الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

شارع عبد الله بن عباس

شارع عبد الله بن عباس
عدد : 02-2022
بقلم المهندس/ طارق بدراوي
موسوعة" كنوز أم الدنيا"

شارع عبد الله بن عباس هو أحد شوارع الحي السابع بضاحية مدينة نصر وهو يمتد من نقطة تقاطعه مع شارع الخليفة المنتصر وينتهي بتقاطعه مع شارع الإمام البخارى ويقع الحي السابع في أقصى جنوب مدينة نصر ويحده شرقا إمتداد شارع عباس العقاد وغربا الحي السادس وشمالا مدينة الفتح لضباط الشرطة وحي السفارات وهما من أرقى أحياء مدينة نصر وجنوبا المنطقة الأولى ويرجع تاريخ بناء هذا الحي وتخطيطه إلى ماقبل عام 1969م ومن أشهر شوارعه شارعي الطيران وذاكر حسين وهو يحتوي على بضعة معالم هامة كمستشفى الشرطة والمحكمة المدنية الخاصة بمنطقة مدينة نصر وملاهي وندرلاند وضاحية مدينة نصر تعد من أحدث وأكبر ضواحي القاهرة حيث تأسست بعد ثورة 23 يوليو عام 1952م من خلال خطة برنامج التوسع العمراني للعاصمة القاهرة وقد بدأ التعمير فيها طبقا للقرار الجمهوري الصادر من الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في نهاية الخمسينيات من القرن العشرين الماضي وذلك لإستيعاب التوسع العمراني للقاهرة بعيدا عن المناطق الزراعية لذا إتجهت أنظار الدولة إلى التعمير في المنطقة الصحراوية التي تقع شرق حي العباسية وقد تم تخطيطها لتكون منطقة متكاملة الخدمات ولذلك تميزت بأسلوب إنشائي حضاري حديث وهي تعتبر إمتدادا لحي مصر الجديدة الذى أنشأه البارون إمبان البلجيكي الجنسية في بداية القرن العشرين الماضي وتعتبر مدينة نصر أكبر أحياء القاهرة من حيث المساحة حيث تمتد على مساحة تقارب 250 كيلو مترا مربعا من إجمالي مساحة العاصمة البالغة 1445 كيلو مترا مربعا بما يمثل نسبة 17.3% من هذه المساحة تقريبا وتنقسم مدينة نصر إلى حيين هما حي شرق مدينة نصر وحي غرب مدينة نصر ثم ينقسم كل منهما إلى عدة شياخات أصغر نظرا لكبر مساحة الحي وكان ذلك طبقا للقرار الوزاري رقم 561 لسنة 1999م وقد تم التنفيذ الفعلي لهذا القرار في يوم 1 يوليو عام 1999م وبالنسبة لحي غرب مدينة نصر فهو يعتبر منطقة جذب للسكان من جميع أنحاء الجمهورية إلى جانب وجود أراضي به صالحة للبناء وتتوافر فيها كل مقومات النجاح لإقامة المشروعات التجارية والإستثمارية كما أن الحي به جميع مستويات الإسكان من المناطق المتميزة إلى المناطق الشعبية وبه العديد من الهيئات والمنشآت القومية التي تقع في نطاق الحي كما يضم حي غرب مدينة نصر في نفس الوقت عدة مناطق مكملة للتخطيط الشامل لمدينة القاهرة كإستاد القاهرة الرياضي ومجمع الصالات المغطاة وأرض المعارض القديمة ومناطق الجامعات وأيضا يشمل بعض المناطق الأثرية .

