الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

تعرف على قصة مصمم برج القاهرة

تعرف على قصة مصمم برج القاهرة
عدد : 06-2021
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة كنوز “أم الدنيا”


المهندس نعوم شبيب مصمم ومعمارى مصري شهير يعد أحد أهم رواد العمارة المعاصرة في مصر التي إعمدت علي البساطة والبعد عن الزخارف والإبداع في التشكيل في قالب المبنى نفسه وكان هذا الإتجاه يمثل حركة عالمية في الفترة الزمنية التي تلت الحرب العالمية الثانية بداية من النصف الثاني من حقبة الأربعينيات وخلال حقبة الخمسينيات من القرن العشرين الماضي وكما كنا نرى المعمارى الفرنسي السويسرى الشهير شارل إدوارد جانيريه المعروف بإسم لوكوربوزييه على مستوى أوروبا والعالم كان مهندسنا المعمارى الكبير نعوم شبيب يعمل في صمت في مصر دون أن يفهم الكثيرون فكره السابق لعصره وهو ينتمي إلي طائفة الروم الكاثوليك والتي ترتبط كنيستها بالكنيسة الكاثوليكية الأم في العاصمة الإيطالية روما وهو من أصول شامية هاجرت أسرته إلي مصر وكان ميلاده فيها في يوم 28 نوفمبر عام 1915م وللأسف الشديد يظن الكثيرون ومنهم صحفيون وكتاب كبار أن المهندس نعوم شبيب يهودى الديانة رغم أنه مسيحى من كنيسة الروم الكاثوليك كما ذكرنا مثله مثل سمعان صيدناوى وشقيقه سليم صيدناوى الذى أيضا يخطئون إذ يذكرون أنهما يهوديا الديانة رغم أن أصلهما سورى مسيحى وينتميان إلي كنيسة الروم الكاثوليك ومن بلدة صيدنايا فى ريف دمشق ومن هنا جاء لقبهما وللأسف أيضا أن كثيرين يجهلون تاريخ الشوام المصريين ودورهم فى المجتمع المصرى منذ القرن الخامس عشر الميلادى وحتي وقتنا الحاضر حيث كانت الهجرة قد زادت من الشام إلى مصر منذ منتصف القرن الثامن عشر الميلادى وإستمرت حتي منتصف القرن العشرين الماضي نظرا لأسباب مختلفة منها التجارة ومنها أيضا إضطهاد العثمانيين لهم خاصة لطائفتي الروم الكاثوليك والأرمن وتعرضهم لمذابح ومجازر دامية راح آلاف من الضحايا بسببها خلال الفترة من الربع الأول من القرن السادس عشر الميلادى وحتي الربع الأول من القرن العشرين الماضي .

ولأن مصر كانت قد عرفت الإستقرار وتقدمت نحو الحداثة بفضل محمد على باشا مؤسس مصر الحديثة فقد شجع ذلك الشوام للقدوم إلى مصر والإقامة فيها والإنخراط فى مجتمعها وإكتساب جنسيتها والخدمة فى جيشها والإشتراك فى حروبها وكان من هؤلاء والذين يطلق عليهم الشوام المصريون بشارة وجبرائيل تكلا مؤسسا جريدة الأهرام والأخوان جورجي وإميل زيدان أصحاب مؤسسة دار الهلال والفنان نجيب الريحانى وشاعر القطرين خليل مطران أول مدير للمسرح القومى المصرى والشاعر عادل غضبان والأديبة مى زيادة والمخرجان يوسف شاهين وهنرى بركات والممثل ميشيل شلهوب والذى أصبح الممثل العالمي عمر الشريف وآلاف غيرهم وبعد أن أنهي مهندسنا المصرى نعوم شبيب دراسته الإبتدائية والثانوية إلتحق بمدرسة المهندسخانة وتخرج منها في عام 1937م وحصل علي بكالوريوس الهندسة المعمارية بدرجة إمتياز مع مرتبة الشرف بعد أن كانت قد إنضمت للجامعة المصرية قبل ذلك بسنتين في عام 1935م وأصبح إسمها كلية الهندسة وهو الإسم المعروفة به حتي وقتنا الحاضر وبعد 3 سنوات وفي عام 1940م أسس شركة نعوم شبيب للعمارة والإنشاء والمقاولات ولم يكتف بذلك بل واصل الدراسة وحصل علي درجة الماجستير في ميكانيكا التربة والأساسات في عام 1954م وعلي درجة الماجستير أيضا في الهندسة الإنشائية في عام 1956م وإشتهر المهندس نعوم شبيب في ذلك الوقت بأعماله وأفكاره المبتكرة مما أثرى فن المعمار المصري بأفكار تقدمية غير مألوفة فى عصره حيث كان يؤمن بأن الشكل المعماري للمبنى ينبغي أن يعكس هيكله الإنشائى بدون عناصر لا لزوم لها وأن يتجلى في أشكال نقية رزينة ومبتكرة ومن جانب آخر كان مقتنعا بأن أى مبنى أنشئ لكي يكون سهل الإستعمال ولذلك حرص في تصميماته أن يكون المبني متمتعا بأكبر قدر ممكن من التهوية الطبيعية والإضاءة الطبيعية أيضا .

