الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

شارع السباق

شارع السباق
عدد : 10-2021
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”


شارع السباق أحد الشوارع الرئيسية في ضاحية مصر الجديدة وهو يبدأ من شارع الحجاز الذى يعد أيضا من أهم شوارع مصر الجديدة وينتهي بتقاطعه مع شارع جسر السويس وتعد ضاحية مصر الجديدة من أرقي ضواحي القاهرة الكبرى وقد تم تأسيسها في عام 1906م البارون إدوارد لويس جوزيف إمبان البلجيكي الأصل وصاحب القصر الأثرى الشهير المطل علي شارع العروبة وصاحب بنك بروكسل البلجيكي وتبدأ حكاية مصر الجديدة عندما باعت الحكومة المصرية وكان رئيسها في ذلك الوقت هو مصطفي فهمي باشا والد السيدة صفية زغلول زوجة الزعيم سعد زغلول باشا وكان ذلك في عهد الخديوى عباس حلمي الثاني مساحة 5952 فدان عام 1905م في المنطقة المشار إليها للبارون إمبان وذلك لإنشاء مشروعات إسكان متكاملة الخدمات بهدف التوسع العمراني لمدينة القاهرة التي كانت قد بدأت تزدحم بسكانها وأنشطتهم وبدأ العمل بالفعل في مشروعه العملاق وليفتتح بعد عام واحد فقط أى في عام 1906م باكورة تلك المشروعات وكان البارون إمبان من كبار رجال الأعمال في قارة أوروبا وفي عام 1878م دخل في مجال صناعة إنشاءات السكك الحديدية في بلده بلجيكا حينما لاحظ أن السكك الحديدية والمواصلات في الريف بشكل عام ليست على المستوى المطلوب في ذلك الوقت وبعد النجاح الذى حققه في بلجيكا حينما قامت شركته بتطوير وتحديث خط سكة حديد لييج جيمبيه ذاع صيته في أوروبا كلها ولذا كلفه ملك فرنسا في ذلك الوقت بتطوير وتحديث مترو باريس العاصمة الفرنسية ونجح نجاحا باهرا في ذلك ولذا كرمه ملك فرنسا بمنحه لقب البارون وبسبب تلك المشروعات الكبيرة التي بدأت تسند لشركته شعر بأنه يعتمد أكثر من اللازم على البنوك والمصارف الخارجية لإتمام مشاريعه الصناعية فقام في عام 1881م بتأسيس مصرفه الخاص لتمويل مشاريعه والذي أصبح فيما بعد البنك الصناعي البلجيكي وفي خلال عقد التسعينيات من القرن التاسع عشر الميلادى وتحديدا بعد عام 1890م توسعت شركته في إنشاء خطوط الترام في العديد من العواصم الأوروبية وغيرها حيث قامت شركته بتنفيذ مشاريع في روسيا والصين والكونغو برازافيل التي كانت مستعمرة بلجيكية في ذلك الوقت كما قامت شركته بإنشاء العديد من شركات الكهرباء لإمداد خطوط الترام التي كان ينشئها في مختلف العواصم بالطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيلها .

وكان البارون إمبان عاشقا للسفر والترحال فقد سافر إلي المكسيك وإلي أمريكا اللاتينية حيث زار البرازيل والأرجنتين وكذلك زار بعض الدول الأفريقية كما سافر إلي جنوب شرق آسيا حيث زار فيتنام وكمبوديا والهند ومن هناك إستقل سفينة أبحرت به إلي ميناء السويس بمصر والذى يقع علي رأس خليج السويس بالبحر الأحمر وكان ذلك في أحد أيام شهر يناير عام 1904م وكان سبب الزيارة إلي جانب زيارة مصر ومشاهدة معالمها هو تقديم عرض بتنفيذ خط سكة حديد يربط بين مدينة المنصورة عاصمة محافظة الدقهلية وبين مدينة المطرية إحدى مدن المحافظة والواقعة جنوب بحيرة المنزلة في شمال المحافظة وعلي الرغم من أن تلك العملية لم تفز بها شركته حيث فازت بها شركة إنجليزية إلا أن البارون إمبان كان قد وقع في غرام وعشق مصر وقرر الإقامة الدائمة بها وأوصي بأن يدفن فيها حتي لو وافته المنية وهو خارجها كما قرر أن ينشئ فيها مشروع كبير ضخم يخلد إسمه علي مر الزمان ومن هنا تفاوض مع الحكومة المصرية علي شراء مساحة كبيرة من الأرض ونجح بالفعل في الحصول علي المساحة التي ذكرناها في صدر بحثنا هذا في المنطقة الصحراوية التي تقع شرق القاهرة كما أنشأ شركة تسمي شركة واحة هليوبوليس لتكون هي المالكة لهذا المشروع وليبدأ علي الفور في تنفيذ مشروعه الضخم الذى تحول إلي حلم جميل يريد تحقيقه في أقصر وقت ممكن وقد تم في مرحلة لاحقة بعد عدة سنوات تأسيس شركة تحت مسمي شركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير وأصبحت هي المسؤولة عن تكملة وإدارة المشروع وأعمال البناء والتشييد ومد المرافق بأنواعها المختلفة بالضاحية .