أما حي شرق مدينة نصر والذى يمثل الواجهه الشرقية لمحافظة القاهرة فبهذا الحي عدد 18 شياخة لكبر مساحته ويحد حي مدينة نصر من جهة الشرق طريق مصر السويس الصحراوى حتى علامة الكيلو متر 51 وتقاطعه مع طريق القطامية ومن جهة الغرب شارع صلاح سالم ومن جهة الشمال شارع السيد الميرغني الذى يعتبر الحد الفاصل بين ضاحية مدينة نصر وضاحية مصر الجديدة ومن جهة الجنوب طريق القطامية والحدود مع حي الخليفة وحي المقطم ويشمل حي مدينة نصر العديد من الشوارع الهامة أشهرها شارع عباس العقاد والذى يطلق عليه شارع شانزليزيه مصر تشبيها له بشارع الشانزليزيه الشهير بالعاصمة الفرنسية باريس وبهذا الشارع الكثير من المحلات التجارية والمعارض والبنوك والمطاعم فهو شارع للتسوق من الدرجة الأولى وبه الجامعة العمالية والحديقة الدولية وعدة بنوك وشركات صرافة ومن الشوارع الشهيرة أيضا في مدينة نصر شارع مكرم عبيد وهو شارع تجاري يحفل بالعديد من الأسواق خاصة في تجهيزات الديكور والأرضيات والأخشاب وبه الجامعة العربية المفتوحة وحديقة الطفل والمركز التجاري المعروف بإسم سيتي سنتر وشارع الطيران وبه مسجد ومركز رابعة العدوية ومقر وزارة الدفاع المصرية ويضم إمتداده المعروف بإسم شارع عبد الله العربي حديقة العاشر من رمضان وأيضا شارع يوسف عباس وبه نادى الزهور ومقر وزارة القوى العاملة ومستشفى التأمين الصحي وهو من أخف الشوارع إزدحاما في منطقة مدينة نصر وشارع مصطفى النحاس وهو من أطول الشوارع بمدينة نصر وكان يمر به المترو الأرضى الذي يربط بين مصر الجديدة ومدينة نصر مرورا بشارع يوسف عباس وكان ينتهى في شارع مصطفى النحاس والذى تم إلغاؤه وبشارع مصطفى النحاس جامعة الأزهر والكثير من المحلات التجارية وبه أيضا العديد من مراكز التسوق وشارع حسن المأمون وبه مقر النادى الأهلى المصري وهيئة الأبنية التعليمية وطريق النصر المعروف بإسم الأوتوستراد ويقع فيه النصب التذكارى للجندى المجهول والمنصة التي إغتيل فيها الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات وكان يقام بذلك الطريق الإحتفالات والعروض العسكرية حتى عام 1981م ويوجد بطريق النصر المركز الدولي للمؤتمرات وستاد القاهرة الدولي وأسواق سيتي ستارز وصن سيتي وشارع ذاكر حسين وشارع النزهة .

وينسب شارع عبد الله بن عباس للصحابي الجليل الفقيه المحدث الحافظ والمفسر للقرآن الكريم وأحد المكثرين لرواية الحديث حيث روى عدد 1660 حديثا نبويا شريفا والملقب بترجمان القرآن وحبر الأمة والحبر والبحر عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي إبن عم النبي الكريم محمد ﷺ فأبوه هو العباس بن عبد المطلب بن هاشم أما أمه فهي أم الفضل لبابة الكبرى بنت الحارث ثاني من أسلم من النساء بعد أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد زوجة النبي محمد ﷺ وخالته هي أم المؤمنين آخر زوجات النبي محمد ﷺ السيدة ميمونة بنت الحارث الهلالية وكان مولد عبد الله بن عباس في مكة المكرمة في شعب أبي طالب الذى كانت قريش قد حاصرت فيه بني هاشم خلال محاولاتها إيقاف الدعوة إلي الإسلام وذلك قبل الهجرة النبوية بثلاث سنوات وقال إبن عباس في ذلك ولدت قبل الهجرة بثلاث سنين ونحن في الشعب وتوفي النبي ﷺ وأنا إبن ثلاث عشرة سنة وعن مجاهد بن جبر عن إبن عباس أنه قال لما كَانَ النبي ﷺ وأَهل بيته فِي الشعبِ أَتَى أَبي النبي ﷺ فَقال يا محمد ما أَرى أم الفَضل إِلا قَد إشتملت على حمل قال لَعل