدون أن هذا التجويف ربما استُخدم لفحص استقرار الرأس، خاصة إذا كانت هناك تشققات أو ضعف في الهيكل.

الفرضية الاستكشافية:
في العصور الحديثة، خلال القرن الـ19 أو بداية القرن الـ20، يُعتقد أن المستكشفين أو علماء الآثار قد قاموا بحفر هذا التجويف للبحث عن ممرات أو غرف مخفية داخل التمثال.
الحماية والتغطية:
تم تغطية البئر بباب من الصاج من قبل وزارة الآثار المصرية لحمايته من التآكل والتدخل غير المصرح ب كما أنه يهدف إلى منع دخول المياه أو الفضلات التي قد تؤثر على الحجر الجيري.

* بالرغم من أن تمثال أبو الهول هو أحد أشهر المعالم الأثرية في العالم، لكنه يواجه العديد من المشكلات التي أثارت آراءً متباينة بين الخبراء وعلماء الآثار.
وفيما يلي أبرز الآراء المتعلقة بمشاكل أبو الهول:

1- مشكلة التآكل والتدهور الطبيعي
الرأي الأول : العوامل الطبيعية هي السبب الرئيسي
يعتقد بعض الخبراء أن التآكل الذي أصاب أبو الهول ناتج عن عوامل طبيعية مثل:
- الرياح المحملة بالرمال التي تسبب تآكل سطح الحجر الجيري.
- التغيرات المناخية بين الليل والنهار، مما يؤدي إلى تمدد وانكماش الحجر.
- الأمطار والعواصف في العصور القديمة.

الرأي الثاني : تأثير المياه الجوفية
- يرى آخرون أن المياه الجوفية الناتجة عن الزراعة الحديثة ومشروعات الري في منطقة الجيزة تُسببت ضعفًا في قاعدة التمثال.
- تم تنفيذ دراسات لتحديد مدى تأثير المياه الجوفية واستخدام تقنيات لتصريفها.

2- أعمال الترميم السابقة وتأثيرها
الرأي الأول : أعمال الترميم ساهمت في حماية التمثال:
- يرى البعض أن أعمال الترميم التي أُجريت منذ القرن العشرين وحتى اليوم كانت ضرورية لمنع انهيار التمثال.
- استخدمت مواد وتقنيات حديثة لتحسين استقرار أجزاء التمثال المتآكلة.

الرأي الثاني : بعض الترميمات كانت غير دقيقة
- يشير منتقدون إلى أن بعض مواد الترميم السابقة لم تكن متوافقة مع الحجر الجيري الأصلي، مما أدى إلى تفاقم التدهور و يؤكدون أهمية استخدام مواد تقليدية ومطابقة للمواد الأصلية للحفاظ على القيمة التاريخية.

3- مشكلة أنف أبو الهول:
موضوع كسر أنف أبو الهول هو من القضايا التاريخية المثيرة للجدل، حيث تباينت الآراء حول السبب والشخص المسؤول عن كسره. في ما يلي عرض للآراء المختلفة، مع تحليل القصة الأقرب للصحة مدعمة بالأدلة -:

 الآراء المختلفة حول كسر أنف أبو الهول:
1- التدمير خلال الحملات العسكرية:
الرواية : يُقال إن جنودًا تابعين للحملة الفرنسية بقيادة نابليون بونابرت أطلقوا قذائف مدفعية على أبو الهول أثناء وجودهم في مصر (1798–1801)، مما تسبب في كسر أنفه.
الدليل المساند : هذه الرواية شائعة في الأدبيات الشعبية.
التحليل: لا توجد أدلة أثرية أو وثائق من الحملة الفرنسية تدعم هذه الرواية.
اللوحات والصور التي رسمها الفنانون في زمن نابليون تُظهر أبا الهول بأنفه المكسور بالفعل قبل وصول الحملة الفرنسية.

2- التدمير بفعل الصوفي "محمد صائم الدهر":
الرواية : المؤرخ المصري المقريزي ذكر أن "محمد صائم الدهر"، أحد المتصوفة في القرن الرابع عشر، هو من كسر أنف أبو الهول.
كان صائم الدهر يرى أن أبو الهول يُعبد من قبل الناس، واعتبر ذلك شكلاً من أشكال الوثنية، فحاول تشويهه.
الدليل المساند :رواية المقريزي تعود إلى نصوص موثقة في القرن الرابع عشر.
هذا التفسير يدعمه تدهور الحالة العامة للآثار خلال تلك الفترة بسبب الفهم الخاطئ للدين.
التحليل : الرواية لها سند تاريخي، ولكن لا توجد أدلة مادية (مثل أدوات الحفر أو النقوش) تؤكد ذلك.

3- عوامل طبيعية :
الرواية : يرجح بعض العلماء أن كسر أنف أبو الهول جاء نتيجة عوامل طبيعية، مثل التآكل بفعل الرياح والعواصف الرملية التي تعرض لها تمثال أبو الهول على مر العصور.
الدليل المساند : تمثال أبو الهول تعرض لتآكل شديد بسبب البيئة الصحراوية، وهو ما أثر على تفاصيله الأخرى أيضًا.
التحليل :على الرغم من معقولية هذا التفسير، فإن الأنف مكسور بطريقة تشير إلى تدخل بشري وليس تآكلاً طبيعياً تدريجياً.