وكما ذكرنا في خلال عام واحد فقط كان البارون إمبان علي موعد مع إفتتاح باكورة هذا المشروع العملاق ويقال على بعض المواقع العربية إنه قد إشترى الفدان الواحد بجنيه مصري واحد فقط وهو مبلغ كبير في ذلك الوقت خاصة وأن المنطقة التي أقام فيها مشروعه كانت تفتقر إلي أى مرافق أو خدمات وقد أراد البارون إمبان أن تكون الضاحية الجديدة قاهرة جديدة راقية وبالفعل فقد إستطاع أن يحقق ذلك حيث أوجد بها جميع مرافق البنية التحتية اللازمة من كهرباء ومياه وصرف صحي وفنادق ومباني خدمات متكاملة كالمدارس والمستشفيات ودور العبادة بالإضافة إلى الأندية الرياضية والإجتماعية وملاعب الجولف ومضامير سباق الخيول والتجمعات السكنية الراقية ذات الطراز المعمارى المتميز كما شملت الضاحية الجديدة مساكن راقية للإيجار مصممة على تصميمات معمارية مبتكرة في ذلك الوقت ولايزال الكثير منها باقياً إلى الآن وتشكل تراثا معماريا رائعا ومتميزا لايقدر بثمن وكان من ضمن تخطيط الضاحية الجديدة إنشاء خط مترو لربط الضاحية الجديدة بالمدينة الأم ولذلك كلف البارون إمبان المهندس البلجيكي أندريه برشلو وهو أحد المهندسين الذين شاركوا في مشروع تحديث وتطوير مترو باريس مع البارون إمبان بالبدء فورا في إنشاء هذا الخط وبالفعل في عام 1910م تم تنفيذ خط المترو ومن الطرائف التي تذكر في هذا المجال أن نهاية خط المترو القادم من وسط القاهرة مرورا بميدان روكسي كانت بشارع بغداد عند ميدان الكوربة حاليا وكان المترو يدور عند نهايته حتي يبدأ رحلة العودة إلي ميدان روكسي فوسط القاهرة مرة أخرى فكان الكمسارى البلجيكي الجنسية يصيح بالفرنسية لا كورب أى المنحني أو الدوران ومن هنا جاء تسمية الميدان بميدان الكوربة وكانت تقوم بتشغيل مترو مصر الجديدة إلي وقت قريب هيئة النقل العام التابعة لمحافظة القاهرة وكانت له إدارة مقرها في حي ألماظة بمصر الجديدة ومؤخرا تم للأسف إلغاء جميع خطوطه وذلك بعد وصول الخط الثالث لمترو أنفاق القاهرة الكبرى إلي محطة كلية البنات ومحطة الأهرام بمنطقة الكوربة مرورا بمنطقة شارع هارون بمصر الجديدة ومناطق الألف مسكن ونادى الشمس والنزهة كما يجرى العمل علي قدم وساق في إستكمال مسار هذا الخط والذى من المنتظر وصوله حتي مطار القاهرة والحرفيين ومدينة السلام فمطار القاهرة الدولي وبذلك فقدت مصر الجديدة وللأبد أحد المعالم الأساسية التي كانت تتميز وتشتهر بها وهي الترام ذو اللون الأخضر الذى ظل يعمل لمدة حوالي 105 سنة دون إنقطاع في خدمة نقل الركاب داخل الضاحية وخارجها من وإلي وسط مدينة القاهرة .

