الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

دوجلاس ماك آرثر

دوجلاس ماك آرثر
عدد : 06-2019
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com


دوجلاس ماك آرثر جنرال أميريكي من أبرز القادة العسكريين الأميريكيين خلال النصف الأول من القرن العشرين الماضي حيث أظهر نبوغا مبكرا وتفوقا نادرا في مجال الإستراتيجية العسكرية وكان هو من وقع الإختيار عليه ليقود قوات جنوب غرب المحيط الهادى في الحرب العالمية الثانية مابين عام 1939م وعام 1945م وأشرف على إحتلال الحلفاء الناجح لليابان وصار الحاكم العسكرى لها بعد الحرب كما كان هو في البداية قائد قوات الأمم المتحدة في الحرب الكورية التي إستمرت مابين عام 1950م وعام 1953م وكان دوجلاس ماك آرثر شخصية مقبلة على الحياة مثيرة للجدل وموهوبة وصريحة وتميز بشخصيته القوية والتي تتميز بالجرأة والثقة الشديدة بالنفس كما تميز بمظهره الجذاب وقبعته المميزة ذات الإطار الذهبي والتي تزينها شارات المارشالية ونظارته الشمسية والغليون الذى لا يفارق فمه كما كان محبوبا ومطاعا من رجاله ومعاونيه ومن جانب آخر فقد كان في نظر الكثيرين يعد مغرورا حيث كان دائما ما يتشبث برأيه ولا يتقبل أى صورة من صور النقد مما كان يسبب له الكثير من الخلافات والمشاكل مع رؤسائه .

ولد دوجلاس ماك آرثر في يوم 26 يناير عام 1880م في بلدة ليتل روك بولاية أركنساس وكان الإبن الثالث للجنرال آرثر ماك آرثر والذى يعد واحدا من أبطال الحرب الأهلية الأميريكية خلال القرن التاسع عشر الميلادى والذى تم إختياره حاكما للفلبين بعد ذلك وقضي دوجلاس ماك آرثر طفولته المبكرة هناك ويتحدث عن تجربته هذه في طفولته قائلا لقد تعلمت هناك أن أطلق النار حتى قبل أن أتمكن من القراءة أو الكتابة وفي الواقع قبل حتى أن أتمكن من المشي أو الحديث وكانت والدته ماري هاردي إمرأة طموحة جداً أثرت في ولدها وأورثته كثيرا من أفكارها وإلتحق دوجلاس ماك آرثر بأكاديمية وست بوينت العسكرية وتخرج منها عام 1903م بدرجة شرف وأصبح ضابطاً مهندسا وتقلّب في عدد من المناصب التقليدية طوال أربعة عشر عاما قام في أثنائها بجولات في مناطق الشرق الأقصى مرافقا ومساعدا لوالده الجنرال آرثر حاكم الفلبين ثم مرافقا للرئيس الأميريكي السادس والعشرين تيودور روزفلت ثم تم تعيينه بعدها الضابط الأول للعلاقات العامة للجيش وشارك في الإحتلال الأميريكي لمدينة فيراكروز وهي مدينة مكسيكية ساحلية رئيسية تقع على خليج المكسيك في وسط ولاية فيراكروز المكسيكية عام 1914م وقد إحتلتها القوات الأميريكية لمدة 7 شهور خلال العام المذكور وفي الحرب العالمية الأولى التي قامت مابين عام 1914م وعام 1918م رقي دوجلاس ماك آرثر إلى رتبة عميد ومنح عددا من الأوسمة لإنجازاته وأعماله البطولية في فرنسا في المعارك التي خاضها قائدا للفرقة 42 وإحتلاله منطقة الراين وذلك بعد أن دخلت الولايات المتحدة الأميريكية الحرب في عام 1917م .

