الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

تعرف على صاحب قانون جول

تعرف على صاحب قانون جول
عدد : 03-2020
بقلم المهندس/ طارق بدراوى


جيمس بريسكوت جول فيزيائي إنجليزي ذائع الصيت إعتمد على نفسه في التعليم بعيدا عن التدريبات الأكاديمية الرسمية ولم يشغل منصبا أكاديميا طيلة حياته ولكن نظرا لتمتعه بالذكاء الشديد وحبه للعلم فقد عمل مع علماء عصره الأوائل وقد تم إعتباره أحد أهم وأفضل وأعظم العلماء علي مر العصور على مستوى إنجلترا والعالم وحظي بهذه المكانة نتيجة ما جاء به من إكتشافات مهمة والتي كان من بينها قانون التسخين في الموصل الكهربائي وعدد من البحوث في الكهرباء المغناطيسية كما أنه إستنتج من دراساته وتجاربه المكافئ الميكانيكي الحراري وكنتيجة لأبحاثه المهمة فقد أطلق إسمه على وحدة الشغل والطاقة وهي الجول ويرمز لها بالرمز J .

ولد جول في يوم 24 ديسمبر عام 1818م في سالفورد التي تقع ضمن منطقة مدينة مانشستر التي تقع شمال غرب إنجلترا على بعد حوالي 260 كيلو متر من الجهة الشمالية الغربية من العاصمة البريطانية لندن وتعد عاصمة الشمال الإنجليزى وثاني مدن إنجلترا بعد عاصمتها وتعد إحدى المدن والقلاع الصناعية العريقة التي إنطلقت منها الثورة الصناعية في جميع أنحاء دول أوروبا الغربية وهي تعتبر أول مدينة إنجليزية جديدة ويصل عمرها إلى حوالي 300 سنة وكان جول طفلا مريضا حيث عانى من إصابة مزمنةٍ في العمود الفقري وكان والده ثريا وكان يمتلك مصنع جعة وكان حريصا على إرضاء إبنه الصغير ولذا فقد إشترى له العديد من الكتب ليقرأها كما بنى له في نهاية المطاف مختبرا في المنزل وقد تعلم جول بشكل ذاتي تماما في منزله حيث درس المعلومات التي تهمه فقط وسرعان ما إكتسب معرفة عملية بالفيزياء والكيمياء وفي عام 1834م وكان عمره حينذاك 16 عاما أرسل للدراسة مع أخيه الأكبر في جمعية مانشيستر الأدبية والفلسفية وتعلم الأخوان هناك علوم الحساب والهندسة هناك لمدة سنتين كاملتين وكان من ضمن من يدرسون له عالم الفيزياء والكيمياء وصاحب النظرية الذرية والمعروفة بإسمه جون دالتون وقد سحرت الكهرباء الأخوان جول وكانا يقومان بإجراء التجارب من خلال إعطاء صدمات كهربائية لبعضهما البعض وفي نهاية السنتين المذكورتين كان جول قد بلغ الثامنة عشرة من عمره ومنذ ذلك الوقت إتخذ من العلم هواية له وكتب جول في عام 1838م وكان عمره 20 عاما أول منشور علمي في الكهرباء ونشره في أحد المجلات العلمية وخلا ل سنواته الأولى أبدى شغفا وإهتماما كبيرا بالقياس وعندما كبر أصبح ذلك الشغف هوسا وقد قيل عنه إنه قضى جزءا من وقته خلال شهر العسل في مقارنة درجة حرارة الماء في الجزء العلوي من شلال قريب مع درجة حرارة قاعه وكان الغرض من تلك التجربة هو دراسة تحول الطاقة الحركية إلى طاقة حرارية وقد تباطأ عمله العلمي نسبيا عام 1833م عندما أجبره مرض والده على الإنشغال بعض الوقت بشكل أكبر في إدارة مصنع الجعة العائلي وفي عام 1840م قام بإحلال المحرك الكهربائي الذى كان قد إخترع حديثا لأغراض علمية وإقتصادية مكان الآلة البخارية التي كانت مستخدمة في هذا المصنع حيث أراد تحسين الآلات في المصنع من أجل تحسين وزيادة الإنتاج وتحقيق كفاءة وجودة أعلى .

