الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

من التنوير إلى الرجعية

من التنوير إلى الرجعية
عدد : 12-2020
دكتور/ عمر محمد الشريف

لا شك أن مصر في عهد محمد علي باشا حاكم مصر كانت من أهم وأكبر القوى الإقليمية، سواء اتفقنا او أختلفنا على سياسات محمد علي باشا وأساليبه في الحكم، فالرجل حقق نهضة علمية كبيرة فأول اهتماماته كانت بالتعليم، رغم أنه كان رجلاً قليل العلم لكنه كان مؤمناً أن لا سبيل لنهوض الأمم إلا بالعلم.

بدأ محمد علي بإرسال البعثات إلى أوروبا، كما قام بإنشاء العديد من المدارس العليا والتي تسمى الآن بالكليات بدأها بمدرسة المهندسخانة لتخريج مهندسين يتعهدون بأعمال العمران، ثم نصحه كلوت بك بتأسيس مدرسة للطب، فأنشأ مدرسة الطب بأبي زعبل، كما أنشأ مدرسة في بولاق للهندسة العسكرية ومدرسة لهندسة المعادن في مصر القديمة، وأتبعهما بمدرسة الألسن في الأزبكية وغير ذلك من المدارس.

كما شرع في تأسيس جيش وطني قوي معتمداً على خلفيته العسكرية فهو في الأصل جندياً، فعمد إلى تحديث الجيش المصرى وتنظيم صفوفه، وأنشأ ترسانة بولاق، وكان في البداية يعتمد علي شراء سفن جاهزة من أوروبا واستغنى عن ذلك في عام ١٨٢٩م حيث أمر ببناء ترسانة الإسكندرية لبناء السفن، واستعان بمهندس فرنسي، وقامت الترسانة بمهمة بناء سفن الأسطول المصرى علي الأنماط الأوروبية الحديثة، والنهضة العلمية والعسكرية التى أقامها محمد علي لا يتسع المجال لتناولها هنا.

بعد وفاة محمد علي سنة ١٨٤٨م صعد إلى كرسي عرش مصر حفيده عباس الأول بن أحمد طوسون بن محمد علي باشا، والذي كان جده قبل وفاته يستشعر عدم كفاءته للحكم، وحدث ما توقعه محمد علي فكان حكم عباس انقلاب رجعي على العصر التنويري لجده وردة اجتماعية، فلم يكن لعباس نفس طموح وأحلام جده، فأصاب الضمور والذبول و التحلل مؤسسات البلاد الفكرية والثقافية والتربوية.

كان عباس يكره العلم ويضيق بالثقافة، فأغلق المدارس ومنها مدرسة الألسن وجرد العالم رفاعة الطهطاوي من مناصبه ونفاه إلى الخرطوم، ونفى معه كثير من علماء مصر.

وتحول الجيش على يد عباس الأول إلى حرس شخصي له، كونه من عناصر من أقوام أجنبية، واستدعى البعثات التي كانت تتلقى العلم في الخارج، فكان من حظ مصر العاثر أن يحكمها هذا الرجل الكاره للعلم والنور، القاسي على الفلاحين في أعمال السخرة، فكان يستخدمهم في بناء قصور له في الصحراء.

تلك القصور التى قضى فيها عباس جل وقته مع مماليكه وخيوله في عزلة تامة، ورغم أن بعض المؤرخين ذكروا له بعض الحسنات مثل تنفيذ مشروع السكة الحديد بين الإسكندرية والقاهرة والسويس، وهو مشروع نهض بعمران البلاد، إلا أننا لا نجد تفسير لقرارات حل الجيش وغلق المدارس وإلغاء البعثات ونفي العلماء وتشريد المتعلمين وغلق المصانع ووقف العمل بالقناطر الخيرية، سوى رجعية الرجل وتفضيله للظلام، ولعل عدم حصوله على أي قسط من التعليم كان السبب في ذلك.

يرى البعض أن عباس حاول تقليص نفوذ الدول الأجنبية في مصر، إلا أنه يؤخذ على طريقة عباس في الحكم أنه أقصى المصريين عن الوظائف الكبيرة واستبدل بهم الأتراك، فانقسم سكان مصر إلى طبقتين : طبقة الحكام الأتراك وطبقة المحكومين المصريين، وقد أصبح الأتراك في هذا العهد ينظرون إلى من عداهم نظرة استخفاف.

كانت فترة حكمه فترة جمود في مسيرة النهضة التي بدأها جده الباشا حتى رحل عباس فجأة في ١٤ يوليو سنة ١٨٥٤م، وكانت وفاته بقصره بمدينة بنها، مما أثار الشكوك حول ظروف وفاته، فقيل مات بنوبة صرع، وقيل خنقه مماليكه، وقيل أن عمته الأميرة نازلي هانم هي التي دبرت مؤامرة لاغتياله.