الله أَن يقِر أَعيننا منها بِغلام فَأَتى بي النبي ﷺ وأَنا فِي خرقتي فحنكني ويقول مجاهد لَا نعلم أحدا حنك بريق النبوة غيره وبعد هجرة النبي محمد ﷺ إلي المدينة المنورة ظل إبن عباس مع أبيه في مكة المكرمة ولم يهاجرا إلا قبيل فتح مكة فكانا آخر المهاجرين وحدث أن لقيا النبي محمدا ﷺ في الطريق بين مكة المكرمة والمدينة المنورة بالجحفة وهو ذاهب لفتح مكة والتي تقع قرب ساحل البحر الأحمر وتبعد عن مكة بحوالي 183 كم والتي تعد ميقات أهل مصر والشام وبلاد المغرب العربي فرجعا بعد أن بايعا النبي ﷺ وكان إبن عباس حينذاك لم يبلغ الحُلم بعد ويقول محمد بن علي بن الحسين في ذلك أن النبي محمد ﷺ بايع سبطيه الحسن والحسين إبنا علي والسيدة فاطمة الزهخراء وعبد الله بن عباس وعبد الله بن جعفر بن ابي طالب وهم صغار لم يبلغوا الحلم ولم يبايع صغيرا إلا منا أي من أهل البيت وشهد إبن عباس وأبوه العباس فتح مكة مع النبي ﷺ ثم شهد غزوتي حنين والطائف . وبعد ذلك لازم إبن عباس النبي محمد ﷺ وروى عنه وكان كثيرا ما يبيت في بيت خالته ميمونة زوجة النبي ﷺ ويتولي خدمته ويتعلم منه كل ما يفعله في حياته عند إستيقاظه وعند نومه وكيف يتناول طعامه وكيف يتوضأ وكيف يصلي وكيف يقوم الليل وماذا يقول عند خروجه من بيته وعند دخوله وبإختصار كل تفاصيل حياة النبي ﷺ وذات مرة كان النبي في بيت ميمونةَ فوضع إبن عباس له وضوءا منَ الليل فقالت له ميمونةُ وضَع لك هذا عبدُ الله بن عباس فقال النبي ﷺ اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل وضمه النبي ﷺ إلى صدره وقال اللهمَ علمه الكتاب اللهم علمه الحكمة ويذكر إبن عباس أنه رأى جبريل مرتين في بيت النبي ﷺ وهو متخذا صورة بشر فيقول رأيت جبريل مرتين ودعا لي بالحكمة مرتين ويروي إبن عباس قصة رؤيته لجبريل فيقول كنت مع أبي عند النبي ﷺ وعنده رجل يناجيه فقال العباس ألم تر إلى إبن عمك كالمعرض عني فقلت إنه كان عنده رجل يناجيه قال أو كان عنده أحد قلت نعم فرجع إليه فقال يا رسول الله هل كان عندك أحد فإن عبد الله أخبرني أنه كان عندك رجل تناجيه قال هل رأيته يا عبد الله قلت نعم قال ذاك جبريل عليه السلام وفي الأيام الأخيرة في حياة الرسول ﷺ كان إبن عباس ملازما للنبي محمد ﷺ في مرضه وإحتضاره ووفاته وقام بوصف الأيام الأخيرة في حياة النبي ﷺ وبعد وفاته وفي عهد الخليفة عمر بن الخطاب كان الخليفة يحرص على مشورته في كل أمر ويأذن له بالدخول عليه مع أهل بدر حتى أن بعضهم تعجب من صنيع عمر فعن سعيد بن جبير قال كان ناس من المهاجرين قد وجدوا على عمر في إدنائه إبن عباس دونهم وكان يسأله فقال عمر أما إني سأريكم اليوم منه ما تعرفون فضله فسألهم عن هذه السورة إِذا جاء نصر اللَّه والفتح فقال بعضهم أمر الله نبيه إذا رأى الناس يدخلون في دين الله أفواجا أن يحمده ويستغفره فقال عمر يا إبن عباس تكلم فقال أعلمه متى يموت أي فهي آيتك من الموت فسبح بحمد ربك وإستغفره وكان إبن عباس يقوم على منبر النبي محمد ﷺ فيقرأ سورتي البقرة وآل عمران فيفسرهما آية آية وكان عمر إذا ذكره قال ذلك فتى الكهول له لسان سؤول وقلب عقول وفي رواية ذاكم كهل الفتيان ولما رأى العباس قرب إبنه من الخليفة عمر أوصاه وصية قال فيها إن عمر يدنيك ويجلسك مع أكابر الصحابة فإحفظ عني ثلاثا لا تفشين له سرا ولا تغتابن عنده أحدا ولا يجربن عليك كذبا وقال الشعبي لإبن عباس كل واحدة خير من ألف فقال إبن عباس بل كل واحدة خير من عشرة آلاف .

