الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

حي الخرنفش

حي الخرنفش
عدد : 12-2021
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”

حي الخرنفش حي أثرى في القاهرة الفاطمية وهو واحد من ثمانية عشر منطقة أو شياخة على جنبات شارع المعز لدين الله الفاطمي ويحده من الغرب حارة خميس العدس وحارة اليهود ومن الجنوب عطفة المصفى وعطفة الذهبي ومن جهة الشرق حارة البرقوقية كما أن الخرنفش أيضا إسم شارع بهذا الحي كما تتفرع منه أيضا حارة تسمي حارة الخرنفش وهي إحدى الحارات المتفرعة من شارع المعز لدين الله الفاطمي بحي الجمالية وقد إكتسب هذا الحي شهرة واسعة نظرا للآثار التي تقع فيه كما أنه عبر العصور المختلفة كان مكان إقامة كثير من المشاهير وكان هذا الحي في العصر الفاطمي عبارة عن ميدان صغير وإسطبل للخلفاء الفاطميين بجوار بستان الكافوري والقصر الغربي الصغير للخليفة العزيز بالله نزار بن الخليفة المعز لدين الله وقد شهد العصر الفاطمي بناء عدد من الأسبلة والكتاتيب الصغيرة في هذا الحي وأشهرها يحمل اليوم إسم سبيل طه حسين الورداني والذى بني خلال العصر العثماني في أواخر القرن الثاني عشر الهجرى الموافق للقرن الثامن عشر الميلادى وهو يقع في شارع المقاصيص المتقاطع مع خان أبو طاقية كما يضم شارع الخرنفش كنيسة زويلة والتي تقع بحارة زويلة والتي تسمي كنيسة السيدة مريم العذراء وكان قد بناها رجل أعمال قبطى يدعى الحكيم زيلون عام 352م بعد أن تأكد أن هناك بئر شربت منه العائلة المقدسة السيد المسيح والسيدة مريم العذراء وإبن عمها يوسف النجار خلال هروبهم من الرومان من فلسطين إلى مصر فبنى الكنيسة على البئر إضافة للإستراحة التى إستراحت فيها العائلة كما شهد العصر الفاطمي أيضا بداية التخطيط وتشييد المنازل والإسطبلات والأسواق داخل حي الخرنفش وكانت المتاجر والدكاكين كلها ذات واجهة موحدة ومميزة حتى تعطي شكلا جماليا مميزا لهذا الحي عن غيره .

ويعد حي الجمالية من أقدم وأعرق أحياء القاهرة عاصمة مصر وهو يتمتع بشهرة تاريخية وعالمية لأنه يعتبر مجمع تراث القاهرة منذ بنائها منذ أكثر من ألف عام ففيه الجامع الأزهر وجامع الحاكم بأمر الله وجامع الأقمر وغيرها وفيه أسوار القاهرة وأبوابها مثل باب زويلة وباب الفتوح وباب النصر وغيرها وفيه المدارس الأيوبية والمملوكية وخان الخليلى والصاغة والنحاسين وهناك رأيان في سبب تسمية هذا الحي بالجمالية الرأى الأول يفيد بأن إسم الحي منسوب إلى الأمير بدر الدين الجمالي وزير الخليفة المستنصر بالله الفاطمي الذي بنى الأسوار ذات الأبواب الحجرية حول القاهرة بعد أن تهدمت أسوار جوهر الصقلي والرأى الثاني يفيد بأن أصل التسمية يعود إلى بناء الأمير جمال الدين الإستادار في العصر المملوكي الجركسي وتحديدا في عام 811 هجرية الموافق عام 1409م مدرسته الشهيرة المسماة المدرسة الجمالية والتي كانت من أعظم مدارس القاهرة في المنطقة المعروفة الآن بالجمالية رغم أن السلطان فرج بن برقوق إستبدل إسمها من المدرسة الجمالية إلى المدرسة الناصرية إلا أن العامة ظلوا يسمون المنطقة بالإسم الأول لتلك المدرسة وهو الجمالية ويزخر حي الجمالية بالكثير من الآثار التي لها تاريخ إسلامي فيكفي أن يقع بالحي شارع المعز لدين الله الفاطمي الذي يحتوي على كثير من الآثار الإسلامية التي يأتي إليها السياح من جميع أنحاء العالم والذى يعد متحفا مفتوحا زاخر بعبق التاريخ وكان من أشهر الحارات بحي الخرنفش حارة برجوان والتي تتفرع من شارع المعز لدين الله الفاطمي وتمتد حتي تنتهي من الناحية الغربية بحارة الشعراني وكان موقع هذه الحارة في العصر الفاطمي بالقرب من الميدان المجاور للقصر الغربي الصغير الذي كان يتوج المنطقة ويعرف بحي الخرتشف وقد تم تحريف الإسم ليصبح الآن لدى العامة الخرنفش وهذه الكلمة كانت تطلق علي مادة تتحجر مما يوقد على مياه الحمامات القديمة من الأزبال وغيرها وكانت تستعمل مع الجير كمونة للبناء وقد إستخدمها الخليفة العزيز بالله في بناء القصر الغربي المشار إليه لذا عرف الشارع بإسمها .

