الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

السلطان محمد الأول
-ج1-

السلطان محمد الأول
-ج1-
عدد : 07-2022
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”

السلطان محمد الأول هو الملكُ العادل والسلطان الغازي ممهد الدولة وغياث الدين چلبي محمد خان الأول بن السلطان بايزيد الأول بن السلطان مراد الأول بن السلطان أورخان غازى بن السلطان عثمان غازى ووالدته هي دولت خاتون بنت عبد الله وهو يعرف أيضا بإسم محمد الأول أو محمد چلبي وچلبي كلمة تركية تفيد معنى الظرف أو الحسن والجمال ويعتقد أنها مشتقة من كلمة شلبي العربية ويقال أيضا إن هذا اللقب لقب أسرى تركي وأن أصله مغولي وأنه عرب مرة بالجيم ومرة بالشين إستعاضةً عن الجيم المثلثة الفارسية فيكتب لقب هذا السلطان تارة محمد چلبي وتارة محمد شلبي ويبدو أن لهذا اللقب علاقةً بهيئة صاحبه إذ تنص بعض المصادر أن محمد الأول كان متناسق الجسد وقوى البنية ولبقا في حديثه وتعامله وقد لقب هذا السلطان أيضا بكرشجي وهو لقب أصله رومي وفق بعض المصادر ويعني إبن السيد أو إبن الحاكم وفي مصادر أُخرى يعني المصارع أو الوتار أي صانع أوتار الأقواس كونه تعلم صناعتها في صغره وعموما فقد إستخدم هذا اللقب للدلالة على السيادة والمكانة وهو يعادل لقب أفندي الذى إستخدم لاحقا في تاريخ الدولة العثمانية حيث قلل العثمانيون من إستخدام لقب چلبي حين شاعت لفظة أفندي اللاتينية وهو يعد خامس سلاطين آل عثمان وثالث من تلقب بلقب سلطان بينهم رسميا بعد والده السلطان بايزيد الأول وجده السلطان مراد الأول ولم يراعِ بعض المؤرخين هذا الترتيب بل إعتبروا باقي أبناء السلطان بايزيد الأول سلاطينا على أملاك الدولة العثمانية التي تنازعوا ملكها بعد هزيمة أنقرة أمام المغول بقيادة تيمورلنك في شهر يوليو عام 1402م وأسر والدهم السلطان بايزيد الأول ثم وفاته في الأسر في شهر مارس عام 1403م لكن المتفق عليه هو عدم إعتبار من نازع السلطان محمد چلبي في الملك من إخوته وهما سليمان چلبي وعيسي چلبي وموسي چلبي وتم إعتباره خامس سلاطين الدولة العثمانية لِكون إخوته لم يلبثوا في الملك مدة طويلة كما أنه لم تكن لهم من الأعمال ما يجعلهما جديرين بتولي عرش السلطنة وإطلاق لقب السلطان علي أي منهم.

ومما يذكر أن السلطان محمد الأول أو محمد چلبي قد تولَّى عرش الدولة العثمانية بعد فترة صراعٍ بينه وبين إخوته دامت نحو 11 سنة ما بين عام 804 هجرية الموافق عام 1402م وحتي عام 816 هجرية الموافق عام 1413م وعرفت هذه المدة بإسم عهد الفترة وكانت فترة عقيمة في التاريخ العثماني إذ لم تتم خلالها أي توسعات أو فتوحات وأيضا لم يسع العثمانيون خلالها على إسترداد ما سلبهم إياه الفاتح المغولي تيمورلنك وبل تصارع أبناء السلطان الراحل بايزيد الأول وإدعي كل منهم أنه صاحب الحق في خلافة أبيه وتنازعوا بينهم أشلاء الدولة الممزقة علي الرغم من تربص الأعداء بهم من كل جانب إلا أن النصر في نهاية المطاف كان من نصيب محمد چلبي فإنفرد بملك ما تبقي من بلاد آل عثمان وكانت مدة حكمه كلها حروبا داخليةً من أجل إستعادة الإمارات التي إستقلت في مدة الفوضى العارمة التي أعقبت إنتصار المغول الساحق علي العثمانيين في موقعة أنقرة وأسر السلطان بايزيد الأول وموته في أسره كما ذكرنا في السطور السابقة هذا وقد دام ملك السلطان محمد چلبي حوالي 8 سنوات إستطاع خلالها أن ينقذ الدولة العثمانية من السقوط وأن يعيد لها الرونق والمكانة التي كادت أن تفقدها بعد إنتصار تيمورلنك عليها .