وفي هذه الفترة الزمنية من الخمسينيات من القرن العشرين الماضي لم يجرؤ أي مهندس مصري معمارى أو إنشائي علي بناء أي منشآت تعلو عن من 11 إلي 13 طابق مثل عمارة الإيموبيليا والتي تقع عند إلتقاء شارعي شريف وقصر النيل بوسط المدينة والتي قام بتصميمها المهندسان المعماريان ماكس أزرعي وجاستون روسيو وبدأ العمل في بنائها في شهر أبريل عام 1938م وإنتهى في عام 1940م وهي تتكون من برجين أحدهما بحرى من 11 طابق والآخر قبلي من 13 طابق وكان السبب في إحجام المهندسين عن بناء عمارات أعلي من ذلك هو التربة الطينية لمدينة القاهرة والتي لا تتحمل أحمال أكثر من الأحمال الناشئة عن عدد 13 دور علي الأكثر علاوة علي التخوف من تأثير القوى الأفقية التي تتولد نتيجة ضغط الرياح والزلازل علي المنشآت العالية ولكن نعوم شبيب تشجع وقام في عام 1954م ببناء أول ناطحة سحاب في شارع رشدى بوسط البلد بمدينة القاهرة والمعروفة بإسم برج راديو والتى تتكون من 22 طابقا ويبلغ إرتفاعها 76 مترا وإستطاع أن يتغلب بجرأته على التحديات المعمارية والإنشائية التي كانت تعيق تنفيذ مثل هذا العمل وإستطاع أن يأخذ في إعتباره تأثير الرياح والزلازل علي الهيكل الخرساني للمبني وأدخل ذلك في التصميمات الإنشائية لهذا البرج وبعد نجاح مشروعه الأول أقدم علي بناء عمارته الثانية خلال عام 1958م بحي جاردن سيتي والتي تكونت من عدد 31 طابقا والمعروفة بإسم عمارة بلمونت وكان مما إستخدمه نعوم شبيب في تصميمه لهاتين العمارتين العديد من العناصر المعمارية التي توفر أقصى قدر من التهوية الطبيعية للمبني مع إلقاء الظلال على الجدران المعرضة للشمس من خلال تكوينات معمارية تحقق له ذلك وكان نجاح نعوم شبيب في تشييد هاتين العمارتين أثره الكبير في فتح الأبواب أمامه لكي يدير بنجاح تنفيذ عدد كبير من المشاريع السكنية في مختلف أنحاء القاهرة حيث بنى العديد من العمارات السكنية بإرتفاعات مختلفة تبدأ من عدد 4 طوابق فأكثر والعديد من المباني الإدارية والمكتبية والمنازل الخاصة والمصانع والمدارس والكنائس .

ونظرا للشهرة التي نالها المهندس نعوم شبيب في ذلك الوقت تم تكليفه ببناء برج القاهرة والذى إستغرق بناؤه خمس سنوات إمتدت من عام 1956م وحتي عام 1961م وكانت هناك قصة طريفة وراء بناء هذا البرج حيث كانت الولايات المتحدة الأميريكية قد أرسلت للرئيس الراحل جمال عبد الناصر مبلغ 6 ملايين جنيه بهدف التأثير علي موقفها المؤيد للثورة الجزائرية ضد الإستعمار الفرنسي ولحركات التحرر العربية والأفريقية والآسيوية من الإستعمار بوجه عام وقد حمل هذا المبلغ حسن التهامي الذي كان يشغل وقتها منصب مستشار رئيس الجمهورية وجاء بالمبلغ في حقيبة سلمها للرئيس الراحل جمال عبد الناصر بعد عودته من زيارة للولايات المتحدة الأميريكية التي لم تكن علاقتنا بها قد ساءت حينذاك وذلك تحت مسمى مساعدة رؤساء الدول الصديقة علي تجاوز مخصصاتهم التي تحددها ميزانية الدولة من أجل مكافحة المد الشيوعي ولكن الرئيس جمال عبد الناصر رفض تلك المساعدة أيا كان مسماها وإعتبرها رشوة غير جائزة وأراد أن يبني بناء يظل علما بارزا مع الزمن ويؤرخ لكرامة المصريين حتى وإن كانوا في أشد حالات الإحتياج ولذلك فنكاية في أمريكا خصص مبلغ المساعدة لبناء مبنى سياحى يكون شاهدا على رفض المصريين للتطاول الأميريكى وتم الإتفاق على أن يكون برجا شاهقا على نيل القاهرة ليكون علما ورمزا بارزا مع الزمن يعلم المصريين العزة والكرامة ولذلك كانت الولايات المتحدة الأميريكية تسمي برج القاهرة شوكة عبد الناصر وكان المصريون يسمونه وقف روزفلت كنوع من السخرية من أمريكا كما هي عادة المصريين في حرق دم والتهكم علي من يناصبهم العداء وياويله من يفعل ذلك معنا نحن المصريين فمن المؤكد أنه لن يسلم من ألسنتنا وبناءا علي كل ذلك فقد أصبح إنشاء البرج بهذا الشكل بين ليلة وضحاها ضربة واضحة وموجعة في جبهة الأميريكيين حتى إن مايلز كوبلاند وهو أحد مساعدي دوايت أيزنهاور الرئيس الأميريكي حينذاك وكان هو المسؤول عن المخابرات المركزية الأميريكية في منطقة الشرق الأوسط آنذاك ذكر في كتابه لعبة الأمم الذي صدر في عام 1968م أن الرئيس المصرى جمال عبد الناصر بموقفه هذا أصبح رمزا للخيبة الأميريكية في المنطقة وذلك حين فشلت أمريكا وجهاز مخابراتها في السيطرة عليه بالأموال .

