الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

رئيس وزراء مصر محمود فهمي النقراشي
-ج1-

رئيس وزراء مصر محمود فهمي النقراشي
-ج1-
عدد : 05-2019
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com

محمود فهمي النقراشي باشا هو أحد الرجال العظماء الذين أنجبتهم مصر والمشهود لهم بالوطنية والأمانة والنزاهة وطهارة اليد وقد شغل منصب رئيس مجلس وزراء مصر مرتين الأولي خلال المدة من يوم 24 فبراير عام 1945م وحتي يوم 8 فبراير عام 1946م والثانية خلال المدة من يوم 9 ديسمبر عام 1946م وحتي يوم 28 ديسمبر عام 1948م وهو تاريخ إغتياله علي أيدى جماعة الإخوان المسلمين كما سنذكر في السطور القادمة بإذن الله وكان معروفا عنه أيضا مواجهته للملك فاروق أثناء توليه منصب رئيس مجلس الوزراء وصراحته الشديدة ونقده لبعض تصرفاته وسلوكياته الخاصة التي تقلل من وقاره وهيبته كملك مثل سهره في بعض الأماكن مثل أوبرج الأهرام علاوة علي إحتمال تعرضه لمخاطر عديدة من جراء ذلك حيث كان لا يخشي في الحق لومة لائم وقد ولد النقراشي باشا فى مدينة الإسكندرية عام 1888م وعاش بها وحصل علي شهادة التوجيهية وهي ما تماثل الثانوية العامة في وقتنا الحاضر ثم دخل مدرسة المعلمين الخديوية التى تعادل كلية التربية الآن ثم سافر إلي إنجلترا فى بعثة دراسية للحصول على شهادة فى التعليم من نوتنجهام عام 1917م وبعد عودته من البعثة عين مدرسا بمدارس وزارة المعارف العمومية وهي تماثل وزارة التربية والتعليم في الوقت الحاضر ثم عين ناظرا لمدرسة رأس التين بالإسكندرية ثم أصبح سكرتيرا عاما للوزارة ثم وكيلا لمحافظة القاهرة ثم إستقال بعد ذلك ليتفرغ للعمل في مجال السياسة وقد تزوج النقراشي باشا وأنجب نجله هانى والذى كان عمره 12 عاما يوم مقتل والده وكان طالبا بالمدرسة الثانوية النموذجية كما أنجب صفية وكان عمرها عشر سنوات يوم مقتل والدها وكان لهانى وصفية أخت من الأم أكبر منهما هى جاذبية سعد الدين .


وكان النقراشي باشا عضوا بحزب الوفد المصرى منذ تأسيسه علي يد الزعيم سعد زغلول باشا وكان أحد قياداته وأحد قيادات ثورة عام 1919م وحكم عليه بالإعدام من قبل سلطات الإحتلال الإنجليزي بسبب أحداث هذه الثورة هو وزميله أحمد ماهر باشا ثم تم العفو عنهما وبعد حصول مصر علي إستقلالها بموجب تصريح 28 فبراير عام 1922م وصدور دستور عام 1923م وإجراء أول إنتخابات نيابية حرة في مصر وتشكيل أول حكومة شعبية في مصر وكانت حكومة الوفد برئاسة سعد زغلول باشا في شهر يناير عام 1924م إعتقل مرة أخرى هو وزميله أحمد ماهر باشا أيضا من قبل سلطات الإحتلال الإنجليزي في مصر في شهر نوفمبر عام 1924م بعد حادثة مقتل السير لي ستاك سردار الجيش المصرى وحاكم عام السودان والتي نفذها 9 من الشباب بعضهم كان مايزال في المدارس العليا وتبين بعد ذلك أنه كانت لهم صلة بجماعة اليد السوداء التي قيل إنها خرجت من رحم الجهاز السرى لثورة عام 1919م الذى كان مسؤولا عن تحريك المظاهرات والإضرابات وقطع خطوط المواصلات والسكك الحديدية خلال أحداث الثورة والذى كان النقراشي باشا وأحمد ماهر باشا عضوا الوفد من قياداته وحامت حوله الشكوك في أن يكون له ولأعضائه صلة بعملية إغتيال السردار أو علي الأقل خرجت من رحمه تلك المنظمة التي كان من أهدافها قتل من يمكن قتله من الإنجليز خاصة وأنه لم يتم القبض علي هؤلاء الشباب إلا بعد عدة شهور من الحادث وبعد مجهود جبار قامت به وزارة الداخلية حينذاك بقيادة وزيرها الداهية إسماعيل صدقي باشا وقد تم تقديمهما للمحاكمة وترافع عنهما في هذه القضية الزعيم مصطفي النحاس باشا والذى كان يشغل وقتها منصب سكرتير عام حزب الوفد المصرى وإستطاع أن يحصل لهما علي البراءة .