وكان مولد السلطان محمد چلبي علي الأرجح طبقا للمراجع العربية التي عاصرت أواخر العصر العثماني في عام 781 هجرية الموافق عام 1379م وكان هو ثالث أولاد السلطان بايزيد الأول وأنجبه من زوجته دولت خاتون بنت عبد الله والتي لم تحمل لقب السلطانة الأُم في المؤلفات العثمانية كونها توفيت قبل إرتقاء إبنها عرش السلطنة وقد تلقى السلطان محمد الأول تعليمه على يد نخبة من المدرسين والعلماء الذين عينهم والده لِتأديبه وتربيته في كل من السراى الجديدة الأميرية في إدرنه ثم في مدارس بورصة وقصرها السلطاني وكان من أبرز معلميه بايزيد باشا الأماسيلي الذي أصبح صدرا أعظم فيما بعد وحمزة بك التوقادلي وخلال هذه الفترة أُطلق لقب چلبي على أبناء السلطان بايزيد الأول كلهم بما فيهم محمد للدلالة علي حسن تربيتهم وتعليمهم وقد إصطحب السلطان بايزيد الأول أبناءه معه خلال حملته على إمارات البحر الأسود الأناضولية في عام 1391م وذلك لما ثار صاحب إحدى هذه الإمارات وهي إمارة قسطموني سليمان الجندرلي على الدولة العثمانية بسبب خشيته من نجاح العثمانيين في توحيد الأناضول مما يهدد إستقلالية إمارته فتحالف مع القاضي برهان الدين أحمد أمير إمارة سيواس القريبة منه وإنضم إليهما أميرا منتشا وصاروخان وكل هذه الإمارات كانت قد ظهرت في منطقة الأناضول بعد إضمحلال دولة آل سلجوق وأبدى جميع هؤلاء الأمراء إستعدادهم لمساعدة علاء الدين أمير القرمان الذي كان قد هرب من مدينة قونية عاصمته بعد سقوطها بِيد العثمانيين ليحتمي في هضبة طاش إيلي في قيليقية بجنوب الأناضول مما دفع السلطان بايزيد الأول إلى تجميد الجبهة القرمانية مؤقتا والتفرع للجبهة الشمالية ودعا الأمير القرماني وأمنه وأخبره بأنه سيترك قسما من الإمارة له شرط الإخلاص للعثمانيين وعدم الخروج على تبعيتهم فوافق علاء الدين وبعد ذلك هاجم السلطان بايزيد الأول إمارات البحر الأسود في شرق ووسط الأناضول وضم إمارة قسطموني في شهر رجب عام 793 هجرية الموافق شهر يونيو عام 1391م وقتل أميرها سليمان الجندرلي وهاجم سينوپ بحرا والتي تقع في أقصى شمال تركيا من جهة البحر الأسود في السنة التالية وإستولى على مدن صامصون وجانيت وعثمانجق بمنطقة البحر الأسود وشرع بعد ذلك في إخضاع القاضي برهان الدين أحمد فأرسل ابنه محمد چلبي على رأس جيش لإستخلاص مدينة أماسية شمالي تركيا لكن أى إصطدام جدي لم يحدث بين الطرفين إذ فضل القاضي الإنسحاب أمام الجيش العثماني القوي فضم محمد چلبي بإسم أبيه السلطان بايزيد الأول أماسية وسيواس وتوقاد شمالي تركيا بمنطقة البحر الأسود أيضا إلى الممالك العثمانية وإنضم إليه الأُمراء الصغار في المنطقة وإعترفوا بسيادة العثمانيين عليهم وبهذا النجاح برهن محمد چلبي عن حسن قيادته العسكرية كما أثبت قُدرته الإدارية عندما دخل أماسية وعمل على تنظيم أُمورها لِذلك قرر والده تعيينه واليا عليها بعد أن جعلها عاصمة ولاية جديدة تابعة للدولة العثمانية هي ولاية الروم .


