الجمعة, 19 أبريل 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

تل كوم الناضورة

تل كوم الناضورة
عدد : 02-2022
بقلم المهندس/ طارق بدراوي
موسوعة" كنوز أم الدنيا"


تل كوم الناضورة منطقة أثرية مسجلة في عداد الآثار الإسلامية بمنطقة آثار الإسكندرية والساحل الشمالي بالقرار رقم 2375 لسنة 1996م وتبلغ مساحتها حوالي 6 فدان وهي توجد بحي الجمرك فى شارع بحرى بك ويحدها من الجهة الشمالية شارع ورشة الطوبجية ومن الجهة الجنوبية شارع بحرى بك ومن الجهة الغربية شارع الباب الأخضر ويعد حي الجمرك أحد أكبر الأحياء الشعبية بمدينة الإسكندرية العاصمة الثانية لمصر ويطلق عليه أيضا حي بحرى وأيضا حي الأنفوشي وهو يقع في ناحية غرب المدينة ويحده من الشرق محطة الرمل وميدان المنشية ومن الشمال والغرب البحر المتوسط ومن الجنوب حي اللبان ويتميز أهل هذا الحي بإحتفاظهم باللهجة السكندرية الشهيرة وكذلك العادات والتقاليد التي إندثرت من بقاع كثيرة من مدينة الإسكندرية بالإضافة لوجود بقايا من مهنة صناعة السفن وقوارب الصيد وكذلك صناعة اليخوت في جزء من شاطئ رأس التين العام المخصص للورش التي تعمل المحافظة على تجميلها بتجنيد طلبة الفنون للرسم والطلاء لتعديل مظهر تلك الورش حتى أصبحت مظهرا حضاريا حيث لكل ورشة من الورش رسما خاصا بها يعتبر كشعار يميزها عن غيرها إلا أن تلك الورش في طريقها إلي الإختفاء عن الوجود كما يبدو للزائر المتابع على مر السنوات حيث تقل أعدادها سنة بعد أخرى ويكثر في هذه المنطقة نشاط صيد السمك على سبيل المهنة وكذلك على سبيل الهواية من جانب محبيها إذ تتوافر في المنطقة الكثير من المحال التي تبيع مستلزمات صيد الأسماك للهواة والمحترفين ومن المألوف منظر الصيادين الهواة والمحترفين الذاهبين في الصباح الباكر إلى منطقة قلعة قايتباي لصيد الأسماك وهم يحملون السنانير والشباك على إختلاف أنواعها وتجتذب حلقة السمك بحي الجمرك أو الأنفوشي الكثير من الناس لشراء إحتياجاتهم من الأسماك والكائنات البحرية وخاصة وقت المزايدات في الصباح الباكر بعد الفجر حيث تعلو الأصوات والمزايدات لشراء الأسماك الطازجة التي تم إصطيادها في أثناء الليل ومن الجدير بالذكر أن الأسماك هناك لا تباع بالكيلو جرام وإنما تباع بالشروة أو باللوحة أي الطاولة الخشبية الصنع التي يقوم الصيادون برص الأسماك فيها بعد صيدها على ظهر المراكب أو الأرايب أي الفلايك بلغة الإسكندرانية وهناك يتجمع عدد كبير جدا من التجار أو المعلمين وأصحاب مطاعم الأسماك في هذه المنطقة أو من جميع أنحاء الإسكندرية لأنها تكثر بها مطاعم السمك والمأكولات البحرية بطبيعة الحال وهناك طبقة كبيرة من العمالة تعمل في تلك الصناعة من صيد وتجهيز وتنظيف وطبخ .

