السبت , 20 أبريل 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

مدرسة السنية ..أول منارة لتعليم الفتيات فى الشرق

مدرسة السنية ..أول منارة لتعليم الفتيات فى الشرق
عدد : 12-2020
بقلم المهندس فاروق شرف
استشاري ترميم الاثار

على بعد خطوات من مسجد السيدة زينب توجد أول منارة لتعليم الفتيات فى الشرق كله وفى موقعها الفريد بشارع خيرت تطل على شارع المبتديان تلك المنطقة العريقة بآثارها الإسلامية من مساجد وأسبلة و كتاتيب يقف هذا الصرح الشامخ منذ أكثر من مائة وثلاثون عاماً حاملاً لواء النهضة وشاهداً على خروج المرأة من خدرها لتشارك فى بناء المجتمع.

هل عرفنا ما هو هذا الصرح ؟

إنها مدرسة السنية التى يذكر التاريخ أن طالبات هذه المدرسة خرجن لأول مرة للاشتراك في مظاهرة سياسية ضد الاحتلال الانجليزي في ثورة عام 1919 ووقفن مع الرجال يطالبن بانسحاب الاحتلال من مصر.

وتعد المدرسة السنية أحد الانجازات الحقيقية للخديوي اسماعيل في مجال التعليم، أما مبنى المدرسة فهو تحفة معمارية رائعة استخدمت فيها الاخشاب والزخارف الفنية بأسلوب راق يعكس حجم النهضة التي شهدتها مصر في عصر الخديوي اسماعيل.

يرجع تاريخ مدرسة السنية الى عام 1873 حيث تبنت هذه الفكرة جشم آفت هانم الزوجة الثالثة للخديوي اسماعيل وقد نشرت جريدة «الوقائع» المصرية في عددها رقم 519 الصادر في أغسطس 1873 خبر انشاء المدرسة تحت عنوان «انشاء مدرسة للبنات داخلية وخارجية للتثقيف والتعليم»، وكانت هذه المدرسة هي النواة الأولى لتعليم البنات في مصر والشرق الأوسط كله، وجاء في سلسلة تاريخ الحركة القومية لعبدالرحمن الرافعي ان انشاء مدارس البنات في مصر بدأ في عهد اسماعيل، وان «التعليم النسوي» قبل ذلك كان في حكم العدم اذ لم تكن في البلاد مدرسة للبنات سوى مدرسة الولادة ولم يكن يتعلم فيها في الغالب سوى البنات الحبشيات، أما البنات من سائر الطبقات فلم يكن لهم مدارس لتعليمهن وكان الجهل مخيم عليهن اللهم الا من كن يتعلمن في بيوت آبائهن وأهلهن وقليل أولئك..

ويذكر الرافعي أن المدرسة اسست عام 1873 تحت اسم «مدرسة السيوفية» وكان بها حين افتتاحها نحو مئتي تلميذة وبلغ عددهن عام 1874 م 400 تلميذة يتعلمن مجانا فضلا عن الانفاق على مأكلهن وملبسهن ويتعلمن القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم والحساب والجغرافيا والتاريخ والتطريز والنسيج وغير ذلك من الصناعات وتولى نظارتها حسن أفندي صالح ثم مدام روزه.