وبتوليته إمارة الروم خلال الفترة بين عام 1391م وعام 1402م إكتسب محمد چلبي هذه المدة مزيدا من الخبرة والمهارات الإدارية الضرورية ولما أحسن حكم الولاية وأصلح شؤونها إزدهرت عاصمتها أماسية وأصبحت أهم مدن الحدود الشرقية للدولة العثمانية ومنذ ذلك الحين وحتى عهد السلطان العثماني الثاني عشر مراد الثالث بن السلطان سليم الثاني الذى تولي الحكم في عام 1574م دأب سلاطين بني عثمان على إرسال أبنائهم إلى أماسية ليتدربوا على شؤون الحكم وخلال فترة تولي محمد چلبي إمارة الروم كان السلطان بايزيد الأول قد تمكن من توحيد إقليم الأناضول وضمه كاملا تحت الراية العثمانية كما كان قد هزم حملةً صليبية كبيرة في أوروبا كانت قد شنتها دول أوروبا المسيحية في محاولة لدفع المسلمين خارج البلقان وكان في نفس الوقت يحاصر العاصمة البيزنطية القسطنطينية أيضا محاولا فتحها وقد شارك محمد چلبي في بعض هذه الحملات العسكرية خصوصا تلك التي جرت في الأناضول وولاه أبوه إمارة بعض الجيوش في بعض الأحيان ويعتقد أن ما ساعد محمد چلبي على إكتساب مهاراته الإدارية والسياسية خلال فترة ولايته في أماسية كان لجوء كبار المستشارين والساسة المغول الإلخانيين إلى بلاطه بعد إنهيار الإمارات التركمانية الأناضولية التي كانوا يعملون في خدمة أُمرائها الذين إستقلوا عن إلخان فارس عام 1335م بعد إنهيار الدولة الإلخانية التي كانت متاخمة لأملاك الدولة العثمانية شرقي الأناضول فلما ضم محمد چلبي تلك الإمارات الصغيرة إلتحق به ساستها وإعترفوا بِسلطته وكان هؤلاء الساسة واسعي الإطلاع على شؤون القبائل التركمانية وأساليب حكم الأُمراء التركمان في شرق الأناضول وإجتمعت لديهم خبرة سنين طويلة في إدارة دفة تلك الإمارات تحت راية حكامها فتشربها الشاهزاده العثماني محمد چلبي منهم طيلة سنين حكمه الإحدى عشر وفي السنين الأخيرة من حكم محمد چلبي لإمارة الروم بدأت تدب الخلافات بين العثمانيين والمغول وإنتهي الأمر بأن قامت الحرب بينهما في يوم 28 من شهر يوليو عام 1402م وإشتبك الجمعان قرب أنقرة وتولَى السلطان بايزيد الأول قيادة قلب الجيش وعساكر الإنكشارية وتولى إبنه سليمان چلبي قيادة الميسرة ومعه نخبة الجيش وتولى قيصر الصرب أسطفان بن لازار حليف العثمانيين قيادة الميمنة ومعه عساكر البلقان وتولى محمد چلبي قيادة حرس المؤخرة وإستمر القتال طوال اليوم المذكور وحتي غروب الشمس وكان التفوق المغولي واضحا بحيث لم يصمد مع السلطان بايزيد الأول إلا فرقة الإنكشارية البالغ عدد أفرادها حوالي عشرة آلاف جندى والعساكر الصربية ولكن ثبات تلك الفرق كان محدودا