الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

شارع بيت القاضي

 شارع بيت القاضي
عدد : 12-2021
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”

شارع بيت القاضي هو أحد أهم وأشهر مناطق شارع المعز لدين الله الفاطمي بل والجمالية كلها وهو الرابط بين كل من الجمالية والحسين وشارع المعز وهو يقع في منتصف شارع المعز في مواجهة مجموعة السلطان المنصور قلاوون الشهيرة وكان هذا الشارع في الأصل جزء من قصر الزمرد الفاطمي والذى كان جزءا من القصر الشرقي الكبير وكان قصرا عظيم البناء على مساحة 70 فدان وهذا القصر وصفه العديدون وما كان عليه من عمارة وفخامة وبهاء وما كان فيه من قصور صغيرة وبساتين وحدائق منها قصر الزمرد وفي العصر المملوكي آل قصر الزمرد إلى سيدة إسمها تتر الحجازية وهي إبنة السلطان المملوكي البحري الشهير الناصر محمد بن قلاوون وقامت تتر ببناء مدرستها وقصرها في هذا المكان ثم جاء جمال الدين يوسف الإستادار أيام السلطان برقوق وإستولى عليه وتحول القصر إلى سجن ثم جاء الأمير ماماي السيفي أحد أكابر أمراء السلطان المملوكي الأشرف قايتباي وبنى قصره في هذا المكان عام 1496م وقد إشتهر ماماي بدوره المهم في إتمام الصلح بين الدولة المملوكية والدولة العثمانية في أواخر القرن الخامس عشر الميلادى وبعد وفاة السلطان قايتباي كثرت الفتن بين الأمراء المماليك وتوترت الأحوال السياسية الداخلية حتى وقعت فتنة عام 1497م وقتل فيها أتباع السلطان وكان من بينهم الأمير ماماي وتم هدم جزء كبير من القصر ولم يتبق حاليا منه سوى المقعد الذي تدل فخامته وكبر حجمه على مدى فخامة وسعة القصر نفسه والذى كان مدخله يقع بالضلع الجنوبي الشرقي وكان هذا المقعد هو المكان المخصص لإستقبال الرجال في البيوت حينذاك وإستمر ذلك حتي القرن التاسع عشر الميلادى والمتبقي منه حاليا جزء يرتفع عن سطح الأرض بحوالي 10 أمتار وواجهته تتكون من قاعة مستطيلة لها سقف خشبي محلي بزخارف ملونة ومذهبة على شكل حدوة فرس ومحمولة على أربعة أعمدة تمثل شكل زهرة اللوتس والدور السفلى له يتكون من باب كبير وهى غرفة الإعدام ومعلق بداخلها حتى الآن المشنقة التي كانت تستخدم في تنفيذ هذا الحكم كما توجد ثلاث غرف صغيرة كانت تستخدم كحجز للمتهمين وتتوسطها نافذة مفرغة لدخول الهواء والإضاءة للمحجوزين بالداخل .