وفي أول يناير عام 1930م وخلال وزارة النحاس باشا الثانية والتي خلفت وزارة عدلي يكن باشا الأخيرة والتي أجرت الإنتخابات النيابية التي أسفرت عن فوز الوفد بها تم تعيين النقراشي باشا وزيرا للمواصلات وكانت أهم مهمة لتلك الوزارة إستكمال المفاوضات مع بريطانيا بشأن المعاهدة التي تم طرحها خلال وزارة محمد محمود باشا السابقة مع وزير الخارجية البريطاني المستر آرثر هندرسون ولكن مفاوضات النحاس – هندرسون كما أطلق عليها فشلت نتيجة تمسك بريطانيا بضرورة فصل السودان عن مصر فكان أن قطع النحاس باشا المفاوضات وقال قولته المشهورة تقطع يدى ولاتنفصل السودان عن مصر وإلى جانب ذلك وضع الملك فؤاد الكثير من العوائق والعراقيل أمام تلك الوزارة وإمتنع عن توقيع المراسيم التي ترفعها الوزارة إليه فوجدت الوزارة نفسها عاجزة عن فعل أى شئ وإنتهى الأمر بأن قدمت الوزارة الوفدية إستقالتها في يوم 19 يونيو عام 1930م لتخلفها وزارة إسماعيل صدقي باشا الأولي وفي شهر أبريل عام 1936م وقبل أيام قليلة من وفاة الملك فؤاد يوم 28 أبريل عام 1936م أجريت الإنتخابات النيابية التي أسفرت عن فوز الوفد الذى تولي الحكم خلفا لوزارة علي ماهر باشا في أوائل عهد الملك فاروق وتم تعيين النقراشي باشا وزيرا للمواصلات أيضا في هذه الوزارة كما حصل أيضا علي رتبة البشوية .


وفي يوم 29 يوليو عام 1937م ذلك اليوم الذى بلغ فيه الملك فاروق سن 18 عاما بالتقويم الهجرى وأصبح ملكا علي مصر بصفة رسمية بدون مجلس وصاية وبداية من ذلك اليوم ومابعده بدأت تدب الخلافات بين الملك فاروق وبين الوزارة الوفدية القائمة برئاسة مصطفي النحاس باشا حيث كان الوفد قد كون فرقا من الشباب تسمي فرق القمصان الزرقاء ردا على تشكيل حزب مصر الفتاة فرقا بإسم القمصان الخضراء تكون مهمتها حراسة مقرات حزب الوفد ومنع أى محاولات للإعتداء عليها أو علي الشخصيات الوفدية المعروفة وبالطبع فقد أوصل رجال القصر للملك فاروق أن تلك الفرق ستمثل خطرا على الملك نفسه فلا يستطيع مواجهة الوفد أو إقالة الوزارة الوفدية إن لزم الأمر بعد ذلك كما نشأت مشكلة دستورية بين الملك والوزارة نتيجة خلو أحد المقاعد بمجلس الشيوخ فرشحت الوزارة شخصية وفدية هو حسن بك نافع بينما كان يريد الملك تعيين شخصية أخرى هو عبد العزيز باشا فهمي رئيس محكمة النقض ووزير الحقانية السابق وقد كان رئيسا لحزب الأحرار الدستوريين قبل ذلك وتمسك كل برأيه الوزارة تقول إن هذا الأمر من صميم إختصاصها وهي المسؤولة عن أمر التعيين أمام البرلمان والرأى العام والملك يرى أن الغرض من التعيين هو تزويد وتدعيم مجلس الشيوخ بالكفاءات والكوادر والشخصيات البارزة التي لاترغب في خوض المعارك الإنتخابية وأن مرشح الوزارة لن يضيف شيئا للمجلس وقامت الوزارة الوفدية بإستبدال مرشحها بشخصية وفدية أخرى هو فخرى بك عبد النور والذى لم يوافق عليه الملك فاروق أيضا .