وبعد إنتهاء الحرب وفي عام 1919م عين دوجلاس ماك أرثر مديرا لأكاديمية وست بوينت العسكرية حيث أمضى في هذا المنصب ثلاث سنوات أدخل في أثنائها تحسينات كبيرة على مناهج التدريس وأساليبه فيها وتقلّب بعد ترقيته إلى رتبة لواء في عدد من المناصب منها قيادة الإدارة العسكرية الأميريكية في الفلبين فرئاسة اللجنة الأوليمبية الأميريكية في عام 1928م وفي عام 1930م عينه الرئيس الأميريكي الحادى والثلاثين حينذاك هربرت هوفر رئيسا لأركان حرب الجيش برتبة جنرال وإستمر في منصبه هذا خمس سنوات سعى في أثنائها إلى زيادة قوة الجيش الأميريكي والمحافظة على قدراته على الرغم من الأزمة الإقتصادية العالمية غير أنه تعرض للنقد لإفراطه في إستعمال القوة في طرد المحاربين القدماء الساخطين من الذين شاركوا في الحرب العالمية الأولى وعرفوا بإسم جيش العلاوة وذلك خلال عام 1932م إثر إعتصامهم في واشنطن العاصمة في حركة إحتجاج بسبب الإنهيار الإقتصادي الكبير في الولايات المتحدة الأميريكية مما تسبب في توتر العلاقة كثيرا بينه وبين ضباط وجنود الجيش وفي عام 1935م تنحى دوجلاس ماك آرثر عن منصبه ليعمل مستشارا عسكريا لحكومة الفلبين وكلف حينذاك دوجلاس ماك آرثر بإنشاء قوة مسلحة للفلبين التي أصبحت كومنولث الولايات المتحدة في ذلك العام وفي عام 1937م كان من المقرر أن يعود للعمل في الولايات المتحدة ولكنه إستقال من الجيش مشيرا إلى أن مهمته لم تنته بعد وظل في الفلبين حيث عمل مستشارا مدنيا للرئيس مانويل كيزون الذي عينه مارشال ميداني في الفلبين وفي عام 1941م كانت اليابان التوسعية تشكل تهديدا متزايدا وتم إستدعاء دوجلاس ماك آرثر للخدمة الفعلية لكي يكون قائد القوات الأميريكية في الشرق الأقصى وحدث أن قذفت الطائرات اليابانية في يوم السابع من شهر ديسمبر عام 1941م القاعدة البحرية الأميريكية في خليج بيرل هاربور في هاواي كما قذفت القواعد الجوية الأميريكية في الفلبين وكان نتيجة ذلك أن دخلت الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية عندما أعلنت الحرب على اليابان في الثامن من شهر ديسمبرعام 1941م وقد بدأ التدخل الياباني في الفلبين بعد أسبوعين من ذلك التاريخ وقاد دوجلاس ماك آرثر قوات الدفاع عن الفلبين وركز قواته في شبه جزيرة باتان وجزيرة كوريجدور في خليج مانيلا إلا أن اليابانيين تمكنوا من تحقيق النصر .

وترك دوجلاس ماك آرثر في شهر مارس عام 1942م كوريجدور ليذهب بعد ذلك إلى أستراليا بناءا على أوامر من الرئيس الأميريكي الثاني والثلاثين حينذاك فرانكلين روزفلت حيث هرب هو وأسرته وأفراد من موظفيه من جزيرة كوريجيدور في قوارب إلى أستراليا وتعهد فور وصوله هناك تعهدا مشهورا بالعودة مرة أخرى لرؤية شبه جزيرة باتان وفي الشهر التالي أبريل عام 1942م تم تعيينه القائد الأعلى للقوات المتحالفة في جنوب غرب المحيط الهادى وتم منحه وسام الشرف لدفاعه عن الفلبين وهو نفس الوسام الذى كان والده قد حصل عليه من قبل نظرا لإستبساله البطولي في الحرب الأهلية الأميريكية والذى يعد من أرفع الدرجات العسكرية في البلاد ويعد دوجلاس ماك آرثر ووالده هما الأب والإبن الوحيدان اللذان نالا شرف الحصول علي هذا الوسام الرفيع وبعد فترة وجيزة عاد دوجلاس ماك آرثر إلي الفلبين في شهر مايو عام 1942م وقد أمضى العامين ونصف العام التاليين بقيادة حملة ضد اليابانيين في المحيط الهادى وكانت إستراتيجيته في هذه الحملة تعتمد على الإنقضاض على الجزر الفلبينية التي تحتلها اليابان الواحدة تلو الأخرى وصولا إلى الجزر اليابانية نفسها وبإتباعه هذه الإستراتيجية تمكن من تحرير الفلبين في شهر أكتوبر عام 1944م ووقتها قال لقد عدت وبفضل الله ستقف قواتنا مرة أخرى على التربة الفلبينية وفي شهر ديسمبر عام 1944م تم ترقية دوجلاس ماك آرثر إلى رتبة جنرال الجيش وكان واحدا من عدد 5 قادة في تاريخ الولايات المتحدة الأميريكية حصلوا علي هذه الرتبة الرفيعة وليتولي قيادة جميع قوات الجيش في المحيط الهادى وفي يوم 2 سبتمبر عام 1945م قبل دوجلاس ماك آرثر رسميا إستسلام اليابان على متن السفينة ميسوري في خليج طوكيو وكان علي وشك إتخاذ قرار بغزوها ومن عام 1945م وعام 1951م أشرف دوجلاس ماك آرثر على تسريح القوات العسكرية اليابانية بنجاح فضلا عن إستعادة الإقتصاد وصياغة دستور جديد والعديد من الإصلاحات الأخرى وقد إحترم اليابانيون قدرات آرثر وخاصة عندما ضغط على الإمبراطور الياباني وحكومته لتنفيذ العديد من الإصلاحات .