وكلف الرئيس عبد الناصر ضابط المخابرات العامة يسرى الجزار بإختيار المكان المناسب لبناء البرج والإتصال بأساتذة العمارة والإنشاءات بكليتي الهندسة بجامعتي القاهرة والإسكندرية من أجل إعداد التصميمات المعمارية والإنشائية اللازمة ووقع إختياره على منطقة الجزيرة بالزمالك إلا أن أساتذة العمارة أخبروه أن إقامة البناء فى هذه المنطقة أمر غير ممكن لكن شاءت الأقدار أن ترتب ليسرى الجزار لقاء عمل له خبرا سارا حيث كان من عادته أن يسير في فترة المساء يتريض فى شوارع منطقة وسط القاهرة من ناحية ميدان باب اللوق وهى المنطقة الحيوية الكبرى فى العاصمة والتى تضم عمارات ضخمة تشكل كرنفالا معماريا تتجلى فيه روعة الفن المعمارى الإيطالى والفرنسى وغيرهما من روائع فنون العمارة سواء فى التصميم أو التشييد أو الديكور وخلال سير الجزار في هذه المنطقة لفت نظره وجود عمارة جار تشييدها وترتفع طوابقها تشق سماء القاهرة فسأل الخفير المعين للحراسة عن المهندس الإنشائى الذى يقوم ببناء هذه العمارة فأجابه إنه المهندس نعوم شبيب وعاجله الجزار بإستفسار آخر متي يأتي المهندس نعوم إلي موقع هذه العمارة فاجابه الخفير إن مقر مكتبه قريب جدا وأشار للجزار على موقع عمارة قريبة جدا من العمارة الجارى إنشاؤها وأضاف إن مكتبه فى الدور الأرضى هناك إذا كنت تريد مقابلته ومن باب العلم فهو متواجد في مكتبه الآن وما هى إلا دقائق معدودة وكان الجزار يخطو عدة خطوات داخل مدخل العمارة ولمح امامه لافتة من الرخام معلقة على باب مدخل إحدى شقق الدور الأرضى تعلن أن المكان مكتب إستشارى هندسى للمهندس نعوم شبيب فتوجه إليه ودق الجرس ففتح له الباب أحد العاملين بالمكتب وأجلسه فى المكان المعد لإستقبال الضيوف فى مدخل الشقة ودخل يخطر المهندس شبيب بأن شخصا ما يطلب مقابلته وعلى الفور خرج شبيب إلى خارج مكتبه متوجها إلى هذا الضيف المجهول وإصطحبه إلى حجرة مكتبه وبدأ الحديث بين الإثنين .

وفي البداية رحب المهندس نعوم بضيفه وقام يسرى الجزار بتعريفه بنفسه وقال له إنه يفكر في بناء مبنى سياحى فى شكل جديد وغير موجود مثله فى القاهرة ويريد مشورته خصوصا بعد أن شاهد العمارة المجاورة التى يقوم ببنائها فرد عليه المهندس نعوم بأنه تحت أمره في أي مشورة وطلب منه أن يذكر له بعض التفاصيل عن شكل المبنى السياحى المطلوب هل يكون على شكل هرم من الخارج وبداخله يتم تصميم مساحات وفراغات لتقديم خدمات سياحية أم ماذا بالتحديد فرد عليه يسرى الجزار قائلا بصراحة أنا أفكر أن أبنى مبنى على شكل برج يرتفع لعدد من الأدوار بحيث يحتوى على عدة فراغات لتقديم بعض الخدمات السياحية وأهمها إمكانية الإطلال على القاهرة من جميع الإتجاهات الأصلية وبحيث يستطيع كل من يرتاده أن يقضى وقتا ممتعا ويتمكن من خلال النظارات المكبرة متابعة تفاصيل أهم المعالم السياحية فى القاهرة كالقلعة وأهرامات الجيزة والنيل الذى يشق العاصمة بالإضافة إلى المعالم السياحية الأخرى وهنا رد عليه المهندس نعوم قائلا وهو كذلك لكن هذا الأمر سوف يحتاج إلى دراسة فنية تستغرق بعض الوقت حتى يتم الوصول إلى شكل التصميم النهائى للبرج وأخبره أنه ستكون تكلفة بناء برج بهذا الشكل عالية جدا وسأله عن الموقع الذى سيتم بناء البرج فيه هل تم تحديده أم سيفكرون فيه سويا بحيث يختارون مكانا مناسبا فرد الجزار قائلا في الحقيقة أنا أفكر فى مكان رائع في منطقة جزيرة الزمالك حيث المكان هناك أكثر من رائع ولذا فقد فكرت في أن يكون مكان هذا البرج هناك وعندما سمع المهندس نعوم هذا الرد شده ما سمعه من الجزار وإستغرق فى تفكير عميق وهو يحرك قلما فى يده ثم إعتدل فى جلسته على نحو يوحى بقبوله الفكرة مبدئيا وأومأ برأسه وعلى الفور إمتدت يده إلى جرس إستدعاء ساعى المكتب والذى حضر على الفور فوجه له المهندس نعوم أمرا بالنزول إلى بدروم العمارة حيث يوجد مخزن خاص بالمهندس نعوم وطلب منه إحضار كتل عينات الصلصال الموجودة على أحد الأرفف داخل المخزن وبعد حوالي عشر دقائق حضر العامل ومعه إطار من الخشب مقاسه حوالى 45 في 35 سم بداخله كتلة من الصلصال موضوعة داخل صندوق من الخشب على شكل كرة دائرية وخلال هذه الدقائق العشر تساءل الجزار هل طبيعة التربة فى هذه المنطقة يمكن أن يقام فيها هذا المبنى فأجاب المهندس نعوم أنا لهذا السبب أرسلت لكي أحضر لوحة الصلصال فهى ستجيب بصفة مبدئية عن هذا التساؤل .