وفي ظل تلك الأحداث والوقائع بدأت تدب خلافات داخلية في حزب الوفد حيث كان لمحمود فهمي النقراشي باشا وزير المواصلات وجهة نظر في ضرورة حل فرق القمصان الزرقاء وكذلك كان معارضا في أمر ترسية عطاء مشروع كهربة خزان أسوان علي شركة إنجليزية دون إجراء مناقصة وأيده في ذلك أحمد ماهر باشا رئيس مجلس النواب الوفدى وترتب على هذا الأمر إستبعاد وفصل محمود فهمي النقراشي باشا من حزب الوفد وخروجه من الوزارة وحاول أحمد ماهر باشا في ظل هذه الظروف أن يكتسب تأييد أعضاء الوفد ضد النحاس باشا وأعلن أنه سيقبل الوزارة إذا ماطلب من شخصية وفدية تشكيل الوزارة إذا تم إقالة وزارة النحاس باشا في حين أن النحاس باشا كان من رأيه عدم إشتراك أى شخصية وفدية في الوزارة القادمة إذا أقيلت وزارته وفشل أحمد ماهر باشا في إكتساب تأييد أعضاء الوفد وتعرض للإهانة عند خروجه من الجلسة التي نوقش فيها هذا الموضوع وإنتهي الأمر بخروجه هو أيضا من حزب الوفد وتكوينه هو والنقراشي باشا لحزب السعديين أو الحزب السعدى نسبة إلى سعد زغلول باشا وبعد تعقد الأمور بهذا الشكل تم إقالة وزارة الوفد وتم تكليف محمد محمود باشا الذى كان رئيسا لحزب الأحرار الدستوريين وزعيما للمعارضة في البرلمان والذى ترأس الوزارة قبل ذلك في عهد الملك فؤاد في شهر يونيو عام 1928م وحتي أوائل شهر أكتوبر عام 1929م تلك الوزارة التي عرفت بإسم وزارة اليد الحديدية وكان ذلك في يوم 30 ديسمبر عام 1937م وكانت هذه هي المرة الأولي في عهد الملك فاروق التي يتم فيها إقالة الوزارة الأمر الذى تكرر بعد ذلك عدة مرات طوال فترة حكمه مما كان له آثار وأبعاد سيئة للغاية علي البلاد وعليه شخصيا مما أدى في النهاية إلى فقدانه عرش مصر وإنتهاء حكم أسرة محمد علي باشا للأبد .


