الأحد, 28 أبريل 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

زيارة الي قصر الزعفران

زيارة الي قصر الزعفران
عدد : 06-2023
بقلم المهندس/ فاروق شرف
استشاري ترميم اثار

اليوم صباح الإثنين الموافق 12/ 6 / 2023م و بدعوة كريمة من القيادات ومن أبنائى من جهابذة وخبراء الترميم بشركة المقاولين العرب وذلك لزيارة أعمال الترميم والتدعيم بقصر الضيافة أقصد قصر ( الزعفران ) الذى تحول الى جامعة ( هليوبليس ) أقصد جامعة إبراهيم باشا سابقاً جامعة ( عين شمس ) حالياً.

* قصر الزعفران قصرٌ يعتبر تحفة معمارية فخمة، شاهدًا على زمانه وعلى ما مر به من أحداث تاريخية، وهو الذي ارتبط اسمه بالخديوي إسماعيل، الذى أمر بتشييده عام 1870م بمنطقة العباسية علي يد المهندس المعمارى مغربي بك سعيد والذى كان واحدا ممن إختارهم الخديوى إسماعيل لدراسة الهندسة في فرنسا والذى كلفه الخديوى إسماعيل بتصميمه والإشراف على بنائه وعلي أن يكون مشابها ومماثلا لقصر فرساي في فرنسا والذى قضي فيه الخديوى إسماعيل فترة تعليمه .. ويوجد رأى آخر فيما قام بالتصميم والتنفيذ لأنطونيو لاشياك ؛ وهو مهندس معماري ومصمم مبانى إيطالي عمل في القاهرة وترقى لدرجة كبير مهندسين ومديراً للقصور الخديويه بعد وفاة ديمتريوس فبريسوس باشا في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني. . المهم أن الخديو إسماعيل كانت تبهره جمال وروعة العاصمة الفرنسية باريس ولما آل إليه حكم مصر صمم علي أن يجعلها تضارع العاصمة الفرنسية (باريس).

* وقد تم بناء قصر الزعفران على أنقاض قصر بناه محمد على باشا مؤسس الدولة المصرية الحديثة خارج حدود القاهرة آنذاك وسماه قصر الحصوة وكان يتألف من خمس بنايات وسمي بالحصوة نسبة إلى منطقة العباسية الحالية التي كانت تسمي بهذا الإسم في ذلك الوقت حتى أصدر عباس باشا الأول عام 1851م أمرا بإلغاء إسم الحصوة الذى كان يطلق علي المنطقة وتعمير المنطقة وليصبح إسمها العباسية نسبة إليه وظل القصر يتسمي بهذا الإسم إلي أن جاء الخديوي إسماعيل وتولى حكم مصر في عام 1863م وأعاد بناء قصر القصوة ليكون قصرا مكونا من مبني واحد وقد تميز هذا القصر إضافة إلى فخامته وطرازه المعمارى الفريد بمكانة تاريخية فقد كان شاهدا علي الكثير من الأحداث الساخنة التي شهدتها مصر في أواخر القرن التاسع عشر الميلادى وأوائل القرن العشرين الماضي مثل دخول الإنجليز القاهرة عام 1882م وتوقيع معاهدة عام 1936م بين مصر وبريطانيا حيث شهدت الستائر والثريات الثمينة والمنضدة الموجودة في صالون القاعة الرئيسية للقصر بكراسيها المذهبة على التوقيع علي هذه المعاهدة بحضور زعيم الأمة المصرية ورئيس حزب الوفد المصرى ورئيس الوزراء آنذاك مصطفى النحاس باشا حينما تفاوض مع المندوب السامي البريطاني مايلز لا مبسون وتم توقيع المعاهدة بالأحرف الأولى بين لامبسون والنحاس باشا رئيس وباقي قادة الأحزاب المصرية الأخرى ومازالت هذه المنضدة متواجدة بصالون القاعة الرئيسية للقصر وحولها طاقم الكراسي المذهبة .. وبعد ذلك تم التوقيع علي المعاهدة بشكلها النهائي في العاصمة البريطانية لندن بين مصطفي النحاس باشا ووزير الخارجية البريطاني السير أنتوني إيدن في يوم 26 أغسطس عام 1936م