ولم يزل إبن عباس ملازما لعمر حتى مقتله فبعدما طعن دخل عليه وأخذ يواسيه ويقول له يا أميرَ المؤمنينَ وَلئن كان ذاك لَقد صَحبت رسول اللَّه ﷺ فأَحسنت صحبته ثم فَارقته وهو عنكَ راض ثمَ صحبت أَبا بكر فَأَحسنت صحبته ثم فارقته وهو عنك راض ثم صحبت صحبتهم فَأَحسنت صحبتهم ولئن فارقتهم لَتفارقنهم وهم عنكَ راضونَ فقال عمر أما ما ذكرت من صحبة رسول اللَّه ﷺ ورضاه فإنما ذاك منة من اللَّه تعالى من بها علي وأَما ما ذَكَرت من صحبة أبي بكر ورضاه فإنما ذاك منة من الله جل ذكره من بها علي وأما ما ترى من جزعي فهو من أجلك وأجل أصحابك والله لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لإفتديت به نفسي من عذاب الله عز وجل قبل أَن أراه وبعد وفاة عمر شهد إبن عباس فتح أفريقية عام 27 هجرية مع عبد الله بن سعد بن أبي السرح والي مصر آنذاك حيث نادى المنادي بالجهاد في أفريقية ولبى إبن عباس النداء وقام عثمان فيهم خطيبا وحثهم على الجهاد ووزع عليهم السلاح كما أمدهم بِألف بعير يحمل عليها ضعفاء الناس أي فقراؤهم فخرج المسلمون في جيش عظيم يقوده الحارث بن الحكم بن أبي العاص إلى أن قدموا على إبن أبي السرح بمصر فكانت القيادة له وفي عام 30 هجرية غزا إبن عباس طبرستان تحت قيادة سعيد بن العاص فلما وصلوا إليها فتحوها وذكر المدائني أن سعيد بن العاص ركب في جيش فيه الحسن والحسين والعبادلة الأربعة ومنهم عبد الله بن عباس وحذيفة بن اليمان في خلق من الصحابة فسار بهم فمر على بلدان شتى يصالحونه على أموال جزيلة حتى إنتهى إلى بلد معاملة جرجان فقاتلوه حتى إحتاجوا إلى صلاة الخوف كما تولى إبن عباس إمامة الحج عام 35 هجرية بأمر عثمان بن عفان له وهو محاصر وقد حج بالناس وفيهم أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر وأم المؤمنين أم سلمة وكانت عائشة تقول عنه هو أعلم الناس بالمناسك وخطب بالناس في عرفات وفسر فيها سورة البقرة وقيل سورة النور وقيل في ذلك فسر ذلك تفسيرا لو سمعته الروم والترك والديلم لأسلموا وبعد إنتهاء هذه الحجة قتل عثمان وبعد تولي الإمام علي بن أبي طالب الخلافة شهد إبن عباس مع علي الجمل وصفين وكان أميرا على الميسرة وكان ممن أشار على علي أن يستنيب معاوية على الشام وأن لا يعزله عنها في بادئ الأمر حتى قال له إن أحببت عزله فوله شهرا وإعزله دهرا فأبى علي إلا أن يقاتله ولما تراضي الفريقان على تحكيم الحكمين طلب إبن عباس أن يكون من جهة علي ليكافئ عمرو بن العاص فإمتنعت مذحج وأهل اليمن إلا أن يكون من جهة علي أبو موسى الأشعري ثم شهد مع علي قتال الخوارج في النهروان وقد كان إبن عباس ينتقد على في بعض أحكامه فيرجع إليه علي في ذلك وروى البخاري في صحيحه إن عليا أحرق ناسا إرتدوا عن الإسلام فبلغ ذلك إبن عباس فأنكره وقال لو كنت أَنا لم أحرقهم لأن النبي ﷺ قال لا تعذبوا بعذاب الله ولقتلتهم كما قال النبي ﷺ من بدل دينه فإقتلوه وقد أرسله علي إلى ستة آلاف من الحرورية فحاورهم إبن عباس فرجع منهم ألفان وخرج سائرهم فقاتلهم المهاجرون والأنصار وقد ولاه علي بن أبي طالب على البصرة وكان إذا خرج منها يستخلف أبا الأسود الدؤلي على الصلاة وزياد بن أبي سفيان على الخراج وكان يصعد المنبر ليلة عرفة ويجتمع أهل البصرة حوله فيفسر شيئا من القرآن الكريم ويذكر الناس من بعد العصر إلى الغروب ثم ينزل فيصلي بهم المغرب ويقول إبن كثير وكان أهل البصرة مغبوطين به يفقههم ويعلم جاهلهم ويعظ مجرمهم ويعطي فقيرهم فلم يزل عليها حتى مات علي وقيل إن عليا عزله عنها قبل موته ثم وفد على معاوية فأكرمه وقربه وإحترمه وعظمه وكان يلقي عليه المسائل المعضلة فيجيب عنها سريعا فكان معاوية يقول ما رأيت أحدا أحضر جوابا منه وجدير بالذكر أن في عزله عن البصرة إختلاف بين المؤرخين بينما ذكر محمد بن جرير الطبري في تاريخه إنه تولى البصرة من عام 36 هجرية حتى عام 39 هجرية ثم خلفه عليها أبو الأسود الدؤلي .