وفي العصر العثماني أنشئ بحي الخرنفش عدد من المساجد أشهرها مسجد عبد اللطيف القرافي الذي بني عام 995 هجرية الموافق عام 1586م وهو مسجد عظيم البنيان له إيوانان وصحنه مفروش بالرخام ومنبره دقيق الصنعة مرصع بالعاج والأبنوس وقد أقيمت بداخله مدرسة تحتوى على صحن يحيط به أربعة إيوانات أكبرها إيوان القبلة كما يقع السبيل بداخله فى غرب الإيوان البحرى والمدرسة يحدها من الجهة البحرية شارع التمبكشية الذى تطل عليه بواجهتها الرئيسية ومن الجهة الشرقية شارع حبس الرحبة ولم تتبق من هذا المسجد غير واجهته وبحي الخرنفش أيضا يوجد مسجد محب الدين أبو الطيب أحد رجالات الوالي العثماني على مصر حينذاك سليمان باشا الخادم الذي تولى ولاية مصر من قبل السلطان العثماني سليمان القانوني لفترتين الأولى من عام 931 هجرية الموافق عام 1525م وحتي عام 941 هجرية الموافق عام 1535م والثانية من عام 943 هجرية الموافق عام 1536م وحتي عام 945 هجرية الموافق عام 1538م وقد قام أثناء ولايته على مصر بالعديد من أعمال التشييد والبناء ويوجد هذا المسجد بخان أبو طاقية وهو مسجد عظيم البنيان له إيوانان وصحنه مفروش بالرخام وله ثلاث واجهات أهمها الواجهة الرئيسية التي تقع بالجهة الجنوبية الشرقية التي تضم المدخل الرئيسي أما الواجهتين الآخرتين فهما فرعيتين وهما الجنوبية الغربية والشمالية الشرقية وهذا المسجد يتبع في تخطيطه تخطيط المدارس التي تتكون من درقاعة وسطى كانت مخصصة لإستعمال المنشئ وأولاده والدرقاعة محاطة بإيوانين وهما الإيوان الجنوبي الشرقي وهو مستطيل المساحة وبجواره منبر خشبي دقيق الصنعة مرصع بالعاج والأبنوس وكانت لجنة حفظ الآثار العربية قد طلبت بتسجيله ضمن الآثار منذ عام 1891م حيث ذكرت أنه لطيف ومطعم بالعاج والأبنوس وأنه يستحق ترميمه كما ذكرت أن للمسجد حجة محفوظة بوزارة الأوقاف مؤرخة في يوم 18 ذو القعدة عام 934هجرية عقب عمارته في هذا التاريخ ولكن هذه الحجة لا تتضمن القسم الذي فيه إسم المنشئ ولم يبق الآن مما وصفته هذه الحجة إلا إيوان القبلة أما الإيوان الشمالي الغربي للمسجد فهو مستطيل المساحة أيضا ويتصدر جداره الشمالي الغربي دكة مبلغ خشبية وسدلة مستطيلة تقع في الجهة الشمالية الشرقية أما قبلة المسجد فعبارة عن عقد مخموس كبير من الحجر وهي التي مازالت باقية من آثار المسجد الحقيقية التي لم تتغير أما محرابه فمكسو بالرخام النفيس ومئذنته كانت مبنية بالطوب الآجر لكنها تهدمت خلال القرن التاسع عشر الميلادى قبل دخول الحملة الفرنسية التي ذكرته على خريطتها بإسم مسجد الطابية دون ذكر للمئذنة وكانت تقع بالجهة الشرقية وكانت تتكون من ثلاثة أدوار كل دور منها محاط بدرابزين خشبي ويعلو ذلك خوذة مركبة بها ثلاثة صواري من الخشب النقي بكل منها بكرة تعلق القناديل بها ويعلو ذلك هلال نحاسي .

