بقلم/ ماجد الحداد
باحث في علم الانسان ، وعضو اتحاد الاثريين المصريين
صور لنا زميلي وصديقي العزيز استاذ / محمود فرحات نقش من جدارية في متحف Bibliotheca Alexandrina - مكتبة الاسكندرية العريقة فيها جندي يركب عجلة حربية يجرها كائن خرافي مجنح .
ويعود زمن النقش الى العصر البطلمي .
فلما تأملته اقترحت التعقيبات التالية :
ان راس المخلوق هو راس طائر ( الطاووس ) وفوق راسه عرف الطاووس المتفرق . وهذا يشير إلى مصدره كردي_بابلي_فارسي حيث ان الصورة المقدسة الباقية منه الان في الديانة ( الايزيدية ) طاووس ملك ، والتي امتداد لعبادة الاله ( نابو ) البابلي والميثرائية ثم تميزت بها ثقافة الفرس . وجسم هذا الكائن عبارة عن جسم كلب . ومن المحتمل انه يصور النتر ( ست_سوت ) وليس ( انبو_انوبيس ) . نعرف هذا من ذيله . وست هو نتر او اله صحراوي يرمز لصفات الانثروبولوجية للهكسوس والعابيرو_العبرانيين _ كان الاله الرئيسي للهكسوس هو ( سوت_خ ) الموازي للنتر سوت لدينا في مصر _ ووجود رمز اسيوي مع راس الطاووس في جسم كائن خرافي يربط منطقيا وشرطيا رمز المخلوق الشهير الذي كان يصور به المصريون النتر الصحراوي الشرقي سوت .
نشاهد العجلة وهي تطأ التماسيح . وقد كثر استخدام التمساح كرمز لارض مصر واحيانا لرمز السيطرة على العدو بكثرة في العصر الجريكورومان في مصر عن عصر الاسرات . واعتقد ان هذا من اسباب توغل وتاثير ثقافة مقاطعة ( الفيوم ) في مصر لوجود جالية اغريقية ورومانية كبيرة فيها وقتئذ وعلاقتهم بالعاصمة الإسكندرية . وكان النتر ( سوبك ) ورمزه : التمساح هو النتر المحلي الرئيسي لمدينة الفيوم .
يتميز تصوير الأجنحة في عصر الجريكورمان في مصر باختفاء الريش المتفرق فيها كشكل ريش النتر ( حر_حورس ) الذي يميز كل أجنحة النترو الاخرين وحتى في فارس كان ريش الاله غير متفرق لكن واضحا.
وهو بعكس عصر الجريكورومان في مصر الذي تشير الى جناح طائر ((( النورس ))) ذو الجناح مختفي الريش . وبهذا اعتقد انه تعبير عن منطقي عن شعوب بحرية احتلت مصر واثرت في فنها .
لكن مع عدم وضوح ذلك في الاثار اليونانية والرومانية في اليونان وروما . بل في ظهرت في مصر في عصور احتلالهم لها . مع اعتبار ان الهة هؤلاء الشعبين لا يصورون آلهتهم باجنحة من الاصل . وعلى الرغم انما شعبان بحريان . الا يبرز سبب التفاعل بينهم وبين المصريين باستقطابهم للإسكندرية كعاصمة وكمدينة بحرية . ولان المصري يصور الهته باجنحة . فكانت نتيحة لتلك الجدلية في التاريخ ان تنتج لنا اجنحة النورس في المخلوقات الاسطورية وليس في كل النترو .
وعلى صعيد آخر :
بالنسبة لي هذا النقش يعتبر كنزا دلاليا مهما لتسجيل تداخل الرموز الحضارية الفنية والأسطورية بين الحضارات والشعوب ورؤية توقيع البيئة والطبيعة على صفحة الانتاج الحضاري . فكما ذكرنا آنفا كيف وصل النتر المصري / چحوتي_تحوت الى نقش من نقوش بلاد فارس في احدى الاختام الاسطوانية المحفوظ في متحف المتروبوليتان . كان حتميا ان تترك فارس عن طريق الاخمنيين اثار فنها الفني والرمزي على مصر خصوصا في فترة احتلال الاخمنيين لمصر .
نجد من اثار هذا ايضا بعض السمات المعمارية في معبد ( دندرة ) الذي كان درة العصر البطلمي واليوناني مثل : الساتر الحجري في واجهة المعبد مثلا . وقد أوضح عن التأثير الفارسي الاخميني في دندرة كل من المرحوم استاذ دكتور / حسين الشيخ . أستاذ الحضارات القديمة في جامعة الإسكندرية في محاضراته . ودكتورة / علياء . استاذة الاثار اليونانية والرومانية في نفس الجامعة . |