وبدأ المهندس نعوم يقوم بعجن وتسوية قطعة الصلصال الكبيرة حتى باتت مستوية تماما فى مساحة الصندوق الخشبى ثم فتح مكتبا وإستخرج قلم رصاص جديد وقام برشقه فى وسط لوحة الصلصال على عمق معين وأخذ يراقب بنظره أى تداعيات لهذا الرشق وبعد ثوان لاحظ أن القلم بدأ يميل لأحد الأجناب ثم إستقر القلم مائلا فبدأ محاولة جديدة أخرى بأن قام بإعادة إعداد لوحة الصلصال وأضاف لها كمية أخرى من الصلصال بهدف زيادة سمكها وعمقها فى الصندوق الخشبى وقام بإعادة رشق القلم مرة أخرى على عمق أكبر وتبع ذلك محاولة ثالثة ورابعة وبعد إجراء عدة تعديلات فى كل مرة بعضها تتناول مدى عمق الرشق وبعضها الآخر تناول مدى زيادة تكثيف الأجناب وهكذا حتى بدأ القلم أخيرا عند رشقه فى الصلصال يتخذ وضعا ثابتا عموديا ولا يميل إلى أى جانب وفي الواقع أن هذه المحاولات كانت تجرى أمام عيني الجزار وكان يتابعها بكل إهتمام وشغف وإنتباه بالإضافة إلى مراقبته المستمرة والمركزة على ملامح التعبيرات التى تتراءى له على وجه المهندس نعوم إلى أن فاجأه هذا الأخير برد حاسم وسريع وقاطع أستاذ يسرى نستطيع أن نبدأ أنا أستطيع أن أبنى البرج المطلوب بالمواصفات التى تطلبونها فى المكان الذى حددته لي فسأله الجزار عن طلباته فأجابه قائلا انا لن أتقاضي أي أتعاب ولكن سيعمل معى عدد من المساعدين والملاحظين الذين سيعاونوننى فى مراحل التنفيذ وهم الذين ستكون لهم أجور وأنا وأثق فى أدائهم معى وسأقدم لك كشفا أسبوعيا لسداد مرتباتهم فقط. وبذلك إنتهى هذا اللقاء الذى رتبه القدر على غير موعد بين الجزار والمهندس نعوم شبيب الذى قدم نموذجا رائعا فى حب مصر بإعلانه أنه لن يتقاضى أتعابا عن هذا العمل وقبل أن يغادر يسرى الجزار المكتب بادره المهندس نعوم قائلا على فكرة يا أستاذ يسرى لم تقل لى هل لديك تصور للشكل الخارجى للبناء هل تفضل شكلا معينا فأجابه الجزار الحقيقة أنت فاجأتنى بهذا السؤال فهل لديك أنت يا مهندس نعوم أى تصور لشكل معين فرد المهندس تعوم أنا أفضل أن يكون الشكل الخارجى على شكل زهرة اللوتس وهى الزهرة التى كان يفضل قدماء المصريين إستخدام شكلها فى بناء معابدهم ومقابرهم التاريخية وهكذا كان هذا الإختيار الذى وافق عليه الجميع يحمل لمسة تاريخية مستوحاة ومستدعاة من تاريخ الفراعنة القدماء إلى أحفادهم فى هذا الزمان .