وكان تل كوم الناضورة أحد أهم تلين يميزان مدينة الإسكندرية فى نهاية العصر العثمانى وهو عبارة عن تل ترابى تراكمي تكون عبر عدة عصور بداية من العصر الأيوبى إلا أن أبرز ما يميزه هو إحتواؤه على عدد كبير من المباني الأثرية التي شهدت على عصور تاريخية مختلفة ما بين الحملة الفرنسية علي مصر والإحتلال البريطاني لها وفترة حكم الأسرة العلوية لمصر مما يزيد من قيمة ذلك المكان وكان هذا التل في البداية يعرف بإسم كوم وعلة نسبة الى صاحب الصحابي الجليل عبد الله إبن عباس التابعي عبد الرحمن بن وعلة السبئى المصرى والذى كان أول من دفن بالمنطقة فنسبت إليه مقبرة المدينة الرئيسية والتي تحدث عنها الرحالة الأندلسي إبن رشيد السبتي الذي زار المدينة في عام 684هجرية الموافق عام 1285م وذكر أنه قد دفن بها عدد من مشاهير المدينة من مشايخ المذاهب الإسلامية المختلفة مثل الحافظ السلفي وأبو بكر الطرطوشى وعبد الرحمن بن هرمز التابعى في القرن السادس الهجرى الموافق للقرن الثاني عشر الميلادى وفي العصر الفاطمي تم بناء برج جديد لمراقبة ورصد حركة السفن في الميناء الغربي وظل هذا البرج موضع عناية الخلفاء والسلاطين بعد ذلك إلى أن تم إعادة بنائه من جديد عام 1936م في عهد الملك فاروق وفى خلال العصر الأيوبى بدأ تراكم التل بعد إنتهاء إستخدام المنطقة كمقابر وفي فترة الحملة الفرنسية علي مصر ما بين عام 1798م وعام 1801م أمر نابليون بونابرت بإنشاء طابية عرفت بإسم طابية كافاريللي نسبة إلى المهندس دوفالجا كافاريللي أحد مهندسي الإستحكامات الحربية في الجيش الفرنسي والذي توفي أثناء حصار مدينة عكا في شهر أبريل عام 1799م وفي عهد والي مصر محمد علي باشا تم إنشاء صهريج للمياه في عام 1839م وفي عهد الخديوى إسماعيل وفي عام 1876م تم إنشاء مرصد صغير لدراسة العلوم الفلكية وبداية ونهاية الشهور الهجرية .

وتتميز منطقة كوم الناضورة بإحتوائها على عدد 6 أبنية أثرية مهمة أولها برج الإشارة الذي تم إعادة بنائه في عام 1929م على أنقاض البرج الفاطمي وهو مثمن الشكل ويبلغ إرتفاعه 24.5 متر وطول ضلعه 2.40 متر ويتكون من أربعة طوابق يربط بينها درج حلزونى من الخشب ويفصل بين كل ضلع وآخر من الشكل المثمن للبرج دعامة بارزة من ثلاثة مستويات ويفتح فى جدرانه نوافذ معقودة ويزخرف البرج مجموعة من الزخارف الهندسية المتنوعة منها الأطباق النجمية والأضلاع المتقاطعة كما يعلو البرج شرفات مسننة ويمكن من أعلى البرج مشاهدة معالم الإسكندرية مثل قلعة قايتباي وعمود السواري وقصر رأس التين والميناء ومسجد أبو العباس المرسى وغيرها وثانيها الصهريج الذي تم إكتشافه عام 2007م أثناء عملية الترميم في المنطقة وهو عبارة عن حجرة مستطيلة الشكل سقفها مقبب بقبو برميلي وغطيت جدرانه بطبقة من المصيص الوردي يتوسط الجدار الشرقي من الصهريج وثالثهما طابية كافاريللي حيث يتواجد المتبقي منها وهي عبارة عن قبو برميلي من الحجر الجيري ويتوصل إليها عن طريق ممر مزود بدرج هابط ويفتح بكل منهما شباك مستطيل الشكل يطل على الجهة الغربية من المنطقة ورابعها حجرات المرصد الذي تم إنشاؤه أعلى قبوتي كافاريللي ويتكون من أربع حجرات الأولى والرابعة مساحتهما أقل من مساحة الحجرة الثانية والثالثة وهي حجرات مستطيلة الشكل ذات سقف مسطح بنيا من الحجر الجيري ويعلو هذه الحجرات حجرة مثمنة الشكل بنيت من الطوب الأحمر وخامسها المسكن الخاص بالمأمور الإنجليزي وأسرته وهو يتكون من 3 حجرات وقاعة وسقفه مسطح على الطراز الإنجليزي وسادسها ثكنة المأمور المصرى وهى أحدث المبانى المنشأة أعلى التل والتى قامت هيئة ميناء الإسكندرية ببنائها وتتكون من خمس حجرات وصالة وبجانب هذه الأبنية الأثرية يوجد أيضا بتل كوم الناضورة برج حديدى الشكل يسمي برج كرة الزوال كان يستخدم كآلة للإعلان عن وقت غروب الشمس على غرار مدفع رمضان وهو مرتبط بمرصد حلوان ويتدلى من أعلى هذا البرج كرة من النحاس تنزل تدريجيا مع زوال الوقت حتي تصطدم بقاعدة البرج في وقت الغروب لتعطى صوت رنين مرتفع لتنبيه الناس بمغيب الشمس .