وتذكر بعض المصادر أن إبن عباس دعا الناس بعد مقتل علي في شهر رمضان عام 40 هجرية إلى مبايعة إبنه الإمام الحسن والذى بايعه فعلا اهل العراق وقد جاء في بعض الروايات أن عبد الله بن عباس ظل واليا على البصرة في عهد الحسن إلي أن تم بعد أشهر قليلة عقد الصلح مع معاوية بن أبي سفيان ثم خرج من البصرة معتزلا السياسة قاصدا مكة المكرمة وتفرغ للعلم والتعليم وتذكر بعض الروايات الأخرى أنه خرج من البصرة وذهب إلى مكة بعد مقتل علي وقد قال إبن الأثير الجزري أن هذه الرواية الثانية أصح وإنما كان الذي شهد صلح الإمام الحسن ومعاوية بن أبي سفيان أخوه عبيد الله بن عباس وقد قام عبد الله بن عباس بإستخلاف عبد الله بن الحارث بن نوفل على البصرة ومضى إلى الحجاز ولما جاء الكتاب بموت الإمام الحسن كان إبن عباس عند معاوية بن ابي سفيان فعزاه وبعث إبنه يزيد فعزاه أيضا وقد كان إبن عباس محبا للحسن والحسين وكان يمسك الركاب للحسن والحسين ويسوي لهما فقال له مدرك أبو زياد أنت أكبر منهما تمسك لهما وتسوي عليهما فقال إبن عباس يا لكع أتدري من هذان هذان إبنا رسول الله ﷺ أوليس هذا مما أنعم الله علي به أن أمسك لهما وأسوي عليهما ولما أخذت البيعة ليزيد في حياة معاوية إمتنع إبن عباس عن مبايعته هو والحسين وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن عمر ولما مات معاوية وعزم الحسين الخروج إلى العراق نهاه إبن عباس أشد النهي وقال يا إبن عم إنه قد أرجف الناس أنك سائر إلى العراق فبين لي ما أنت صانع قال قد أجمعت المسير في أحد يومَي هذين إن شاء الله فقال له إبن عباس أخبرني إن كان عدوك بعد ما قتلوا أميرهم ونفوا عدوهم وضبطوا بلادهم فسر إليهم وإن كان أميرهم حيا وهو مقيم عليهم قاهر لهم وعماله تجبي بلادهم فإنهم إنما دعوك للفتنة والقتال ولا آمن عليك أن يستفزوا عليك الناس ويقلبوا قلوبهم عليك فيكون الذي دعوك أشد الناس عليك فقال الحسين إني أستخير الله وأنظر ما يكون وجاء إبن عباس إلى الحسين في اليوم التالي وقال له يا إبن عم إني أتصبر ولا أصبر وإني أتخوف عليك في هذا الوجه الهلاكَ إن أهل العراق قوم غدر فلا تغترن بهم أقم في هذا البلد حتى ينفي أهل العراق عدوهم ثم أقدم عليهم وإلا فسر إلى اليمن فإن به حصونا وشعابا ولأبيك به شيعةً وكن عن الناس بمعزل وأكتب إليهم وبث دعاتك فيهم فإني أرجو إذا فعلت ذلك أن يكون ما تحب فقال الحسين يا إبن عم والله إني لأعلم أنك ناصح شفيق ولكني قد أزمعت المسير فقال له فإن كنت ولا بد سائرا فلا تسر بأولادك ونسائك فوالله إني لخائف أن تقتل كما قتل عثمان ونساؤه وولده ينظرون إليه فوالله الذي لا إله إلا هو لو أعلم أنك إذا أخذت بشعرك وناصيتك حتى يجتمع علي وعليك الناس أطعتني وأقمت لفعلت ذلك وقد أورد هذا الخبر إبن الأثير الجزري وأورد محمد بن جرير الطبري رواية مشابهة ثم جاءه إبن عباس مرة أخرى قبل خروحه ونصحه فأبى إلا الخروج وقال له لولا أن يزري بي وبك لنشبت يدي في رأسك فقال الحسين لأن أقتل بمكان كذا وكذا أحب إلي من أن أستحل حرمتها يعني مكة المكرمة فقال إبن عباس فيما بعد وكان ذلك الذي سلى نفسي عنه .