وفي يوم 25 من شهر يونيو عام 1950م قامت القوات الشيوعية لدولة كوريا الشمالية بغزو جمهورية كوريا الجنوبية التي كانت متماشية مع الغرب فيما عرف بإسم الحرب الكورية عندما عبرت قوات كوريا الشمالية خط العرض 38 الذي يفصل بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية وتم إختيار دوجلاس ماك آرثر قائدا لقوات التحالف العسكرية التي أرسلتها الأمم المتحدة بقيادة الولايات المتحدة الأميريكية التي هبت لنجدة وحماية كوريا الجنوبية وقاد آرثر عملية إنزال مدهشة خلف خطوط العدو في ميناء إنشون بكوريا الجنوبية وبهذا التحرك تمكنت قوات الأمم المتحدة من الإستيلاء على العاصمة الكورية الجنوبية سيول محدثة إنهيارا كليا في جيش كوريا الشمالية وقاتلت قواته الكوريين الشماليين ودفعتهم في النهاية الى الحدود الصينية وإجتمع دوجلاس ماك آرثر مع الرئيس الأميريكي الثالث والثلاثين حينذاك هارى ترومان الذى خلف الرئيس فرانكلين روزفلت والذى شعر بالقلق من أن تعتبر الحكومة الشيوعية لجمهورية الصين الشعبية الغزو عملا عدائيا وتتدخل فى الصراع وهنا أكد الجنرال دوجلاس ماك آرثر أن فرص التدخل الصيني ضئيلة وفي شهرى نوفمبر وديسمبر عام 1950م عبرت قوة هائلة من الجنود الصينيين إلى كوريا الشمالية ووضعت نفسها في مواجهة الخطوط الأميريكية مما دفع القوات الأميريكية إلى العودة إلى كوريا الجنوبية حيث تمكنت القوات الصينية من طرد قوات الأمم المتحدة جنوبي خط العرض 38 وأراد آرثر نتيجة لذلك أن يمد الحرب إلى الصين ولكن تخوف بعض أعضاء الأمم المتحدة من أن يؤدي الهجوم على الصين إلى حرب عالمية ثالثة مما كان سببا في وقوع خلاف شديد بين آرثر والرئيس الأميريكي هاري ترومان ورئيس هيئة الأركان المشتركة حول حصر الحرب في كوريا حيث طلب دوجلاس ماك آرثر الإذن بمواجهة الصين الشيوعية وإستخدام القوات الصينية القومية من تايوان ضد جمهورية الصين الشعبية ولكن رفض ترومان رفضا قاطعا كل هذه الطلبات وأصدر حينذاك دوجلاس ماك آرثر بيانًا ينتقد فيه سياسة الحكومة الأميريكية وهدفها تجاه هذه الحرب .