وعلاوة علي ذلك تتميز منطقة تل كوم الناضورة بوجود حديقة متحفية كبيرة تحتوي على عدد ١٢٦ قطعة أثرية متنوعة منها شواهد قبور وأعمدة وتيجان أعمدة وقواعد أعمدة وجميع تلك القطع الآثرية من الجرانيت الوردى والجرانيت الرمادى والرخام الأبيض والرخام الأبيض المعرق والحجر الجيرى وذلك بخلاف عدد 16 مأسورة مدفع منها ثلاثة مواسير من نوع مدفع ساحلى على طراز أرمسترونج ترجع إلي القرن التاسع عشر الميلادى في عصر والي مصر محمد علي باشا وحفيده الخديوى إسماعيل وهي تنتشر علي المستويات الثلاثة للتل الترابي التراكمي لكوم الناضورة وهذه المواسير أسطوانية الشكل ومصنوعة من الحديد أو الصلب الخام المصبوب والذى يعمر من الأمام عن طريق الفوهة ويتميز بدن المواسير بإتساعه ثم يقل تدريجيا ناحية الفوهة ويحيط ببدن كل ماسورة عدد من الحلقات الدائرية والتى تفصل كل مستوى عن الآخر وكانت بعض أجزاء من تل كوم الناضورة الأثرى قد تعرضت للتجريف من جانب محافظة الإسكندرية عام 1981م حيث كانت هناك محاولات لإستغلال الموقع لبناء مساكن ولكن قامت هيئة الآثار المصرية بالإعتراض على هدم التل الأثرى وتم تشكيل لجنة مشتركة من الهيئة وجامعة الإسكندرية والتي أوصت وطالبت بضرورة الحفاظ على التل الأثرى والمبانى القائمة عليه والتى تعتبر أحد المعالم الهامة ذات القيمة التاريخية العظيمة وتشكل نموذجا فريدا للعمارة خلال النصف الأول من القرن العشرين الماضي .

وجدير بالذكر أنه في عام 1928م وعام 1983م تم إجراء حفائر علمية بمنطقة تل كوم الناضورة أسفرت عن كشف العديد من المقابر التي يعود تاريخها إلي العصر الفاطمي على عمق حوالي 6 أمتار من المستوى الحالى للتل كما تم إكتشاف كميات كبيرة من كسرات الفخار ترجع لعصور تاريخية مختلفة وتم تصوير المقابر ورفعها معماريا وجمع كسرات الفخار لتصنيفها ودراستها تمهيدا لعرضها متحفيا بالموقع ويرجع معظم هذه الكسرات إلى العصر المملوكى في مصر والشام وكذلك وجدت كسرات فخار كان قد تم جلبها من تونس وغرناطة ومالطة كما وجد فى هذه الإكتشافات قطع من البورسلين الصينى وكذا البورسلين المقلد وفخار من قبرص وفخار من الفيوم وفي عام 1993م بدأ العمل في ترميم جميع هذه العناصر الأثرية التي تضمها منطقة تل كوم الناضورة حيث تم تجهيز وتجميل المنطقة وتمهيد التربة وزراعة بعض نباتات الزينة بها كما تم الإنتهاء من جميع أعمال تقليم الأشجار فى الحديقة المحيطة بالمنطقة مع رفع الحشائش والمخلفات ورش النباتات بالمبيدات وإزالة المخلفات الزراعية من المنطقة وإنهاء أعمال النجارة والدهانات وشبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحى والإعداد للمرحلة التالية من عملية التطوير والتحديث وذلك تمهيدا لإعدادها كمزار سياحى بإعتبارها أحد المعالم الأثرية والتاريخية الهامة بمدينة الإسكندرية كما تم عمل سور خرسانى حول مستوى التل الذى يتكون من عدد ثلاث مستويات وذلك بهدف منع تجريف كل مستوى ترابى على الآخر وقد تم الإنتهاء من هذه الأعمال في عام 2010م .
 
 
الصور :