الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

شارع خان جعفر

شارع خان جعفر
عدد : 06-2022
بقلم المهندس/ طارق بدراوي
موسوعة" كنوز أم الدنيا"

شارع خان جعفر هو أحد شوارع حي الجمالية بالقاهرة والذى يعد من أقدم وأعرق أحياء القاهرة عاصمة مصر وهو يتمتع بشهرة تاريخية وعالمية لأنه يعتبر مجمع تراث القاهرة منذ بنائها منذ أكثر من ألف عام ويزخر بالكثير من الآثار التي لها تاريخ إسلامي فيكفي أنه يقع بالحي شارع المعز لدين الله الفاطمي الذي يحتوي على كثير من الآثار التي يأتي إليها السياح والذى يعد متحفا مفتوحا زاخر بعبق التاريخ ففيه الجامع الأزهر الشريف وجامع الحاكم بأمر الله وجامع الأقمر وجامع السلطان المؤيد شيخ وجامع السلطان الغورى وغيرها وفيه أسوار القاهرة وأبوابها مثل باب زويلة وباب الفتوح وباب النصر وغيرها وفيه المدارس الأيوبية والمملوكية وخان الخليلى والصاغة والنحاسين وهناك رأيان في سبب تسمية هذا الحي بالجمالية الرأى الأول يفيد بأن إسم الحي منسوب إلى الأمير بدر الدين الجمالي وزير الخليفة المستنصر بالله الفاطمي الذي بنى الأسوار ذات الأبواب الحجرية حول القاهرة بعد أن تهدمت أسوار جوهر الصقلي والرأى الثاني يفيد بأن أصل التسمية يعود إلى بناء الأمير جمال الدين الإستادار في العصر المملوكي الجركسي وتحديدا في عام 811 هجرية الموافق عام 1409م مدرسته الشهيرة المسماة المدرسة الجمالية والتي كانت من أعظم مدارس القاهرة في المنطقة المعروفة الآن بالجمالية رغم أن السلطان المملوكي فرج بن برقوق إستبدل إسمها من المدرسة الجمالية إلى المدرسة الناصرية إلا أن العامة ظلوا يسمون المنطقة بالإسم الأول لتلك المدرسة وهو الجمالية ويمتد شارع خان جعفر من منطقة المشهد الحسيني ويتقاطع مع شارع بيت القاضي ثم يمتد حتي ينتهي بتقاطعه مع شارعي الجمالية وقصر الشوق وقد ظل هذا الشارع أكثر من ألف عام أي منذ عهد الفاطميين دون أي تغيير على الإطلاق لذا يعتبر بأكمله منطقة أثرية رائعة لمحبي التجول في العصور القديمة ومعرفة أسرار القاهرة العتيقة .

وتعود تسمية الشارع في البداية إلى الأمير جعفر أغا وهو أحد امراء المماليك الجراكسة والذي بنى في هذا الحي وقف الحرمين وجعله خانا أو مكانا لإستراحة المسافرين والتجار ومن هنا تم إطلاق إسمه على الشارع والذي يحتفظ بالكثير من الجدران والأبواب التي كانت تابعة لبعض الكتاتيب والدواوين التي تم بناؤها به على مر العصور هذا وتعني كلمة خان مبنى مربع كبير وسطه ساحة تشبه الوكالة وداخل الخان المشار إليه تم إنشاء سبيل وكتاب وقف الحرمين علي يد إبراهيم بن أدهم البغدادي فى عام 1272 هجرية الموافق عام 1856م في عهد والي مصر محمد سعيد باشا ومما يذكر أن الإهتمام ببناء الأسبلة المائية كان عادة قديمة عند كل الملوك والسلاطين ولكن عند المسلمين أخذت طابعا متميزا بحيث سارع أهل الخير والأغنياء للتنافس فيما بينهم لعمل الخير وكسب الثواب بإنشاء الأسبلة لسقيا المارة كما لم تقتصر وظيفة الأسبلة علي توفير المياه للمارة فحسب بل كانت لها وظيفة تعليمية وعادة كان يوجد أعلي السبيل كتاب لتعليم مبادئ القراءة والكتابة وتحفيظ القرآن الكريم طمعا في ثواب أكبر ولذلك سارع السلاطين والأمراء والحكام على إنشاء الأسبلة المائية في الأزقة والطرقات وفي الأماكن العامة حتى يعم الخير وبذلك ينالون الأجر والثواب وقد إستمر الجمع بين وظيفة السقاية والتعليم في بناء الأسبلة المائية منذ فترة الحكم المملوكي مرورا بالعصر العثماني وحتي فترة حكم الأسرة العلوية وهو الشئ الذي أعطي السبيل المصري الخصوصيةً والتميز عن الأسبلة المائية الأخرى التي أُنشئت في معظم مدن العالم الإسلامي .

