الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

المرضعة

المرضعة
عدد : 07-2021
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”


مارست النساء منذ القدم مهنة الرضاعة الطبيعية فهي إذن مهنة قديمة والرضاعة الطبيعية هي عملية تغذية المولود بالحليب الذي ينتجه ثدي الأنثى عن طريق المص وهي عملية فطرية مشتركة بين الاٍنسان وباقي الثدييات بوجه عام وتستمر هذه العملية من الولادة وحتى الفطام أى السن التي تتوقف عندها الرضاعة الطبيعية للطفل ويتناول فيه الطعام العادى وقد كانت مهنة الرضاعة معروفة عند العرب في شبه الجزيرة العربية في عصر الجاهلية قبل ظهور الإسلام بقرون عديدة وكان من عادة الأسر الحاكمة والغنية أن ترضع أطفالها ويربونهم عند مرضعات غير امهاتهم أو جداتهم يعشن في البادية حيث الجو الصحي والهواء النقي وكان ذلك لقاء أجر يتم الإتفاق عليه وذلك لكي ليتعلموا فصاحة اللسان وقوة البدن وظلت هذه المهنة حتى وقت متأخر من هذا القرن حيث كانت بعض النساء الفقيرات يقمن بإرضاع أطفال الأسر الغنية إما بسبب قلة حليب الأم أو لرغبة الأم في المحافظة على رشاقة جسمها وأحيانا بسبب وفاة الأم عند الولادة أو بعدها وقبل أن يبلغ الطفل الوليد سن الفطام أو لأنها كانت عادة قديمة وعرف شائع في ذاك الزمن وكان الأطفال الذين يرضعون من ثديي إمرأة واحدة يعدون أخوة من الرضاعة وكان يحرم بالرضاعة مايحرم بالنسب فمن رضع مع بنتا فإنها تصبح أختا له من الرضاعة ولاتحل له لاهي ولا بناتها بعد ذلك ومن يرضع مع ولد فإنه يصبح أخ له من الرضاعة ولاتحل له بناته بعد ذلك وهكذا وقد أقر الإسلام هذه الأحكام بعد ذلك في دلالة واضحة على قدسية حليب الرضاعة الذى يجعل من شخصين بعيدين وليس بينهما أى نسب أو قرابة أخوين عندما يرضعان من ثديي إمرأة واحدة .

ومن أشهر من كانوا يرسلون إلي البادية للرضاعة قبل الإسلام أبناء الملوك والحكام فقد ارسل الملك المنذر ملك الحيرة إبنيه النعمان والأسود للرضاعة والتربية في البادية وكلنا يعلم أن حليمة السعدية نسبة إلي بني سعد من قبيلة هوازن الذين كانوا يسكنون في البادية قرب مكة المكرمة قد أرضعت الرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام وكان يتيما فعزفت باقي المرضعات عن رضاعته نظرا لعدم وجود الأب الذى كانوا يتوقعون أن يجزل لهم العطاء لو كان حيا وكانت قد تأخرت في الوصول إلي مكة نظرا لأن الحمار الذى كانت تركبه كان هزيلا وبطيء الحركة وعندما وصلت إلي مكة لم تجد سوى الرضيع الصغير محمد بن عبد الله بن عبد المطلب وتسلمته من أمه السيدة آمنة بنت وهب وجده عبد المطلب بن هاشم‏ فحلت بركة الرسول عليه الصلاة والسلام عليها منذ ذلك الحين وتبدل حال حمارها فإذا به ينشط ويسبق غيره من حمير باقي المرضعات وبعد ذلك يطرح الله البركة في أغنامها فتتكاثر وتدر لبنا غزيرا كما تحل البركة علي كل ديار بني سعد بوجود هذا الوليد المبارك بينهم وترتبط السيدة حليمة السعدية بهذا الطفل اليتيم المبارك وكان من المعتاد أن المرضعات يعدن الأطفال الذين أرضعنهم بعد أن يتم فطامهم في سن سنتين تقريبا ولكن لشدة حب وإرتباط السيدة حليمة بالرسول الكريم وهو طفل تستسمح أمه وجده عبد المطلب في أن تستبقيه مدة أخرى من الزمن فيسمحا لها بذلك وقد كان للنبي عليه الصلاة والسلام 3 أخوة من الرضاعة أخ وأختان هم عبد الله بن الحارث وأنيسة بنت الحارث وحذافة بنت الحارث والتي لقبت بالشيماء وقد غلب ذلك على إسمها فلا تعرف في قومها إلا به وبعد أن تزوج النبي صلي الله عليه وسلم من أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد قدمت حليمة إلي مكة قبل البعثة بعد أن تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بخديجة بنت خويلد وشكت إليه الجدب فكلم السيدة خديجة بشأنها فمنحتها أربعين شاة إكراما لها وبعد البعثة قدمت مع زوجها فأسلما وبعد فتح مكة جاءت إلى النبي يوم حنين فقام إليها وبسط لها رداءه فجلست عليه وتساءل الناس من هذه السيدة البدوية فأخبرهم النبي بأنها أمه التي أرضعته صغيرا وقد توفيت في أواخر السنة الثامنة للهجرة بعد فتح مكة في المدينة المنورة ودفنت بالبقيع .