وقد ظل الحزب السعدى في الحياة السياسية في مصر ولكن بعيدا عن الحكم في السنوات التالية وخلال فترة الحرب العالمية الثانية وإن كان قد تم إشتراك بعض أعضائه في وزارات تلك الفترة حيث شغل النقراشي باشا منصب وزير الداخلية في وزارة محمد محمود باشا التي تشكلت أواخر عام 1937م ثم شغل منصب وزير المعارف العمومية في وزارة علي ماهر باشا التي تشكلت أواخر شهر أغسطس عام 1939م ثم شغل منصب وزير المالية في وزارة حسن صبرى باشا التي تشكلت في شهر يونيو عام 1940م إلي أن جاء يوم 8 أكتوبر عام 1944م ففي مساء ذلك اليوم تم إقالة وزارة الوفد القائمة من يوم 4 فبراير عام 1942م وهو الأمر الذى كان يحلم به الملك فاروق طوال سنتين ونصف السنة حيث فرضت عليه تلك الوزارة فرضا على غير رغبته في اليوم المذكور بعد محاصرة قصر عابدين بالدبابات ودخول السفير الإنجليزي السير مايلز لامبسون عليه في مكتبه بالقصر ليخيره بين أمرين إما أن يستدعي النحاس باشا ويكلفه برئاسة الوزراء أو يوقع علي وثيقة بالتنازل عن العرش فطلب منه الملك مهلة وقام بإستدعاء الزعماء السياسيين إلي القصر وبادرهم بالقول بأنه يكلف النحاس باشا بتشكيل الوزارة الجديدة وبلا شك أن هذا الأمر كان يمثل إهانة شديدة للملك فاروق وتدخل سافر من جانب بريطانيا في شئون مصر لا تسمح به المعاهدة المصرية البريطانية التي تم توقيعها عام 1936م وأيضا إساءة بالغة للوفد وللنحاس باشا علي أساس أنه قبل الوزارة بأوامر من الإنجليز وعلي أسنة رماحهم كما قيل في ذلك الوقت ولكن ظروف الحرب العالمية الثانية في ذلك الوقت وحرج الموقف البريطاني بعد الهزائم المتتالية للجيش الثامن الإنجليزي في شمال أفريقيا والتي مني بها علي يد القائد الألماني الفذ ثعلب الصحراء إرفين روميل حتى أصبح الألمان علي بعد حوالي 100 كيلو متر من الإسكندرية جعل بريطانيا تتصرف بهذا الشكل العنيف حتي تؤمن الجبهة الداخلية في مصر فقد كانت مدركة تماما أن النحاس باشا هو رجل الساعة في هذا الوقت الحرج وأنه الوحيد القادر علي ضبط الأمور وتنفيذ بنود معاهدة عام 1936م وللأسف لم يدرك الملك فاروق ولا رئيس ديوانه أحمد حسنين باشا أو الزعماء السياسيين أن بريطاتيا لم يكن أمامها خيار سوى مافعلته وهي ترى المظاهرات تسير في القاهرة بتحريض من القصر تهتف للألمان وتسب الإنجليز خلال يوم 2 فبراير عام 1942م هاتفة إلي الأمام يا روميل والملك يتلكأ في البت في الطلبات التي قدمها له السفير البريطاني بضرورة تشكيل وزارة قوية ذات رصيد شعبي وتكون قادرة على تنفيذ بنود معاهدة عام 1936م وهو الأمر الذى ظلت تطالب به خلال أكثر من سنتين منذ بدء الحرب ولكن لم تكن الأمور في البداية قد وصلت إلي ما وصلت إليه في جبهة شمال أفريقيا فلما تحرج الموقف ووصل إلى ذروته تحركت هذا التحرك العنيف مما عرضه لهذه اللطمة القوية مع أن الفرصة كانت متاحة أمامه لإتخاذ هذا القرار لمدة يومين ولكن للأسف الكراهية التي كان يكنها الملك فاروق ورئيس ديوانه للنحاس باشا وللوفد جعلتهما لا يحسنان تقدير الأمور فكان ما كان .


ولم يستطع الملك فاروق التخلص من هذه الوزارة طوال المدة من يوم 4 فبراير عام 1942م وحتي يوم 8 أكتوبر عام 1944م خشية أن تكرر بريطانيا هذا الأمر وبمجرد أن تلقي الضوء الأخضر من بريطانيا بأن بقاء أو رحيل الوزارة هو شأن مصرى داخلي سارع بإقالتها منتهزا فرصة الأزمة التي حدثت بينه وبين الوزارة بخصوص إيقاف غزالي بك مدير الأمن عن العمل لتنفيذه أوامر الملك دون العودة لرؤسائه إلى جانب الأزمات الإقتصادية التي كانت تعاني منها البلاد بسبب تداعيات الحرب العالمية الثانية وفي اللحظة التي كان يتسلم فيها النحاس باشا كتاب إقالة وزارته كان أحمد ماهر باشا رئيس الحزب السعدى يتسلم كتاب تكليفه بتشكيل الوزارة الجديدة وكان ذلك كما أسلفنا مساء يوم 8 أكتوبر عام 1944م وعلي الفور بدأ أحمد ماهر باشا في مشاورات تشكيل الوزارة وكادت أن تحدث أزمة أثناء تلك المشاورات وأن يتعثر تشكيل الوزارة بسبب مكرم عبيد باشا الذى كان قد تم فصله من الوفد فقام بتأسيس حزب سماه الكتلة الوفدية وطالب بأن تكون له حقائب وزارية مماثلة لباقي الأحزاب التي ستشارك في وزارة أحمد ماهر باشا فتدخل القصر ممثلا في أحمد حسنين باشا رئيس الديوان الملكي ومارس عدة ضغوط علي الأطراف المعنية وتم حل الأزمة العنيفة التي كادت أن تعصف بالوزارة قبل تشكيلها وفي هذه الوزارة تم إسناد منصب وزير الخارجية إلي محمود فهمي النقراشي باشا وبعد إجرء الإنتخابات البرلمانية التي قاطعها الوفد وحصل فيها الحزب السعدى الذى يترأسه أحمد ماهر باشا علي الأغلبية إستقالت هذه الوزارة يوم 15 يناير عام 1945م فقام الملك فاروق بتكليف أحمد ماهر باشا بإعادة تشكيل الوزارة مرة أخرى حيث أصبح من حقه تشكيل الوزارة الجديدة بوصف حزبه هو الحزب الحاصل علي الأغلبية وقد ضمت الوزارة الجديدة نفس الوزراء الذين كانوا في الوزارة السابقة دون تغيير يذكر اللهم إلا بعض التنقلات بين الوزراء وقد ظل النقراشي باشا محتفظا بمنصبه كوزير للخارجية .


