بقلم / بسام حسن محمد
تظل الفكرة الموسوعية التى تعبر عنها المتاحف العامة سمة مميزة لعديد من المتاحف الاقليمية والمحلية ؛ تطورت هذة المتاحف عن فكرة المجموعات الخاصة المملوكة لافراد او جمعيات منذ منتصف القرن التاسع عشر ؛ ففى بريطانيا اعتبرت متاحف البلدية وسيلة لتوفير التعليم والمتعة لعدد متزايد من سكان المدن ؛ كما تطور دورها فى سياق الاصلاحات لكى تتجاوز المشكلات الاجتماعية الناشئة عن الصناعة ؛ وعندما كانت المتاحف تقام فى موانىء او مراكز التجارة العالمية كانت المعروضات تعكس طبيعة المكان بصفة عامة . وكانت المتاحف المحلية والاقليمية تعزز المشاعر الوطنية .
تعتبر المتاحف الاقليمية نوعية مهمة من نوعيات المتاحف ؛ وتحدد هذه الاهمية فى محورين رئيسين اولهما ان هذه النوعية من المتاحف تعكس من خلال ما يعرض فيها حضارة الاقليم وتاريخه بصورة مكثفة لاتعنى بها اى نوعية اخرى من نوعيات المتاحف. والمحور الثانى يتمثل فى ان هذه النوعية من المتاحف تكون اقرب ما تكون الى المواقع الاثرية التى نقلت منها التحف المنقولة ؛ وهنا يسهل الربط بين عرضها المتحفى وهذه المواقع الاثرية فى الاقليم يعوض الى حد ما الخسارة الناتجة عن عزل التحف الاثرية المنقولة عن مواقعها وهو العزل الذى يواجه باعتراض بعض الباحثين من الاثاريين الذين يرون ضرورة واهمية ان تكون مثلمثل هذه التحف فى مواقعها اذا امكن حفظها ؛ حيث انها تعيش حية فى هذه المواقع دون ان تموت احيانا فى دهاليز وقاعات ومخازن ومتاحف بعيدة عن هذه المواقع
ووظيفة المتحف الاقليمى على الاخص هو عرض الاشياء المحلية بعمق لمعرفة شىء عن المنطقه التى حولهم وليس لمجرد رؤية مجموعه جديدة لا تختلف عن مجموعه اخرى سبق لهم رؤيتها فى مكان اخر ؛ وكل محتويات المتحف من حيث الاثار ومتروكات الحياه العادية والاسلحة القديمة ونماذج التاريخ الطبيعى كل هذه الاشياء بتعطى المشاهد الافكار الضرورية عن المنطقه الاقليميه
وعلاوة على ذلك فأنه بالنسبة للكثير من المتاحف وخاصة تلك المرتبطة بالمجتمعات المحلية ؛ تعتبر معرفة التقاليد المحلية والثقافة الاقليمية من الامور الحرجة فى وضع سياسة المتحف التى تجمع بين الوظيفة التعليمية ووظائف الامناء ؛ تحفظ المتاحف المختلفة بداخلها قدرا غير عادى من التراث مختلف الانواع يعكس مصادر وقيما وطنية ودولية .
بعض المتاحف تتعامل فى الاساس مع الزائرين المحليين فى حين تتعامل متاحف اخرى مع زوار من دول اجنبية ؛ على هذا يتعين ان تركز المتاحف التى يزورها ابناء البلد على تغيير برامجها حتى يتسنى لها ضمان تكرار زيارتهم ؛ فى حين تركز المتاحف التى تجتذب السائحين من دول العالم على العرض الدائم لبعض الاثار التى لابد من رؤيتها حيث ان معظم هؤلاء الزوار قد لا يأتون الى المتحف الا مرة واحدة فقط على الارجح .
وعادة ما كانت المتاحف تقوم بوظائف رمزية فالمتاحف الوطنية الكبرى تعد تعبيرا عن قومية وحضارة لبلاد ؛ اما المتاحف الاقليمية فكانت عادة ترمز الى الاعتزاز والفخر لمدينة معينة اقيم فيها المتحف يتكون العرض فى المتحف الاثرى من ثلاثه عناصر اساسية هى القطعة الاثرية والمتحف والزائر ؛ فالقطعة الاثرية مرتبطه بالمجموعه الاثرية التى تنتمى اليها؛ والمجموعات الاثرية مرتبطه بالمتحف الذى يقوم بعرضها والمتحف مرتبط بالزائر الذى يأتى لزيارة المتحف ؛وبذلك يكون الاتصال الحقيقى بين الزائر والقطع الاثرية فى محيط المتحف ؛وهذه العناصر الثلاثه هى نتائج لاعمال العلوم المتحفية والاثرية معا.
وما تزال هناك ضرورة فى المتاحف للصيانة بل ولترميم بعض التحف الخاصة سواء فى اقسام الفنون الجميلة او الفنون التطبيقية او المواد الاثرية او التاريخية التى يريد المتحف عرضها ؛ وبالنسبة للمتاحف الكبرى قد توجد ادارة للصيانة تقوم بكل هذه الوظائف وتتحمل المسئولية القيادية عن افكار الصيانة ؛ اما فى المتاحف الصغيرة او المتوسطة فقد لاتتوفر الصيانة الا بموجب عقد مع اخصائى مستقل ؛ او من خلال جهة حكومية مسئولة عن الصيانة كما هو الحال فى كثير من الدول .
بدات الاحتياج الى النشاطات الترويجية بشدة من متحف الى اخر ؛ فالمتحف الذى يعرض كنوزا فريدة ومعروفة لدى الكثيرين حول العالم عادة مايحظى بعدد منتظم من الزائرين دون الاحتياج الى اى ترويج ؛ ومن الجدير بالذكر ان هذه المتاحف تنتشر على نطاق واسع فى الدول الاوربية ؛ حيث تضم كل مدينة متحف ضم تراثها ؛ او ماتستطيع الحصول عليه من المقتنيات الاثرية او التاريخية او الفنية ؛ ويسمى المتحف يحسب الفترة التاريخية التى لعبت المدينة دورا بارزا فيها فعلى سبيل المثال تضم مدينة بنسلفانيا فى ولاية فيلادلفيا بامريكا متحفا اقليميا يعرض تاريخ المنطقة منذ اقدم العصور حتى الان ؛ وقد اخذت مصر بهذا لاتجاه ؛ وانتشرت فى الفترة الاخيرة ظاهرة انشاء متاحف فى عدد كبير من المدن التاريخية . ونجد امثلة هذه المتاحف فى كثير من المدن العربية ؛ ومن ذلك متحف توكرة ؛ ومتحف شحات فى ليبيا ؛ واكثر من متحف فى مدينة حلب ؛ وكذلك متحف سيئون؛ ومتحف ذمار فى اليمن ؛ ومتحف الحرمين الشريفين فى مكة المكرمة. |