وأيضا كانت مهنة المرضعة معروفة وشائعة في مصر الفرعونية فكلنا يعلم قصة سيدنا موسي بن عمران عليه السلام عندما نفذت أمه يوكابد أمر الله بأن ألقته في اليم خوفا من أن يقتله فرعون الذى كان يقتل كل المواليد الذكور من بني إسرائيل في ذلك الوقت ويحمل تيار الماء التابوت الذى يحمل النبي الكريم إلي بيت فرعون وترى السيدة آسيا بنت مزاحم إمرأة فرعون كما يذكر لنا القرآن الكريم هذا التابوت فتأمر خدمها بإلتقاطه من الماء وتكتشف أن به طفل رضيع ويلقي الله في قلبها محبة هذا الطفل وتقرر أن تتخذه ولدا لها وقد كانت عقيم لا تلد وتبدأ تبحث عن مرضعة له وتأتي بالكثير منهنفيأبي أن الرضيع أن يرضع منهن وفي الوقت نفسه كانت مريم شقيقة سيدنا موسي وكانت فتاة صغيرة تراقبهم فلما رأت ذلك قالت لهم هل أدلكم علي من ترضعه وتأتي بأمها ويفاجأ الجميع بإقبال الطفل الوليد علي ثدييها ويرد سيدنا موسي إلي أمه كما وعدها الله حينما قال إنا رادوه إليك ويعيش سيدنا موسي في قصر فرعون وتقيم معه أمه وكانت تذهب في بعض الأحيان إلي منزلها لترعي شئون إبنتها مريم وسيدنا هارون الشقيق الأكبر لسيدنا موسي وتعود مرة أخرى لتعيش معززة مكرمة في قصر فرعون .


والمرضعة تكون في ذات الوقت أما ترضع طفلها أو طفلتها ولذلك كثيرا ما كنا نسمع أن هذا الرجل أخو فلانة من الرضاعة أو العكس ولا زالت هذه العادة متبعة إلى اليوم ولو بشكل قليل وكانت المرضعة تأخذ أجرا على ذلك نقوداً أو أشياء عينية قمحا أو مواد تموينية أخرى وحيث تذهب المرضعة منذ الصباح الباكر إلي بيت الطفل الرضيع لترضعه حتى المساء وأحيانا عندما يكون بيتها بعيدا كان من الممكن أن تقيم في بيت الوليد الرضيع وتكون مكرمة معززة ومن المأثورات الشعبية أنه كانت بعض النسوة من الأمهات يعتقدن انهن إذا وضعن قلادات من حبات الخرز فإنها تساعد على در لبن المرضعات اللواتي يرضعن أولادهن حيث أن الرضاعة الطبيعية هي مصدر رزق الطفل وطعامه وشرابه ودوائه حيث ثبت علميا في العصر الحديث أن الرضاعة الطبيعية تقي الأطفال الصغار وهم في سن الرضاعة شر الكثير من الأمراض وتمنحهم مناعة طبيعية ضد الكثير من الأمراض وتقوى عظامهم وبنيانهم حيث تشير الأبحاث العلمية الحديثة إلي أن الرضاعة الطبيعية مفيدة وذات مزايا عديدة لكل من الأمهات والأطفال حيث أنها تقي الأطفال من شر داء الربو والإكزيما والاٍصابة بحساسية الأنف والحساسية من بروتينات حليب الأبقار إلي جانب تخفيض نسبة الإصابة بالسرطان سواء عند الأطفال أوعند البالغين الذين إستفادوا من الرضاعة الطبيعية في طفولتهم كما تؤدى الرضاعة الطبيعية إلي نمو جيد للفكين وتفادي النمو غير العادي للأسنان أما عند ات فتؤدي الرضاعة الطبيعية إلى اٍستمرارية اٍفراز هرمونات الحمل ورفع نسبة مادة الأوكسيتوسين التي تؤدي إلى تقلص الرحم بعد الولادة وخفض نزيف ما بعد الولادة كما أن مادة البرولاكتين التي تعمل على اٍدرار الحليب لها تأثير جيد على إنتظام ساعات نوم كل من الأم والرضيع كما أن الرضاعة الطبيعية تساعد الأم على اٍستعادة وزن ماقبل الحمل وذلك بإستهلاك المخزون الغدائي لديها وأخير فإنها تؤخر عودة الدور الشهرية التي تعود عادة بعد 3 أشهر بعد الولادة في حال عدم الاٍرضاع .