بسبب التفوق الملحوظ لجيش تيمورلنك والتعب الظاهر على الجنود العثمانيين وعلى الرغم من هذه الظروف المعاكسة إستمر السلطان بايزيد الأول في القتال من دون تقدير للنتائج ولم يعر إلتفاتة إلى طلب كل من الصدر الأعظم علي زاده باشا وإبنه الشاهزاده سليمان چلبي بالفرار لذلك إنسحب الإثنان بقواتهما التي يبلغ عددها حوالي 30 ألف جندي بإتجاه مدينة بورصة كما إنسحبت القوات الصربية إلى مدينة أماسية وهزم العثمانيون هزيمة نكراء ولما حاول السلطان بايزيد الأول في النهاية الفرار ليلا طوقته القوات المغولية عند هضبة چاتالتپه القريبة من أنقرة ووقع أسيرا في أيديهم مع إبنه موسى چلبي بينما تمكن إبناه محمد چلبي وعيسى چلبي من الهرب ولم يعثر لإبنه الخامس مصطفى چلبي على أى أثر .


وقد نصت المصادر العثمانية والبيزنطية علي أن الشاهزادة محمد چلبي لما إنسحب من ميدان المعركة وأدرك فيما بعد وقوع والده السلطان بايزيد الأول في الأسر قرر مهاجمة الجيش المغولي بكل ما أوتي من قوة لإنقاذ أبيه وأخيه موسى چلبي من الأسر إلا أن وزرائه ومستشاريه نصحوه ألا يقدم علي ذلك الفعل بسبب القدرة العسكرية الهائلة للمغول والتي ستجعل من قراره مغامرة فاشلة وأن يتبع خطةً أُخرى لإلهاء الجيش التيموري ريثما يتسلل بعض الجنود العثمانيين وينقذون السلطان الأسير لذلك أرسل الشاهزاده المذكور بعض الفرق العسكرية العثمانية لمناوشة المغول وأرسل في الوقت نفسه بعض المنقبين ليحفروا نفقا يصل إلى داخل المعسكر المغولي لكي يهربوا السلطان من خلاله إلا أن الخطة كشفت وإضطر العثمانيون إلى الإنسحاب ناجين بحياتهم فيما شددت الحراسة على السلطان بايزيد الأول وإحتجز في غرفة ذات نوافذ مسدودة بِالحواجز تسمى تختروان يجرها حصانان وحدث أن توفي السلطان بايزيد الأول في الأسر يوم 14 شعبان عام 805 هجرية الموافق يوم 9 مارس عام 1403م وله من العمر 43 عاما بعد أن دامت سلطنته مدة 13 عاما وشهرا وثمانية أيام فأطلق تيمورلنك سراح الشاهزاده موسى چلبي الذي أُسر مع والده في معركة أنقرة وصرح له بنقل جثمان والده إلى مدينة بورصة وأُجريت له مراسم جنائزية سلطانية وحمل إلى بورصة حيثُ دفن بِجوار الجامع الكبير بالمدرسة التي بناها وذلك بموجب وصيته وبوفاة السلطان بايزيد الأول برزت مشكلة خلافته بين أبنائه إذ لم يكن قد جعل ولاية العهد في أىٍ منهم وكان إبنه البكر أرطغرل قد قُتل وهو يدافع عن مدينة سيواس ضد الجيوش المغولية عام 803 هجرية الموافق عام 1400م أما إبنه الثاني مصطفى چلبي فقد إختفى بعد معركة أنقرة ولم يعثر عليه كما ذكرنا في السطور السابقة ومن ثم فقد