وكان المخطط العام للضاحية يتميز بوجود شوارع عريضة علي جانبيها تصطف بيوت إرتفاعها لا يتجاوز عدد 4 أدوار ومداخلها مفصولة عن الشارع بممرات تحفها حدائق من الجانبين ومن أشهر تلك الشوارع شارع السباق الذى تتميز المباني علي جانبيه بالطراز المعمارى السويسرى والبلجيكي مع لمحات من فن العمارة الإسلامية وكذلك شارع العروبة والذى يتميز بوجود فيلات أغلبها يتكون من طابقين وجميعها واجهاتها بيضاء اللون وتحيط بها حدائق من الأربع جهات ومن الشوارع الشهيرة أيضا بالضاحية شارع السيد الميرغني وشارع الحرية وشارع كليوباترا وشارع أبو بكر الصديق وشارع عمر بن الخطاب وشارع عثمان بن عفان وشارع الخليفة المأمون وشارع بغداد وشارع دمشق وشارع بيروت وشارع غرناطة وشارع أسوان وشارع الأقصر وشارع الحجاز وشارع هارون الرشيد وشارع نهرو وشارع لومومبا وشارع الفريق عزيز المصرى وشارع عبد الحميد بدوى وشارع عمار بن ياسر وشارع نزيه خليفة وشارع الثورة وشارع النزهة وشارع أسماء فهمي وشارع أحمد تيسير وشارع نخلة المطيعي وشارع فريد سميكة وبالإضافة إلي الشوارع السابقة يوجد بالضاحية أيضا شارعان هامان شهيران يعتبران وسط المدينة بالنسبة لضاحية مصر الجديدة وقلبها النابض وهما شارع الأهرام وشارع إبراهيم اللقاني ويتميزان بالمحلات التجارية الراقية الموجودة تحت البواكي وهو طراز معمارى يتميز به هذان الشارعان .


وسبب تسمية شارع السباق بهذا الإسم أنه كان في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين الماضي مركزا لسباق الخيل وكانت دور السينما المتواجدة في ميدان روكسي والتي تقع علي مقربة من هذا الشارع من ناحية شارع جسر السويس تقوم ببيع تذاكر المراهنات حيث كانت المراهنات منتشرة جدا حينذاك وكان لسباق الخيل زهوه وجمهوره وكانت حديقة الميريلاند والتي تأسست في عهد الملك فاروق عام 1949م هي مضمار السباق نفسه ولهذا السبب أطلق إسم شارع السباق على الشارع الواقع خلف حديقة الميريلاند حيث يقع الآن شارع نهرو وشارع الأندلس والتي كانت بها إصطبلات الخيول وظلت إصطبلات الخيول لفترة طويلة في هذه المنطقة حتى تم نقل سباقات الخيول من هذه المنطقة إلي المنطقة التي أطلق عليها نادى الفروسية والتي أقيم فيها نادي الشمس في أوائل السبعينيات من القرن العشرين الماضي ولم تعد سباقات الخيول منذ ذلك الوقت نفس الزهو القديم ولم يتبق في المنطقة سوى مزرعة الخيول المتواجدة في شارع أحمد عصمت من ناحية شارع جسر السويس والتي يتم بها تربية أجود أنواع الخيول العربية .

ولا يفوتنا هنا أن نذكر أن حديقة الميريلاند التي تأسست عام 1949م في عهد الملك فاروق كما ذكرنا في السطور السابقة كان إسمها حينذاك نادى سباق الخيل وفي عام 1958م تم نقل سباقات الخيل إلي منطقة نادى الشمس الحالية وتم تخطيط المكان ليكون حديقة مساحتها حوالي 50 فدان وهي تعد من أكبر الحدائق في القاهرة كلها وتم تسميتها حديقة الميريلاند وكان بداخلها مجموعة من الكافتيريات والمطاعم وألعاب الملاهي وساحات باتيناج ثم في مرحلة لاحقة تم إنشاء بحيرة للبط والبجع وحديقة حيوان مصغرة كما أنشئ بها عام 1980م مشتل خاص لخدمة الحديقة وتشجيرها وزراعة أحواض النباتات والزهور بها وكذلك لبيع بعض نباتات الزينة لزوارها وكانت الأسر من سكان الضاحية خاصة من الأسر المتوسطة الغير مشتركة في الأندية وخارجها يمكنها قضاء يوم كامل بها والترفيه عن أنفسهم وعن أطفالهم لدرجة أن زوارها أطلقوا عليها إسم أرض السعادة حيث كان من يدخل إليها ينفصل عن العالم تماما ويعيش في أجواء الخضرة والماء والروائح الزكية للورود والأزهار ومنذ سنوات ضرب الإهمال هذه الحديقة العريقة إلا أن في السنوات الأخيرة تم إنشاء عدد 16 برجولة مقاسات مختلفة وإنشاء عدد 3 نوافير أرضية وشلال متدرج ونافورة نصف دائرية وعدد 5 دورات مياه وعدد 2 غرفة أمن وتطوير المدخل الجنوبي كاملا وفضلا عن ذلك فقد شملت أعمال التطوير عمل مشايات رخام بطول 6 كم وتراك بطول 3 كم وزيادة المساحات الخضراء لتصبح 38 ألف متر مسطح وإنشاء خزان مياه ارضي وآخر لماء الشرب ومنظومة حريق متكاملة وشبكة إنارة كاملة لكل مكونات الحديقة .
 
 
الصور :