وفي العصر العثماني أصبح مقعد ماماي مقرا للمحكمة الشرعية حيث إتخذ قاضى العسكر منه سكنا له بالأعلى ومن المقعد مقرا لجلساته وحجز المتهمين وتنفيذ الحكم عليهم أيضا لذلك أطلق على المقعد إسم بيت القاضي ومما يذكر أن تلك المحكمة لعبت دورا كبيرا في الحياة السياسية المصرية خلال العصر العثماني حيث كانت الإنتفاضات والثورات الشعبية والمظاهرات تتجمع أمام مقر المحكمة ضد الولاة العثمانيين كما شهدت هذه المحكمة اجتماع ممثلي الشعب المصري من العلماء والأئمة والأشراف ونقباء الطوائف والحرف في عام 1805م والذين قاموا بخلع الوالي العثماني ومبايعة محمد على باشا لتولي حكم مصر بالشروط التي إتفقوا عليها وكان هذا الحدث في غاية الأهمية حيث كان لأول مرة في تاريخ مصر الحديث يختار الشعب حاكمه بنفسه بالشروط التي وضعها وقد إستمرت المحكمة الشرعية تشغل هذا المكان حتى عام 1900م حين إنتقلت إلى منزل محمود سامي البارودي باشا في الحلمية الجديدة ثم في عام 1925م قامت لجنة حفظ الآثار العربية بترميم المقعد وإعادته إلى أصله وقد أقيمت على بداية الشارع بوابة بيت القاضي التي يذهب البعض إلى أنها بنيت خلال فترة حكم محمد على باشا وعلى الرغم من عدم وجودها حاليا إلا أن هناك ما يؤكد ذلك حيث كان طرازها يتشابه مع طرق البناء والزخرفة في الآثار التي تنسب إلى عصر محمد على باشا وقد شيدت هذه البوابة لغرض أمني وهو منع تجمع معتادى الإجرام واللصوص داخل الشارع في ساعات الليل المظلمة وفي عهد الخديوى إسماعيل قام بإستغلال فناء قصر ماماي وحوله إلى ميدان وقام بفتح شارع بيت القاضي في عام 1873م ليصل شارع المعز بشارع الجمالية نظرا لإفتتاحه مجلس الأحكام أي محكمة الإستئناف في الميدان إضافة إلي أنه كانت هناك صعوبة بالغة تواجه عربات الإطفاء في حالة حدوث حريق حيث كانت لا تستطيع الوصول لهذه المنطقة نظرا لضيق شوارعها .

ولما تم فتح الشارع المذكور نتج عنه للأسف الشديد تدمير بعض الآثار الهامة منها المدرسة الظاهرية والتي أمر بإنشائها السلطان المملوكي البحري الظاهر بيبرس البندقداري عام 660 هجرية ولازالت بقاياها موجودة ملاصقة لقبة دفن الملك الصالح نجم الدين أيوب ومما يذكر أن السفارة الفرنسية قد قامت بشراء باب مدرسة الظاهر بيبرس الأثري وقت الهدم ونقلته لمقرها المواجه لحديقة الحيوان في الجيزة ولا يزال موجودا بها إلى الآن وكل من يمر من أمام السفارة يراه يزين مدخلها وكانت هذه المدرسة تحمل تخطيط أول مدرسة رباعية الإيوانات في مصر حيث تكونت من أربع إيوانات متقابلة وكانت تمثل المساحات التي يجلس بها الطلاب لتلقي العلم وكانت مسقوفة بعقد وليس بها أعمدة كما أنها ضمت أقدم سبيل لسقيا المارة بالمياه وكان مدخلها تعلوه المقرنصات أو الحطات وفضلا عن ذلك فقد تم أيضا هدم جزء من أثر ثان وهو منزل محب الدين الذي أنشئ عام 1350م وسكنه فيما بعد الأمير عثمان كتخدا عام 1735م صاحب مسجد الكخيا الشهير الكائن بشارع الجمهورية قرب ميدان الأوبرا بوسط البلد وقد تبقى من هذا المنزل قاعة واحدة وبعض الحجرات العلوية كماتم أيضا هدم بقايا القصر الشرقي الفاطمي والذى توجد بقاياه خلف مدرسة الظاهر بيبرس .