وغادر الجزار مكتب المهندس نعوم بعد أن تبادل معه أرقام التليفونات وعرف أوقات تواجده اليومى بمكتبه وما أن وطأت قدما يسرى الجزار الشارع حتى كاد يطير فرحا وسعادة فها هو ذا قد وجد طاقة نور وأمل ساقها القدر له تنبئ عن إمكانية تحقيق طلب الرئيس جمال عبد الناصر ولكنه قرر أن يمسك فى قرارة نفسه عن الإفصاح عما تم وفى اليوم التالى وخلال جلوسه فى مكتبه أمسك بقلم وورقة وأخذ يسطر عدة أسئلة مطلوب الإجابة عنها فى اللقاء التالى مع المهندس نعوم شبيب وكلها أسئلة هامة كانت تدور حول الخطوات التحضيرية للمشروع والمطالب الرئيسية الأخرى التى يتطلبها المشروع والواقع أن الجزار كان قد قدر أنه يجب عليه أن تتوافر لديه حصيلة من المعلومات يستقيها من المهندس نعوم قبل إقدامه على عرض ما أنجزه على زكريا محيى الدين مدير المخابرات وحسن التهامى مستشار الرئيس عبد الناصر حينذاك وبناءا على إتصال تليفونى مسبق إلتقى يسرى الجزار مع المهندس نعوم شبيب فى مكتبه ودار بينهما حديث طويل بدأه الجزار بسؤال وجهه إلي المهندس نعوم قائلا هل ياترى مازلت على رأيك فى إمكانية تنفيذ مشروع البرج السياحى فأجابه نعم بل أنا متحمس له جدا جدا فرد عليه الجزار إذن فلنبدأ الآن فى تلقى جميع طلباتك فى مرحلة التحضير لبدء المشروع وأخرج بلوك نوت وقلما من جيبه وبدأ يكتب ما يمليه عليه المهندس نعوم حيث طلب منه مبدئيا تحديد المكان الذى سيتم فيه بناء البرج وأوضح له أن البرج سيكون له بالضرورة منشآت سياحية خدمية أخرى تقام على الأرض ملاصقة له ليكون مشروعا متكاملا وعليه يجب تحديد المساحة الكلية للمشروع ويتم تجهيزها وإحاطتها بسور من الخارج يمنع الإقتراب منها أو دخولها تمهيدا لدخول المعدات الخاصة بالمشروع وأوضح له أيضا أن المشروع سيلزم لإنجازه توريد كميات كبيرة من الأسمنت على مدى مدة تنفيذه التى لن تقل بأى حال من الأحوال عن أربع سنوات قادمة وبالتالى لابد من توافر ضمانة لإستمرارية مد المشروع بكميات الأسمنت التى تتطلبها مراحل البناء مع ملاحظة أن المادة الأساسية فى البناء ستكون من أحجار الجرانيت وهذا الإختيار هو الأفضل بكل المقاييس الفنية والمعمارية ولكنه مكلف للغاية لكونه يوجد فقط فى منطقة أسوان ووضح المهندس نعوم للجزار السبب الذى جعله يختار الجرانيت حيث كان هو المادة التي ظلت صامدة وباقية عبر الزمان منذ أن إستخدمه المصريون القدماء فى بناء معابدهم ومقابرهم ولذا يجب ان يتم الإتفاق مع مورد من محاجر أسوان ليقوم بتحضير الكميات التى سيحتاجها المشروع وبالمقاسات التى سيتم تحديدها له وأنه لابد من إحضار عينة من حجر الجرانيت لكي يطلع عليها قبل أن يتم التعاقد وأيضا يجب أن تتوافر ضمانة لإستمرارية نقل هذه الخامة من أسوان إلى الموقع فى القاهرة على مدار سنوات البناء وأضاف المهندس نعوم شبيب إن البناء سيقتصر فقط على خامتين هما أحجار الجرانيت وخليط الأسمنت والرمل وإنتهى اللقاء علي ذلك وإتفقا على موعد لاحق لكي يقوما بمعاينة منطقة الجزيرة على الطبيعة وإختيار وتحديد أفضل موقع للمشروع حتى يتم ضرب نطاق من الأسوار حوله .

