الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

السلطان أورخان غازى
-ج2-

السلطان أورخان غازى
-ج2-
عدد : 06-2022
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”


وبعيدا عن مجال الفتوحات والغزوات وتقوية الجيش العثماني الإسلامي ففي المجال الداخلي قام السلطان أورخان غازى بوضع أسس النظم المدنية لدولته كما عمل علي تعزيز الأمن الداخلي وبناء المساجد ورصد الأوقاف عليها وإقامة المنشآت العامة الكبيرة وفضلا عن ذلك فقد إهتم بتوطيد أركان دولته وتولي الأعمال الإصلاحية والعمرانية ونظم شؤون الإدارة وأنشأ المعاهد العلمية وعهد بالإشراف عليها لخيرة العلماء والمعلمين والذين كانوا يحظون بقدر كبير من الإحترام والتقدير في الدولة وكانت كل قرية بها مدارسها وكل مدينة بها كليتها التي تعلم النحو والصرف والتراكيب اللغوية والمنطق وفلسفة ما بعد الطبيعيات وفقه اللغة وعلم الإبداع اللغوي والبلاغة والهندسة والفلك إلى جانب تحفيظ القرآن الكريم وتدريس علومه والسنة النبوية والفقه والعقائد وأجزل العطايا للشعراء والعلماء وكان من أهم أعمال أورخان تأسيسه مدرسة عالية في عاصمته مدينة بورصة وأُخرى في مدينة إزنيق كما حرص أورخان على تعزيز سلطانه في الأراضي التي ضمها لدولته وحرص على طبع كل أرض جديدة يضمها إليها بطابع الدولة المدني والعسكري والتربوي والثقافي وبذلك تصبح جزءا لا يتجزأ من الأملاك العثمانية وبذلك أصبحت أملاك الدولة العثمانية في آسيا الصغرى متماثلة ومستقرة وهذا يدل على فَهم وإستيعاب أورخان لسنة التدرج في بناء الدول وإقامة الحضارة وإحياء الشعوب وقام أورخان بتنظيم هذه الأملاك تنظيما إداريا محكما حيث قسمها إلي سناجق أي أقاليم بلغ تعدادها قبل عبوره إلى أوروبا 4 سناجق كان أولها الإمارة الأم وهي المنطقة التي تشمل مدينتي سكود وإسكي شهر وما جاورهما من القرى وكان ثانيها السنجق الخداوندكاري وهي المنطقة التي عرفت بإسم بلاد السلطان والتي شملت مدينتي بورصة وإزنيق وماحولهما من القرى وكان ثالثها سنجق قوجه إيلي وكان يشمل البلاد الواقعة ضمن شبه الجزيرة المحيطة بِإزميد وأخيرا كان رابعها سنجق قرە سي وكان يشمل أراضي الإمارة المعروفة بنفس الإسم وعين ولده سليمان باشا على إزميد وأرسل ولده الآخر مراد إلى سنجق بورصة وعين إبن عمه كندز ألب على قراجة حصار وفضلا عن ذلك قام أورخان غازى أيضا بضرب العملات من الذهب والفضة ونقش إسمه على إحدى وجوهها وإسم الخليفة العباسي الشرفي المقيم بِالقاهرة على الوجه الآخر وكان ذلك في عام 729 هجرية الموافق أواخر عام 1328م بعد تقريبا عامين من توليه الحكم وفي المجال التجارى والإقتصادى أصدر أورخان غازي قانون التجارة في بورصة بعد قانون والده عثمان غازي الذي صدر في إسكي شهر حوالي عام 799 هجرية الموافق عام 1300م والذى كان من أقدم القوانين العثمانية وهو مكون من عدد 21 مادة وبِالإضافة إلى المواد التي تحدد الضريبة المفروضة على أهل المهن والحرف وأصحاب الدكاكين والوكالات فقد وضعت لأول مرة عدة قواعد لِتحديد معايير الإنتاج والتشغيل لعمال الحمامات والسمكرية وغيرهم .

وقبل وفاته بحوالي 4 أعوام إعتزل السلطان أورخان غازى العمل السياسي والعسكرى فكان لا يخرج مع الجيوش منذ ذلك الوقت وأمضى ما تبقى من حياته في عاصمته مدينة بورصة متضرعا ومتعبدا لله وأوكل جميع الأُمور الإدارية في الدولة لإبنه مراد وفي عام 1356م خطف إبنه الشاهزاده خليل على يد أحد القباطنة الذي كان يعمل بِالقرصنة إلى جانب عمله بِالتجارة وإقتاده إلى جزيرة فوچة في بحر إيجة التي لم تكن تحت سيطرة العثمانيين وهنا ثار غضبُ أورخان لما علم بهذه الحادثة فلجأ إلى الإمبراطور البيزنطي يوحنا الخامس لمساعدته على حل المشكلة وإتفقا على أن يتوجه الأُسطول البيزنطي إلى الجزيرة ويدفع فدية كبيرة نظير الإفراج عن الأمير العثماني وبالفعل توجه الأُسطول حاملا الفدية وعاد بِالأمير إلى بلاده وبعد ذلك بِفترة حدثت فاجعة في حياة أورخان إذ بينما كان ولي عهده وقائد جيوشه سليمان باشا يركب حصانه في أوائل عام 760 هجرية الموافق أواخر عام 1358م زلت أرجله على بعض الحجارة فسقط عنه سليمان وإصطدم رأسه بأحد الحجارة فمات على الفور وكان عمره 41 عاما وقيل أيضا إن وفاته جاءت نتيجة إصطدامه بِبعض الأشجار وهو على صهوة جواده الذي ثار ولم يستمع لتعليمات سيده وكانت وفاة سليمان سببا في وقف التقدم العثماني في أوروبا مؤقتا إلى حين لأنه كان الأكثر قدرة من بين أبناء السلطان أورخان غازى على قيادة ومتابعة هذه المسيرة وحزن أورخان حزنا شديدا على وفاة إبنه الأكبر وخليفته وفي شهر جمادى الأولى عام 761 هجرية الموافق شهر مارس عام 1360م توفي السلطان أورخان غازى عن عمر يناهز 81 عاما بعد أن ظل في الحكم 34 عاما بعد أن دعم دولته بفتوحات جديدة ضاعفت مساحة دولته ستة أضعاف تقريبا وأصبحت تمتد من أنقرة إلى تراقيا وأيدها أيضا بتنظيمات وقوانين عديدة وترتيبات مفيدة ودفن في العاصمة مدينة بورصة في مقبرة والده السلطان عثمان غازى وإلى جانب إبنه الأكبر سليمان باشا وخلفه إبنه مراد الشقيق الأصغر لسليمان باشا الذى أصبح السلطان مراد الأول والذى يعد ثالث سلاطين الدولة العثمانية والذى سار علي درب أبيه أورخان غازى وجده عثمان غازى في إستكمال الفتوحات في آسيا الصغرى وفي قارة أوروبا وضم العديد من البلاد إلي حظيرة الإسلام .

