الخميس, 18 أبريل 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

الوراقة والوراقون بالأندلس

الوراقة والوراقون بالأندلس
عدد : 09-2020
بقلم دكتورة/ زينب المنسي


لا اختلاف ابداُ علي أن صناعة الورق ساهمت بشكل كبير في تدوين وتطوير الفكر والثقافة العربية الإسلامية فاعتمد العرب والمسلمون الأوائل علي الذاكرة في تسجيل أيامهم ومورثاتهم الفكرية والأدبية وكذلك علي أدوات بدائية من البيئة البسيطة حولهم فاستعملوا جريد النخل اليابس والحجارة وأكتاف وأضلاع الإبل والأغنام والجلود والأقمشة وورق البردي ومع انتشار الفتوحات العربية الإسلامية شرقاً وغرباً بدأ في الظهور نوع آخر من الورق صالح للكتابة والتدوين عليه وتكلفته أقل من الأنواع الأخري ويتميز بوفرته وهو الورق الكاغد والذي جاء ظهوره كمنافس عقب فتوح المسلمين لمدن شرق العالم الإسلامي وبخاصة مدينة فرغانة والتي عادوا منها بكثير من الأسري من بينهم بعض الصينين الذين يتقنون صناعة الورق والذي يتم تصنيعه من أوراق لها قدرة علي التحمل وامتصاص الماء كنبات الكتان والقطن والقنب والقصب والحلفا ومن هنا بدأ هذا النوع الجديد من الورق أن ينتشر والذي أصبح له صناع يقومون علي اعداده لإمداد الأسواق به كما وكان من الطبيعي أن يستدعي اختراع الورق وانتشار صناعته ظهور طائفة من الناس يشتغلون بالورق والكتابة والكتب وهؤلاء هم الوراقون الذين يقومون بنسخ الكتب وتصحيحها وتجليدها وعرضها في دكاكين لبيعها في الأسواق وعد ابن خلدون هذه الصنعة من الصنائع الشريفة في المجتمع ولكي تكتمل مهمة الوراقين كان لابد من توفرأدوات للكتابة منها القلم والمدية وهي سكين تستخدم لبري الأقلام والمقط أو المعصمة وهي قطعة صلبة من الحجارة أو الرخام يبري عليها القلم لاستواء البري والمقلمة وهي مخصصة لوضع الأقلام بها والمفرشة وهي قطعة قماش من الكتان او الصوف تفرش تحت الأقلام والممسحة وكانت تتخذ من قماش ذا وجهين ملونين يمسح بها القلم عند الفراغ من الكتابة حتي لايجف عليه الحبر فيفسده والمداد وهو الحبر اللازم لاستعماله في الكتابة والتدوين أما الدواة فهي المحبرة وتصنع من الخشب أو الفخار أو بعض المعادن كالنحاس ويوضع بها الحبر .

وبالأندلس لم يكن مجرد وجود صناع للورق شئ عادي بل إن الأندلس اشتهرت بوجود أفخر أنواع الورق بها والذي ذاع صيته في القرن الرابع الهجري /العاشر الميلادي فيذكر المقدسي أن أهل الأندلس أحذق الناس في الوراقة كما واشتهرت مدنه بصناعة الورق وجودته مثل قرطبة واشبيلية وغرناطة ومالقة ودانية وألمرية ومرسية وغرناطة وسرقسطة وطليطلة وغيرها من المدن الكبري بالأندلس كما ووصف الأدريسي مدينة شاطبة بأن الكاغد بها لانظير له في الأرض ويتميز الورق الشاطبي باللمعان وصبغه باللون الوردي الشاحب وبفضل الأندلس انتقلت صناعة الورق إلي أوربا في القرن 7هـ/13م حيث أدخل ألفونسو العاشر صناعة الورق إلي مملكة قشتالة وليون ومنها انتقلت إلي فرنسا .

وتصدي للعمل بهذه المهنة علماء أجلاء وموظفون مرموقون ساهموا في نشر الثقافة عن طريق نسخهم للكتب وتجليدها وتصحيحها أيام عهد الدولة الأموية بالأندلس حتي بداية عصر الخليفة الناصر والذي شهدت هذه الصناعة رواجاً كبيراً في عهده فزاد عدد الوراقين والنساخ ببلاطه كما وحرص ابنه الخليفة المستنصر علي الاهتمام بهذه الصناعة هو الآخر فخصص للوراقين جناحاً خاصاً بهم فلمعت أسماء للوراقين كلبني جاريته وهي من أمهر واشهر النساخ في عهده ووصفها ابن بشكوال بأنها " لم يكن في قصرهم –أي الخلفاء – أنبل منها وكانت عروضية ، خطاطة جداً " وهذا الاهتمام بصناعة الورق وانتشار الوراقين يعود للأهمية الكبري التي أولاها المستنصر للعلوم وحرصه علي اقتناء أنفس وأندر الكتب ونسخها بأكثر من نسخة ومن أشهر هؤلاء الوراقين أيضاً عباس الكناني ويوسف البلوطي الذي اشتهر بجوده خطه ومهارته في مجال النسخ ومحمد بن الحسين الفهري الذي قام بنسخ مؤلفات أبي عالي القالي وأيضاً عائشة بنت أحمد القرطبي وهي شاعرة وأديبة وخطاطة وغيرها الكثير ممن ارتبطن بمهنة الوراقة ورواجها والتي ظلت رائجة بكثير من بلدان الأندلس حتي بعد انحسار نفوذ المسلمين بها فكانت ألمرية ومالقة وغرناطة من أهم مراكز صناعة الورق والتي توفر بها أيضا أمهر النساخ والخطاطون وهم الوراقين ومن هؤلاء الشيخ أبوعثمان سعيد بن أحمد بن ليون شيخ لسان الدين بن الخطيب والذي كان مولعاً باختصار الكتب والتدوين وهناك من كانت مهنته تجارة الكتب ومن هؤلاء الشيخ ابوعبدالله محمد بن محمد بن بيش العبدري والشيخ أبوعبدالله محمد بن محمد بن ابي عاصم القيسي أبوالقاسم الخضر بن احمد بن أبي العافية وغيرهم الكثير ممن امتهنوا مهنة الكتابة والنسخ لبني نصر سلاطين غرناطة .