إنحصرت خلافة بايزيد بين أبنائه الأربعة الباقين محمد چلبي وسليمان چلبي وعيسى چلبي وموسى چلبي الذين لم يتفقوا على تنصيب أحدهم بل إدعي كل منهم الأحقية لنفسه في خلافة أبيه وكان الشاهزاده سليمان چلبي هو الأوفر حظا في خلافة والده حيث كان قد إنسحب بعد إنتهاء المعركة مع فلول الجيش العثماني إلى مدينة بورصة لِإنقاذ الأموال والنساء والأولاد من القوات المغولية التي كانت تتعقبه ثم إنطلق إلى مدينة إدرنه بعد أن عبر مضيق الدردنيل حيث بايعه الجنود سلطانا فعقد صلحا مع الإمبراطور البيزنطي عمانوئيل الثاني ومع جمهورية جنوة الإيطالية وأمير جزيرة نقشه أو ناكسوس إحدى جزر بحر إيجة ومع فرسان الإسبتارية الصليبيين في رودس وجدد الحلف مع قيصر الصرب أسطفان بن لازار وذلك في يوم 22 رجب عام 805 هجرية الموافق يوم 15 فبراير عام 1403م وتنازل بِموجب هذا الصلح عن بعض الأراضي والأملاك العثمانية ومنح الأطراف المسيحية بعض الإمتيازات على حساب الدولة ولما علم تيمورلنك بتنصيب سليمان چلبي بن السلطان بايزيد الأول في إدرنه أرسل إليه يطالبه بدفع ما يترتب عليه من أموال بِصفته تابعا له وفعلا حضر سليمان چلبي إلى المعسكر التيموري محملا بالهدايا وقدم لتيمورلنك فروض الولاء والطاعة فسلمه الأخير كتاب توليته الممالك العثمانية الواقعة في الجانب الأوروبي أما باقي الأخوة فقد تفرقوا في مختلف بلاد الأناضول حيث إعتصم محمد چلبي وموسى چلبي في إحدى القلاع الجبلية الشاهقة في أماسية وسيطرا على توقاد وإحتمى عيسى چلبي في قلعة أُخرى ثم جمع ما توفر له من الجند وأعلن نفسه سلطان آل عثمان في بورصة مما وضعه في مواجهة أخيه سليمان چلبي .


وقد أدى خضوع الشاهزاده سليمان چلبي لتيمورلنك إلي إثارة حفيظة أخيه محمد چلبي خاصةً بعد أن فشل في تحرير والده من الأسر فقرر أن يحاول إعادة توحيد الدولة العثمانية فأعلن عن حقوقه في إمارات الأناضول وهاجم شقيقه عيسى چلبي وتغلب عليه ونحاه ودخل مدينة بورصة فلجأ عيسى چلبي إلي أمير قسطموني بشمال تركيا عز الدين إسفنديار بك الجندرلي الذي أزعجه توسع محمد چلبي وحاصر الحليفان مدينة أنقرة لكنهما فشلا في إقتحامها وإضطر عيسى چلبي إلى الفرار إلى مدينة إزمير غربي الأناضول التي شكل حاكمها جنيد بن إبراهيم بهادر الآيديني حلفا ضد محمد چلبي ضمه وأُمراء إمارات صاروخان ومنتشا وتكة جنوبي الأناضول فطارده محمد وقبض عليه وقتله ثم إصطدم بقوى التحالف وتغلب عليها وضم صاروخان وحصل على إعتراف الأُمراء به وإنفرد بحكم بمنطقة آسيا الصغرى وقد تجنب سليمان چلبي التدخل في بادئ الأمر في الصراع الأُسري بين أخويه