4- تدمير بفعل المماليك أو جنود العصور الوسطى:
الرواية : يشير بعض المؤرخين إلى أن كسر الأنف قد يكون حدث على يد المماليك أو جنود آخرين في العصور الوسطى، ربما خلال التدريبات أو الصراعات.
الدليل المساند : لا توجد دلائل قوية أو روايات موثقة لدعم هذا الاحتمال، لكنه يظل ضمن نطاق الفرضيات.

القصة الأقرب مدعمة بالأدلة:
القصة الأقرب للصحة هي أن كسر أنف أبو الهول حدث على يد محمد صائم الدهر في القرن الرابع عشر الميلادي.
الأدلة التي تدعم هذه الرواية تشمل ما ذكره المؤرخ المقريزي في كتابه "المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار"، حيث قال إن صائم الدهر كسر الأنف لمحاربة عبادة الأصنام.
يشير التصميم الهندسي للتمثال إلى أن الأنف كان مثبتًا بقوة، ما يعني أن تكسيره يتطلب تدخلًا بشريًا مباشرًا.
ومع ذلك، نظرًا لغياب الأدلة المادية المباشرة مثل النقوش أو التقارير الأثرية من ذلك العصر، تبقى هذه الرواية الأكثر منطقية بين الآراء المختلفة.

ملاحظات إضافية :
أقدم تصوير لأبو الهول يظهره بدون أنف يعود إلى لوحة من عام 1737 رسمها الرحالة الدنماركي فريدريك لويس نوردن، قبل الحملة الفرنسية، مما ينفي بشكل قاطع مسؤولية نابليون عن الحادثة.
كسر الأنف يعكس تاريخًا طويلًا من الصراعات الثقافية والدينية التي أثرت على المعالم الأثرية في مصر القديمة.

4- أصل بناء أبو الهول :
الرأي الأول : أبو الهول بُني في عصر الملك خفرع ( طبعاً نحت مجسم وليس بناء).
- يتفق معظم علماء الآثار على أن التمثال يمثل الملك خفرع وتم بناؤه ( نحته وليس بناءه ) في عصر الأسرة الرابعة ( حوالي 2500 ق.م ) .. ويدعم هذا الرأي قرب التمثال من مجمع خفرع الجنائزي.

الرأي الثاني : التمثال أقدم من عصر خفرع
يعتقد آخرون أن أبو الهول يعود إلى عصر أقدم، وربما قبل عصر الأهرامات.
يستند هذا الرأي إلى علامات تآكل يعتقد البعض أنها نتيجة أمطار غزيرة، مما يشير إلى فترة زمنية مختلفة.

5- مشكلة السياحة والتلوث:
الرأي الأول: السياحة ضرورة اقتصادية
- يرى البعض أن السياحة حول أبو الهول ضرورية لدعم الاقتصاد المصري.
- تُتخذ إجراءات لتنظيم الزيارات وتقليل تأثيرها على الأثر.

الرأي الثاني : السياحة تزيد التدهور
يرى منتقدون أن السياحة غير المنظمة تزيد من التلوث والتآكل الناتج عن الازدحام والاهتزازات.

الآراء المتفق عليها
- أبو الهول يعاني من مشكلات متعددة تتطلب جهودًا مستمرة للحفاظ عليه.
- التعاون بين علماء الآثار والمؤسسات الدولية أمر ضروري لضمان استدامة التمثال للأجيال القادمة.
- سوف أعرض رأيي وبعض الحلول معتمداً على:-
دراساتى لفن النحت المجسم والرليف.
دراساتى العليا فى ترميم الآثار.
الخبرات المتراكمة فى أعمال الترميم.
عملى بترميم التمثال عن قرب أكثر من مرة بفترات مختلفة المدد.

* قصة لوحة الحلم الجرانيتية (لوحة تحتمس الرابع):
لوحة الحلم هي إحدى اللوحات الأثرية الأكثر شهرة في مصر القديمة، وهي لوحة جرانيتية كبيرة تقع بين كفوف تمثال أبو الهول في الجيزة. تُعرف هذه اللوحة أيضًا باسم "لوحة تحتمس الرابع"، حيث تحمل نصًا يروي حلمًا غيّر مسار حياة الملك تحتمس الرابع.

* الخلفية التاريخية:
تعود اللوحة إلى عصر الأسرة الثامنة عشرة (القرن 14 قبل الميلاد) في عهد الملك تحتمس الرابع، أحد فراعنة الدولة الحديثة.
اللوحة تمثل شهادة تاريخية حول محاولات الفراعنة الحفاظ على تمثال أبو الهول وارتباطهم الروحي به.

* النص المنقوش على اللوحة:
نص اللوحة مكتوب بالهيروغليفية ومقسّم إلى أعمدة رأسية ومقاطع أفقية.
يروي النص أن تحتمس الرابع، قبل أن يصبح ملكًا، كان شابًا يهوى الصيد والتنزه في منطقة الجيزة .. وأثناء إحدى رحلاته، استراح تحت ظل تمثال أبو الهول، الذي كان حينها مغطى جزئيًا بالرمال.

* حلم تحتمس الرابع :
في الحلم، ظهر له أبو الهول (يمثل الإله حور-م- akhty بمعنى "حورس في الأفق") وتحدث إليه بصوت إلهي وأخبره أبو الهول بأنه سيصبح ملكًا على مصر، بشرط أن يزيل الرمال التي تغطي التمثال ويعيد إليه مجده.
النص يُظهر أبو الهول كرمز للقوة والحماية، ويوضح العلاقة الروحية بين الملوك والآلهة.

