بقلم/ ريهام البربري
Rehamelbarbary2006@yahoo.com
منذ فجر التاريخ والحضارة المصرية أصلها القيم والاخلاق والعمل والانجاز فقد حرص المصرى القديم على إبراز أهمية القيم فى المظاهر الحياتية، فكان أهم ما فى وصية الأب قبل وفاته الجانب الأخلاقى، حيث نجد الكثير من الحكماء والفراعنة يوصون أبناءهم بالعدل والتقوى، كذلك كانوا يحرصون على توضيح خلود تلك القيم فى عالم الموت. لذا نحتوا على جدران مقابرهم رمز إلهة العدل «ماعت» ليتذكروا أن العمل باقٍ معهم،و لكن نتيجة سرعة وتيرة وضغوط الحياة الاقتصادية والاجتماعية والعمل علي تنفيذ مهامنا الحياتية بالتعايش ظهر من بين شركاء الوطن أكثر من سرطان يهدد قيم المجتمع المصري ويحرض على الفسق والفجور بين الأسر المصرية.. فأصبحنا مجبرين على التعايش مع زخم الاسفاف والملل والاجبار القسري لمتابعة تفاهة أخبار زواج النجم فلان وطلاق النجمة فلانة، وتراشقهم بالألفاظ كذبا وتشهيراً في أهم وأكبر البرامج الفضائية بعد مضى سنوات العسل، علاوة على عار الإطلالات السيئة لفنانات المهرجانات السينمائية البعيدة كل البعد عن أى هوية أخلاقية، واحتدام صراع نقابة المهن الموسيقية مع مطربي المهرجانات للحفاظ على الذوق العام من تدنى كلمات ومعاني أغانيهم وغرابة وجود من يعضد موقفهم ويستميت من أجل استمرارهم في ساحة الغناء ، بالاضافة الى خطورة ارتفاع معدلات جرائم "اللامعقول" على ارض مصر المعروف عن أهلها الود والطيبة والكرم والتسامح ، وعجزنا المخجل عن مواجهة سموم عالم المال المتدفق بانسيابية في شرايين المجتمع بغرض اسقاط مفهوم القدوة لدى شبابنا وتشكيكهم في أسباب وجودية أمتهم، بالاضافة الى دعم وتمجيد آلاف الأبطال الوهميين، بهدف تزييف وتشويه مكانه الوطن الحضارية وتغيير مساره للمجهول.
ورغم عظيم ضيقنا من تمدد كل تلك السرطانات في جسد الوطن إلا أن رحمة ربنا عز وجل محيطة بنا في كل مكان وزمان ، ويهدينا بسعة كرمه وفضله ما لاحصر له من الهبات العظيمة التى تستوجب منا الحمد والشكر والتفاؤل بالغد .. منها ابنتنا المصرية الفذه التى لمع اسمها فى عالم الفضاء الخارجي "سمية معتز" التى استطاعت في 48 ساعة فقط أن تخطف جائزة وكالة "ناسا" الفضائية من آلاف المشاركين من مختلف الاعمار والجنسيات في مسابقة تحدي مخلفات الفضاء ، بابتكارها الجديد الذى من شأنه الحفاظ على حياة رواد الفضاء من الحطام شديد الخطورة الذى تتجاوز سرعته سرعة الطلقة عشرة مرات بالإضافة الى حماية المركبات الفضائية من التلف باجراء تعديل على تصميم مركبات الفضاء واضافه نبضات مغناطيسية لها.
ابنتنا رمز العزة والفخر التى اتخذت من العالم الدكتور فاروق الباز قدوة ومثل أعلى قامت برفع راية الوطن في الفضاء الخارجى بعلمها وفكرها وهى لم تتجاوز 15 سنة من عمرها !!.. مما دفعنا للتساؤل عن هوية الكيان الداعم لنبوغها؟.. فكانت إجابتها قولاً واحدًا "أسرتى".. وهذا بالضبط مبتغانا اليوم وكل يوم ونحن نبحث عن سبل تصحيح مسار مجتمعنا وكيفية خلق بدايات جديدة ذات تأثير واستمرارية لآلاف السنيين كما فعل أجدادنا القدماء ، فمن واجب حكوماتنا وهى تسعى لضبط معدلات النمو السكاني الذى يعيق جهودها التنموية العمل أيضاً على توعية الأسر المصرية بقيمة الأمانة التى أوكلها رب العباد إليهم ،ومساعدتهم على كافة الأصعدة في استعادة دورهم المخلص في تنشئة أطفالهم على الخلق والعلم والدين وتنميه ابداعاتهم ورعاية نبوغهم لانقاذ جيل بأكمله من براثن الفوضى الخلاقة.
الإنسان المصرى طول عمره فريد فى قدراته ومواهبه وصبره ودوره فى حضارة وتاريخ الإنسانية شاهدا عليه .. ومصر لديها أكثر من 60 مليون شاب كل واحد منهم يمكن أن يكون مبدعا متميزا إن تمت رعايته بشكل سليم ، هؤلاء ثروتها الحقيقية التى يجب أن تقاتل بهم ومعهم من أجل بناء مستقبل وطن افضل للجميع.
يقول الله تعالى: « فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ «
|