الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

لمحات من حياة ايزنهاور
-ج2-

لمحات من حياة ايزنهاور
-ج2-
عدد : 03-2019
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com

وفي عام 1957م وبعد أن أطلق الإتحاد السوفيتي قمر سبوتنيك 1 قرر آيزنهاور إنشاء الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء والمعروفة بإسم ناسا ولتكون هي المسؤولة عن البرنامج الفضائي للولايات المتحدة ومن ثم بدأ سباق الفضاء بين القوتين الأعظم في ذلك الوقت وفي العام التالي وفي شهر يوليو عام 1958م كان لبنان مهدداً بحرب اهلية بين المسيحيين المارونيين والمسلمين وكان قبل ذلك بحوالي سنتين قد حدث توتر بين مصر ولبنان عندما رفض الرئيس اللبناني كميل شمعون المسيحي الموالي للغرب قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدول الغربية التي هاجمت مصر أيام أزمة السويس والعدوان الثلاثي والذي أثر على الرئيس المصري جمال عبد الناصر وقد زادت حدة هذا التوتر عندما أعلن كميل شمعون تقربه من حلف بغداد الذي إعتبره عبد الناصر تهديدا للقومية العربية وعند قيام الوحدة بين مصر وسوريا بإسم الجمهورية العربية المتحدة دعم رئيس الوزراء اللبناني السني رشيد كرامي جمال عبد الناصر وطالب اللبنانيين المسلمين من الحكومة اللبنانية الإنضمام للوحدة المصرية السورية بينما أراد المسيحيون التحالف مع الدول الغربية وقامت حركة تمرد إسلامي مسلحة وتم إتهام مصر بمد هذه الحركة بالسلاح عن طريق الإقليم الشمالي للجمهورية العربية المتحدة أى سوريا مما دفع الرئيس اللبناني كميل شمعون لتقديم شكوى إلي مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وأعلن محققو الأمم المتحدة عن عدم وجود أي دليل على تدخل الجمهورية العربية المتحدة في ذلك الأمر وفي يوم 14 يوليو عام 1958م سقطت الحكومة الملكية الموالية للغرب في العراق فحدث عدم إستقرار داخلي في لبنان وهنا طلب شمعون المساعدة من الولايات المتحدة الأميريكية وإستجاب الرئيس الأميريكي أيزنهاور لطلب شمعون فيما سمي بعملية الخفاش الأزرق في يوم 15 يوليو عام 1958م وكان هذا أول تطبيق لمبدأ أيزنهاور الذي أعطى الحق لأمريكا بالتدخل في الدول المهددة بالشيوعية والذى سنتكلم عنه في السطور القادمة بإذن الله تعالي وكان هدف الرئيس أيزنهاور دعم حكومة كميل شمعون الموالية للغرب المهددة من سوريا ومصر وتمثلت خطة هذا الدعم إحتلال وتأمين مطار بيروت الدولي وميناء بيروت ومداخل المدينة وشارك في العملية 14 ألف جندى من الجيش والمارينز وقد نجح وجود القوات الاميريكية في قمع المعارضة وسحبت أمريكا قواتها في يوم 25 أغسطس عام 1958م وبعث الرئيس أيزنهاور الدبلوماسي روبرت ميرفي للبنان ليمثله والذى لعب دورا مهما في إقناع الرئيس كميل شمعون بالإستقالة وإنهاء هذه الأزمة وتم إنتخاب قائد الجيش المسيحي المعتدل فؤاد شهاب بدلاً منه بالتوافق مع الرئيس المصرى حينذاك جمال عبد الناصر .