مكتفيا بتشجيع عيسى چلبي لكنه إنزعج من إنتصارات أخيه محمد چلبي فتوجه إلى منطقة الأناضول وإستولى على مدينتي بورصة وأنقرة بِالإضافة إلى مدينة إزمير منهيا إستقلال بني آيدين للمرة الثانية بعد أن أعاد لهم تيمورلنك أراضيهم السابقة وإصطحب أميرهم جنيد بك بن إبراهيم معه إلى الروملي ولما وجد محمد چلبي نفسه في مواجهة أخيه الأكبر سليمان چلبي تهيب الموقف وتراجع خشيةً من إرتداد جنوده ضده وكان من الواضح أن كفة سليمان چلبي حينذاك كانت الأقوى والأرجح وخاصة بعد أن إعترف قيصر الصرب بسيادته وإنضم إليه الأُمراء العثمانيون الذين كانوا قد ساندوا محمد چلبي وفي ظل هذا التطور أعلن الأمير القرماني ناصر الدين محمد بك تبعيته لمحمد چلبي وهاجم قوات شقيقه سليمان چلبي مما دفع محمد إلى إستقطاب أخيه موسى چلبي وعز الدين إسفنديار بك الجندرلي وأمير الأفلاق ميرݘه الأول وهاجم أخاه سليمان چلبي في الروملِّي يوم 8 شوال عام 812 هجرية الموافق يوم 13 شعبان عام 1410م وإنتصر عليه ولما طوق سليمان چلبي من قبل أخيه لجأ إلى الإمبراطور البيزنطي عمانوئيل الثاني وتعاون معه في التصدي للخطر الداهم وحتى يقوى عرى التحالف معه تزوج سليمان چلبي من أميرة بيزنطية وسلم إبنه وأُخته رهائن إلى الإمبراطور ويبدو أن هذا التعاون كان واهيا إذ لم يستفد منه سليمان چلبي شيئا فتخلى عنه جنوده في وقعة بينه وبين أخيه موسى چلبي فوقع في الأسر يوم 22 شوال عام 813 هجرية الموافق يوم 17 فبراير عام 1413م وقتل خارج أسوار إدرنه وأضحى موسى چلبي هو الحاكم العثماني الوحيد في الروملي فنازعهُ الطمع وشق عصا الطاعة على أخيه محمد چلبي وأراد الإنفراد بِحكم أراضي الدولة العثمانية في قارة أوروبا وحاصر العاصمة البيزنطية القسطنطينية ليستأثر بها لنفسه فإستنجد إمبراطورها بمحمد چلبي فأتى مسرعا وأجبر أخاه على رفع الحصار عنها ثم تعقب أثره حتى جنوب شرق صوفيا وهزمه في معركة وقتله وأرسل جثمانه وجثمان أخيه سليمان چلبي إلى بورصة ليدفنا بجانب أبيهما وأجدادهما ولما وصلت أخبار إنتصارات محمد چلبي ومقتل بقية أبناء السلطان بايزيد الأول بما فيهم سليمان چلبي الخاضع للمغول إلى مسامع هؤلاء حتى أرسل شاهرخ بن تيمورلنك الذي خلف والده في الحكم بعد وفاة هذا الأخير في عام 1405م كتابا إلى محمد چلبي يستنكر فيه قتله إخوته فرد هذا الأخير برسالة يعتذرُ فيها ويوضح له ما جرى و بهذه الرسالة حصل على مصادقة شاهرخ على سلطنته وهكذا إنتهى عهد الفوضى الذي كاد أن يعصف بالدولة العثمانية وأن يسقطها ويقضي عليها للأبد بعد هزيمة أنقرة وإنفرد محمد چلبي بملك بلاد آل عثمان .