ظلت المدرسة منذ انشائها عام 1873 حتى عام 1889 بمكانها الأول بشارع السيوفية الذي يبدأ من ضريح المضفر وينتهي الى سبيل أم عباس بأول شارع الصليبة، وكان مقرها هو دار الأمير طاز بجوار المدرسة البندقدارية. وكانت القيمة الايجارية لذلك المبنى ستة جنيهات يدفعها ديوان المدارس لديوان الأوقاف ثم تنازل ديوان الأوقاف عن الايجار نظير قيام المعارف بما يلزمها من ترميمات، وفي عام 1889 أعاد ديوان المعارف تنظيم المدرسة ونقلها الى منزل حافظ بك رمضان بشارع المبتديان بايجار شهري قدره 22 جنيها وبعقد مدته ثلاث سنوات، وبعد انتهاء مدة العقد نقلت الى مبناها الحالي الواقع بشارع خيرت في مواجهة شارع المبتديان أي أن المقر الحالي للمدرسة ثابت منذ عام 1891 وحتى الآن .. ومنذ ذلك الحين أطلقت عليها نظارة المعارف اسمها الحالي «المدرسة السنية» نظرا للتعديلات والأنظمة التي جعلتها في مرتبة أعلى مما كانت عليه من قبل حيث جعلتها نظارة المعارف نواة أولى لنظام تعليم البنات في مصر. أديبات ووزيرات ظلت المدرسة السنية منارة للعلم طوال132 عاما تقريباً هي عمرها وحققت انجازات ومكاسب أكبر بكثير من الهدف الذي انشئت من أجله، فقد كان الهدف الأساسي الذي ذكرته جريدة «الوقائع» وخطط علي مبارك هو تعليم البنات تعليما ابتدائيا وعمليا يمكنهن من كسب العيش عند الحاجة وتجهيز البنات للالتحاق بمدرسة الولادة بالقصر العيني التي انشأتها حكومة محمد علي لتخريج الحكيمات والمولدات، ولكن المدرسة العريقة تطورت وساهمت بشكل فعال في بناء المجتمع المصري وتخريج طالبات على مستوى عال من الثقافة والعلوم شغلن مناصب كبيرة في الدولة تذكر منهن الكاتبة والشاعرة ملك حفني ناصف التي اشتهرت باسم «باحثة البادية» ورائدة التعليم في مصر نبوية موسى أو فتاة تحصل على البكالوريا في مصر ووزيرة التأمينات والشئون الاجتماعية السابقة عائشة راتب وكانت أول من طالبت بتولي المرأة منصب وكيل النائب العام، ونذكر أيضا الكاتبة الكبيرة أمينة السعيد أول امرأة تحترف الصحافة وتتولى منصب رئيس تحرير حيث تدرجت في المناصب حتى وصلت الى رئاسة تحرير مجلة حواء، من خريجات المدرسة أيضا مفيدة عبدالرحمن أشهر محامية في مصر والتي عرفت بالدفاع عن قضايا المرأة، وهناك أيضا انصاف سري وفاطمة فهمي ودولت الصدر ونازلي الحكيم وزينب عبده، والمذيعة اللامعة صفية المهندس رئيس الاذاعة سابقا وسامية صادق رئيس التليفزيون سابقا.

وتذكر جريدة «الوقائع» في عددها رقم 576 الصادر في 13 سبتمبر عام 1874 بعد مرور العام الدراسي الأول ان المدرسة التي انشأتها جشم آفت هانم قد قامت بواجبها منذ بدء الدراسة حتى آخر السنة الدراسية فهيأت للطالبات اسباب الراحة من مأكل ومشرب وملبس طوال العام، وذكرت أن يوم انعقاد الامتحان كان يوم 11 من سبتمبر 1874 وقد امتحنت الطالبات في الصناعات اليدوية والحساب والقراءة وكان عدد الطالبات اثنتي عشرة وقد أدين الامتحان أحسن اداء، كما عرضت المدرسة مصنوعات طالباتها اليدوية فوق المنضدة والجدار على المهتمين، وتتابع «الوقائع» المصرية الحديث فتقول ان صالون المدرسة خصص للامتحان وقسم الى قسمين كل منهما محجوب عن الآخر بستار وقد خصص القسم المستور للسيدات لكي يسمعن الامتحان، وقد حضرت السيدات مع بعض قرينات الأمراء والوزراء، وقد حضر أيضا زوجات الخديوي اسماعيل ومعهن مؤسسة المدرسة الفاضلة،