* تنفيذ الحلم :
بعد أن أصبح تحتمس الرابع ملكًا، وفى بوعده وأمر بإزالة الرمال التي كانت تغطي أبو الهول .. فأعاد ترميم التمثال وأقام لوحة الحلم تخليدًا لهذه الواقعة، حيث نُقشت على اللوحة قصة الحلم ونصوص تُمجّد الملك.

* الوصف الفني للوحة :
1- الخامة :اللوحة مصنوعة من الجرانيت الوردي.
2- الأبعاد :ارتفاعها حوالي 3.6 متر، وعرضها 2.2 متر، وسُمكها حوالي 0.5 متر.
3- النقوش :تُزين الجزء العلوي من اللوحة صورة للملك تحتمس الرابع يقدم القرابين لأبو الهول .. أما الجزء السفلي يحتوي على نصوص الهيروغليفية التي تحكي قصة الحلم.

* الأهمية التاريخية والدينية:
- تُبرز اللوحة أهمية تمثال أبو الهول كرمز للقوة الإلهية والحماية.
- تعكس العلاقة الوثيقة بين الملوك والآلهة، ودور الأيديولوجيا الدينية في ترسيخ شرعية الحكم.
- تُعد مصدرًا قيمًا لفهم طقوس المصريين القدماء ومفهوم الملكية المقدسة.

* الحالة الحالية للوحة :
- اللوحة لا تزال قائمة بين كفوف تمثال أبو الهول، لكنها تعرضت لعوامل التآكل والتلف بسبب الزمن.
- النقوش أصبحت أقل وضوحًا، لكنها ما زالت تُعتبر واحدة من أهم الآثار المرتبطة بتمثال أبو الهول.

الترميمات التي مر بها تمثال أبو الهول عبر العصور :-

تمثال أبو الهول واجه العديد من عوامل التدهور بسبب الزمن والعوامل البيئية، مما استدعى عدة محاولات ترميم على مر العصور:
1- الترميمات في العصور القديمة:
- يعتقد أن أول محاولات ترميم التمثال كانت في عهد الملك تحتمس الرابع (الأسرة 18، حوالي 1400 ق.م)، حيث اكتُشفت "لوحة الحلم" بين كفوف أبو الهول الأماميتين.
- تشير اللوحة إلى أن الملك تحتمس أمر بإزالة الرمال التي كانت تغطي التمثال بعد أن ظهر له أبو الهول في حلم ووعده بالملك إذا أزاح الرمال عنه.

2- الترميم في العصر الروماني:
- قام الرومان ببعض الإصلاحات البسيطة، خاصة في المناطق الأمامية، لمنع انهيار الحجر الجيري بفعل العوامل الجوية.

3- الترميم في العصور الإسلامية:
في العصور الوسطى، تعرض التمثال لبعض التخريب، مثل تدمير الأنف، الذي يُعتقد أنه تم على يد شخصية صوفية تدعى "محمد صائم الدهر"، بدعوى محاربة الوثنية.

4- الترميم في العصر الحديث:
القرن التاسع عشر:
بدأت جهود التنقيب والترميم الحديثة خلال القرن التاسع عشر، على يد علماء مثل "جيوفاني باتيستا كافيجليا" و"أوغست مارييت".

القرن العشرين:
في عهد الملك فاروق، نُفذت محاولات تنظيف وإعادة بناء بعض الأجزاء المفقودة.
في خمسينيات القرن الماضي، أجرى المهندس الأثري كمال الملاخ إصلاحات أساسية في الصخرة الأم.

القرن الحادي والعشرين:
- خضع التمثال لعدة عمليات ترميم كبرى لتحسين صلابته وحمايته من التآكل.
- تمت إعادة تثبيت كتل متفتتة، خاصة في الكفوف الأمامية والصدر.

5- الترميم المعماري للإدارة الهندسية :
أعمال الترميم التي تمت خلال فترة المهندس نبيل عبد السميع ( رحمة الله عليه ) والتي شملت وضع كسوة حجرية على جانبي تمثال أبو الهول وتثبيتها باستخدام الأسمنت الأسود كانت واحدة من الخطوات التي أثارت جدلًا كبيرًا بين خبراء الترميم والآثار بسبب آثارها السلبية طويلة الأمد. حيث كانت أهم الأخطار التي نتجت عن هذه العملية:

1- عدم توافق الأسمنت الأسود مع الحجر الجيري:
- الأسمنت الأسود يحتوي على مركبات كيميائية مختلفة تمامًا عن الحجر الجيري (الطبيعة القلوية للأسمنت مقابل الطبيعة الرسوبية للحجر). ..و يؤدي هذا الاختلاف إلى حدوث تفاعلات كيميائية تسبب ضعف الطبقات السطحية للحجر الأصلي.

- التمدد الحراري المختلف: فالأسمنت يتمدد ويتقلص بمعدلات تختلف عن الحجر الجيري، مما أدى إلى حدوث تشققات في الحجر الأصلي وزيادة الضغط عليه.

2- حجز الرطوبة داخل الحجر:
- الأسمنت الأسود لا يسمح بخروج الرطوبة المحبوسة داخل الحجر الجيري، مما تسبب في:
- زيادة الرطوبة الداخلية: أدت إلى تدهور الحجر الأصلي نتيجة نمو الأملاح وتبلورها.
- تلف البنية الداخلية للحجر: الرطوبة تسببت في تكوين فراغات وضعف هيكلي داخل التمثال.