ويشتهر شارع خان جعفر بأرضيته المبلطة بالبلاط البازلتي والذي يعود إلى العصر الأيوبي كما أن أغلب أبنيته تحتفظ بقطع المشربيات أمام نوافذها والتي توضع أمامها صينية من الألومنيوم تتراص عليها القلل المملوءة بالماء بالإضافة إلى عدد لا بأس به من الأزيرة المنتشرة في الشارع لكي تروي ظمأ المارة خاصة في فصل الصيف ومازالت جدران بعض تلك الأبنية تحتفظ بآثار العبارات الصوفية التي إنتشرت في العصر الأيوبي بالإضافة إلى الأبواب الخشبية الكبيرة ذات الحلقات النحاسية المنقوشة يدويا والتي على شكل بوابات باللون الفيروزي وكان يوجد خلف معظم تلك الأبواب أسبلة للمياه ودواوين وكتاتيب تاريخية ويعتبر كل ذلك من أهم ما يتميز به شارع خان جعفر والذى سيشعر من يمر به أنه في مدينة القدس القديمة أو الشوارع الجانبية في المغرب وسيجد في كل ركن من تلك المنطقة قصة وحكاية ومما يذكر أن الإسم القديم لخان جعفر كان على إسم السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب والذى عرف عنه حبه الشديد للعمارة وتشييد المباني المختلفة وذلك عندما أمر ببناء المدرسة الصالحية عام 641 هجرية الموافق عام 1243م في أحد الحارات المتصلة بشارع خان جعفر والمعروفة بإسم حارة الصالحية وكانت هذه المدرسة آنذاك هي أول مدرسة تفتح أبوابها لطلاب المذاهب السنية الأربعة وهي تتكون من جزئين رئيسيين يفصلهما ممر وتعلو المدخل المئذنة كما أن كل جزء يتكون من إيوانين متقابلين والإيوان هو قاعة مسقوفة بثلاثة جدران فقط والجهة الرابعة مفتوحة تماما للهواء الطلق أو قد تكون مصفوفة بأعمدة أو يتقدمها رواق مفتوح وتطل على الصحن أو الفناء الداخلي والإيوانان اللذان يتكون منهما كل جزء من جزئي المدرسة المشار إليها يوجد بينهما فناء ولازالت بقايا هذه المدرسة موجودة حتي وقتنا الحاضر حيث تخربت هذه المدرسة ولم يبق منها سوى مدخلها المشتمل على نقوش دقيقة وكتابات تاريخية وتعلوه المنارة كما بقيت الواجهة الغربية بشبابيكها المختلفة النقوش وبعد بضع سنوات من تشييد هذه المدرسة أمرت شجرة الدر زوجة السلطان نجم الدين أيوب بأن يدفن فيها بعد وفاته في عام 1250م أثناء معركة المنصورة وأمرت ببناء ضريح تعلوه قبة بها لهذا الغرض وتفننت في بنائهما فباتت المدرسة الصالحية أول مدرسة تضم قبة ومقبرة وهذه القبة تقع بجوار الإيوان الغربي وهي مبنية من الطوب بينما بنيت حوائط الضريح من الحجر وإستخدمت ثلاثة صفوف من المقرنصات من أجل تحويل المربع إلى الشكل الدائرى للقبة والمقرتصات هي أحد عناصر العمارة الإسلامية ويشبه المقرنص الواحد إذا أُخذ مفصولا عن مجموعته محرابا صغيرا أو جزء طولي منه كما تم تكسية جدران الضريح من الداخل بالرخام الملون وفقا لما ذكر في كتاب العمارة الإسلامية في مصر .