وإنصرف الجزار وهو يشعر بمزيد من السعادة لإمكانية تحقيق هذا العمل القومى خاصة أنه تأكد له أن المهندس نعوم شبيب مازال ثابتا على إقتناعه بإمكانية قيامه بتنفيذ المشروع بل ودخل فى مناقشة المتطلبات التحضيرية لبدء المشروع مما يعكس ويؤكد تحمسه له وفى اليوم التالى لهذا اللقاء كتب الجزار تقريرا وافيا متضمنا إتصالاته بأساتذة كلية الهندسة بجامعتي القاهرة والإسكندرية وما إنتهوا إليه بإستحالة تنفيذ المشروع لعيوب فى التربة فى منطقة الجزيرة كما تضمن التقرير أيضا ملخصا وافيا لما دار فى لقاءاته مع المهندس نعوم شبيب وما إنتهى إليه من إبداء قدرته على التنفيذ وكذلك عرض التقرير لمجمل المطالب التحضيرية للمشروع التى أوصى بها المهندس نعوم شبيب وما أن إنتهى من إعداد تقريره ومراجعته جيدا طلب موعد مقابلة مع زكريا محيى الدين وعرض عليه تفاصيل ما جاء بالتقرير وطالب بعقد لجنة مصغرة تضم بعض الفنيين والمختصين للنظر فى تحديد كيفية الإجابة عما ورد بخصوص مطالب المهندس نعوم شبيب ووعد زكريا محيى الدين بالإستجابة الفورية لتحديد إجابات واضحة لهذه المطالب كما أخطر الجزار أن السيد رئيس الجمهورية سيحاط علما بكافة التفاصيل ومرت الأيام والجميع يتناولون الموضوع بجدية بالغة للحيلولة دون وجود أية عقبات تعوق المضى قدما نحو تحقيق المشروع وتعدد إنعقاد اللجنة الفنية المشكلة برئاسة الجزار لبحث أساليب الإستجابة لمطالب المهندس نعوم شبيب وقدمت هذه اللجنة تقريرا بعد دراسة مستفيضة إلى زكريا محيى الدين شمل حصرا بجميع مصانع الأسمنت الموجودة على مشارف القاهرة وفى محيطها موضحا بها طاقتها الإنتاجية الشهرية من الأسمنت وأسعار التوريد للموقع وحددت الدراسة أيضا أفضل هذه المصانع وأكثرها إلتزاما وأوصت بأن يوقف جميع إنتاج هذا المصنع للمشروع ضمانا لإستمرارية تدفق خامة الأسمنت له كما شملت الدراسة أيضا نتائج زيارة ميدانية قام بها الجزار بالقطار هو وعدد من الفنيين إلى أسوان إستغرقت أسبوعا حصر خلالها على الطبيعة المهندسين والمقاولين الذين يقومون بإستخراج خامة الجرانيت من المحاجر الواقعة فى أسوان وإستقروا على تحديد أفضل هؤلاء الموردين وكذا أفضل خامة من خامات حجر الجرانيت وأكثرها نقاوة وعادوا ومعهم أكثر من عينة إطلع عليها المهندس نعوم شبيب فيما بعد ووقع إختياره على أحد أنواع الجرانيت بوصفها أكثر الأنواع نقاوة ومن ثم تم ترتيب لقاء فى القاهرة بعد ذلك مع مورد الجرانيت لتوقيع عقد التوريد شاملا تحديد الكميات الأسبوعية ومقاساتها والأسعار ونظام الدفع والتسليم كما قدمت الدراسة أيضا إقتراحا بتخصيص قطار بضاعة قوامه عشر عربات من هيئة السكك الحديدية لنقل خامة الجرانيت مرة كل أسبوع من أسوان إلى محطة سكة حديد الجيزة ومن هناك يتم النقل بالسيارات للموقع وقد وافق زكريا محيى الدين على كل ما جاء فى هذه الدراسة من إقتراحات وكلف الجزار بالبدء في التنفيذ فورا بعد أن عين لجنة خاصة للإشراف المالى تكون معنية بتسجيل كل ما يصرف على المشروع موثقا وتتم مراجعة أعمالها كل شهر بمعرفته شخصيا كما إتفق على أن يسافر يسرى الجزار إلى أسوان فى بداية كل شهر ليشرف بنفسه على البدء فى تحميل حجر الجرانيت على عربات قطار البضاعة الخاص والإطمئنان إلى عدم وجود أى معوقات وبادر يسرى الجزار بلقاء المهندس نعوم شبيب فى مكتبه وأحاطه بكل التفاصيل المتعلقة بالإستجابة لمطالبه خاصة أسلوب وضمان توافر خامتى الأسمنت والجرانيت بصفة دائمة ومستمرة وكذلك إحاطته بأنه قد تم تسوير الموقع وأصبح جاهزا لبدء المشروع .

وبناءا علي كل ما تقدم بدأ المهندس نعوم شبيب وأطقم مساعديه ينقلون معدات العمل إلى الموقع كما بدأ التواجد بصفة يومية فى الموقع لمتابعة بدء العمل كما بدأت عمليات توريد وتشوين كميات كبيرة من الجرانيت والأسمنت بالموقع ودارت حركة العمل بجدية ونشاط وما هى إلا أشهر قليلة حتى بدأت شواهد هذا الصرح السياحى الكبير تظهر معالمه على سطح الأرض معلنة للجميع أن رمزا وطنيا بدأ يعلو يوما بعد يوم ليعلن للقاصى والدانى أن إرادة مصر غير قابلة للمساومة ودليلا يظل دائما وعبر التاريخ شاهدا على نزاهة ذمة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وصدق رجال المخابرات العامة المصرية ووفائهم وأمانتهم وأنهم دائما وأبدا على قدر المسئولية ولابد هنا من الإشارة إلي أنه يحسب للمهندس نعوم شبيب أنه فى تصميمه للقواعد والأساسات التى إرتكز عليها بناء البرج لم يشأ أن تكون قاعدة البرج على إتساعها كتلة صماء من الخرسانة المسلحة حيث أن هذا كان سيتطلب تكلفة مالية رهيبة ولكنه رأى أن تكون قواعده تحت الأرض على عمق كبير وتربط بينها شبكة من السملات التي تربط بينها فى كل الإتجاهات وجدير بالذكر أيضا أن جسم البرج الخارجى دخل فى بنائه خامتان فقط هما أحجار الجرانيت وخامة الأسمنت وإستبعد خام الحديد من البناء وذلك من منطلق فنى معمارى حيث أن أحجار الجرانيت مع خامة الأسمنت ستشكل فى النهاية كتلا حجرية جراتينية متراصة فوق بعضها البعض على نحو يشكل إلتصاقا وتماسكا على أعلى درجات القوة والتماسك وقد أجريت عدة تجارب على هذا قبل البدء فى التنفيذ وجاءت النتائج لتؤكد صحة هذا الفرض .