3- تأثير الكسوة الحجرية على التصميم الأصلي:
- تغيير المظهر التاريخي للتمثال:بإستخدام الكسوة أدى إلى طمس بعض التفاصيل الأصلية للتمثال وإخفاء الطبقة السطحية التي تحمل آثار النحت القديم.
إضافة وزن زائد : لأن الكسوة الحجرية أضافت وزنًا إضافيًا على الهيكل الضعيف للتمثال، مما زاد من خطر التدهور والانهيار الجزئي.

4- صعوبة الإزالة لاحقًا : لأن الأسمنت الأسود يُعد مادة صعبة الإزالة دون التسبب في إلحاق المزيد من الضرر بالحجر الأصلي، مما جعل عمليات الترميم المستقبلية أكثر تعقيدًا وتكلفة.

5- تأثير الملوثات الجوية:
الأسمنت الأسود يتفاعل مع الملوثات الموجودة في الهواء (مثل ثاني أكسيد الكبريت)، مما أدى إلى تكوين طبقة جيرية مختلطة مع الأسمنت على سطح التمثال، ما زاد من تدهور الكسوة نفسها والحجر الأصلي.

التداعيات:
تسبب هذا النهج في الترميم في أضرار طويلة الأمد للتمثال، وجعل من الصعب العودة إلى الحالة الأصلية للحجر.
أُثيرت انتقادات واسعة لهذه الأعمال، وأكد الخبراء على أهمية استخدام مواد ترميم تتوافق مع طبيعة الأثر.

الدروس المستفادة:
1- اختيار المواد المتوافقة:
استخدام مواد ترميم طبيعية تتوافق مع طبيعة الحجر الجيري، مثل الجير الهيدروليكي.
2- الاختبارات القبلية:
إجراء اختبارات على عينات صغيرة من الأثر قبل تطبيق المواد بشكل واسع.
3- التدخلات الأقل ضررًا:
الاعتماد على طرق تقوية غير مرئية وتجنب الإضافات الثقيلة أو غير القابلة للإزالة.

الخلاصة:
كانت أعمال الكسوة الحجرية وتثبيتها بالأسمنت الأسود على جانبي أبو الهول بمثابة تدخل ترميمي خاطئ تسبب في أضرار هيكلية وكيميائية للحجر الأصلي. مثل هذه الأخطاء تؤكد أهمية الالتزام بالمعايير الحديثة للترميم، والتي تركز على الحفاظ على الأثر بأقل تدخل ممكن مع احترام أصالته التاريخية.

الدراسات البيئية بشأن الترميم والصيانة:
الدراسات البيئية والمناخية:
أُجريت دراسات مكثفة لتحليل تأثير التغيرات المناخية، مثل الرطوبة والرياح المحملة بالرمال، على هيكل التمثال.
تم استخدام تقنيات حديثة مثل التصوير ثلاثي الأبعاد والرادار لتحليل التكوينات الصخرية وتحديد مناطق التآكل.
مشكلات بيئية رئيسية:
1- التعرية الطبيعية: تأثير الرياح المحملة بالرمال التي تسبب نحت السطح.
2- التلوث الصناعي: التلوث الناتج عن الأنشطة البشرية في المناطق المحيطة بالجيزة.
3- الرطوبة: تسرب المياه الجوفية والصرف الصحي في المناطق القريبة.

رحلتى مع تمثال أبو الهول عملياً:

* بدأت رحلتى العملية فى ترميم وصيانة التمثال ضمن فريق من الزملاء أصحاب خبرة كبيرة وأصحاب خلق حميد ( رحم الله من توفاه الله وبارك الله فى عمر ما بقيد الحياة ) وكان ذلك أواخر الثمانينات بقيادة الأستاذ الدكتور الخلوق / شوقى نخلة ( بارك الله فى عمره ) فسيادته دكتوراه دولة ومكتبه مفتوح دائماً لإستقبال أي زميل له مشكلة أو إستفسار فسيادته من أبرز خبراء الترميم فى مصر .. وتربطنى بمعالية علاقة عمل طيبة و قوية ناجحة فعلى سبيل المثال لا الحصر : تمثال وقاعدة إبراهيم باشا بميدان الأوبرا – متحف محمد على الكبير ( الفسقية ) بشبرا الخيمة – كنيسة زويلة بميدان باب الشعرية .

* فقد شهد تمثال أبو الهول مرحلة جديدة سميت بمرحلة الإصلاح للتلف الذى لحق بجسم التمثال بسبب العوامل الجيوبيئية والزمنية بل والبشرية والأهم البيئة المحيطة على التمثال الأمر الذى جعلنا نقوم بالدرلسات المتخصصة لفهم هذه المؤثرات المحيطة والتى كان من نتائج هذه الدراسات إقامة محطة أرصاد بالموقع للتعرف على اتجاهات الرياح وسرعتها باستخدام أجهزة قياس حديثة والتى من مظاهرها تآكل السطح الخارجي للتمثال وأيضاً بلورة الأملاح بفعل الرطوبة النسبية.