وعلاوة علي ما سبق فإنه تنتشر في خان جعفر الحرف اليدوية التي شارفت على الإندثار لندرة العاملين فيها مثل التصديف وتلوين الزجاج وترميم العاديات وطرق المعادن وتبييض النحاس وغيرها كما أنه يعد المقر الرئيسي لتجارة الأحجار الكريمة والثمينة سواء الخاصة بالمجوهرات أو الخاصة بالسبح وينتشر به أيضا عدد كبير من ورش الحلي التي تصمم بالطريقة اليدوية وعن قصة شهرة شارع خان جعفر بأنه أكبر سوق لتجارة الاحجار الكريمة فلهذا قصة مع شجرة الدر التي سحقت أحجارها الكريمة وألقت بها في حديقة قصرها التي كانت ملاصقة لهذا الشارع وذلك حين إستشعرت أن هناك مؤامرة لقتلها بعدما تآمرت علي قتل زوجها السلطان عز الدين أيبك عام 1257م ومن بعدها شهد الشارع طفرة حقيقية في تجارة الأحجار الكريمة وتصنيع الأشكال المختلفة منها ومع مرور الزمن إنتشرت فكرة صناعة الحلي على يد سيدات يقمن بتسويقها وبيعها للسياح الأجانب الذين يزورون المنطقة كما أن زائر الشارع في الوقت الحاضر سوف يلفت نظره أن معروضات محلات هذا الشارع تزخر بأصناف متعددة جذابة من السبح بأحجام وألوان مختلفة منها سبح الكوك واليسر والفيروز والأونيكس وسوف يلاحظ أيضا التصاميم الحديثة للسِبح مثل التى يتم تنفيذها بنظام الخراطة الإسطنبولى حيث تتخذ خرزات السبحة الشكل الدائرى مع وجود زوايا حادة كما توجد التصاميم المغلفة بالفضة من جميع الأطراف فضلا عن تصميم الخراطة البراميلى وهى تمثل أشكالا مربعة مع لمسة إنسيابية من الجانبين وتوجد أيضا سبح مصنوعة من المعادن النفيسة والأحجار الكريمة والتي أصبح الإقبال عليها كبيرا على عكس ما يتوقع البعض ولها زبائنها بل إن الكمية المنتجة من هذا النوع من السبح المصنوعة من الأحجار كبير نسبيا على الرغم من ندرة بعض تلك الأحجار إلا أن أغلب ما صنع من هذه المواد كسبح هو من حجر الياقوت الأحمر والأزرق وغالبية مناراتها وفواصلها مصنوعة من الذهب أو البلاتين ومطعمة بالماس صغير الحجم أو غيره من الأحجار الكريمة ويتم إستيراد بعض هذه الأنواع الثمينة من مدن فى روسيا مثل ستالينجراد التى تشتهر بصناعة المنتجات اليدوية والسبح المصنوعة من حجر الكهرمان حتى أنها تعتبر من مصادر الدخل القومى هناك والتى يصل سعرها إلى 50 ألف جنيه .

ومن جانب آخر تتميز فى شارع خان جعفر صناعة سبحة اليسر والتى تصنع من المرجان الأسود المستخرج من البحر الأحمر وهو لا يقل جودة عن الكهرمان بل يتميز عنه فى العديد من الخصائص وأسعار السبح من هذا النوع تتراوح بين 600 إلى 1500 جنيه وتعد سبحة الكهرمان من أكثر أنواع السبح إنتشارا حيث تصنع من أحجار الكهرمان وهى لا تبهت وإنما يتحول لونها بحيث كلما إستخدمت أصبح لونها أغمق وتزداد قوة رائحتها وتوجد الكثير من أنواع أحجار الكهرمان منها ما يتكون من الصمغ الذى تفرزه أشجار الصنوبر وهى من الأنواع المفضلة لدى السيدات حيث أن هناك بعض الفوائد الصحية لحجر الكهرمان منها أنها تساعد فى تحسن الحالة النفسية والعاطفية وتخفف التوتر والقلق وتقلل من أعراض الإكتئاب وتساعد على ترك العواطف السلبية وتعتبر سبحة الكوك من أكثر السبح أيضا إتشارا وتستخرج مادتها من شجرة جوز الهند وكذلك شجرة النارجيل التى تغمرها الرائحة الطيبة الملازمة لها لفترة طويلة قد تصل إلى الشهر وهى لا تتلف من كثرة الإستخدام مثل السبح رديئة الخامة حيث إن لونها ليس طلاءا وغالبا ما تطعم بالذهب أو الفضة كما هو الحال مع سبحة الكوك الإسطنبولي وأسعارها تبدأ من 80 جنيها وتصل إلى 250 جنيها أما سبحة العقيق فهي تصنع من حجر العقيق وتتميز بكونها لا رائحة لها ولا تبهت ألوانها سريعا ومن ناحية أخرى تدخل بدائل البلاستيك فى صناعة العديد من أنواع السبح ويصل سعر الجرام الواحد من بدائل البلاستيك إلى ألف جنيه ومتوسط سعر السبحة من هذا النوع يتراوح بين 30 وحتي50 ألف جنيه فى حين أن خامات الكهرمان المستوردة يصل سعر الجرام الواحد منها إلى 300 جنيه وسعر السبحة من هذا النوع يبلغ 6000 جنيه وجدير بالذكر أن عملية مزج الألوان مع بعضها فى السبحة الواحدة تعتمد على الخبرة المكتسبة والحس الجمالى للصانع ومن هنا يمكن دمج خامات مثل خامة الفيروز ذات اللون السماوى المميز مع المرجان الأحمر ويمكن أيضا دمج العاج مع خامة الفيروز وفي النهاية لا يفوتنا أن نذكر إنه في عام 2019م قررت وزارة الآثار البدء في مشروع لتطوير الآثار الإسلامية ورفع كفاءة منطقة الجمالية والأزهر والغورية والباطنية ويشمل هذا المشروع أيضا تطوير وتجميل العديد من الشوارع الموجودة بالمنطقة منها شارع خان جعفر وتتضمن أعمال التطوير المشار إليها تطوير مختلف أعمال الحوائط والأرضيات بالإضافة إلى أعمال الكهرباء والأعمال الصحية وترميم وصيانة الأبواب والشبابيك وأعمال العزل لجميع الأسقف الخشبية .
 
 
الصور :