وبوجه عام فقد إبتكر نعوم شبيب في بناء برج القاهرة العديد من الطرق والأساليب المستحدثة وكان يقوم بتنفيذ كل أفكاره على الورق بطريقة يدوية وكان مما إبتكره طريقة تنفيذ فريدة عن طريق تشكيل الشكل المطلوب لقالب صب خرسانى من تربة الأرض ثم قام بوضع أسياخ الحديد وتشكيلها طبقا للتصميم الإنشائى فى قلب القالب ومن ثم يتم صب الخرسانة فوقها وبعد تماسك الخرسانة يتم رفعها بالروافع لتوضع فى مكانها على إرتفاعات وصلت إلى 12 مترا وقد قام بتسجيل براءة إختراع لهذه التقنية في التنفيذ تحت إسم أقواس شبيب وبالنسبة للتربة غير القادرة على تحمل الأحمال المركزة فقد إبتكر نعوم شبيب لها طريقة هى الأخرى وقام بتصميم قواعد إنشائية فريدة تعتمد على توزيع الأحمال على أكبر قدر ممكن من مسطح الأرض عن طريقة زيادة عدد نقاط الإتصال بإرتفاع متر تقريبا وكانت تنفذ بنفس الطريقة المشار إليها في السطور السابقة من قوالب على الأرض وبالتالى إستخدام هذه القواعد الطائرة ومن ثم إستطاع أن يوفر نقاط إتصال واسعة وعديدة بين القواعد والأرض بحيث يتم توزيع أحمال المنشأة علي أكبر مساحة ممكنة من تربة التأسيس وقد تجرأ وتفنن نعوم شبيب أيضا فى صنع الخرسانة المسلحة كما قام بوضع أسطحا خارجية أنيقة وخفيفة وشفافة تقريبا للبرج بإرتفاعات غير مسبوقة فى مصر وقتها علي الرغم من عدم توافر تكنولوجيا البناء الميسرة له حينذاك لمبنى رفيع وحاد برؤية تحمل الكثير من الحداثة للمدينة .

وجدير بالذكر إن برج القاهرة يعد تحفة معمارية نادرة وقد بني علي شكل زهرة اللوتس التي تعتبر رمز الحضارة الفرعونية القديمة ومن الناحية الإنشائية يتكون برج القاهرة من نواة مركزية من الخرسانة المسلحة وأربعة أعمدة طرفية ومنصات دائرية موزعة على إرتفاع البرج بالكامل وتدعم هذه المنصات المكونات الخرسانية الخارجية للبرج ومن أجل تغطية مساحات كبيرة إستخدم نعوم شبيب الأسقف الخرسانية الرقيقة من الخرسانة المسلحة التي إعتمدت على دعم الأعمدة الطرفية وتتطلب هذه التقنية معرفة كبيرة بخصائص الخرسانة والقدرة على تنفيذ العمليات الحسابية المعقدة وهو ما إمتلكه شبيب بالفعل ويشمل برج القاهرة عدد 16 طابقا ويرتكز علي قاعدة من أحجار الجرانيت الأسواني والتي سبق أن إستخدمها المصريون القدماء في بناء معابدهم ومقابرهم وتستغرق رحلة المصعد من أسفل البرج حتي قمته حوالي 45 ثانية وعند القمة يوجد منظار مكبر ترى من خلاله بانوراما كاملة لمدينة القاهرة فترى أهرامات الجيزة وأبو الهول ومبنى الإذاعة والتليفزيون والقلعة ومسجد محمد علي وفندق هيلتون رمسيس وفندق شيراتون القاهرة وفندق سميراميس إنتركونتنينتال ويصل إرتفاعه إلي 187 مترا أى أنه أعلي من الهرم الأكبر بحوالي 43 مترا ويوجد داخله بالدور الرابع عشر وعلي إرتفاع 160 مترا مطعم سياحي علي منصة دوارة تدور برواد المطعم ليتمكنوا من مشاهدة معالم القاهرة من جميع الجوانب حيث تشعر وأنت تنظر في النظارة المكبرة أنك تزور مصر كلها في لحظة واحدة ويعتبر هذا المطعم من أجمل المطاعم فى مصر حيث يأخذك المطعم إلى دورة 360 درجة لتتمتع بمنظر القاهرة الخلابة أثناء العشاء أو الغذاء وينصح بهذا المطعم للذين يبحثون عن سهرة عشاء رومانسية في ذلك المطعم الذي يضم 19 منضدة تتسع كل منها لخمسة أفراد وأيضا يوجد في الطابق الخامس عشر كافتيريا علوية تستطيع أن تتناول فيها العصائر والمشروبات وأن تستمتع برؤية القاهرة من أعلى وإلي جانب ذلك توجد بالحديقة الخاصة ببرج القاهرة مقهى تسمي فيلا الزمالك وهى مقهى فى الهواء الطلق حيث يمكن الإستمتاع بتناول العصائر والمشروبات والوجبات الخفيفة بداخلها .