* كانت أهداف الترميم لهذه المرحلة
1- تعزيز استقرار التمثال إصلاح الشقوق العميقة التي ظهرت في جسم التمثال نتيجة التآكل والتغيرات المناخية مع تدعيم الأجزاء الضعيفة باستخدام تقنيات حديثة لضمان عدم تعرضها للانهيار.
2- حماية جسم التمثال من عوامل التعرية بدراسة تأثير الرياح المحملة و تطوير حلول عملية للحد من تأثير الرياح وعوامل التعرية.
3- تقييم تأثير المياه الجوفية لمعالجة المشاكل الناتجة عن ارتفاع منسوب المياه الجوفية وتأثيرها على قاعدة التمثال.

أولا : فى آواخر الثمانينات إنفصل جزء من الكتف اليمنى من تمثال أبو الهول .. وكان هذا فى عهد : الفنان فاروق حسنى وزير الثقافة – الدكتور أحمد قدري رئيس هيئة الأثار المصرية – الدكتور زاهى حواس مدير عام تفتيش آثار الهرم والجيزة - الدكتور شوقى نخلة رئيس الإدار المركزية للصيانة والترميم – الدكتور المهندس ممدوح يعقوب رئيس الإدارة الهندسية – المهندس أبو الدرداء مدير أعمال منطقة الهرم – السيد مصطفي عبد القادر مدير إدارة ترميم منطقة الهرم.

ثانياً : تشرفت بتكليفي كأخصائى ترميم بمنطقة الهرم ومعى زميل فنى ترميم يدعى الشيخ جابر بترميم هذا الجزء المنفصل وكان على الأرض بجوار التمثال .. وبعد الدراسة والبحث بالصور السلبية القديمة إكتشفنا أن هذا الجزء محدد من مئات السنين نتيجة عوامل المناخ القاسية من رياح وأمطار وحرارة الشمس وإختلاف شدتها فى الفصول الأربعة الأمر الذى جعلها تسقط على الأرض وبسبب ذلك تم إستبدال الدكتور أحمد قدري بإنتداب الأستاذ الدكتور سيد توفيق من كلية الآثار – جامعة القاهرة ( رحمة الله عليه ) والذى كان دائم المرور على جميع المشاريع مع المناقشة وقراءة التقارير وتصحيحها بالحبر الأحمر ..

ثالثاً : تم بحمد الله ترميم هذا الجزء وتدعيمه بأسياخ الحديد الغير قابل للصدأ و مادة الإيبوكسى رقم 1036 ( مش متأكد ) و كان ذلك فى أوائل التسعينات.

رابعاً : كانت أعمال الصيانة مستمرة بالتمثال فمرة تحت رئاسة الأستاذ / كامل أمبابولا مدير عام الترميم وأخري تحت رئاسة الأستاذ عبد المعز شاهين المدير العام بمركز بحوث الآثار ( رحمة الله عليهما ) واتذكر آخر مرة كانت تحت رئاسة الدكتور / شوقى نخلة صاحب مرة إقامة محطة أرصاد بالمنطقة وعلى بعد أمتار من تمثال أبو الهول .. وكانت معظم أعمال الصيانة تتلخص فى أعمال التنظيف الميكانيكي وإستكمال التجاويف بمونة قوامها الجير السلطاني المخمر عالي الدسم.

خامساً : تجربة قام بها الزميل النحات قدري كامل ( رحمة الله عليه ) كان مديراً عاماً للترميم بالمتحف المصري بالتحرير صاحب الأعمال المميزة والتى منها إنشاء مقبرتين بحديقة المتحف المصري من قطع حجرية عليها نقوش وكتابات هيروغليفية بذات الصلة .
- كان الاستاذ / قدري مولع بإستخدام عجينة الجير لدرجة إستخدامه لأكثر من 20 طناً فى أحد المشاريع .
- العجينة مثمرة لكن تحتاج إلى مهارة الإستخدام مع أختيار الوقت المناسب .. و أستطيع أن أوجزها فى بدون نسب كالآتي :
كمية من الجير الحي ( اكسيد الكالسيوم ) + الماء النقى الخالي من الأملاح والشوائب ( داخل براميل صاج = هيدروكسيد كالسيوم ( جير سلطاني مخمر عالي الدسم ) داخل البراميل لمدة لا تقل عن 20 يوما بعدها يؤخذ ماء الجير ويرش به سطح الحجر الجيري
وهذا الهيدروكسيد يتفاعل مع كربون الجو وينتج كربونات الكالسيوم التى على سح الحجر والتى هى المكون الرئيسى للحجر فتقوى السطح.

سادساً : فترة الفنان المثال آدم حنين و معه الدكتور محمود مبروك أحد المتخصصين في مجال الترميم والفنون التشكيلية وذلك فى أعمال الترميم بالتمثال والتى تضمنت إزالة الكسوة الحجرية التي كانت مثبتة بإستخدام المونة الأسمنتية، وذلك لأنها كانت تتسبب في مشكلات هيكلية للتمثال.
:
1- إزالة الكسوة الحجرية القديمة التى تمت في فترات ترميم سابقة، خصوصًا خلال أوائل القرن العشرين، تم استخدام المونة الأسمنتية في تثبيت بعض الأجزاء المتهالكة من تمثال أبو الهول.
هذه المونة لم تكن مناسبة من الناحية العلمية، لأنها ذات صلابة زائدة مقارنة بالحجر الجيري الأصلي، مما أدى إلى إجهاد الحجر الطبيعي والتسبب في تشققات بمرور الوقت.

