بقلم دكتورة / رشا مختار
مدرس إدارة فنادق بالمعهد العالي للدراسات النوعية
بالتزامن مع حلول عيد الفطر المبارك ، أعاده الله على الأمه الإسلامية وعلى مصرنا الحبيبة باليمن بالبركات، أسمحوا لي في بداية مقالي أن أهنئكم بهذه المناسبة وأقول كل سنة وحضراتكم طيبين وبالكحك والغريبة متهنين .
وبصفتي دكتورة في إدارة الفنادق وخبير فندقي وسياحي ، أسمحوا لي أن أحكى لكم أصل وتاريخ كحك العيد وظهوره فى مصر المحروسة ، ونكتشف سوياً سر تاريخ الكحك وأطعمة عيد الفطر المبارك، ونكتشف إن كانت تنتمى للتاريخ الفرعوني أم التاريخ الأسلامى ، حيث أنها من ضمن طقوسنا الشعبية، والتي تعتبر من أهم مظاهر عيد الفطر المبارك، ويهتم بها الكبار والصغار وهى عادة متوارثه بين الأجيال، يبدأ المسلمون بتناولها بعد الانتهاء من صلاة عيد الفطر مثل:-
- الكحك.
- الغريبة.
- والبسكوت بأنواعه.
- البتيفور.
فى مصر الفرعونية ، ارتبطت صناعة المخبوزات بمائدة طعام المصري القديم ، وتعددت أشكال وأنواع الخبز في مصر القديمة حيث ورد ذكره في قوائم القرابين التي كانت تزخر به.
وبعد قراءتي لهذا الموضوع الشيق ، وجدت كتابات كثيره تشير إلى تفاصيل كيفية صنع كحك العيد في مصر القديمة، وهو من بين المخبوزات التي كانت تشبه الكعك حيث يدخل في صناعتها مواد أخرى غير القمح والشعير، لذلك كانت تندرج تحت بند الفطائر ،كما كان المصري القديم يضيف إليها العسل أو اللبن أو الفاكهة ، ثم يشكلها على شكل فطائر صغيرة مستديرة توضع إما منفردة أو في أوان.
واستمرت صناعة الكحك خلال العصور اليونانية والرومانية مروراً بالعصر البيزنطي، إلى أن وصل للعصر الطولوني حيث أن تاريخ تقليد كعك العيد بدأ فعلياً مع عهد الأمير أحمد بن طولون، أي منذ عهد الدولة العباسية، وكان يُصنع ويُوزع في المناسبات الدينية خصوصا عيد الفطر ، فكان يتم حشو كل قطعة من الكعك بدينار من الذهب، كنوع من الدعاية لابن طولون، وكان يُقدم على موائد الولائم التى تعد للوزراء وعلية القوم.
أما العصر الفاطمي الذى تميز بالاحتفال بالأعياد، فكان للخليفة زي معين في كل عيد؛ حيث كان يرتدى فى عيد الفطر الزي الأبيض ، كما أنه تم بناء مؤسسة سميت "بدار الفطرة"، حيث كانت مسؤولة عن كافة التجهيزات اللازمة للاحتفال بعيد الفطر، من أسسها صناعة وتجهيز وإعداد "كعك العيد"، الذي كان يتم توزيعه بكميات ضخمة جدا. ، ومن ثم أصبح يطلق عليه "كعك العيد.
عاده شعبيه متوارثه
استمرت عادة كحك العيد بعد زوال الدولة الفاطمية، على الرغم من محاولات الأيوبيين طمس آثار العهد الفاطمي وعاداته وطقوسه المليئة بالمظاهر الاحتفالية للعيد.
أما عهد المماليك؛ فقد شهد تحول عادة صنع كعك العيد من قصر الحاكم إلى الشعب،
ومنذ ذلك اليوم أضحت عادة شعبية يحتفل بها الشعب كله في الأعياد، علاوةً على مشاركة السلاطين بتوزيع المأكولات "بما فيها الكعك" والأموال على الفقراء.
ويجب التنويه هنا الى إن متحف الفن الإسلامي بالقاهرة، يضم العديد من نماذج أشكال وزخارف تزيين الكعك والبسكويت في الفترات المذكورة عالية، وامتدت تلك العادة من العصر المملوكي إلى العصر العثماني ثم العصر الحديث.
وأختتم مقالي بالإشارة إلى طقوس صناعة الكعك في العصر الحديث، حيث أصبحت عادة شعبية أصيلة تبدأ فى الأيام العشر الأواخر من شهر رمضان المعظم، وتضج المناطق الشعبية بحركة السيدات المصريات الأصيلات يحملن ألواح الكعك، ويذهبن لتسويته في الأفران البلدي، لادخال البهجة على أسرتها أطفالها، الا أن هذه العادة بدأت تتلاشى في الوقت الحالي، وأصبح الكعك يِصنع في أماكن مخصصة ويُباع في الأسواق التجارية" من خلال محلات وأفران الحلوى الشهيرة والمتخصصة.
وناتي في نهاية المقال الي الهدف من الحديث عن تلك الأيقونة التراثية، ونعرض بعض المقترحات التى يمكن أن تسهم فى تعظيم الاستفادة من سياحة الطعام والتذوق خلال فترة عيد الفطر المبارك، الامر الذي يمكن أن يسهم في تحقيق دخل مالى كبير وتشمل الأتى :-
- التركيز على سياحة الطعام وذلك لترويج الأكلات المصرية والشعبية بمختلف أنواعها.
- حماية التراث الحضاري والثقافي خلال تسجيل الأطعمة التراثية في قائمة اللترات غير المادي بمنظمة اليونسكو.
- جذب العديد من السائحين الوافدين من مختلف الأسواق السياحية للوجهات السياحية الثقافية بمصر لتذوق هذه الحلوى في المطاعم والكافيات السياحية مع الشاي والقهوة.
- عقد الورش الفنية لإتاحة الفرصة للسائحين لتذوق الكعك والغريبة والبتيفور والبسكوت وكيفية تجهيزها.
- دعوة الطهاة ومتذوقي الأطعمة من مختلف أنحاء العالم لحضور تلك المبادرات ، يعتبر في حد ذاته دعاية سياحية لهذا النمط السياحي في مصر ، مما سيكون له أثر إيجابي رائع على الترويج لهذه الحلوى على السائحين فى الخارج.
- سياحة الطعام والتذوق من أهم أنواع السياحة المؤثرة على الاقتصاد القومي.
- استقطاب طبقة السياح من محبى تذوق الأطعمة المختلفة من مختلف الجنسيات لتبادل الأكلات والثقافات.
ومن خلال تقدير موقف ودراسة متعمقة لهذه المقترحات، يمكننا التأكيد على أن هذا الأمر يمكن أن يعزز افتصاد الجمهورية الجديدة من خلال سياحة التذوق واستغلال هذه الأيقونات التراثية وفي مقدمتها كحك العيد. |