وبعد وصول كتاب شاهرخ بن تيمورلنك بايع العلماء والقادة والأُمراء والوزراء محمد چلبي سلطانا على العثمانيين وذلك في السراى الأميرية بإدرنه وتنص بعض المصادر على أن بيعته كانت يوم 2 جمادى الأولى عام 816 هجرية الموافق يوم 30 أغسطس عام 1413م وإستقبل وفودا من سفراء الدول والإمارات الأوروبية المجاورة الذين جاءوا يهنئونه على توليه عرش أبيه وأجداده وكان في مقدمة الأعمال الضرورية التي وجه السلطان محمد چلبي إنتباهه إليها تعيين مربيه بايزيد باشا الأماسيلي صدرا أعظم والعمل على توحيد الوضع السياسي المبعثر إلى درجة كبيرة في الأناضول والوصول بالدولة العثمانية قدر الإمكان إلى مرحلة من القوة والمكانة التي كانت عليها أيام والده السلطان بايزيد الأول وكان الأمر الهام الثاني الذى شغل إهتمام السلطان الجديد أنه كان محاطا بثلة من أتباع أخيه موسى چلبي المخلصين الذين كانوا يرونه غاصبا للسلطة ومن ثم كان عليه التخلص منهم قبل أن يأتي بأى عمل آخر وتنص أقوى الروايات علي أن سلطنة موسى چلبي في الروملي بدأت من يوم الثُلاثاء 22 شوال عام 813 هـجرية الموافق يوم 17 فبراير عام 1411م وإنتهت يوم الأربعاء 5 ربيع الآخر عام 816 هجرية الموافق يوم 1 يونيو عام 1413م قبل حوالي 3 شهور من تولي السلطان محمد چلبي الحكم رسميا أي أنها إستمرت سنتين وأربعة أشهر وستة عشر يوما وخِلال هذه الفترة وقف بجانبه العديد من الأعوان المخلصين كان في مقدمتهم قادة وأمراء غزاة الحدود الذين كانوا يتوقون للغزو والجهاد في سبيل الله بعد أن أقعدهم الشاهزاده سليمان چلبي بن السلطان بايزيد الأول وعطلهم عن مهامهم ودورهم الجهادي والعسكري طيلة فترة جلوسه على العرش في إدرنه وإنغمس هو نفسه في الملذات فلما تولى موسى چلبي عرش الدولة أطلق يدهم وحمل معهم عدة حملات على الصرب ومقدونيا وفتح بعض القلاع والقرى والبلدات كما إستخدمهم في حصار القسطنطينية ووقف في صفه أيضا قاضي العسكر الشيخ بدر الدين محمود بن إسرائيل السماوني الذي تأثر موسى چلبي بأفكاره ومذهبه الصوفي الإشتراكي الداعي إلى إنكار حق التملك والقول بشيوعية المال والملك فأقصى ونبذ الطبقة الأرستقراطية العثمانية فعاداه هؤلاء بينما تقرب منه الدراويش والمتصوفة والحقيقة أن هذا الأمر قضى على حظوظ موسى چلبي في الإحتفاظ بعرش أبيه إذ لم يتحقق التوازن المطلوب بين الطبقتين الأرستقراطية والشعبية فإنحاز أعيان العثمانيين بالروملي إلى السلطان محمد چلبي فكان لإنحيازهم إلى صفه دور مؤثر فيما آلت إليه الأُمور وإنتصاره على شقيقه فلما هوى موسى چلبي بعد هزيمته أمام أخيه محمد چلبي كان الشيخ بدر الدين في مقدمة الأشخاص الخطرين الذين كان على السلطان الجديد أن يتخلص منهم وأن يبعدهم ولم يشأ أن ينتقم منه أو يقتله ربما لقوة من إلتف حوله من الأتباع فأرسله إلى مدينة إزنيق التي تقع في أقصي شمال غرب الأناضول ووضعه رهن الإقامة الجبرية وخصص له راتب شهرى كما نفى بكلربك الروملي محمد بك ميخائيل أوغلي إلى توقاد وزج به في السجن وكذلك أبعد من حوله الساسة الذين أوصلوا والده السلطان بايزيد الأول إلى كارثة أنقرة وإستعاض عنهم برجال الدين المحافظين أما باقي الأُمراء والقادة فقد أذعنوا له وإعترفوا بسلطانه وبذلك صفى له الملك وعرش الدولة ولم يبق سوى إعتراف الخليفة العباسي الشرفي المقيم بالقاهرة بسلطنته وبذلك يصبح سلطانا شرعيا بالتمام والكمال .

