الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

متحف كلية طب القصر العيني

متحف كلية طب القصر العيني
عدد : 11-2021
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”

متحف كلية طب القصر العيني أو متحف القصر العيني وهو أول متحف يقام في كلية طب عربية هي كلية طب القصر العيني التي تعتبر أقدم كلية طب في مصر والعالم العربي وقد بدا التفكير في إنشاء هذا المتحف في عام 1976م عندما أُرسل الدكتور محمود فوزى المناوي جراح أمراض النساء والتوليد الذي كان أمين عام كلية الطب في مهمة علمية إلى الولايات المتحدة الأميريكية في جامعات كاليفورنيا وأُتيحت له فرصة رؤية ما فعله الغرب لتسجيل تراثهم الطبي بالرغم من أن بعض هذه الجامعات يرجع تاريخ إنشائها إلى فترة أحدث من كلية القصر العيني وبعد عودته من الولايات المتحدة الأميريكية عام 1973م بدأ في الاتصال بالعديد من الأساتذة لجمع تراث كلية طب القصر العيني الذي كان موزعا بين جنبات الكلية وعرض في نفس الوقت فكرة إنشاء المتحف على المسئولين في وزارات التعليم العالي والبحث العلمي وجامعة القاهرة وكلية طب القصر العيني وذلك بهدف أن يكون هذا المتحف أول متحف متخصص لهذا النوع من المقتنيات الطبية والتحف الفنية التي تخدم وتؤرخ لتاريخ الطب في مصر وفي بعض الدول الأوروبية التي كانت لها علاقات طيبة مع مصر في ذلك الوقت ولاقت هذه الفكرة ترحيبا شديدا حينذاك وعندما صدر قرار من الرئيس الراحل أنور السادات بهدم وإعادة بناء مبني القصر العيني القديم على أن يكون المشروع ممولا من الدولة تقرر جمع كل الآثار المهمة التي كان يحتويها هذا المبني لتكون بمثابة نواة المتحف ومع ذلك فقد كانت هناك عقبات على مستوى محافظة القاهرة وإداراتها المختلفة والتي تسببت في إعاقة المراحل الأولى من تنفيذ المشروع لسنوات عديدة وفي عام 1995م تم طرح الموضوع مرة أخرى على طاولة النقاش ووافق رئيس جامعة القاهرة آنذاك الأستاذ الدكتور مفيد شهاب على إحياء فكرة بناء المتحف الذي كان من المفترض أن يتم تشييده في موقع مستشفي القصر العيني الجديد كما أنه كان لزاما أن يقوم قسم المخطوطات والمقتنيات المتحفية التابعة لكلية الآثار بجامعة القاهرة بترميم العديد من القطع والمقتنيات الأثرية التي تم جمعها بالتوازى مع إقامة المتحف .