وكانت حارة الخرنفش تقع قديما في المنطقة التي يحدها من الشمال الجزء الشرقي من شارع الخرنفش ومن الغرب حارة خميس العدس وحارة اليهود القرابين ومن الجنوب عطفة المصفى وعطفة الذهبي ومن الشرق حارة البرقوقية ومدخل شارع الخرنفش وقد ترسخ هذا الإسم أي الخرنفش عندما أطلق على دار فخمة بنيت في أول الشارع ووصفها المقريزي قائلا هي من أجل دور القاهرة وأعظمها أنفق في زخرفتها سبعة عشر ألف درهم وقد بنى دار الخرنفش المشار إليها الأمير سيف الدين أبو سعيد خليل الذي ولد في مدينة حلب وجاء إلى مصر وهو مازال طفلاً فرباه وعلمه فنون الفروسية الملك الأشرف خليل وبمجرد أن إعتلى السلطان الناصر محمد بن قلاوون العرش المملوكي قربه إليه وأنابه عنه في حكم دمشق غير أنه لم ينعم بهذا المنصب ورضا السلطان طويلا فقد وشى به بعض الوشاة فغضب عليه السلطان وأحضره إلى القلعة وجرده من مناصبه وأمواله وسجنه في القلعة ثم نقل إلى سجن بالإسكندرية حيث مكث لمدة شهرً ثم نفذ فيه حكم الإعدام وقد سكن دار الخرنفش بعد الأمير سيف الدين أبو سعيد قاضي القضاة برهان الدين إبراهيم بن جماعة ثم إشتراها الشيخ زين الدين عبد الباسط بن خليل وظل أحفاده يتوارثونها إلى أن إشتراها والي مصر عباس باشا الأول قبل أن يجلس على عرش مصر وجددها وسماها بالإلهامية لكي ينسبها إلى إبنه إبراهيم إلهامي باشا وبعد إلهامي باشا إشتراها خليل بك يجن ثم منحها الخديوى إسماعيل إلى نقيب الأشراف السيد علي البكري بعد أن إضطر الخديوى لهدم داره التي كانت بالأزبكية حين شرع في تنظيمها على الأسس الأوروبية وقد تواجد بشارع الخرنفش أيضا دار الوزارة في العهد الفاطمي ثم أصبحت مقر إستقبال المبعوثين والرسل وعندما قرر السلطان صلاح الدين الأيوبي حبس أولاد الخليفة الفاطمي الأخير العاضد تحول دار الوزارة هذا إلى سجن كما كان الحاكم بأمر الله قد أنشأ بالقرب من هذا المقر أو السجن دار الحكمة وملأها بعدد كبير من الكتب من خزائن القصور والمساجد وأصبحت دار الحكمة مقصدا للأطباء والفقهاء والعلماء .