ولما علم يزيد بن معاوية بما إنتواه الحسين كتب كتابا إلى عبد الله بن عباس شيخ بني هاشم حينئذ قائلا نحسب أن رجالا أتوه من المشرق فمنوه الخلافة فإنهم عندك منهم خبرة وتجربة فإن كان فعل فقد قطع أواصر القرابة وأنت كبير أهل بيتك والمنظور إليه فإكففه عن السعي في الفرقة وكتب له مجموعة أبيات أشار فيها إلى خوفه من أن يحدث بينه وبين الحسين مصادمة فكتب إليه إبن عباس إني لأرجو أن لا يكون خروج الحسين لأمر تكرهه ولست أدع النصيحة له في كل ما يجمع الله به الألفة وتطفى بها الثائرة وفي يوم 10 من شهر المحرم عام 61 هجرية قتل الحسين في معركة كربلاء فلما بلغ إبن عباس ذلك حزن عليه حزنا شديدا ولزم بيته وقال يا لسان قل خيرا تغنم وإسكت عن شر تسلم فإنك إن لا تفعل تندم وروي عن إبن عباس أنه رأى النبي ﷺ في المنام في اليوم الذي قتل فيه الحسين فقال رأيت النبي ﷺ في المَنَامِ بنصف النهار أشعث أغبر معه قارورة فيها دم يلتقطه أو يتتبع فيه شيئا فقلت يا رَسولَ اللَّه ما هذَا قَالَ دم الحسين وأصحابه لم أزل أتتبعه منذ اليوم وعندما توفي يزيد بن معاوية عام 64 هجرية دعا عبد الله بن الزبير إلى نفسه بالخلافة فبيايعه أهل الحجاز إلا عبد الله بن عمر ومحمد بن الحنفية إبن الإمام علي وعبد الله بن عباس وإعتزل كل من إبن عباس وإبن الحنفية الناس فدعاهما عبد الله بن الزبير ليبايعاه فأبيا عليه وقال كل منهما لا نبايعك ولا نخالفك فهم بهما فبعثا أبا الطفيل عامر بن واثلة فإستنجد لهما من العراق من شيعتهما ويقول إبن كثير الدمشقي فقدم أربعة آلاف فكبروا بمكة المكرمة تكبيرة واحدة وهموا بإبن الزبير فهرب وتعلق بأستار الكعبة المشرفة وقال أنا عائذ بالله فكفوهم عنه ثم مالوا إلى إبن عباس وإبن الحنفية وقد حمل إبن الزبير حول دورهم الحطب ليحرقهم فخرجوا بهما حتى نزلوا مدينة الطائف التي تقع علي بعد حوالي 70 كم من مكة وأقام إبن عباس بها سنتين لم يبايع أحدا وبعد ذلك بسنتين وفي عام 68 هجرية كانت وفاة إبن عباس عن عمر يناهز 71 عاما وصلي عليه محمد بن الحنفية ودفن بمقبرة الشهداء التي تقع بجوار مسجد عبد الله بن عباس بمدينة الطائف .
 
 
الصور :