2- ففى خلال أعمال الترميم في فترة آدم حنين ومحمود مبروك، تم اتخاذ قرار بإزالة الكسوة المثبتة بالمونة الأسمنتية واستبدالها بإخرى بمونة أكثر توافقًا مع طبيعة الحجر الجيري .. فقد تم استخدام مونة الجير والرمل، وهي مونة تقليدية كانت تُستخدم في العصور القديمة، حيث تتميز بمرونتها وتوافقها الكيميائي مع الحجر، مما يساعد في منع حدوث إجهادات غير طبيعية تؤدي إلى التصدع..

3- مراعاة الصفة التشريحية للتمثال أثناء تنفيذ الترميم، فقد تم التركيز على الصفة التشريحية لتمثال أبو الهول، بحيث تتناسب الأحجار الجديدة المستخدمة في الترميم مع ملامح التمثال الأصلية، دون الإخلال بالخطوط العامة للنحت ولذلك فقد تمت بتقطيع قطع من الفوم ذات الكثافة المناسبة لتنفيذ مثلها حجر بواسطة النحاتين تحت قيادة الريس سعد النشرتى المعروف وكان لهذا التوجه أهمية كبيرة في الحفاظ على الهوية البصرية للتمثال ومنع حدوث أي تغييرات في مظهره العام .. كما أدى استخدام المونة الجيرية إلى تحسين استقرار الأجزاء المرممة، مما أبطأ عمليات التدهور التي كانت تحدث بسبب الترميمات الخاطئة السابقة.

مشكلة التمثال من وجهة نظرى:-
- هضبة الهرم تتكون من الحجر الجيري الذى تشكل قبل حوالي 40 إلى 50 مليون سنة، عندما كانت المنطقة مغمورة بمياه البحر وقد أسهمت هذه البيئة في ترسيب طبقات غنية بالكائنات البحرية المتحجرة مثل الرخويات والشعاب المرجانية وتتميز بتكويناتها الرسوبية والتى تعرف بالحجر الرسوبى الناتج من عوامل التعرية والنقل والتجوية .

- الحجر الرسوبى يتكون من الكربونات ( الخر الجيري الدلوميتي ) والسليكا ( الحجر الرملي ) أو الطين بالإضافة للفراغات المسامية التى تحتوي على الماء أو الغاز وفى وجود بعض المعادن الثانوية ( كأكاسيد الحديد والمواد العضوية )

- من أهم مميزات الحجر الرسوبي :
1- وجود طبقات متوازية تختلف في اللون والسمك.
2- غني بالكائنات البحرية المتحجرة.
3- تمتاز بقدرتها على تخزين ونقل المياه الجوفية.

فتمثال أبو الهول في الجيزة تم نحته مباشرة من الحجر الرسوبي الموجود في الهضبة وهو عبارة عن طبقات من الحجر الجيري و هذه الطبقات تتباين في صلابتها وجودتها، وهذا التباين أثر على حالة التمثال عبر الزمن .. ولذلك :
تفاصيل تكوين أبو الهول:
1- يتكون التمثال من الحجر الجيري الذي يتفاوت في صلابته:
فالجزء السفلي: مصنوع من حجر جيري أكثر صلابة، ولهذا بقي في حالة جيدة نسبيًا مقارنة بأجزاء أخرى .. أما الجزء العلوي (مثل الرأس): من حجر جيري أكثر صلابة وأعلى جودة، مما ساهم في بقاء ملامح الرأس واضحة .. لكن بقية الجسم: تتكون من طبقات أقل صلابة، مما جعله أكثر عرضة للتآكل بفعل الرياح والرطوبة.

2- الاختلاف في صلابة الطبقات أدى إلى تآكل الأجزاء الأكثر نعومة بشكل أسرع، مما تطلب عمليات ترميم متعددة عبر العصور .. أما الطبقات الأكثر صلابة في الرأس ساعدت في الحفاظ على تفاصيل الوجه مقارنة بالجسم.

3- وجود آبار مياه أو تجويفات تحت تمثال أبو الهول أثار الجدل والبحث العلمي لفترات طويلة. وكانت النتائج الآتية:
- تم استخدام تقنيات المسح الجيوفيزيائي مثل الرادار المخترق للأرض (GPR) لدراسة ما يوجد تحت أبو الهول فتم إكتشاف فراغات أو تجاويف طبيعية وصناعية تحت التمثال وحوله .. ويُعتقد أن بعض هذه الفراغات عبارة عن قنوات أو آبار قديمة، قد تكون لها علاقة بنظام تصريف المياه أو منشآت مرتبطة بالمعبد المجاور ( معبد الوادي ).
- هضبة الجيزة تتميز بتكوينها من الحجر الجيري الذي يمكن أن يخزن المياه الجوفية في بعض المناطق.
ارتفاع منسوب المياه الجوفية في السنوات الأخيرة بفعل النشاط الزراعي والصناعي أثّر على قاعدة التمثال، مما استدعى جهودًا لحمايته.
- لا توجد أدلة أثرية قاطعة على أن الآبار الموجودة تحت التمثال كانت تُستخدم لأغراض دينية أو شعائرية، لكنها قد تكون جزءًا من الأنشطة الهندسية القديمة أو نظام صيانة التمثال.

أعمال الترميم و العلاج المقترحة :

أولا: مشروع خفض منسوب المياه الجوفية في منطقة نزلة السمان وهضبة الأهرامات تم تنفيذه بالتعاون مع المركز الأمريكي للدراسات في مصر (ARCE) في عام 2008م. فقد
بدأ العمل على المشروع بعد اكتشاف تأثير ارتفاع المياه الجوفية على تمثال أبو الهول وهضبة الجيزة خلال أوائل العقد الأول من القرن الـ21.
تم الانتهاء من التنفيذ في نفس العام (2008)، وشمل تركيب نظام متكامل للتصريف المائي.
هذا المشروع يعتبر من أبرز الإنجازات التي ساعدت على حماية المنطقة الأثرية من أخطار الرطوبة وتدهور الحجر الجيري.

