الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

شارع نور الظلام

 شارع نور الظلام
عدد : 11-2021
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”

شارع نور الظلام هو أحد شوارع منطقة بركة الفيل القريبة من مسجد السيدة زينب بحي الدرب الأحمر بالقاهرة وتعتبر هذه البركة من أقدم برك القاهرة ذكرا في التاريخ وكانت من أعظم متنزهاتها حتى نهاية القرن التاسع عشر الميلادى وقد وردت في كتاب التحفة السنية وكتاب قوانين الدواوين من ضواحي القاهرة خارج باب زويلة بإعتبار أنها من النواحي ذات الوحدة المالية المقرر على أراضيها الخراج سنويا أى أنها أراضى زراعية ولولا الماء الذى كان يأتي من الخليج المصرى الذى كان يشغل مكان شارع بورسعيد لما تكونت هذه البركة فهذا الخليج كان مجرى مائي متفرع من النيل عند مصر القديمة وقد ظل الماء يجرى به إلى أن ردم بداية من عام 1896م بعد تفشى وباء الكوليرا ليحل محله أول خطوط الترام فى بر مصر عام 1899م لينتهى مشهد الخليج المصرى من الذاكرة المصرية إلي الأبد وقد شيد حول بركة الفيل الكثير من القصور الفخمة فى زمن المماليك والعثمانيين حتى قرر الخديوي عباس حلمى الثاني بناء سراى ضخمة عرفت بإسم سراى الحلمية لتهدم فى بداية القرن العشرين الماضى وحل محلها حى الحلمية الجديدة .

وكانت بركة الفيل عندما أنشأ جوهر القائد مدينة القاهرة خارج باب زويلة ولم يكن عليها مبان ثم عمر الناس حولها بعد عام 600 هجرية الموافق عام 1203م ولم تكن بركة الفيل عميقة وكان الماء لا يتواجد فيها بإستمرار بالمعنى المفهوم الأن من لفظ بركة وإنما كانت البركة عبارة عن أرض زراعية يغمرها ماء النيل سنويا وقت الفيضان وكانت تروى من الخليج المصري وبعد نزوح الماء بعد موسم الفيضان كانت تنكشف الأرض وتزرع أصنافا شتوية فكان أشهر محصولاتها البرسيم حيث كان يستهلك في تغذية دواب القاهرة ولذا فقد كانت بركة الفيل معتبرة في دفاتر المساحة من النواحى المربوط على أراضيها الخراج ولم يحذف إسمها من جداول أسماء النواحى إلا بعد ان تحولت معظم أراضيها إلى مساكن حيث تحولت أراضيها من الزراعة إلى السكن عام 620 هجرية الموافق عام 1223م خلال العصر الأيوبي وفي العصر المملوكي كانت وقف أيتام الملك الظاهر بيبرس ثم إستولى الأمراء على أجزاء من مساحتها بعد ذلك وإستمر التعدى على أرضها ونسى إيقافها ولم يبق من أرض البركة من غير بناء إلى عام 1215 هجرية الموافق عام 1800م التى رسم فيها علماء الحملة الفرنسية خريطة القاهرة إلا قطعة أقيم عليها فيما بعد سراى عباس باشا الأول والى مصر مابين عام 1848م وعام 1854م وهى المعروفة بسراى الحلمية وحديقتها الكبيرة وفي عام 1892م قسمت أراضى الحديقة وفي عام 1902م هدمت السراي وقسمت أراضيها أيضا وبيعت جميع القطع وأقيم عليها عمارات حديثة تعرف بين أخطاط القاهرة بالحلمية الجديدة وجدير بالذكر أن شارع نور الظلام كان من الشوارع المحيطة بالبركة والتي لم تكن علي شكل فيل وأن إسمها أتى من شكلها كما يقول العامة وإنما كانت على شكل بيضاوي مفرطح من جهتيه الشرقية والغربية وقد وصفها إبن سعيد في كتابه المغرب بأنها كانت دائرة كالبدر والمناظر حولها كالنجوم .

إختلف في سبب تسمية البركة ببركة الفيل فهناك رأى ينسبها إلى رجل إسمه الفيل كان أحد أصحاب الوالي أحمد بن طولون وهناك رأى ثاني ينسبها إلى دار الفيلة التي كانت واقعة على حافة البركة وهناك رأى ثالث يذكر أنها قيل لها بركة الفيل لأنه كان يسبح فيها فيل كبير يخرج الناس لرؤيته وكان اللفظ الوثائقي في زمن المماليك والعثمانيين فهو إما بركة الفيل أو بركة الأفيلة والرأى المرجح في هذا الأمر هو أن سبب التسمية أن الأمير خمارويه بن أحمد بن طولون كان مغرما بإقتناء الحيوانات من السباع والنمور والفيلة والزرافات وغيرها وأنشأ لكل نوع منها دارا خاصة له وكانت دار الفيلة واقعة على حافة البركة من الجهة القبلية الشرقية حيث شارع نور الظلام وكان الناس يقصدون البركة للنزهة والفرجة على الفيلة ومن ثم إشتهرت بينهم بإسم بركة الفيل من وقتها وحتي اليوم .