وعلى الرغم من كل المجهودات التي بذلت إلا أن المتحف واجه معوقات إدارية ومالية وفنية عديدة مرة أخرى حيث كانت إحدى هذه العقبات الرئيسية هو أن المبنى الجديد لمستشفى القصر العيني التعليمي لم يكن صالحا لإنشاء المتحف لأسباب فنية لذلك تقرر إنشاء المتحف بمقر مركز المؤتمرات وهو جزء من المباني الإدارية لكلية الطب بمنطقة المنيل وأخيرا وبعد طول إنتظار تم إفتتاح هذا المتحف على مرحلتين الأولي خلال عام 1998م في خلال فترة تولي الأستاذ الدكتور معتز الشربيني منصب عميد الكلية وفي حضور ممثلين عن كليات الطب في العالم وكانت المرحلة الثانية في شهر مارس عام 1999م وهو متحف تاريخي طبي مقره الطابق الأرضي الأيسر في قاعة المؤتمرات الخاصة بكلية طب القصر العيني في واجهة حرم الكلية الأساسي ويتكون هذا المتحف من قاعتين قاعة رئيسية وقاعة فرعية إلى جانب قاعة جانبية ثالثة تستخدم حاليا في إجراء ترميمات المرحلة الثالثة من المتحف ويضم المتحف بين جنباته الكثير من الأدوات الطبية التي إستخدمها مشاهير علماء الطب من المصريين والأوربيين منذ إنشاء مدرسة الطب المصرية في عهد محمد علي باشا والذين كان علي رأسهم من الأطباء المصريين محمد الدرى باشا ومحمد علوي باشا وعلي إبراهيم باشا ونجيب محفوظ باشا ومن بين هذه الأدوات سرنجات معدنية وأدوات جراحية قديمة كما يضم المتحف أيضا الكثير من الكتب الطبية النادرة ولا سيما في علم التشريح ونسخة أصلية لكتاب تشريح العين للعالم شمس الدين محمد بن الحسن الكحال ونسخته باللغة الفارسية لصدر الدين بن أحمد بن محمود الحسين التي تعود إلى عام 861 هجرية ونسخة خطية لتذكرة الكحالين من تأليف عيسي بن علي تعود إلى عام 941 هجرية وكتاب تذكرة داود وهو كتاب مكتوب بخط اليد ويشمل عدد 386 صفحة وبه وصفات طبية معتمدة على الأعشاب ويرجع تاريخه إلى عام 986 هجرية ونسخة نادرة لمجلة يعسوب الطب وهي عبارة عن ورقتين من المجلة في عددها الصادر يوم 9 ربيع الآخر عام 1282 هجرية وتشمل وصفات طبية لبعض الأمراض وقسم الأطباء وهو أول قسم يتلوه الأطباء عند تخرجهم وجهاز أشعة مهدى من عيادة أستاذ ورئيس قسم الأشعة بالقصر العيني سابقا الدكتور قاسم عبد الخالق علاوة علي مجموعة من الكتب الآخرى ذات القيمة الأثرية والتاريخية منها نسختان أصليتان من كتاب وصف مصر من إعداد علماء الحملة الفرنسية والنسختان مطبوعتان في باريس بتاريخ عام 1830م وكتاب تذكاري بمناسبة إفتتاح قناة السويس طبع في باريس بتاريخ عام 1869م ومجموعة رائعة من اللوحات الزيتية منها لوحة زيتية لدرس من دروس التشريح بقيادة أنطوان كلوت بك الذى إستقدمه محمد علي باشا للإستعانة به ليكون طبيبا للجيش المصرى وبحضور شيوخ الجامع الأزهر ولوحة زيتية أخرى لأنطوان كلوت بك يحقن نفسه بمصل الطاعون ليثبت أنه غير معد بهذه الطريقة والذي ظل يصيب مناطق عديدة من العالم لنحو ثلاثة قرون إذ كان يختفي ثم يعاود الظهور بمناطق متفرقة من العالم ولوحة زيتية للمستشفي الأهلي بمنطقة الأزبكية علاوة علي مجموعة من الوثائق الأصلية التي كتبت بخط اليد والصور الفوتوغرافية والمخطوطات الطبية والأجزاخانات الطبية التي كانت تستعمل في تركيب الدواء وإعداده وحفظ الأدوية أثناء السفر تعود ملكية إحداها إلى خورشيد باشا والي مصر العثماني من عام 1797م حتي عام 1805م وأخرى خاصة بالخديوي إسماعيل والتي أهداها إلى مدرسة طب القصر العيني وفضلا عن ذلك يضم المتحف العديد من التماثيل البرونزية منها تمثال للطبيب الألماني تيودور بلهارس الذي إكتشف مرض البلهارسيا عام 1850م والذى توفي ودفن في مصر ويغطي متحف كلية طب القصر العيني أيضا تاريخ الطب في منطقة المشرق العربي وبلاد الشام والدور التاريخي الذي لعبته كلية طب قصر العيني في الربط بين الطب في مصر الفرعونية والبطلمية والرومانية والقبطية والإسلامية والطب الحديث .