وفي نهاية فترة ولايته وفي عام 1960م فشلت جهود أيزنهاور لإقامة إجتماع قمة مع السوفييت بسبب حادثة طائرة التجسس الأميريكية يو2 وهي طائرة عسكرية أمريكية سقطت فوق أراضي الإتحاد السوفيتي في العام المذكور مما تسبب بعد ذلك في توتر العلاقات الأميريكية السوفيتية وتعود قصة سقوط هذه الطائرة إلي شهر يوليو عام 1957م بعدما إتفق رئيس الوزراء الباكستاني حسين شهيد سهروردي والرئيس الأميريكي دوايت أيزنهاور بإقامة قاعدة عسكرية باكستانية مشتركة أميريكية في باكستان والتي عرفت حينها بمحطة بيشاور الجوية وفي يوم 9 أبريل عام 1960م إنطلقت طائرة التجسس الأميريكية يو2 من مدينة بيشاور الباكستانية في مهمة إستطلاعية بأمر من وكالة المخابرات المركزية الأميريكية وكان يقودها الطيار بوب إريكسون في مهمة رسمية وإخترقت الأجواء الجوية السوفيتية وكشفت الأهداف العسكرية السوفيتية السرية ولكن تفاجأ الطيار إريكسون بقدوم طائرات سوفيتية من طراز سوخوي 9 وميج 19 مما جعله يهرب من الأجواء السوفيتية ويتجه إلى إحدى المطارات الإيرانية في مدينة زاهدان وبعد هبوط الطائرة بسلام إعتقد رجال وكالة المخابرات المركزية الأمريكية أن المهمة الإستطلاعية الغير قتالية كانت ناجحة وقرروا القيام بمهمة إستطلاعية أخرى وبحيث تنطلق طائرة التجسس الأميريكية هذه المرة من مطار بيشاور الدولي كنوع من التمويه وبالفعل تم إنطلاقها وكان يقودها هذه المرة الطيار الأميريكي فرانسيس جاري باورز وكانت الهدف تصوير أماكن مهمة بمدن سوفيتية عسكرية وأن تنهي المهمة وتعود إلي مطار بمملكة النرويج إلا أن قوات الدفاع الجوي السوفيتي نجحت في إسقاطها وإعتقال طيارها الذى قفز منها بالباراشوت والحصول على إحدى الوثائق التي أرسلها رجال المخابرات المركزية الأميريكية لتصوير المنشأت السرية وذلك بعد فحص حطام الطائرة وبعد إلقاء القبض علي هذا الطيار حكم عليه بالسجن ولكن أطلق سراحه بعد إتفاقية تبادل للجواسيس بين البلدين حيث تم إستبداله مع الجاسوس السوفيتي رودولف آبل وفي خطابه الوداعي الذي وجهه إلى الأمة في يوم 17 يناير عام 1961م قبل إنتهاء مدة ولايته بثلاثة أيام عبر آيزنهاور عن مخاوفه من الإنفاق العسكري الضخم ولا سيما العجز في الإنفاق والعقود الحكومية على الشركات العسكرية الخاصة .

وعلى صعيد الجبهة الداخلية كان أيزنهاور محافظاً معتدلا وقد واصل سياسة الصفقة الجديدة وتوسيع الضمان الاجتماعي وهذه السياسة كانت عبارة عن مجموعة من البرامج الإقتصادية التي أطلقت في الولايات المتحدة بين عام 1933م وعام 1936م وقد تضمنت هذه البرامج مراسيم رئاسية أو قوانين قام بإعدادها الكونجرس الأميريكي أثناء الفترة الرئاسية الأولى للرئيس فرانكلين روزفلت وقد جاءت تلك البرامج إستجابة للكساد الكبير وتركزت على ما يسميه المؤرخون الألفات الثلاثة وهي الإغاثة والإنعاش والإصلاح وتشير تلك النقاط الثلاث إلى إغاثة العاطلين والفقراء وإنعاش الإقتصاد إلى مستوياته الطبيعية وإصلاح النظام المالي لمنع حدوث الكساد مرة أخرى وعلاوة علي ذلك أطلق أيزنهاور نظام الطرق السريعة بين الولايات ووكالة مشاريع البحوث المتقدمة للدفاع وإنشاء تعليم قوي للعلوم عن طريق قانون التعليم الوطني للدفاع وشجع على الإستخدام السلمي للطاقة النووية عن طريق إدخال تعديلات على قانون الطاقة الذرية كما إنضمت ولايتان جديدتان إلى الولايات المتحدة في عهده هما الاسكا وهاواي وقد شهدت فترتا رئاسة آيزنهاور إزدهارا إقتصادياً كبيرا بإستثناء إنحسار طفيف في عام 1958م وصوت له إحصاء جالوب بأنه أكثر رجل إثارة للإعجاب في عدد 12 إستبيانا ولذا فقد حقق شعبية واسعة على حد سواء داخل أو خارج بلاده ومنذ أواخر القرن العشرين الماضي إعتبر آيزنهاور أحد أعظم رؤساء الولايات المتحدة الأميريكية بإجماع العلماء الغربيين وعلي المستوى الشخصي كان أيزنهاور قد إلتقى وإرتبط عاطفياً مع مامي جنيـفا دود وكانت تصغره بست سنوات وسرعان ما تقبلته عائلتها وتقدم لطلب يدها في عيد الحب في شهر فبراير عام 1916م وقد أسفر هذا الزواج عن ولدين لأيزنهاور أولهما دود دوايت إكي أيزنهاور والذى ولد في يوم 24 سبتمبر عام 1917م وتوفى بالحمى القرمزية في يوم 2 يناير عام 1921م وهو في عامه الثالث وكان أيزنهاور غالبا ما يتحفظ في مناقشة موضوع وفاته وثانيهما جون شلدون دود أيزنهاور والذى ولد في يوم 3 أغسطس عام 1922م أثناء وجود الأسرة في بنما وعمل جون في الجيش الأميريكي وتقاعد برتبة جنرال وأصبح مؤلف وعمل سفيرا لبلاده في بلجيكا من عام 1968م وحتى عام 1971م ومما يذكر أن جون كان قد تخرج من وست پوينت مثل أبيه في يوم 6 يونيو عام 1944م وتزوج من بربرا جين تومبسون في يوم 10 يونيو عام 1947م وأنجب منها أربع أبناء وقد توفي آيزنهاور في يوم 28 مارس عام 1969م بمستشفي والتر ريد العام في واشنطن العاصمة .