ومن أهم معالم شارع نور الظلام مدرسة بشير أغا الجمدار وقد تم إنشاؤها مكان مسجد بناه الأمير المملوكي سنقر السعدي صاحب المدرسة أو التكية المولوية الآن وقد هدم الأمير سعد الدين بشير الجمدار الناصري أحد أمراء السلطان المملوكي البحري الناصر حسن هذا المسجد وبنى هذه المدرسة الصغيرة وذلك عام 761 هجرية الموافق عام 1359م وقد ذكرت المصادر التاريخية أنه كان بها خزانة للكتب وقد ذكر المقريزي أن هذه المدرسة من المدارس اللطيفة ويقصد بذلك أنها بسيطة التكوين وهي تطل على شارع نور الظلام ولذلك فقد عرفت في العصر العثماني بزاوية الشيخ الظلام وقد قام بتجديدها الأمير عمر أغا دار السعادة عام 1100 هجرية الموافق عام 1689م وكان يشار لهذه المدرسة في القرن السابع عشر الميلادي في الوثائق بإسم البشيرية وللأسف أنه لم يتبق من العمارة الأثرية لهذه المدرسة سوى الواجهة الرئيسية وتشتمل على المدخل الرئيسي للمدرسة وبعض الكوابيل الحجرية التي لا زالت قائمة في الناحية الغربية بالإضافة إلى إيوان القبلة ومن معالم شارع نور الظلام أيضا سبيل إسماعيل أفندى والذى تم إنشاؤه عام 1851م في عهد عباس باشا الأول وكان منذ العصر المملوكي مرورا بالعصر العثماني ثم عصر أسرة محمد علي يقوم السلاطين والولاة وبعض الأغنياء والموسرين ببناء هذا النوع من المنشآت من أجل سقاية عابرى السبيل ولذا فقد إنتشرت في العديد من أحياء القاهرة كصدقة جارية كما يوجد العديد منها أيضا خارج القاهرة مثل سبيل الأمير المملوكي علي بك الكبير بمدينة طنطا .

وعلاوة علي هذا الأثر الذى يشمله شارع نور الظلام نجد أن هذا الشارع توجد به أشهر ورش تصنيع فوانيس رمضان وهي الصناعة التي إزدهرت منذ عهد الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله في القرن العاشر الميلادي الذي أمر بألا تخرج النساء من بيوتهن ليلا إلا إذا تقدمهن صبي يحمل فانوسا لكي ينير لهن الطريق كما أمر بتعليق الفوانيس على مداخل الحارات وعلي أبواب المنازل وفرض غرامات على كل من يخالف ذلك وتعد مدينة القاهرة المصرية من أهم المدن الإسلامية التي تزدهر فيها صناعة الفوانيس ومن القاهرة إنتقلت إلي بعض المحافظات حيث نجد بعض صانعي الفوانيس وإن كان عددهم قليلا في محافظات دمياط والدقهلية والغربية والبحيرة وبني سويف والأقصر وبعد ذلك إنتقلت فكرة الفانوس إلى أغلب الدول العربية وأصبحت تقليدا من تقاليد شهر رمضان لاسيما في دمشق وحلب والقدس وغزة وغيرها ورغم أن صناعة الفوانيس صناعة موسمية إلا أنها مستمرة طوال العام إذ يتفنن صناعها في إبتكار أشكال ونماذج مختلفة وتخزينها ليتم عرضها للبيع في شهر رمضان الذي يعد موسم رواج هذه الصناعة وقد ظلت صناعة الفانوس تتطور عبر الأزمان حتى ظهر في وقتنا الحاضر الفانوس الكهربائي الذي يعتمد في إضاءته على البطارية التي توضع في قاعدة الفانوس واللمبة بدلا من الشمعة .

وهكذا فمنذ عصر الفاطميين قبل أكثر من ألف سنة ترسخت حقيقة مفادها أن صانع الفانوس قد أصبح واحدا من نجوم شهر رمضان المعظم مثل الكنفانى والمسحراتى وبائع الفول وبائع العرقسوس وكان هو الشخص المحبب لدى الأطفال فالفانوس الذي يصنعه يدخل البهجة والفرحة على وجوههم وبمرور السنين أصبح فانوس رمضان النحاس من أساسيات كل بيت في شهر رمضان ومن ثم أصبحت صناعة فوانيس رمضان صناعة فنية وحرفية تراثية إشتهرت فى مصر منذ مئات السنين ولها حرفيين وفنيين مهرة متخصصين يصنعون الفانوس بجميع أحجامه وبأشكال مختلفة مستخدمين الصفيح والزجاج والقصدير فى هذه الصناعة وكانوا يبدعون في تصنيعه بألوانه الزاهية كاللون الذهبي أو البرونزى أو الأصفر وبرسوماته المختلفة التى تخطف الأنظار والأبصار ومن ثم يأتي الزبائن إلي صانعيها لشرائها وتعليقها فى الشوارع والمنازل والفنادق والخيم الرمضانية إحتفالا بشهر رمضان المبارك كما يطلبها أيضا أصحاب الحناطير في المدن والأماكن السياحية مثل الأقصر وأسوان لتزيين حناطيرهم وكانت أغلب الرسومات التي تنقش على إطار الفانوس من الخارج تمثل رسم للكعبة ومسجد الرسول صلي الله عليه وسلم وفي أحيان أخرى يكون الرسم مجسما لمسجدى الحسين والسيدة زينب .
 
 
الصور :