ثانياً: التنظيف الميكانيكي لجسم تمثال أبو الهول تعتبر حساسة للغاية نظرًا لتكوينه من الحجر الجيري الرسوبي، الذي يتأثر بسهولة بالعوامل البيئية .. لذا، يتم استخدام تقنيات دقيقة ومناسبة لحماية التمثال وضمان الحفاظ على تفاصيله الأصلية .. ويتم ذلك عن طريق دراسة حالة السطح لتحديد المناطق المتأثرة بالتآكل أو التراكمات .. كما يتم تحديد أنواع الرواسب مثل الأتربة، الطحالب، الأملاح، أو المواد العضوية.
وضع خطة عمل: بناءً على الفحص، يتم وضع خطة تنظيف مناسبة تراعي طبيعة المواد.
ثالثاً: - مياه الأمطار الحمضية لها تأثير مدمر على سطح تمثال أبو الهول الحجري ، الذي يتسم بكونه مادة حساسة للعوامل الكيميائية ..فالأمطار الحمضية تتكون نتيجة اختلاط مياه الأمطار مع الملوثات الجوية مثل ثاني أكسيد الكبريت (SO₂) وأكسيد النيتروجين (NOx)، مما يؤدي إلى تكوين أحماض مثل حمض الكبريتيك وحمض النيتريك.
- تتسبب الأمطار الحمضية في إذابة الطبقات السطحية للحجر الجيري، مما يؤدي إلى فقدان النقوش الدقيقة والتفاصيل الأصلية للتمثال .. فكبريتات الكالسيوم الناتجة عن التفاعل تكون قابلة للذوبان في الماء، مما يؤدي إلى تآكل تدريجي لسطح الحجر مع مرور الوقت، يُفقد السطح شكله الأصلي بسبب التآكل المستمر .. كما تسبب الأمار الحمضية في تكون تشققات دقيقة على السطح، مما يسمح للرطوبة بالتغلغل إلى داخل الحجر، مما يُضعف بنيته ويزيد من تعرضه للتلف .. مع خلق بيئة مناسبة لنو الطحالب والفطريات على سطح التمثال الذى يصبح أقل مقاومة للعوامل البيئية الأخرى مثل الرياح والرمال.
رابعاً: الحلول الممكنة لحماية تمثال أبو الهول:
- العجينة المستخدمة في الترميم هي خليط مخصص يُستخدم لملء الفراغات أو إصلاح الأجزاء المفقودة، مع الحفاظ على التناسق البصري والهيكلي مع المادة الأصلية وتتكون من مسحوق الحجر الجيري أو الكوارتز ( الرمل الناعم ) - الجير الهيدروليكي الذى يُستخدم في ترميم الأحجار مثل الحجر الجيري - الأكريليك أو المواد البوليمرية: تُستخدم في الترميمات الدقيقة للحفاظ على المرونة – مع إضافة الأصباغ الطبيعية لضبط اللون ليطابق المادة الأصلي - الماء النظيف الخالي من الشوائب والأملاح و بإضافته بنسبة محسوبة لضبط القوام.
وأخيراً إضافة مواد مثبتة: مثل راتنجات السيليكون أو المواد النانوية لتثبيت العجينة وضمان طول عمرها مع مواد معززة: مثل ألياف الزجاج أو ألياف الكتان لتقوية العجينة.
- ويجب أن تكون خصائص العجينة الجيدة:
التوافق مع المادة الأصلية من حيث اللون والملمس.
الثبات ضد عوامل البيئة مثل الرطوبة والحرارة.
سهولة التشكيل دون التأثير على الأجزاء المحيطة.
القابلية للإزالة أو التصحيح في المستقبل دون إلحاق الضرر.
خامساً : يمكن عزل السطح الحجري لتمثال أبو الهول ضد الأمطار لحمايته من التأثيرات الضارةومن الأمطار الحمضية، مع الحفاظ على مظهره الطبيعي وسلامة تركيب الحجر الجيري هو يجب اختيار المواد بعناية فائقة لضمان توافقها مع الحجر وعدم إلحاق أي ضرر بالأثر أو تغييره بصريًا.
أنسب المواد لعزل السطح الحجري ضد الأمطار:
1. المواد النانوية (Nanotechnology Coatings):وهى مواد تعتمد على تكنولوجيا النانو لإنشاء طبقة غير مرئية مقاومة للماء والرطوبة فتمنع تسرب المياه إلى المسام الدقيقة في الحجر وتسمح للسطح "بالتنفس" دون احتباس الرطوبة .. والأهم أنها تقاوم الأشعة فوق البنفسجية والعواما البيئية:
الأمثلة:
1- سيليكون نانوي معدل (Modified Siloxanes): يوفر حماية طويلة الأمد للحجر.
2- الراتنجات السيليكونية (Silicone Resins):وهى مادة شفافة تطبق على الحجر مكونة طبقة عازلة.
3- مركبات الأكريليك المخفف (Acrylic Resins):وهى راتنجات شفافة يتم تخفيفها لتوفير طبقة واقية وهى مناسبة للإستخدام فى المناق الجافة مع الأمطار الموسمية الخفيفة.