وكانت القضية الملحة التى واجهتها وزارة أحمد ماهر باشا الثانية فى أعقاب تشكيلها هى قضية دخول مصر الحرب فقد ظلت مصر منذ قيام الحرب العالمية الثانية وعلى إمتدادها طوال أكثر من 5 سنوات دولة غير محاربة بالرغم من كل ما أحاط بها من مخاطر القتال وقيام معركة العلمين الشهيرة بين قوات الحلفاء والمحور في شهر نوفمبر عام 1942م علي أرض مصر وإستمرت الوزارات المتعاقبة منذ وزارة علي ماهر باشا التي تشكلت في شهر أغسطس عام 1939م تنفذ سياسة تجنيب مصر ويلات الحرب وحتى عهد وزارة أحمد ماهر باشا الثانية وبينما كانت الحرب قد قاربت علي الإنتهاء وتم حسم نتائجها بشكل شبه نهائي لصالح الحلفاء عاد موضوع قضية دخول البلاد الحرب يفرض نفسه بعد قرار مؤتمر يالتا وهي مدينة روسية حيث تقرر عقب الإجتماع الذى عقده أقطاب الحلفاء فى تلك المدينة عدم إشتراك أى دولة فى مؤتمر سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة الأميريكية لإعلان تكوين منظمة الأمم المتحدة والذى تقرر إنعقاده يوم 25 أبريل عام 1945م مالم تكن هذه الدولة قد أعلنت الحرب على دول المحور قبل يوم أول مارس عام 1945م فلم يكن أمام أحمد ماهر باشا وحكومته إلا الإستجابة لطلب تقدم به السفير البريطانى فى منتصف شهر فبراير عام 1945م بإعلان مصر دولة محاربة إذا رغبت فى عضوية مؤتمر سان فرانسيسكو وأثناء مناقشة هذه المسألة فى مجلس الوزراء هدد بعض الوزراء بالإستقالة إذا أقدمت مصر على هذه الخطوة لولا تدخل القصر الذى تمكن من إقناعهم بأن مصلحة مصر تقتضى إعلانها الحرب علي دول المحور لكي تتمكن من الإنضمام إلي المنظمة العالمية الجديدة خاصة وأن هذا الأمر يعد أمرا شكليا وأن الحرب قد إنتهت بالفعل ولن تتورط مصر في حروب ومعارك فعلية وفى هذا الجو المضطرب المملوء بالمحاذير إجتمع البرلمان يوم السبت 24 فبراير عام 1945م لبحث ومناقشة المسألة وإتخاذ قرار حاسم بشأنها وكانت الوزارة قد أعدت بيانا وافقت فيه على إعلان مصر دخول الحرب تمهيدا لإنضمامها إلى هيئة الأمم المتحدة وبعد أن ألقى الدكتور أحمد ماهر باشا بيان الوزارة أمام مجلس النواب إنتقل إلى مجلس الشيوخ ليدلى ببيان آخر وفى الطريق وأثناء إجتيازه البهو الفرعونى الذى يفصل بين المجلسين أطلق عليه محام شاب إسمه محمود العيسوى الرصاص فأصابه فى مقتل وعلل جريمته بأن أحمد ماهر باشا قد ضحى بمصالح بلاده بإعلان دخول مصر الحرب وبذلك أسدل الستار على عهد وزارة أحمد ماهر باشا الثانية ولم يكن قد مر على تشكيلها سوى حوالي 40 يوما فقط وجدير بالذكر أن الملك فاروق عند سماعه الخبر أسرع إلي مبني البرلمان مصطحبا طبيبه الخاص لكي يحاول إنقاذ حياة أحمد ماهر باشا إن أمكن في سابقة لم تحدث من قبل ولا من بعد وليكون أحمد ماهر باشا ثاني رئيس وزراء ينتقل إلي رحمة الله في البرلمان وكان الأول هو حسن صبرى باشا الذى فاجأته أزمة قلبية أودت بحياته وهو يدلي بخطاب العرش أمام البرلمان في شهر نوفمبر عام 1940م .