* نقشت الأحرف الأولى للخديو إسماعيل على واجهة القصر وابوابه الخارجيه والداخليه داخل إكليل نباتي مكون من غصنين متقابلين في شكل دائري يعلوهما التاج الملكي ذو الهلال، كأحد الشارات الملكية التي عرفت للحكام والأمراء من عصر أسرة محمد علي .. والتى مازالت باقيه الى الان .. وفى سنة ١٨٧٢ أعتلت صحه الوالده باشا ووالدة الخديو إسماعيل وزوجة المرحوم القائد إبراهيم باشا إبن الوالي محمد على باشا الكبير ونصحها الأطباء بالعيش فى مكان ذو هواء نقى وجاف وهو ماكان يتمتع به موقع قصر الزعفران فى صحراء العباسيه.

* يتكون القصر من ثلاث طوابق :-
الدور الأول : بهو الإستقبال وعلى جانبيه قاعتان اليسرى تستخدم كقاعه إجتماعات رئيسيه لمجلس إدارة الجامعة وأما القاعه اليمنى فى القاعه الشهيره التى توجد بها المائده التى وقعت عليها معاهدة ١٩٣٦ ولا تزال موجوده إلى الأن وأيضا يتم إستخدامها فى وقتنا الحالى كقاعة إجتماعات
السلم الذهبي : وهو الذى يؤدى إلى الطوابق العليا من القصر وهو مصنوع من النحاس المغطى بطبقه مذهبّه وهو شديد الفخامه ولا يوجد له مثيل فى القصور المصرية وحين يقف الزائر على السلم ناظرا إلى أعلى يجد أن السقف العلوى للقصر مصنوع من الزجاج البلورى المعشق بالوان زاهيه يغلب عليها لون السماء الازرق تنعكس إضاءته على السلم الفخيم، وإلى وقتنا هذا تعرف معاهدة ١٩٣٦ فى الوثائق الإنجليزيه باسم معاهدة الزعفران وهكذا فى بعض المراجع التاريخية.
الدور الثانى : به ٨ غرف نوم كل غرفه ملحق بها صالون وحمام تركى مصنوع من الرخام والأضاءه تعتمد على كوّات من الزجاج الملون وحسب وصف دكتور أحمد عبد الرازق وكيل كلية الآداب أن غرف النوم يعلوها قباب ملونه بالوان السماء، تستخدم الغرف حاليا كمكاتب لرئيس الجامعة ونوابه.
الدور الثالث : كان مخصصا للحاشيه وهو الآن يستخدم كمكاتب إداريه.

* جميع حوائط الحجرات عبارة عن لوحات فنية جمالية فهي مزينة بأشكال الورد والزهور الملونة إضافة إلى التذهب بالذهب الفرنسي ويصل ارتفاع الأبواب الخشبية للقصر إلى نحو أربعة أمتار، أما ارتفاع الأسقف فيصل إلى ستة أمتار، لسبب رئيسي وهو تلطيف حرارة الجو خاصة في فصل الصيف، كما يعد باب القصر المصنوع من الزجاج المعشق تحفة فنية رائعة الجمال.

* فقد بنى القصر متأثرًا بطراز فن الباروك، ويميزه العناصر الزخرفية المتنوعة الأشكال، والتي اشتملت على باقات الورود، وفروع الأزهار المتناثرة في الواجهات الأربع للقصر، والتي تميزت بتكدس الوحدات النباتية، وكذلك في الكتل البارزة للواجهات، فكانت مزدحمة بالوحدات الزخرفية المكونة من فروع النباتات والفاكهة والأزهار المتناثرة على الواجهات. أما النقوش الداخلية فهي متأثرة بزخارف الباروك وبعض ملامح من طراز الروكوكو، الذي يُعد امتدادًا لفن الباروك بتكثيف النقوش النباتية، كاستخدام الأكاليل المشكلة من الزهور، واستخدام ألوان الباستيل الدافئة، وهذا ما يُظهر أيضًا في الأشغال المعدنية، كما جمعت زخارف القصر الداخلية بين الطراز القوطي الذي يتضح في كثرة استخدام الزجاج المعشق بالرصاص، وفي البريجات الصغيرة التي تعلوا الواجهات.