4- مواد تثبيت وتقوية الحجر (Stone Consolidants):وهى تُستخدم لتثبيت الحجر الضعيف، ثم تُدمج مع مواد عازلة لتوفير حماية مزدوجة لتقوية البنية السطحية للحجر مع منحه مقاومة للماء.

الاعتبارات المهمة عند اختيار المواد:
1- الشفافية: يجب أن تكون المواد غير مرئية تمامًا للحفاظ على المظهر الطبيعي للحجر.
2- قابلية الإزالة دون إحداث ضرر عند الحاجة إلى الصيانة المستقبلية.
3- السماح بالتنفس وبخروج الرطوبة من داخل الحجر لمنع تراكمها.
4- التحليل التجريبي على عينات من الحجر قبل تطبيقها على التمثال للتأكد من توافقها.
5- لصيانة الدورية حتى مع استخدام مواد عالية الجودة، يجب متابعة الصيانة وإعادة تطبيق المواد عند الحاجة.
الخلاصة:
أفضل المواد لعزل سطح أبو الهول تشمل المواد النانوية والراتنجات السيليكونية، لما توفره من حماية طويلة الأمد دون التأثير على مظهر الحجر أو سلامته .. مع ضرورة إجراء الاختبارات الدورية للحفاظ على التمثال كأثر عالمي فريد.

إقتراح بعمل مصدات للرياح:-
نعم، يمكن استخدام الأشجار كمصدات للرياح لتقليل شدة الرياح وحماية تمثال أبو الهول من و المنشآت التاريخية ، بما في ذلك المواقع الأثرية وذلك بعد عمل دراسة لمعرفة الإتجاهات ومدى تأثيرها على الأثر ومن هذا المنلق يتم إختيار الأشجار المناسبة معتمداً على الظروف البيئية ونوع التربة، خاصة إذا كانت أراضٍ صحراوية رملية .. وعلى فكرة تلاحظ وجود آثار عملاقة تحوطها الرمال وتحتاج إلى مثل هذه المصدات فعلى سبيل المثال الواجهة الغربية لهرم زوسر فأثناء الأعمال كانت هى أكثر الواهات تضرراً بفعل الرياح والأمطار.
أسماء الأشجار المستخدمة كمصدات للرياح:
1-أشجار الكازوارينا (Casuarina):والتى يصل طولها إلى 15-30 مترًا.
المميزات :سريعة النمو - جذورها قوية وتتحمل التربة الرملية - تتحمل الجفاف والرياح الشديدة..
2- أشجار الكافور (Eucalyptus):و التى بصل طولها إلى 20-50 مترًا.
المميزات : سريعة النمو - تتحمل الجفاف والتربة الفقيرة - توفر ظلًا جيدًا وتقلل من سرعة الرياح.
3- أشجار السرو (Cypress):
والتى يصل طولها من 10: 25 مترًا.
المميزات :نمو عمودي وكثيف، مما يجعلها حاجزًا فعالًا ضد الرياح - تتحمل الظروف الصحراوية مع توفير رعاية مناسبة.
4- النخيل (Date Palm):والتى يصل طولها من : 15-25 مترًا.
المميزات: تتحمل التربة الرملية والظروف القاسية - جذورها عميقة وثابتة، مما يجعلها مفيدة في تثبيت الرمال وتقليل الرياح.
والسؤال : هل يمكن زراعتها في أراضٍ صحراوية رملية ؟
- نعم، يمكن زراعة معظم هذه الأشجار في الأراضي الصحراوية الرملية إذا توفرت الظروف المناسبة، مثل : تحسين التربة - إضافة مواد عضوية مثل السماد العضوي لتقوية التربة الرملية - استخدام تقنيات الري بالتنقيط لتوفير المياه بكفاءة.
- ترتيب الأشجار كمصدات للرياح بحيث تزرع على شكل صفوف متوازية وتكون المسافة
بين الأشجار 2-5 أمتار .. وُ يفضل أن يكون الصف الأول من الأشجار الأطول، والصف الثاني أشجارًا أقصر لدعم الحماية.
باستخدام هذه الأشجار، يمكن تقليل سرعة الرياح بنسبة تصل إلى 60-80% وحماية المناطق المحيطة من العواصف الرملية.
أخيراً بعد إستعراض تجربتي مع ترميم تمثال أبو الهول عبر العصور، والتحديات التي واجهت الأثريين والخبراء في الحفاظ على هذا الصرح العظيم، يتضح أن صيانة الآثار ليست مجرد عملية فنية، بل مسؤولية تاريخية تتطلب العلم والدقة والتفاني.
ومن خلال مشاركتي في أعمال الترميم، أدركت أن الحفاظ على التراث هو جهد مستمر ومتجدد، يتطلب تضافر الجهود بين المتخصصين، مع الالتزام بالأساليب العلمية الحديثة واحترام روح الإبداع التي صاغ بها المصري القديم هذا الرمز الخالد.
آمل أن يكون هذا التقرير مرجعًا مفيدًا للزملاء المرممين والباحثين،ولأبنائى من شباب المرممين وأن يساهم في تطوير منهجيات الترميم المستقبلية للحفاظ على تراثنا العريق فالحفاظ على الآثار هو حفاظ على الهوية والتاريخ، وهو واجبنا تجاه الأجيال القادمة.
والله ولي التوفيق
 
 
الصور :