وكان هذا الحادث هو ثاني حادث يتم فيه إغتيال رئيس وزراء فى تاريخ الوزارات المصرية حتى ذلك الوقت وكانت الأولى حادثة إغتيال بطرس غالى باشا قبل ذلك بحوالي 35 عاما فى يوم 10 فبراير عام 1910م عندما أطلق عليه شاب يدعي إبراهيم ناصف الورداني الرصاص فأرداه قتيلا بسبب المحاولة التي جرت في ذلك الوقت لمد إمتياز قناة السويس لسنوات أخرى وكانت تناقش في مجلس الوزراء وبمقتل أحمد ماهر باشا بدأ التفكير فيمن سيحل محله في رئاسة مجلس الوزراء وراودت الملك فاروق فكرة أراد ان يعزز ويدعم بها سلطاته في سابقة غير دستورية وهي أن يقوم بتعيين رئيس مجلس وزراء للوزارة القائمة من إختياره ولكنه تراجع وإقتنع بعدم دستورية تلك الفكرة وإتجهت البوصلة نحو محمود فهمي النقراشي باشا وزير الخارجية في وزارة أحمد ماهر باشا ونائبه في رئاسة الحزب السعدى ورفيق دربه وصديق عمره منذ أكثر من 30 عاما ولكن كان هناك تخوف من جانب الملك وكثيرين غيره من تشدده وصلابته في العديد من المواقف وعدم مرونته مثلما كان أحمد ماهر باشا ولكنه إقتنع في النهاية بضرورة إختياره وأنه أصلح من يترأس الوزارة في ذلك الوقت العصيب والظروف الصعبة التي تمر بها البلاد فتم تكليفه بالفعل بتشكيل الوزارة الجديدة والتي إحتفظ فيها بمنصب وزير الداخلية إلي جانب منصب رئيس الوزراء وتم تعيين عبد الحميد بدوى باشا وزيرا للخارجية بدلا منه كما أنه خلف أحمد ماهر باشا في رئاسة الحزب السعدى وبعد تشكيل الوزارة بساعات قليلة إنعقد مجلسا النواب والشيوخ فى جلسة سرية تاريخية نوقشت فيها سياسة الحكومة المصرية بشأن مبدأ إعلان الحرب بين مصر ودولتى المحور ألمانيا واليابان وصدر فى نفس اليوم مرسوم بإعتبار المملكة المصرية فى حالة حرب مع الرايخ الألمانى ومع إمبراطورية اليابان .


وبتعيين عبد الحميد باشا بدوى وزيرا للخارجية تولى رئاسة وفد مصر فى مؤتمر سان فرانسيسكو الذى أبرم فيه ميثاق هيئة الأمم المتحدة بعد أن وجهت لمصر الدعوة لحضور المؤتمر مع 39 دولة أخرى وقد إعتمد مجلس الوزراء مبلغ 75 ألف جنيه لتغطية نفقات وفد مصر في هذا المؤتمر العالمي وفى إطار السياسة الخارجية أيضا لحكومة النقراشي باشا الأولي إجتمعت في يوم 7 مارس عام 1945م وفود عدد 7 من الدول العربية بالقاهرة وتم فى يوم 22 مارس عام 1945م بقصر الزعفران بمنطقة العباسية التوقيع على ميثاق إنشاء جامعة الدول العربية ووقع عليه مندوبو الدول السبعة المجتمعة وهي كل من سوريا وشرق الأردن والعراق والسعودية ولبنان ومصر واليمن وصدر قانون بفتح إعتماد إضافى قدره 94 ألف جنيه لدفع نصيب مصر فى نفقات الجامعة خلال الستة أشهر من عام 1945م وعن عام 1946م وعلى مساهمة مصر بمبلغ 50 ألف جنيه لإنشاء مكتبين للدعاية للقضية الفلسطينية أحدهما فى العاصمة البريطانية لندن والآخر فى العاصمة الأميريكية واشنطن وكذلك إعتماد مبلغ 10 آلاف جنيه بصفة عاجلة لعمل سقف خشبى للمسجد الأقصى بالقدس بفلسطين وإنارته بالكهرباء وبالإضافة إلي ذلك إعتماد مبلغ 20 ألف جنيه للمساهمة فى إنشاء مسجد ومركز للثقافة والدراسات الإسلامية بلندن ومبلغ 200 ألف جنيه لإنشاء مركز مماثل ومسجد بواشنطن كما رخصت الحكومة للسلطات البريطانية بإنشاء محطتين لاسلكيتين بمنطقة القناة وتسليمها مساحة 95 ألف فدان بسيناء شرق قناة السويس لإستخدامها فى التدريبات العسكرية .