وعلاوة علي ما سبق يضم المتحف كثير من التحف الفنية النادرة التي تصور لنا بدايات تأسيس مدرسة الطب في منطقة أبو زعبل ومدرسة طب قصر العيني بالقاهرة عندما إستطاع الطبيب الفرنسي أنطوان كلوت بك أن يقنع محمد علي باشا بتأسيس مدرسة الطب إلي جوار المستشفى التي أنشئت في أبي زعبل عام 1827م وتولى إدارتها وكانت أول مدرسة طبية حديثة في الدول العربية وكان هدفه من تأسيس هذه المدرسة أن لا يقتصر الطب على الجيش فقط بل يتعلمه أبناء البلاد حتى يفيدوا أبناء جلدتهم بتطبيبهم وتعليمهم وإختار أنطوان كلوت مائة طالب من نبهاء الأزهر الشريف للدراسة في هذه المدرسة الوليدة وكان في السنين الأولى من تأسيسها هو وحده الذي يلقي الدروس فيها بواسطة المترجمين تسهيلا لفهمها ثم بمرور الوقت إستعان بأطباء من أوروبا لمعاونته في هذه المهمة ولتصبح هذه المدرسة بداية لكلية الطب المصرية الحالية وكان هؤلاء الطلبة يدرسون بها فروع الطب المختلفة والتشريح بالإضافة لدراسة اللغة الفرنسية إلى أن تخرج منهم عدد كبير وتم توزيع بعضهم على وحدات الجيش المصري والبعض الآخر تم تعيينه للعمل مع المدرسين الفرنسيين بالمدرسة حيث كانت المحاضرات تلقي باللغة الفرنسية أولا ثم يقوم الطبيب المصرى بإعادة المحاضرة باللغة العربية ومن هنا جاءت كلمة معيد وأثناء ذلك نشط أنطوان في تأليف عدة كتب في الطب والجراحة والعلوم الطبيعية وأشرف على ترجمة تلك الكتب إلى العربية وتدقيقها لغويا قبل طباعتها وإنتدب لذلك نخبة من علماء الأزهر الشريف ممن لهم معرفة واسعة بكتب الطب القديمة وفي غضون 3 سنوات فقط أصبح لمصر مدرسة للطب تضارع مدارس الطب في دول أوروبا كما أصبح لها قاموسها الطبي الذي يحوي أكثر من ستة آلاف مصطلح طبي وأكثر من خمسين كتابا حديثا في فنون الطب باللغة العربية مصاغة بأدق العبارات وأبلغها وقد واجهت أنطوان كلوت بك حينذاك عقبة في طريق علم التشريح العملي حيث كان أمر تشريح جثث الموتى أمرا منكرا في إعتقاد الشرقيين وأثير جدل كبير حول حرمة التشريح بوصفه إعتداء على حرمة الموتى ونوع من أنواع التمثيل بجثثهم ورفع الأمر إلى محمد علي باشا الذي أحاله إلى القضاء للبت في مشروعية هذا الأمر من عدمه وإستطاع أنطوان كلوت بك أن يعرض رأيه في المسألة بوضوح مما أقنع القاضي بضرورة هذا العلم على أن ذلك لم ينجه من غضبة الأهالي عليه حتى أن أحدهم جاءه يريد قتله خلسة بخنجر ولكنه لم ينجح وأنقذته العناية الإلهية وفي عام 1832م وفد أنطوان كلوت ومعه 12 تلميذ من تلامذة مدرسته هذه لإمتحانهم في العاصمة الفرنسية باريس فإمتحنتهم الجمعية العلمية الطبية فحازوا إستحسانها وأظهروا كل نجابة وذكاء وبراعة وقد كان نجاح هؤلاء المصريين في إمتحانهم موجبا لسرور أستاذهم أنطوان كلوت سرورا زائدا لأنهم سيكونون له عونا في نشر الفوائد الطبية والوصايا الصحية في هذه الديار وبناءا علي طلب أنطوان كلوت تم نقل مدرسة الطب بعد ذلك في عام 1837م إلى القصر العيني والذي غلب على إسمها فأصبحت تعرف بمدرسة طب القصر العيني ثم كلية طب القصر العيني وهو الإسم المعروفة به حتي وقتنا الحاضر بعد تأسيس الجامعة المصرية في عام 1925م في عهد الملك فؤاد الأول وفيما بعد ألحق بها مدرسة للصيدلة ثم أخرى للقابلات والولادة .