وكنتيجة مباشرة لهذا الخلاف تمت إقالة دوجلاس ماك آرثر من قيادة قوات الأمم المتحدة في كوريا وخلفه الجنرال ماثيو ردجواي ولاحقا الجنرال مارك وين كلارك الذي وقع الهدنة التي أعلنت وقف إطلاق النار في الحرب الكورية في يوم 27 من شهر يوليو عام 1953م وقد جاءت إقالة دوجلاس ماك آرثر لكي تثير ضجة قليلة بين الجمهور الأميريكي ولكن ترومان ظل ملتزما بإبقاء الصراع في كوريا حربا محدودة وجدير بالذكر أن هذه ليست المرة الأولي التي يلجأ فيها رئيس أميريكي إلي عزل أحد القادة في خضم الحرب فقد سبق وأن إضطر الرئيس الأميريكي السادس عشر إبراهام لينكولن إلي إقالة قائده العسكري الجنرال جورج ماكليلان الذي كان القائد الاعلى منذ عام 1861م خلال حرب الإنفصال بين الشمال والجنوب في الولايات المتحدة حينما بالغ في تقدير القوات الجنوبية وتردد في اقحام قواته ضد الجنوبيين الذين كانوا يطوقون واشنطن كما أنه كان أيضا ضد سياسة تحرير العبيد التي إنتهجها لينكولن ووصفه بالقرد المفكر فأقاله لينكولن من مهامه كقائد اعلى في شهر مارس عام 1862م وفي نهاية المطاف بدأ الشعب الأميريكي يدرك أن سياسات دوجلاس ماك آرثر وتوصياته قد تؤدى إلي حرب موسعة على نطاق واسع في آسيا وفي شهر أبريل عام 1951م عاد دوجلاس ماك آرثر الى الولايات المتحدة وذلك بعد غياب عنها طيلة حوالي 15 عاما حيث كان موضع ترحيب كبطل قومي وتم تكريمه مع عمل مسيرات ترحب بقدومه في مدن مختلفة وفي يوم 19 أبريل عام 1951م ألقى خطابا متلفزا دراماتيكيا قبل جلسة مشتركة للكونجرس إنتقد فيها سياسة ترومان إزاء الحرب الكورية وقد أقام دوجلاس ماك آرثر وزوجته في هذه الآونة في جناح في فندق والدورف أستوريا في مدينة نيويورك وفي عام 1952م إنضم إلي الحزب الجمهورى وكانت هناك دعوات تنادى بترشيحه لرئاسة الجمهورية في الإنتخابات التي كانت ستجرى في شهر نوفمبر من العام المذكور ومع ذلك إختار الحزب الجمهورى في نهاية المطاف دوايت أيزنهاور الذي فاز في الإنتخابات علي منافسه المرشح الديمقراطي أدلاي ستيفنسون وأصبح الرئيس الرابع والثلاثين للولايات المتحدة والذى كان قائدا عاما أيضا في جيش الولايات المتحدة الأميريكية خلال الحرب العالمية الثانية وقائدا أعلى لقوات الحلفاء في أوروبا كما كان أيضا مسؤولا عن التخطيط والإشراف على غزو شمال أفريقيا في عملية الشعلة في عام 1942م وعام 1943م وهي العملية التي خططت لها القيادة الأميريكية البريطانية لشن هجوم على الأراضي التابعة لحكومة فيشي الفرنسية الموالية للألمان في شمال أفريقيا في بلاد المغرب العربي تونس والجزائر والمغرب والتي كان الهدف منها فتح جبهة ثانية علي الألمان لتخفيف الضغط على الإتحاد السوفيتي وعلاوة علي ذلك فقد قاد عملية غزو الحلفاء الناجح لفرنسا والمانيا في الجبهة الأوروبية الغربية عام 1944م وعام 1945م وهي العملية التي إنتهت بتحرير فرنسا من الإحتلال النازى الذى إستمر 4 سنوات وإنتهت الحرب بهزيمة المانيا وإحتلالها من جانب قوات الحلفاء الأربعة الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والإتحاد السوفيتي وعلاوة علي ذلك فقد أصبح أول قائد أعلى لحلف شمال الأطلسي والمعروف بإسم الناتو الذى تأسس عام 1949م .