وفي نفس العام 1854م قدم جول أول إكتشافٍ علميٍ مهم خاص به حيث قام بإجراء تجارب على الحرارة مستخدما تيارا كهربائيا وإكتشف من خلال تلك التجارب العلاقة بين شدة التيار الكهربائي ومقاومة الموصل مع الحرارة الناتجة وينص القانون المعروف بقانون جول على أن الحرارة الناتجة أو الطاقة التي يهدرها الموصل بإعتبار الحرارة طاقة مهدرة لا تسترد تلقائيا تساوي حاصل ضرب مربع شدة التيار الكهربائي ومقاومة الموصل والزمن الذي يسري فيه التيار الكهربائي وبعد ذلك أصبح جول مفتونا بالحرارة وبدأ بقياس الحرارة في العديد من التجارب في مختبره وبإستخدام المجاديف قام بتحريك الماء ليقيس إرتفاع درجة الحرارة فيها كما قام بتمرير الماء من خلال ثقوب صغيرة وقاس الحرارة الناجمة عن الإحتكاك وفي أكثر تجاربه شهرة إستخدم وزنا ساقطًا لدفع مجداف لإثارة الماء ومن خلال قياس مسافة سقوط الوزن تمكن جول من حساب كمية العمل الذي أدى لرفع درجة حرارة الماء وفي تلك التجربة قام بحساب تكافؤ الطاقة الميكانيكية مع الحرارة حيث حدد أن الأمر يتطلب 41.8 مليون إرج من العمل لرفع درجة حرارة 1 جرام من الماء درجة مئوية واحدة وتدعى هذه الكمية من الحرارة بإسم السعر الحرارى وكان ذلك إكتشافا مهما جدا حيث لم يتمكن أي عالم آخر من تحقيق قياس دقيقٍ مثل ذلك من قبل وفي عام 1847م قرر نشر نتائجه العلمية ولسوء الحظ لم تقبل أي مجلة علمية نشر عمله ويرجع ذلك بالأساس إلى حقيقة أنه كان رجل ثرى غريب الأطوار وليس عالما وفي نهاية المطاف قدم بحثه في محاضرة عامةً حضرها عدد قليل في مدينة مانشستر وبعد ذلك لجأ إلى مجلة محلية لإعادة نشرها وبعد عدة أشهر سمح له بالتحدث أمام جمهور من الأكاديميين الشاكين في قدراته لكن عالما واحدا أدرك أهمية عمل جول وهو عالم الفيزياء الإسكتلندى الشاب حينذاك وليم طومسون الذي أصبح في نهاية المطاف فيزيائي بارز يحمل إسم اللورد كلفن والذى أطلق إسمه على وحدة قياس درجة الحرارة المعادلة لدرجة مئوية واحدة وهي الكلفن حيث حسب كلفن أخفض درجة يمكن أن تصل إليها المادة وسميت هذه الدرجة بالصفر المطلق وهي تعادل −273.15 درجة مئوية وقد سمي هذا المقياس بالمقياس المطلق أو مقياس كلفن وعندما بلغ هذا العالم الفذ عمر 23 عاما فقط كان رأي طومسون يحظى بإحترام كبيرٍ من قبل أقرانه من العلماء والباحثين ولذلك فبدعمه لجول تم قبول أبحاثه بسرعة وعلى الرغم من أن جول لم يكن أول من يقوم بحساب تكافؤ الطاقة الميكانيكية مع الحرارة لكن حساباته إعتبرت الأكثر دقة وعلى شرفه سميت وحدة العمل الرئيسية بإسمه أي الجول وهي التي تعادل 10 مليون إرج وبذلك أصبح السعر الحرارى الواحد يساوى 4.18 جول حسب النتائج التي توصل إليها وكان تحديد تكافؤ الطاقة الميكانيكية مع الحرارة خطوة هامة جدا في تطوير مفهوم حفظ الطاقة فعلى سبيل المثال لا الحصر سنجد أن أبحاثه وتجاربه ونتائجها قد فتحت الباب أمام الباحثين لعمل مقارنة كمية طاقة الوضع المخزنة في وزن معلق مع مقدار الطاقة الحركية المحررة عندما يسقط بإتجاه الأرض وبذلك كان لجيمس بريسكوت جول أثر بارز في تطوير المفهوم الحديث للطاقة وكانت تجاربه ملهمة لمن تبعه من العلماء وعلى رأسهم الطبيب والفيزيائي وعالم الرياضيات الألماني صاحب الإنجازات في علوم الطب والكهرباء المغناطيسية هيرمان فون هيلمهولتز الذي قام بالصياغة النهائية لمفهوم الطاقة بعد أن أثبت جول التكافؤ بين أشكال الطاقة المختلفة الميكانيكية والكهربائية والحرارية وأنه يمكن تحويلها من شكل إلى آخر وبهذا يكون قد وضع أساس قانون حفظ الطاقة وهو القانون الأول في علم التحريك الحراري أو الديناميكا الحرارية وهي أحد فروع الميكانيكا الإحصائية الذي يدرس خواص إنتقال الشكل الحراري للطاقة بشكل خاص وتحولاته إلى أشكال أخرى من الطاقة .