وأيضا فمن المقتنيات الثمينة بالمتحف تلك اللوحات الرخامية التي كانت بعثة كلية الآثار بجامعة القاهرة قد عثرت على معظمها أثناء القيام بأعمال الحفائر الأثرية في المبنى القديم لكلية طب القصر العيني عام 1979م وهي تعد مجموعة هامة من الآثار الرخامية لما لها من دلالة تاريخية وقيمة فنية كبيرة منها هذه اللوحة الرخامية التي نقش عليها باللغة التركية أمر إنشاء مبنى القصر العيني في عهد محمد علي باشا وترجمته والي مصر الفاتح محمد علي باشا أصدر أمرا ببناء هذا البناء العالي في هذا المكان الكبير يرهب عيون الأعداء وهو بناء شيد بغاية النظام والإتقان وأنشئ هذا البناء العالي من أجل العباد عام 1228 هجرية الموافق عام 1813م ومن القطع الرخامية الأثرية أيضا التي تم العثور عليها هذه الأجزاء الكبيرة التي عثر عليها من بوابة رخامية منحوتة برسومات كانت صنعت كبوابة تذكارية تقليدا لذكرى وفاة ليدي كار ستانلي زوجة رجل الإستعمار البغيض الطاغية اللورد كرومر المعتمد السامي البريطاني في مصر خلال الفترة من عام 1882م وحتي عام 1907م والمتوفاة عام 1898م الطاغية ومن هذه الأجزاء قطعتان من الرخام الأبيض المنحوت بأشكال لفلاحات مصريات وقطعة أخرى عليها صورة نصفية لليدي المتوفاة وقد قام بنحت هذه المناظر الفنان الأوروبي كليتش في عام 1903م أما موقع هذه البواية فكان حسب دليل المتحف في مبنى قصر العيني القديم على النيل الذي حل مكانه مستشفى قصر العيني التعليمي الجديد وهناك قطعة رخامية أخرى تصدرت المتحف على الرغم من حداثتها لأنها حوت أسماء شهداء الواجب من أطباء القوات المسلحة بداية من حرب فلسطين عام 1948م وحتي حرب أكتوبر عام 1973م .

وتعد إدارة المتحف حاليا خطة لتوسعته بالتزامن مع الإستعدادات المبكرة التي بدأها المتحف للإحتفال بمرور 200 عام على إفتتاح مدرسة طب القصر العيني وهي الذكرى التي تحل في يوم 18 مارس عام 2027م وفي هذا الصدد يقول الدكتور هشام محمود المناوي أستاذ الجراحة بكلية طب القصر العيني ومقرر لجنة الإعداد للإحتفال بمرور 200 عام على تأسيسها وهو نجل مؤسس المتحف إن خطط توسعة المتحف وضم مقتنيات جديدة له تهدف إلى توثيق وتأريخ التطورات الطبية وطرق العلاج الحديثة بجانب ما تم توثيقه من الأوبئة القديمة التي شكلت تحديا علميا قبل الوصول إلى أمصال ولقاحات لها وذلك إلي جانب تكريم أسماء الأطباء الذين تصدروا الصفوف الأولى في مكافحة هذه الأوبئة وجدير بالذكر أن بعض المقتنيات في هذا المتحف تؤرخ للعديد من الأوبئة والأمراض المعدية الشهيرة التي ضربت مصر وبعض البلاد العربية منها مرض الكوليرا الذي إنتشر في مصر وعدد من دول العالم عدة مرات في الفترة من عام 1817م حتى عام 1902م وتوضح إحدى لوحات الجرافيك التي يضمها المتحف معدلات إنتشار وباء الكوليرا في مصر وقتئذ بجانب لوحات زيتية وجداريات توثق إنتشار العديد من الأوبئة والأمراض الأخرى مثل التيفود والجدري والأنفلونزا الأسبانية وتماثيل للعديد من الأطباء الذين تصدوا لهذه الأمراض والأوبئة والتي كانت تحصد أرواح الآلاف من المواطنين كل عام .
 
 
الصور :