وفى المجال الداخلى أصدرت حكومة النقراشي باشا قرار بإطلاق الحريات العامة وبحيث لاتطبق الأحكام العرفية والمعلنة في البلاد منذ شهر أغسطس عام 1939م إلا فى أضيق الحدود وتم رفع الرقابة عن الصحف بإستثناء الأخبار والتقارير والمواضيع الخاصة بالمسائل العسكرية وتم إباحة الإجتماعات العامة ومنع إعتقال أى فرد بواسطة السلطة القائمة على الأحكام العرفية وفى يوم 4 أكتوبرعام 1945م صدر مرسوم برفع الأحكام العرفية فى جميع أنحاء البلاد إعتبارا من يوم 7 اكتوبر عام 1945م كما صدر مرسوم بعدم قبول الطعن فى التدابير التى أصدرتها السلطة القائمة على تنفيذ الأحكام العرفية وآخر بإحالة الجرائم العسكرية إلى المحاكم العادية وقرر المجلس تخليدا لذكرى المغفور لها صفية هانم زغلول أم المصريين بإنشاء مستشفى بإسمها للولادة كما إعتمد مبلغ 100 ألف جنيه للبدء فى تنفيذ مشروع مكافحة الأمية وإعتماد 57 ألف جنيه لصرف تعويضات لأهالى النوبة عن الزراعات التى تلفت بسبب حجز مياه فيضان النيل خلف خزان أسوان كما أصدر مجلس الوزراء قانونا بإعفاء كل ممول لاتتجاوز الضريبة المربوطة على أطيانه جنيهين فى السنة من ضريبة الأطيان وعلى إعتماد مبلغ 89 ألف جنيه لمكافحة الجراد فى مصر وشبه الجزيرة العربية ووافق المجلس على منح إدارة مصيف رأس البر إعانة عاجلة قدرها 4 آلاف جنيه لإصلاح مرافقه قبل حلول صيف عام 1945م ومنحه سلفة قدرها 15 ألف جنية بفائدة بسيطة قدرها 1.5 % تسدد على 20 سنة كما وافق المجلس على إعتماد مبلغ 24 ألف جنية للبدء فى عمل تمثال وضريح لأحمد ماهر باشا وإقامة ضريح لمصطفى كامل باشا أيضا ولأول مرة يرفض المجلس مذكرة وزير الداخلية بمد خدمة 4 لواءات إنجليز ببوليس القاهرة والقناة ويصدر قرارا بإحالتهم إلى المعاش وتعيين مصريين بدلا منهم وكذلك وافق المجلس على نقل تبعية الإذاعة المصرية مرة أخرى إلي وزارة الشئون الإجتماعية وكانت قد إنتقلت تبعيتها إلي وزارة الداخلية طوال سنوات الحرب العالمية الثانية وإستصدر المجلس مرسوما بالعمل بنظام التوقيت الصيفي بتقديم الساعة 60 دقيقة خلال فصل الصيف على أن يحدد المجلس التاريخ الذى يتم فيه ذلك وقرر المجلس صرف معاش إستثنائى قدرة 1500 جنيه فى السنة لأرملة الدكتورأحمد ماهر باشا وتقرير 20 ألف جنيه تعويضا لكريمته إعترافا بما أداه والدها من خدمات لمليكه وللبلاد كما قرر المجلس إحالة تقرير لجنة التحقيق التى سبق تشكيلها لبحث تصرفات وزارة الوفد السابقة خلال المدة من يوم 4 فبراير عام 1942م وحتي يوم 8 أكتوبر عام 1944م بشأن كل مايمس نزاهة الحكم إلى مجلس النواب .

يمكنكم متابعة الجزء الثانى من المقال على الرابط التالى
http://www.abou-alhool.com/arabic1/details.php?id=41494
 
 
الصور :