* كان حول القصر حدائق على مساحه ١٠٠ فدان زرعت به مساحات شاسعه من نبات الزعفران وهو سبب تسميه القصر لأن رائحه النبات كانت تفوح فى أنحاء المنطقه بأسرها، وفى سنة ١٨٨٢ إحتلت بريطانيا العظمى مصر فطلب الخديو توفيق من جدته الانتقال من القصر لفتره وجيزه لا تتجاوز الثلاث او أربع أشهر لإقامة الضباط الإنجليز الى أن يتم تدبير مكان اقامه اخر لهم .

* وبالفعل إنتقلت خوشيار هانم إلى سراي ( عزبة الوالدة ) بحلوان والذى أنشأه الخديو إسماعيل على الطراز الأوربي فى الفترة من بين 1873-1877م لوالدته خوشيار هانم على مساحة 5 أفدنة تقريبا .. تم هدم القصر سنة 1940م ولم يتبقى منه سوى جزء من مبنى الخدم يشغله حاليا مكتب تفتيش آثار حلوان.
القصر يتوسط حديقة بداخل سور ومحاط من كل الجهات بمساحة شاسعة من الأراضي الزراعية فكان من الصعوبة تصويره سوى من الجو( يوجد صورة فى نهاية المقال وهذه الصورة صورت من قبل طائرة تابعة للقوات الجوية البريطانية أوائل القرن الماضي) .

* نعود إلى القصر والإحتلال الأنجليزي البغيض الذين إستولوا تماما على القصر وطردوا الخدم والحاشيه واقاموا بالقصر لمدة ٥ سنوات ثم تركوا القصر فى حال شديد السوء مما دعى السلطان حسين كامل حينها إلى أن يطلب تعويضا عن الخسائر التى لحقت بالقصر من جراء سوء الإستخدام من قبل الضباط الإنجليز قدّرها ب ٥٠ جنيها مصريا عن كل شهر قضوه فى القصر، لا توجد أى وثيقه او إشاره إلى أن الإنجليز دفعوا أو حتى إعتذروا للسلطان.

* فى سنة ١٩٠٨ يتحول القصر إلى مدرسة ثانويه تحمل إسم الملك فؤاد الأول سنة ١٩٢٢ وقام ملك البلاد بزيارة المدرسة، كما إستخدم القصر لاحقا كمقر مؤقت لأدارة الجامعة المصرية إلى أن يتم إكتمال مبانى الجامعة بالجيزه وكان مكتب مدير الجامعة المصرية آنذاك أحمد لطفي باشا السيد يقع فى الدور الأول من القصر وبعد إتمام بناء الجامعة المصرية تنتقل الادارة من قصر الزعفران الى مبنى الجامعة بالجيزه وتشترى وزارة الخارجيه القصر ليصبح دارا للضيافه وإستقبال الملوك والأمراء الاجانب .. من أهم الاحداث التى وقعت حينها فى القصر التوقيع بالأحرف الأولى على معاهدة ١٩٣٦ بين زعيم الأمه مصطفى النحاس باشا وبحضور ووزير خارجية بريطانيا العظمى إيدن والسير مايلز لامبسون المندوب السامى لسلطات الاحتلال الانجليزية وقاده الاحزاب المصرية.

* فى سنة ١٩٥٠ أصبح القصر مقرا لجامعة إبراهيم باشا ثم تغير إسمها فى سنة ١٩٥٤ مرتين لتعرف أولاً بأسم جامعة هليوبوليس ثم جامعة عين شمس .. هذا وقد تم تسجيل القصر في عداد الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بناء على قرار اللجنة الدائمة للأثار الإسلامية والقبطية في جلستها بتاريخ 29/12/1985م و الموافقة على اتخاذ الإجراءات الخاصة بتسجيله.