وكانت الطالبة تجلس أمام اللجنة وتجيب على الاسئلة التي توجه اليها شفويا، أما في الامتحان التحريري فكانت الطالبة تقف أمام السبورة لتجيب على الأسئلة التي توجه اليها كتابيا. العجب العجاب وفي حالة نجاحها تعزف لها فرقة موسيقية - أعدت خصيصا لهذا الغرض - ألحانا لتهنئتها والترفيه عن النفوس. وذكرت في محاسن المدرسة أن على كل انسان ان يتزوج وعليه ان يختار زوجة صالحة مثقفة تعرف كيف تدير منزلها وترعى حقوق زوجها وتربي أولادها وتحفظ زوجها في غيابه واذا ورد عليها خطاب منه تستطيع ان ترد عليه مبينة حال المنزل، واضافت «الوقائع» في وصف حال فتيات المدرسة وتحصيلهن للعلوم قائلة: اذا ما قام أحد بزيارة هذه المدرسة مرة واحدة، يجد فيها العجب العجاب، ومايأخذ من الألباب اذ تقع عينه على فتاة تتصفح القرآن مع قراءته، واخرى تذاكر الجغرافيا وثالثة تحل المسائل الحسابية ورابعة تقوم بالتطريز وخامسة تخيط الملابس، وهكذا فلا يعود شخص من هذه الزيارة الا وقد امتلأ فرحا وسرورا واغتباطا وحبورا.