وفي النهاية لا نملك سوى الدعاء بالرحمة للسلطان أورخان غازى وجزاه الله خيرا علي كل ما قدمه للأمة الإسلامية ونختم حديثنا عنه بذكر بعض صفاته وسمات شخصيته حيث تفيد المصادر أنه كان وسيما ومهيبا وقويا وكان وجهه أبيض اللون يميل إلى الوردى وكان عاقد الحاجبين ومدور اللحية وطويل القامة وعريض المنكبين وكان أنفه يشبه كبش الدك وكانت عيناه واسعتين ويصفه المؤرخ الرومي هالكوكونديلس قائلا إن السلطان أورخان غازى كان لبقا وكريما بشكل خاص وملحوظ مع الفاتحين والفنانين والفقراء أما المؤرخ العثماني نشرى فيقول إنه كان يحب العلماء وحفظة القرآن الكريم وخصص لهم رواتب تسمى بِالتركية ألفة ويعتبر الباحث التركي دوغان قوبان أنه نظرا لإفتقار المؤرخين والباحثين إلى المعلومات المؤكدة عما إذا كان الغازى أورخان يهتم بالفنون الجميلة أم لا ويمكن إعتبار المزهرية المعروضة في متحف اللوڤر بباريس والتي تحمل إسمه بمثابة طرف خيط في هذا الموضوع والتعمق في الجانب الفني للسلطان أورخان غازى ويروى أن أكثر ما كان يدخل البهجة إلى نفس أورخان إشعاله قناديل الجوامع التي أمر ببنائها وتوزيعه الطعام الذي كان يأمر بِطهيه في قصره على الفقراء والمحتاجين والمساكين بنفسه أما المؤرخ التركي المعروف أحمد حمدي طانبينار فيصف الخصوصية التأسيسية لأورخان على النحو التالي إِنه في نقطة البداية لا يتوقف عند حدود بناء إمبراطورية بل أضاف إليها أيضا عمق الرحمة والشفقة ويقول أيضا المؤرخ التركي صالح كولن إِن السلطان أورخان غازى بنى مجمعين لمسجدين في مدينتي بورصة وإزنيق بهدف تقديم الخدمات الخيرية المختلفة للمجتمع وكان يقوم أحيانا بتقديم الطعام للفقراء من خلال مطبخ خصص للمحتاجين داخل هذين المجمعين وعموما فقد أجمع المؤرخون علي أن السلطان أورخان غازى كان حاكما تقيا وقائدا ذكيا وشجاعا للغاية حتي أنه كان يمتطي فرسه ويقود جيشه من الصفوف الأولي وظل طوال حياته ملتزما بتنفيذ وصية والده السلطان عثمان غازى وذلك من خلال وجوده دائما بين الناس ومن أجل الناس وقد أرجع المؤرخ الشيخ عبد القادر أوزجان نجاح أورخان غازى إلى ما تلقاه من الآداب والعلوم على يد جده لِأُمه الشيخ إده بالي وإرادة والده السلطان عثمان غازى الفولاذية التي ورثها عنه وصدقه الذي إشتهر به حتى قيل إنه لم يحد عنه في حياته أبدا إلي جانب صراحته الدائمة ولذلك فقد حظي بدعاء علماء المرحلة له بِالبركة والحفظ وفضلا عن ذلك فقد عرف عنه أنه كان شديد التدين ومتمسكا بكل تقاليد الدين الإسلامي وحسب كتاب التاريخ الصافي ليحيي بستان زاده كان السلطان أورخان غازى محافظا علي فرائض الدين الإسلامي وعلي صيام يومي الإثنين والخميس من كل أسبوع وكان يضع فوق رأسه قبعة من وبر الصوف وكان يلفها بلفة بيضاء تيمنا بالملا العالم المتصوف والشاعر جلال الدين الرومي وأخيرا وصف الشاعر يونس إمره خصال وصفات السلطان أورخان غازى بقوله أنا لا أميز السلطان وهو بين من معه من أعوانه ممن فتحوا البلاد ونشروا دين الإسلام .
 
 
الصور :
ضريح السلطان أورخان غازى بمدينة بورصة