وبعد عهد الخديوى إسماعيل وفي بدايات القرن العشرين الماضي وعندما تم تشغيل خطوط أوتوبيس هيئة النقل العام صار ميدان بيت القاضي موقفا نهائيا لها في المنطقة وفي أحد الأفلام القديمة إنتاج ما قبل عام ١٩٥٦م يظهر أوتوبيس نقل عام عليه لوحة بيت القاضي وقد ألغيت هذه الخطوط في عام ١٩٥٦م وكان أيضا من الأشياء الطريفة وجود حوض للدواب وسط الميدان ولكن في عام ١٩٥٠م ألغيت أحواض الدواب بالقاهرة وحاليا هو مركز رئيسي لبيع الموازين لجميع أنحاء البلاد ومما يذكر أن وزارة الداخلية كانت قد إستغلت جزء من بيت القاضي كديوان لقسم الجمالية قبل أن يتم نقل الديوان إلى منطقة الدراسة وتسلمته بعد ذلك هيئة الآثار المصرية التى رممته وأعادت المبنى لأصله القديم ثم حدث أثناء ثورة يناير عام 2011م أن إقتحمه بعض أعضاء التيار السلفى وأقاموا فيه مسجدا يؤدون فيه الصلوات الخمس وخرجوا منه بعد أن إقتحمته شرطة الآثار وأخرجتهم منه بالقوة وبداية من شهر مارس عام 2016م قامت وزارة الآثار تنفيذ مشروع تطوير وتأهيل منطقة بيت القاضي بالقاهرة التاريخية وتحويل جزء بيت القاضي الذى كان يشغله ديوان قسم شرطة الجمالية إلى مركز للزوار ومكتبة للقاهرة التاريخية وأيضا تحويل مقعد الأمير ماماي السيفي ليصبح مسرحا للفنون ومعرضا للحرف التقليدية وفنون الرسم وقد تضمنت خطة أعمال التطوير للمقعد الترميم الإنشائي والمعماري والترميم الدقيق منها أعمال الحقن والتربيط لقواعد الأعمدة ومعالجة أرضيات السطح وجميع الشروخ الموجوده بالمقعد والأسقف الحجرية للأقبية بالإضافة إلى تنظيف الواجهات الحجرية له والأعمدة الرخامية والأسقف الخشبية الزخرفية والأشرطة الكتابية .

وفي مواجهة شار ع بيت القاضي من ناحية إلتقائه بشارع المعز توجد مجموعة السلطان قلاوون أو مسجد ومدرسة وقبة وبيمارستان السلطان المنصور قلاوون وهي مجموعة معمارية أثرية شهيرة مبنية على الطراز الإسلامي المملوكي وتضم هذه المجموعة مسجدا ومدرسة وقبة ضريحية وبيمارستان لعلاج المرضى أمر بإنشائها السلطان المنصور سيف الدين قلاوون أحد أبرز سلاطين عهد المماليك البحرية والذي أسس لأسرة حكمت مصر والشام وغيرها أكثر من قرن من الزمان بدأ حكمها بنفسه عام 678 هجرية الموافق عام 1279م وإنتهت بالسلطان الصالح صلاح الدين حاجي عام 784 هجرية الموافق عام 1382م والذى إليه يرجع الفضل في ظهور الدولة المملوكية الثانية المعروفة بإسم دولة المماليك البرجية أو الجراكسة ذلك أنه كان مغرماً بشراء أعداد كبيرة من المماليك الجراكسة وأسكنهم أبراج القلعة ولذا فقد سموا بالبرجية ويصف البعض قبة المنصور قلاوون بالمجموعة بأنها ثاني أجمل ضريح في العالم بعد ضريح تاج محل الهندي ويجاور هذه المجموعة عدة آثار إسلامية أخرى فبجانبها يقع مسجد ومدرسة الناصر قلاوون ومسجد ومدرسة وخانقاة الظاهر برقوق ثم المدرسة الكاملية وحمام السلطان إينال ويقابلها سبيل وكتاب خسرو باشا ومدرسة وقبة السلطان الملك الصالح نجم الدين أيوب ومدرسة الظاهر بيبرس ثم سبيل محمد علي وقصرالأمير بشتاك ومن الطريف أن إسم المهندس الذى قام بتصميم وتنفيذ مجموعة السلطان المنصور قلاوون مجهول ولكن ذكر المؤرخون أن السلطان المنصور قلاوون عهد إلى الأمير علم الدين سنجر الشجاعي بالتنفيذ والإشراف على العمارة فحشد ثلاثمائة عامل كما حشد جميع الصناع وأمرهم بالعمل في هذه العمارة ومنعهم من العمل في غيرها ثم عمد إلى قلعة الصالح نجم الدين أيوب بالروضة ونقل منها ما إحتاج إليه من أعمدة جرانيتية ورخام وغيرها ومما يذكر أن منصب شاد العمارة أو المشرف على العمارة كان يختار له شخصية بارزة من بين العارفين بأمور وفنون الهندسة والبناء وذوي الأمانة والصدق وحسن السياسة والذى كان من واجبه أن يحرص على مصالح الوقف والمستحقين وأن يجدد ويصلح مباني الوقف وأن يشرف على أرباب الصناعات المختلفة في العمائر ويحثهم ويشجعهم على العمل وإتقانه .
 
 
الصور :