وفضلا عن ذلك ففي شارع الخرنفش تتواجد حارة خميس عدس وفيها مبنى مهم هو دار كسوة الكعبة التي تأسست عام 1233هجرية في عهد محمد علي باشا وكانت تقوم بتصنيع كسوة الكعبة والتي كان يتم إرسالها إلي مكة المكرمة كل عام وقد ظلت تعمل حتى عام 1962م عندما أنشأت المملكة العربية السعودية دارا لتصنيع الكسوة ومازالت هذه الدار موجودة حتى الآن حتى بعد توقف مصر عن إرسال الكسوة وأمام الدار نجد مشغل كسوة الكعبة الشريفة وقبله كانت تتواجد ورش المخارط الحديدية والقواديم والمناشير والتي أنشأها محمد على باشا وكان شارع الخرنفش يشهد خروج كسوة الكعبة المسماة بالمحمل والتي كانت آياتها القرآنية تحاك بماء الذهب والفضة في إحتفال رسمي بهيج من أمام مسجد القاضي عبد الباسط في حضور كل من قاضى قضاة مصر ووزير الخزانة العامة والمشرف على صناعة الكسوة الشريفة وكانت تخرج وراءها الجموع إلى ميدان الرميلة قرب القلعة ومما يذكر أن قيام مصر بتصنيع كسوة الكعبة بدأ في عهد الدولة الفاطمية حيث إهتم الفاطميون بإرسال كسوة الكعبة من مصر ولما حكم المماليك مصر رأوا أن إرسال كسوة الكعبة من مصر شرف لا يمكن أن ينازعهم أحد عليه حيث كانت هناك محاولات عديدة من ملوك اليمن وملوك الفرس لنيل هذا الشرف ولكن سلاطين المماليك لم يسمحوا بذلك وللحفاظ علي هذا الشرف قام الملك الصالح إسماعيل بن قلاوون في عام 751 هجرية الموافق عام 1350م بوقف قريتين من قري القليوبية وهما بيسوس وأبو الغيت للإنفاق علي كسوة الكعبة وكان يتحصل من هذا الوقف على 8900 درهم سنويا وظل هذا هو النظام القائم في عهد العثمانيين حيث إهتم السلطان سليم الأول بتصنيع كسوة الكعبة وكسوة الحجرة النبوية الشريفة وكسوة مقام إبراهيم الخليل وفي عهد السلطان سليمان القانونى أضاف إلى الوقف المخصص لكسوة الكعبة سبع قري أخرى لتصبح عدد القرى الموقوفة لكسوة الكعبة تسع قرى وذلك للوفاء بإلتزامات الكسوة وقد ظلت كسوة الكعبة ترسل بإنتظام من مصر بصورة سنوية يحملها أمير الحج معه في قافلة الحج المصري وفى عهد محمد علي باشا توقفت مصر عن إرسال الكسوة لعدة سنوات بعد الصدام الذي حدث بين أتباع الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الأراضي الحجازية وقافلة الحج المصرية في عام 1222هجرية الموافق عام 1807م ولكن أعادت مصر إرسال الكسوة في عام 1228هجرية الموافق عام 1813م .

وتقع في شارع الخرنفش أيضا واحدة من أشهر المدارس العريقة في مصر وهي مدرسة القديس يوسف التي تعرف بإسم مدرسة الفرير والتي تم إنشاؤها في شهر يوليو عام 1858م حيث أهدى والي مصر محمد سعيد باشا إلى الإخوة الرهبان قطعة أرض في حي الخرنفش لبناء مدرسة كبيرة عليها سميت بمدرسة القديس يوسف أو الفرير كما يطلق عليها حاليا وقد إستقبلت المدرسة وقتها أبناء الفقراء والأغنياء على حد سواء في فصول متجاورة وبمصروفات رمزية وفي عام 1864م أرسل الخديوى إسماعيل إثني عشر من شباب الأسرة العلوية لتلقي العلم في مدرسة القديس يوسف بالخرنفش بهدف إعدادهم لشغل بعض الوظائف الرئيسية في الدولة وتخرج منها الكثير من شخصيات ورموز مصر الخالدين من بينهم الزعيم سعد زغلول باشا والزعيم مصطفى كامل باشا ومن الفنانين نجيب الريحاني وفريد الأطرش ورشدي أباظة وعبد الفتاح القصرى والمغنى والملحن داود حسنى ومن أشهر الحارات الموجودة بشارع الخرنفش أيضا حارة الأمراء التي كان السكن فيها محرم إلا على الأشراف من أقارب الخليفة أيام الفاطميين ولما زال ملكهم وزالت دولتهم سكن هذه الحارة شمس الدولة توران شاه شقيق السلطان صلاح الدين الأيوبي ولا يزال هذا الإسم باقيا حتى الآن وللأسف فشارع الخرنفش يعيش الآن تحت ثقل وضع يناقض تماما فخامة ماضيه الأسطوري فهو يبدأ بزقاق ضيق مزدحم بسيارات أجرة وبالبائعين الجائلين وفي وسطه يقف شاب أمام فاترينة لبيع وجبات المكرونة السريعة وخلفه تطل واجهة مدرسة القديس يوسف وبالإضافة إلي ذلك نجد واجهة وكالة صناعة الأجولة الخيش تكرس إنتماء الشارع إلى القرون الوسطى وبعدها تطل واجهات محل محمد العجوز وحلواني عدوية وعمارة عالية بنيت حديثا مكان البيت الذي كان يسكنه الموسيقار محمد عبد الوهاب حيث كان قد أقام فيه بعد أن غادر بيت أسرته بحي باب الشعرية .
 
 
الصور :