الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

النتر والإله

النتر والإله
عدد : 10-2020
بقلم الباحث/ ماجد الحداد

الكثيرون لا يعلمون ، الفرق بين النتر والإله، ألا وهو أن النتر أو النثر هو عبارة عن مظهر من مظاهر التجلي للخالق العظيم الذي لا يحده إسم ولا مكان ولا زمان ، كمظهر او قوى من مظاهر الكون ، ونستطيع تقريب الفكرة للأذهان الشرقية أن النتر هو صفة من صفات الله _ ليس بالضبط لكن للتقريب _ ولأن الكمتي _ المصري _ يعتبر نفسه موجودا في الكون كعنصر فاعل مشارك وخامي لحركة تروسه ، فلذلك كان يتعامل الحم_نتر ( حامي النتر) معه كذراعه الأيمن او مساعده من أي خطر او تلف لكي لا تختل حركة الكون ...وهذا يختلف عن الإله ، لأن الإله هو شخصية أو طوطم معبود يقدّم إليه الولاء والطاعة لإستجلاب الخير او لدرء الشر ، أو للتقرب والشفاعة لإله أكبر ... لكن حالة الألوهية في الغالب لم يعرفها الكمتي _ المصري _ أصلا ، لأنه لم يكن يخاف من الكون أو رب الكون ، بل يحبه ويتفاعل معه كأنه هو نفسه _ الكمتي _ مجرد نتر _ ومحد آثار ذلك في متون الاهرام كهرم ( ونيس ) مثلا في الأسرة الخامسة .

ولم تظهر حالات الألوهية إلا في المجتمعات الفقيرة حضاريا ، لتعويض نقص الموارد والإنتاج والعمل بإنفاق الوقت والجهد للطقوس الصلواتية والقرابين المستمرة كنوع من استجلاب لقوة البقاء خشية التلاشي في وهم التعبد للطوطم ، ولوجود وقت فراغ كبير بسبب تلاشي ثقافة الإنتاج والعلمل والتحصيل العلمي ، والحفاظ عليه كرمز للقبيلة أو الأمة _ فيما بعد _ حتى لا تضيع الهوية ...

وأيضا كتوجيه مقنن للوسواس القهري الذي يعاني منه الفقير حضاريا حتى يخفي فيه الشعور بالقلق والدونية ، لأن أباه الطوطمي دائما قاسي ومتربص به بخطأه ويعاقب ، ولأن الشعور بالفقر دخل في الاوعي كنوع من الإهمال الأبوي ونقص في الربوبية الأبوبية_ بمعنى الرعاية هنا _ لذلك تمسكت تلك الشعوب بالألوهية الثنائية ، لأنها لم تشعر بربوبية أبوية من طوطمها لنفس السبب المعني نقص الموارد والفقر الحضاري ...

ونرى مخصص نتر في الهيروغليفية عبارة عن راية ... وهذا يدل على ان النتر راية للخالق اي احد علاماته ...وأيضا نلاحظ أن الميت يعدد مزاياه أمام أوزير ، اغلبها ان لم يكن كلها يحاول الإثبات له أنه كان شخصا صالحا ونافعا في المجتمع ومساعدة الضعفاء والفقراء واصلاح الأرض ومنع الفساد ، ولا يكاد يذكر شيئا واحدا على صلواته او صيامه للنتر ...

لهذا نجد المصري يحب الخااق ويحترمه ولا يخاف منه ، ويقبل كل ما ينتج عنه من تجليات _ كيانات النترو _ بل الأفكار والاديان المخالفة له ، وهو قبول التطور دائما كما حدث مثلا بعد دخول الإغريق في مصر وقبول ثالوث ( سيرابيس ) بدون غضاضة .

قد تخطى الإغريق فكرة الألوهية واحتقروها في مرحلة منقدمة بعدما تعلموا في كمت و ظهور الفكر الفلسفي وتشكلت لديهم معالم الحضارة ، وبدأوا يفكرون بطريقة ربوبية وليس ألوهية ... لكنهم أيضا لم يصلوا لمفوم النترية لدى كمت رغم ذلك ، وظلت تلك الأرض وشعبها هي الحافظة لقانون التنتر _ التجلي والتفاعل الكوني في العالم _ اللهم إلا أننا نجدها في الهند بثقافتيها الهندوسية والبوذية ...

وبالنسبة لمصر

مرة واحدة فقط حدث العكس في عصر ( امن_حتب الرابع ) ( اخناتون ) حيث أنه اختزل تعدد صفات وتجليات الخالق _ النترية _ إلى اختزال واحد في نار واحد وهو ( آتون ) القوة الكامنة في قرص الشمس . وهذا الاعتزال جعله يعادي المجتمع المصري كله ، ولم تشارك فكرته في اي نهضة اجتماعية وعلمية لمصر لأنه اله شخصي ... حتى أننا نجد إهماله لباقي الإمبراطورية المصرية في الشرق باختلافاتهم الدينية معه وهو ما أدى لشكواهم وأحد أسباب غضب امه الملكة ( تي ) عليه لتسببه في انهيار الدولة .

هذا يدل على أن الفكر الكمتي _ المصري _ متفاعل تماما مع الكون ويعتبر نفسه جزء لا يتجزأ منه ، وهو ما دفع ( هرمس العظيم ثلاثة ) يقول في متونه :
( ان مصر صورة من السماء )

وكان كل نقش أو بردية دينية في مصر القديمة تنبض بالإيمان بالخااق الواحد الاحد ( وع وعو ) كما ذكر في متون الاهرام ، وما كان النترو الى صور فاعليات وتخصص في تسيير الوجود لهذا الخااق العظيم الذين يشبهون لحد كبير فكرة الملائكة أو صفات الله لدينا في أدياننا الإبراهيمية .
 
 
الصور :