وفي نفس العام 1952م أصبح دوجلاس ماك آرثر رئيس ريمنجتون راند صانعة المعدات الكهربائية وآلات الأعمال وعلي مستوى الحياة الشخصية لدوجلاس ماك آرثر ففي عام 1922م تزوج من سوسياليتي لويز كرومويل بروكس لكنهما إنفصلا بعد حوالي 7 سنوات في عام 1929م وفي عام 1937م تزوج دوجلاس ماك آرثر من جان فيركلوث وأنجبا طفلا واحدا وهو آرثر ماك آرثر الرابع في العام التالي 1938م وقد توفي دوجلاس ماك آرثر عن عمر يناهز 84 عاما في يوم 5 أبريل عام 1964م في مستشفى والتر ريد في واشنطن العاصمة والتي كان قد دخلها قبل حوالي شهر من هذا التاريخ وأجرى بها عدد 3 عمليات جراحية بالمعدة وأعلن الرئيس الأميريكي حينذاك ليندون جونسون الحداد القومي عليه وسجي جثمانه بمبني الكونجرس الأميريكي المعروف بإسم الكابيتول لكي يتم إلقاء نظرة الوداع عليه وتم تشييع جنازته يوم 11 أبريل عام 1964م مصحوبة بكافة مظاهر التكريم العسكرية التي تليق بأحد القادة العسكريين الكبار في تاريخ الولايات المتحدة الأميريكية ودفن في النصب التذكاري في نورفولك بولاية فيرجينيا وشيد له نصب تذكاري ومتحف يعرض فيه مسيرته العسكرية الطويلة وكان من أشهر أقواله في الحرب لا بديل عن النصر وكان من أعظم ما قيل عنه إنه بإخلاصه الزائد وتفانيه الشديد في أداء مهامه شارك في دخول الولايات المتحدة الأميريكية إلي عهد جديد وإخراجها من عزلتها وراء المحيط الأطلسي وتحولها إلي قائدة للعالم الغربي كما قيل عنه أيضا إن قراراته التي كان يتخذها أثناء الحرب كانت كلها سديدة ونابعة عن دراسة متأنية ومستفيضة حيث كان يتميز بحاسة إستراتيجية عالية تمكنه من التقدير والتوقع الصائب لتحركات وخطط عدوه وعلاوة علي ذلك فقد كان من رأيه عدم التدخل الأميريكي في فيتنام حيث ستكون ورطة كبيرة ومستنقع تقع فيه القوات الأميريكية وقد صدق حدسه فقد تورطت بالفعل الولايات المتحدة في هذه الحرب وتصاعدت وتيرة التدخل الأميريكي فيها بداية من عام 1960م أثناء عهد الرئيس جون كينيدي حيث بدأت ترتفع أعداد القوات الأميريكية تدريجيا فمن أقل من ألف جندي عام 1959 إلى 16 ألف جندي عام 1963م وبحلول عام 1964م كان عدد القوات الأميريكية المتدخلة في الصراع في فيتنام قد بلغ 23 ألف جندي ثم تصاعد العدد أكثر بقرار من الرئيس الأميريكي حينذاك ليندون جونسون بزيادة أعداد الجنود الأمريكيين وأصبح العدد 184 ألف جندي أميريكي وفي كل عام كانت تتزايد أعداد الجنود الأمريكيين على الرغم من التقدم القليل في الصراع وقد عبر وزير الدفاع الأمريكي آنذاك روبرت ماكنمارا والذي لعب دورا رئيسيا في تصعيد تدخل الولايات المتحدة في حرب فيتنام عن شكوكه في تحقيق الإنتصار في هذه الحرب وظلت الولايات المتحدة متورطة في المستنقع الفيتنامي حتي يوم الثالث والعشرين من شهر يناير عام 1973م حينما أعلن عن التوصل إلى إتفاق لوقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ يوم الثامن والعشرين من الشهر ذاته وبحلول شهر أبريل عام 1973م كان آخر جندي أميريكي قد غادر فيتنام وكان للدكتور هنرى كيسنجر مستشار الأمن القومي الأميريكي حينذاك فضل كبير في إنقاذ الولايات المتحدة من هذا المستنقع ولذا تم منحه جائزة نوبل للسلام لعام 1973م وبذلك إستطاعت الولايات المتحدة الأميريكية بواسطة كيسنجر الخروج من المستنقع الفيتنامي الذى تورطت فيه .
 
 
الصور :