* أثناء أعمال الترميم والصيانة للقصر خارجياً وداخليا للحوائط والزخارف والتى شملت أعمال التنظيف الميكانيكى والكيميائى الذى كان يتم فى أضيق الحدود هذا وقد وقَّع المجلس الأعلى للآثار «بروتوكول تعاون» مع جامعة عين شمس وذلك لتدشين المتحف الجديد الذي يهدف إلى ( نشر الوعي الأثري لدى طلاب الجامعات) ، وأيضاً السماح للباحثين والدارسين من مختلف الجامعات المصرية بزيارته للتعرف على القطع الأثرية المعروضة به، إضافة إلى الزيارات الرسمية الوافدة للجامعة

* و يضم المتحف أكثر من 167 قطعة أثرية (ترصد التاريخ المصري القديم بمختلف حقبه التاريخية، منذ العصر الفرعوني وحتى العصر الحديث وأسرة محمد علي باشا) ، وقد تم اختيارها من مخازن المواقع الأثرية والمتاحف المصرية، ومن بينها: المتحف المصري في التحرير، وكفر الشيخ، والفن الإسلامي، وقصر المنيل، والمركبات الملكية.

* ويتميز المتحف التعليمي بمجموعة من النياشين والأوسمة والميداليات التذكارية للمملكة المصرية، عصر أسرة محمد علي القرن 1314هـ/1920م، بالإضافة إلى مجموعة من مقتنيات الجامعة .. كما يضم المتحف التعليمي تابوت آدمي من الخشب عليه مناظر دينية لحماية المتوفى يرجع إلى الأسرة السادسة والعشرين - العصر الصاوي ومجموعة من الخزف، صناعة غيبي التوريزي رائد الخَزَّافين زمن المماليك، القرن 8هـ/14م.

* أهم ما أبهرنى بالمتحف هو إستخدام التكنولوجيا الحديثة فى العرض المتحفي ويمكن لأى طالب أو زائر أن يقوم بجولة داخل المتحف عبر التطبيقات الافتراضية على الموبايل والانترنت ويتعرف على مختلف القطع الأثرية من كل العصور دون أن ينتقل من مكانه .
كما أن المتحف يضم شاشات عرض، ويقدم جولات افتراضية عبر التطبيقات التفاعلية عن موضوعات تاريخية، وبه عرض لرأس نفرتيتي بتقنية "هولوجرام".

* و الهولوجرام (الهولوجراف) هو أحد تطبيقات الليزر لإنتاج واقع افتراضي مجسم , وقد سبق الحاسب الآلي في هذا المجال ، والهولوجراف يعطي صورا تخيلية مجسمة ثلاثية الأبعاد مسجِّلة لكل المعلومات، والتي تنتج الهولوجرام , والهولوجراف هو عملية تسجيل لتداخلات الموجات الصادرة من شعاع الليزر على وسيط عالى الحساسية للضوء ، حيث ينقسم شعاع الليزر إلى شعاعين ( شعاع المصدر وشعاع الجسم ) ويتقابلا على الوسيط الحساس ، فيقوم بتسجيل التداخل بين الشعاعين ويظهر هذا التداخل على شكل ما هو معروف فيزيقيًا باسم (هدب التداخل)، وعند إعادة إضاءة هذا الوسيط المسجل عليه هدب التداخل بنفس شعاع الليزر، يظهر فى الفراغ صورة مجسمة (ثلاثية الأبعاد) للجسم.

* كل الشكر والتقدير للمهندس / حسن إبراهيم .. مدير المشروع والمهندس / إيهاب محمد .. مدير الترميم التنفيذى وكل الفنيين والعاملين بإدارة صيانة القصور والآثار بشركة المقاولون العرب وذلك على الدعوة وحسن الإستقبال.
 
 
الصور :