وفي يوم 21 أبريل عام 1961م تم إفتتاح برج القاهرة وعلى واجهته نسر الجمهورية مصنوع من النحاس الأحمرعلى إرتفاع 8 أمتار ويكسو الجدار الداخلى الشكل الشبكى وحضر الإفتتاح كمال الدين حسين نيابة عن الرئيس عبد الناصر وصلاح الدسوقى محافظ القاهرة وقتئذ وصلاح نصر رئيس جهاز المخابرات العامة ورشاد مراد مدير مصلحة السياحة وفى القاعة الشرقية إجتمع الوزراء إحتفالا بالإفتتاح وقال رشاد مراد فى حفل الإفتتاح إن البرج رمز للإنطلاق والتحرر اللذين عما الجمهورية العربية المتحدة منذ قيامها وأعقبه المهندس نعوم شبيب قائلا إن هذا البرج عربى فى تنفيذه وإنشائه وفى كل شئ أُقيم داخله أو خارجه وقد شارك في بنائه عدد 500 من أبناء مصر ما بين مهندسين وفنيين وصنايعية وعمال معمار وشاركت العديد من الوزارات والمصالح الحكومية والشركات الأهلية مثل وزارة المواصلات ووزارة الأشغال العمومية وهيئة سكك حديد مصر وهيئة قناة السويس والهيئة العامة للمصانع الحربية وغيرها بمعروضاتها ومنتجاتها وطلب كمال الدين حسين من المشرفين على البرج تغيير المعروضات بصفة دورية ليطلع الأجانب والسياح على مختلف نواحى التقدم الصناعى والتجارى والزراعى فى البلاد وزين بهو البرج بالرسومات الشعبية التى تمثل الحياة العربية بمصر ومنها لوحة كبيرة من السيراميك تبلغ مساحتها 100 متر مربع صنعها أساتذة النحت وأساتذة الزخرفة بكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية وإشترك معهما 70 طالبا وطالبة ومما يذكر أنه قد تم تجديد البرج عام 2006م بتكلفة بلغت 15 مليون جنيه حيث جرت عملية ترميم شاملة للبرج وإضافة إضاءة خارجية ملونة جديدة بإستخدام تقنية جديدة للإنارة تعمل على توفير الطاقة بنسبة كبيرة ويمكن من خلالها التحكم في ألوان الإضاءة الخارجية للبرج .

وكان مما قام المهندس نعوم شبيب أيضا ببنائه مبني جريدة الأهرام في عام 1968م وعمارة تشارلز كنتوز بالدقى وسينما ومسرح على بابا ومدرسة القللى الخيرية ومبنى كايرو موتورز لتجارة السيارات وكنيسة سانت كاترين فى مصر الجديدة وكنيسة سانت تريز فى بورسعيد وكنيسة السيدة العذراء الطاهرة بالقرب من ميدان الإسماعيلية بمصر الجديدة وعلي المستوى الشخصي كان نعوم شبيب محسنا وكرس الكثير من وقته وجهده وماله لمجتمعه ومن ثم تبرع بخدماته للعديد من المشاريع الخيرية الخاصة بالمدارس والكنائس وبخصوص الحياة الشخصية للمهندس نعوم شبيب فقد كان متزوجا من السيدة أرليت حاطون وكانت من أصل دمشقى وانجب منها عدد 4 أبناء وفي عام 1971م وفي أوائل عهد الرئيس السادات هاجر هو وأسرته إلى كندا وعمل هناك مهندس إنشاءات في شركة إس إن سي للإستشارات الهندسية كما تم إختياره عضوا فى قصر سام كيبيك للمهندسين وإشتهر بإستخدم تقنية القباب الرقيقة من الخرسانة سابقة الإجهاد في العديد من مشاريعه هناك وكان من اشهر مشاريعه تصميم مبنى المركز النووي في مدينة جانتيي وكانت وفاته في يوم 13 مايو عام 1985م بمدينة مونتريال بكندا عن عمر يناهز 70 عاما بعد أن قدم خدماته الجليلة لبلده مصر ونحن بدورنا لن ننسى أعماله الخالدة التي تشهد علي نبوغه وتفوقه وعبقريته والتي أبدعها على مدى ثلاثة عقود من خلال شركته والتي شهد لها الجميع من مهندسين وغير مهندسين بالتميز والفكر المتطور والعملي المعاصر إضافة إلى أنها اعمال سبقت عصرها حيث أراد نعوم شبيب أن يخدم المجتمع بأعماله تلك لا ليبهر الناس بشكلها الفني المبدع فكانت النتيجة أن حقق بأعماله الخالدة الخدمة لمجتمعه وفي نفس الوقت أبهر الناس بإبداعاته الفنية من خلال تصميماته وإبتكاراته .