وبعد الإعلان عن عدد جول أصبح الباحثون أيضا قادرين على حساب كمية الشغل المتحولة إلى حرارة بدقة كبيرة وأدركوا أن طاقة الوضع تعادل دائما الطاقة الحركية بإهمال الإحتكاك وبالفعل فإن الطاقة محفوظة وبذلك تم التوصل إلى الإثبات النهائي لذلك من قبلهم وبالإضافة إلي ذلك كان جول مسؤولا بشكل جزئي على الأقل عن إكتشافين مهمين آخرين فقد أظهر جنبا إلي جنب مع صديقه الجديد طومسون أن درجة حرارة الغاز تنخفض عندما يتوسع بقدر كبير في بعض الأحيان وقاما بإجراء عدد من التجارب في درجات حرارة منخفضة ونجحا في تسييل بعض الغازات ويعرف هذا الإكتشاف بإسم تأثير جول طومسون وهو يشكل أساس علم التبريد الشديد الحديث فبإستخدام تقنيات تستند إلى عمل جول وطومسون يمكن للعلماء الآن تسييل الهيدروجين والتيتروجين والهليوم والغازات الأخرى وفي عام 1846م إكتشف جول أنه عند مغنطة شريط من الحديد سيتغير طوله وأطلق علي هذه الظاهرة إسم Magnetostriction أي الإنقباض المغناطيسي وفي عام 1850م إنتخب جول كعضوٍ في الجمعية الملكية البريطانية المرموقة وبعد سنتين وفي عام 1852م حصل جول علي القلادة الملكية وهي قلادة من الفضة المطلية بالذهب تمنحها الجمعية الملكية سنويا لأهم الإسهامات في تقدم المعارف الطبيعية وللإسهامات البارزة في العلوم التطبيقية كما حصل أيضا على أعلى تكريم وهو وسام كوبلي في عام 1870م وهو أحد الجوائز العلمية العشرة المرموقة التي تقدمها الجمعية الملكية البريطانية وقد تم تقديمها لأول مرة عام 1731م وحصل عليها ستيفن جراى وكان يعمل صباغا وعالِم فلك هاوي وكان أيضا صاحب أول تجربة منهجية في المقاومة الكهربائية وحصل جول أيضا في عام 1880م على ميدالية البرت من الجمعية الملكية للفنون لإكتشافه وتقنين العلاقة بين الحرارة والكهرباء والعمل الميكانيكي وهي وسام تمنحه الجمعية الملكية للفنون في بريطانيا تشجيعا للفنون والصناعات والتجارة أنشئ في عام 1864م تكريما لذكرى الأمير البرت زوج الملكة فيكتوريا ملكة بريطانيا والذي رأس الجمعية ثمانية عشر عاما وكان قد توفي وهو في سن 42 عاما في شهر ديسمبر عام 1861م ومنح هذا الوسام للمرة الأولى في عام 1864م للسير رولاند هيل مخترع فكرة طابع البريد وصاحب الإصلاحات الكبيرة في نظام البريد البريطاني .