وقد لعبت المدرسة السنية دورا سياسيا في فترة هامة من تاريخ مصر أوائل القرن الماضي حيث شاركت طالبات المدرسة في النضال الوطني من أجل الحرية وخرجن لأول مرة في مظاهرة خلال ثورة 1919 بقيادة سعد زغلول وكان عقاب الطالبات في ذلك العام هو الغاء السنة الدراسية على يد المديرة الانجليزية للمدرسة مس بورو وأبقت جميع الطالبات للاعادة عقابا لهن على وطنيتهن. هيئة انجليزية كانت هذه المدرسة العريقة قد انشئت لتضم لونين من التعليم أولهما الابتدائي وثانيهما ما أطلق عليه Normal وهو قسم المعلمات وكله طالبات داخلية، وكانت الطالبات يلحقن بقسم المعلمات بعد حصولهن على شهادة اتمام الدراسة الابتدائية ليدرسن سنتين يتخرجن بعدها مدرسات ثم زيدت هذه المدة الى ثلاث سنوات ثم أربع وتشجيعا للطالبات كانت تعطى لهن مكافأة مالية قدرها جنيهان شهريا لكل واحدة منهن، هذا الى جانب ان الحكومة كانت تعطي لكل منهن مكافآة أخرى تقدر بجنيهين شهريا، وكان الفصل الواحد لا يضم أكثر من 15 طالبة وكانت الفرقة كلها عبارة عن فصل واحد، وكانت هيئة التدريس كلها تتكون من مدرسات انجليزيات لجميع المواد عدا اللغة العربية، وكان الجزء الشمالي من المدرسة مخصص لسكن المدرسات الانجليزيات الذي أصبح فيما بعد مدرسة اعدادية ومن الغريب ان الناظرة الانجليزية كانت تحتل الطابق الأوسط من المبنى الحالي للمدرسة وهو المبنى القديم الذي يضم المكتبة والغرف المجاورة لها وهذه المساحة كانت تشكل نصف مساحة المدرسة تقريبا وكان لها سلما وبابا خاصا، أما الآن فإن مكتب المديرة بالدور الأرضي وهو مجرد حجرة متوسطة الحجم، وفيما بعد تم نقل المدرسات من المبنى المخصص لسكنهن وحل محلهن تلميذات القسم الابتدائي، أما قسم المعلمات فقد نقل نهائيا الى الزمالك وكانت اخر دفعة لقسم المعلمات عام 1932، وأصبحت السنية مدرسة ثانوية مدة الدراسة بها خمس سنوات تحصل الطالبة بعد ثلاث سنوات منها على شهادة «الكفاءة» وفي نهاية المرحلة تحصل على «البكالوريا» عدل هذا النظام فأصبحت الطالبة تلتحق بالمدرسة بعد حصولها على الاعدادية وتحول القسم الابتدائي الى اعدادي منفصل ثم استقلت السنية الثانوية بذاتها. عند انشاء المدرسة عام 1873 اسندت نظارتها الى حسن افندي صالح ثم مدام روزة ولكن منذ عام 1900 حتى عام 1939 اسندت النظارة الى انجليزيات وكن على التوالي «مس مير» من 1909 إلى 1912 ثم مس بورو منذ عام 1912 حتى 1919 والتي عاقبت طالبات السنية على اشتراكهن في ثورة 1919 بالغاء العام الدراسي وتولت بعدها النظارة مس كارتر ثم مس ديفدسن ومس ملفن ومس ديليني ومس رين، ومنذ عام 1939 بدأ اسناد المهمة الى مصريات حيث كانت السيدة عايدة وفائي أول ناظرة مصرية بعد 39 عاما من الادارة الانجليزية للمدرسة وتعاقب على المدرسة منذ ذلك التاريخ حتى الآن 18 ناظرة هن جليلة صادق وكريمة السعيد واحسان عابد وجمال سلام وعلية عبدالكريم ونعيمة أحمد ومجيدة خليفة ونرجس أبوزيد وهي التي حضرت الاحتفال بمئوية السنية عام 1973 ثم خديجة ابراهيم ومحاسن عبدالرؤوف وسناء شكري وفوزية الشافعي وعفاف الجابري وسوزان رضوان ونادية محمد ياقوت وليلى لطفي الانصاري وعنايات عبداللطيف المديرة الحالية للمدرسة. وعن ادارتها لمدرسة السنية تقول المديرة عنايات عبداللطيف انني فخورة بهذا الصرح التعليمي الشامخ فالمدرسة ليست صرحا علميا فحسب ولكنها تاريخ طويل وممتد على مدى 129 عاما شهدت خلاله المدرسة أمجادا كثيرة وتحولات، وخرجت أجيالا تفخر بها مصر ويكفي انها أول مدرسة للبنات في الشرق كله وعن هيئة التدريس الآن تقول انها وصلت الى 224 مدرسا ومدرسة و13 عاملا، أما عدد الطالبات فقد وصل الآن الى 1925 طالبة موزعين على 47 فصلا، وتضيف أن المدرسة تقبل البنات من حي السيدة زينب وكذلك المتفوقات فقط من الاحياء الأخرى وان المدرسة بها الكونترول الدائم للثانوية العامة. مكتبة ضخمة وتعتبر مكتبة مدرسة السنية من أهم مكونات المدرسة واضخم مكتبات المدارس الثانوية حيث تضم المكتبة 23 ألف كتاب متنوع بين مراجع ومعاجم ودوائر معارف وقواميس وتقع المكتبة على مساحة 240 مترا بالدور الثاني وتضم ثلاث قاعات الأولى للكتب العربية وقاعة للغات الأجنبية والثالثة للمراجع وتقول نجوى فاروق أمينة المكتبة من أهم الكتب الموجودة بمكتبة المدرسة «دائرة معارف البستان» التي ألفها بطرس البستاني عام 1876 وطبعت بالقاهرة وهي دائرة معارف مرتبة هجائيا حسب الحرف الأول ومصورة، ودائرة معارف القرن العشرين التي ألفها محمد فريد وجدي وصدرت عام 1919 في عشرة مجلدات وتهتم اهتماما خاصا بالموضوعات الاسلامية والموسوعة الذهبية الصادرة عن سجل العرب عام 1963 في 12 جزءا وهي مترجمة من أصل أمريكي وهناك أيضا الموسوعة العربية الميسرة ودائرة المعارف الاسلامية والموسوعة الفلسفية المختصرة والموسوعة الطبية ومعجم الأدباء. وأشارت فاطمة جمال الدين مديرة المكتبة الى أن المدرسة تصدر مجلتي صوت السنية ضمن النشاط المدرسي وهي مجلة شاملة للكثير من المعلومات الهامة التي تفيد الطالبات وكذلك تصدر مجلة شمس المعرفة وهي أيضا تعتمد على المعلومات التي تهم الطالبات وتشرف على المجلتين اسرة المكتبة ويشترك في تحريرها مجموعة من الطالبات المتفوقات.
 
 
الصور :