وجدير بالذكر قبل أن نسترسل في حديثنا عن السلطان محمد الأول أن نلفت النظر إلي أن العلاقات العثمانية المملوكية في بداية تأسيس الدولة العثمانية قد إمتازت بالود والتقارب الشديدين وأخذت الدولة العثمانية حينذاك على عاتقها فتح بلاد البلقان ونشر الإسلام في ربوعها وخطب السلاطين العثمانيون الأوائل ود السلاطين المماليك بإعتبارهم زعماء العالم الإسلامي والقائمين على حماية الخِلافة الإسلامية حينذاك وإعترفوا لهم بالأولوية السياسية والدينية بينما خططوا لأنفسهم دورا محددا وهو دور البكوات حماة حدود ديار الإسلام هذا وقد ظل المماليك ينظرون إلى تحركات العثمانيين الجهادية كجزء من تحقيق مصلحة الإسلام والمسلمين وعلى الرغم من أن العلاقات المملوكية العثمانية عرفت بعض الجفاء خلال عهد السلطان العثماني الرابع بايزيد الأول بِسبب طموحاته التوسعية وبسبب ذلك لم يساعده المماليك في مواجهته للمغول مما كان له تأثير سلبي كبير مما أدى إلي هزيمة أنقرة إلا أن العلاقات المملوكية العثمانية سرعان ما عادت إلى سابق عهدها عند جلوس إبنه السلطان محمد چلبي الذي كان عليه أن يحصل على مباركة وموافقة كل من الخليفة العباسي الشرفي المقيم بالقاهرة والسلطان المملوكي على توليه عرش آبائه وأجداده بصفته سلطان بني عثمان الأوحد خاصةً بعد الفوضى والإقتتال الذي جرى نتيجة أسر السلطان بايزيد الأول ووفاته وفي هذا التوقيت تولي عرش الدولة المملوكية سلطان جديد هو أبو النصر شيخ بن عبد الله المحمودي الظاهري المعروف بإسم السلطان المؤيد شيخ والذى أرسل له السلطان العثماني محمد چلبي كتابا باللغة العربية حرر بيد قاضي قصبة إینه‌ كول بشمال غرب الأناضول في أواسط شهر ذي الحجة عام 817 هجرية الموافق أواخر شهر فبراير عام 1415م يهنئه فيه بتولي السلطنة المملوكية ويدعو له بدوام الملك والعزة ويخبره بإنتصاره وإنفراده بحكم بلاد آبائه وأجداده ويخبره بأن تحالفه مع الإمبراطور البيزنطي ضد أخيه موسى چلبي كان لدفع الفتنة وتوحيد كلمة المسلمين وأرسل له أقمشة فاخرة كهدايا ولما تسلم السلطان المملوكي المؤيد شيخ هذا الكتاب لم يتأخر وبادر بكتابة رسالة إلي السلطان العثماني محمد چلبي وصفه فيها بسلطان الإسلام والمسلمين نصير أمير المؤمنين والمقصود بأمير المؤمنين الخليفة العباسي الشرفي المقيم في القاهرة وقد دلت رسالة السلطان المملوكي أنه والخليفة العباسي يتمنون القضاء على بقايا الإمبراطورية البيزنطية وإلحاق أراضيها بِالدولة العثمانية المسلمة السنية كما أكرم السلطان المملوكي وفادة المبعوث العثماني وعين أحد الأُمراء وهو قرطباي الخاصكي ليرافقه في القاهرة كما أهدى السلطان المملوكي هو الآخر لِلسلطان العثماني هدايا تليق بِمقامه وعين رسولين من جانبه لتوصيلها إليه في عاصمته .
 
 
الصور :
سليمان جلبي موسي جلبي عيسي جلبي الإمبراطور البيزنطي عمانوئيل الثاني