وعلاوة علي كل ماسبق فقد شغل جول منصب رئيس الجمعية البريطانية لتطوير العلوم خلال المدة من عام 1872م وحتي عام 1887م وكانت قد تأسست في عام 1860م بغرض نشر العلم وتشجيع الأبحاث والدراسات العلمية في بريطانيا وخارجها كما تم نشر العديد من مقالاته العلمية في مجلتين علميتين في الفترة من عام 1885م وحتي عام 1887م كما تم ايضا إختياره ليكون عضوا في الأكاديمية الأميريكية للفنون والعلوم وهي واحدة من أقدم وأعرق الأكاديميات الأميريكية وقد تم تأسيسها في أواخر القرن الثامن عشر الميلادى خلال الثورة الأميريكية على أيدي جون آدامز الرئيس الثاني للولايات المتحدة والسياسي ورجل الدولة جون هانكوك وجيمس بودوين وغيرهم من الباحثين الذين ساهموا في إنشاء الدولة الجديدة وحكومتها وصياغة دستورها ولذا فإن عضويتها تعد عضوية مرموقة مقارنة بباقي الأكاديميات والجمعيات سواء الأميريكية أو غيرها وهي تعد مركز رائد في الأبحاث والدراسات العلمية في شتي المجالات ولذا يعد إختيار شخص ما لعضويتها أكبر تكريم له وبالإضافة إلي ما سبق فقد تم إختياره أيضا عضوا في الأكاديمية الأميريكية الوطنية للعلوم وكانت قد تأسست في يوم 3 مارس عام 1863م بموجب مرسوم وقعه الرئيس الأميريكي السادس عشر إبراهام لنكولن وتضم في عضويتها علماء في عدة مجالات منها الطب والهندسة والفيزياء والكيمياء والجيولوجيا وعلوم الفضاء والإقتصاد والقانون وحاليا تضم في عضويتها حوالي 200 عالم من الحاصلين علي جائزة نوبل في مجالات علمية مختلفة ويعد أيضا من يتم إختياره في عضويتها تكريما له وعن الحياة الشخصية للعالم جول فقد تزوج في عام 1847م من أميليا جريمس لكن زواجهما كان قصير الأمد حيث توفيت عام 1854م بعد أن أنجب منها ثلاث أبناء هم الأكبر بنجامين آرثر جول في عام 1850م وأليس أميليا في عام 1852م والأصغر هنري جول في عام 1854م الذى توفي بعد مولده بثلاثة أسابيع وفي نفس هذا العام الذى توفيت فيه زوجته واصغر أبنائه 1854م كان هو وأسرته قد باعوا مصنع الجعة وبذلك إستطاع أن يتفرغ تماما لأبحاثه وتجاربه العلمية وكانت وفاته في يوم 11 أكتوبر عام 1889م عن عمر يناهز 71 عاما بعد صراع طويل مع المرض إستمر 17 عاما وتكريما له تم صنع تمثال له ووضعه في مدخل بلدية مدينة مانشستر وكان من أشهر أقواله يتحقق النظام في الكون بإرادة الله وإيمانا مني بأن سلطة التدمير تتم بإرادة الله الخالق فإنني أؤكد علي أن أي نظرية عندما يتم تنفيذها وتطالب بإبادة القوة هي بلا شك نظرية خاطئة .
 
 
الصور :
شاهد قبر جول في مقبرة بروكلاندز، سال