وقبل أن نختم مقالنا هذا نتعرض لشرح مبدأ أيزنهاور وهو مصطلح تم إطلاقه لكي يشير إلي خطبة ألقاها الرئيس الأميريكي دوايت أيزنهاور في يوم 5 يناير عام 1957م ضمن رسالة خاصة إلى الكونجرس حول الوضع في الشرق الأوسط وحسب مبدأ أيزنهاور فإن بمقدور أي بلد أن يطلب المساعدة الإقتصادية من حكومة الولايات المتحدة والعون من القوات المسلحة الأميريكية إذا ما تعرضت للتهديد من دولة أخرى وقد خص أيزنهاور بالذكر في مبدئه التهديد السوفيتي بإصداره إلتزام القوات الأميريكية بتأمين وحماية الوحدة الترابية والإستقلال السياسي لمثل تلك الأمم التي تطلب تلك المساعدات ضد عدوان مسلح صريح من أي أمة تسيطر عليها الشيوعية الدولية وفي السياق السياسي العالمي فإن المبدأ قد صيغ ردا على إحتمال حرب يخشى منها كنتيجة لمحاولة الإتحاد السوفيتي لإستخدام العدوان الثلاثي كذريعة لدخول مصر بالتوافق مع فراغ القوة الذي خلفه إضمحلال النفوذين البريطاني والفرنسي في المنطقة بعد أن تخلت الولايات المتحدة الأميريكية عن حليفيها أثناء ذلك العدوان وقد شعر أيزنهاور أن الحاجة ماسة لإعلان هذا المبدأ من أجل خلق موقف قوي لتحسين الوضع الذى كان يزيده تعقيدا المواقف التي كان يتخذها الرئيس المصرى حينذاك جمال عبد الناصر الذي كان يبني قاعدة قوة ويستخدمها لإضرام المنافسة بين السوڤييت والأمريكان بإتخاذه موقف الحياد الإيجابي وعلى المستوى الإقليمي كان الغرض أن يساعد مبدأ أيزنهاور على إمداد الأنظمة العربية ببديل عن الوقوع تحت السيطرة السياسية لجمال عبد الناصر وتقويتهم في نفس الوقت الذي تعمل فيه الولايات المتحدة على عزل النفوذ الشيوعي عن التغلغل في منطقة الشرق الأوسط وقد فشل هذا المبدأ بدرجة كبيرة على هذا الصعيد بالنمو السريع لنفوذ ناصر بحلول عام 1959م لدرجة أن أصبح بإمكانه تشكيل زعامات البلدان العربية بما فيها العراق والسعودية والذي تدهورت علاقته بهما لاحقا ويمكننا القول بأن مشروع أيزنهاور كان يستهدف أن تملأ الولايات المتحدة الفراغ الإستعماري بدلا من إنجلترا وفرنسا بعد فشل العدوان الثلاثي على مصر وإنحسار الدور الفرنسي والبريطاني في مستعمرات الشرق مع بدء حركات التحرر في أفريقيا والشرق الأوسط التي دعمها النظام المصري في ظل حكم عبد الناصر وقد تضمن هذا المشروع تفويض الرئيس الأميريكي سلطة إستخدام القوة العسكرية في الحالات التي يراها ضرورية لضمان السلامة الإقليمية وحماية الإستقلال السياسي لأي دولة أو مجموعة من الدول في منطقة الشرق الأوسط إذا ما طلبت هذه الدول مثل هذه المساعدة لمقاومة أي إعتداء عسكري سافر تتعرض له من قبل أي مصدر تسيطر عليه الشيوعية الدولية وذلك إلي جانب تفويض الحكومة في تقديم برامج المساعدة العسكرية لأي دولة أو مجموعة من دول المنطقة إذا ما أبدت استعدادها لذلك وكذلك تفويضها في تقديم العون الإقتصادي اللازم لهذه الدول دعماً لقوتها الإقتصادية وحفاظا على إستقلالها الوطني وكرد فعل لإعلان مبدأ أيزنهاور ففي يوم 25 فبراير عام 1957م عقدت في القاهرة قمة لمصر وسوريا والأردن والسعودية لبحث الموقف من هذا المبدأ والذى إعتبرته تلك الدول أن الولايات المتحدة جعلت من الشرق الأوسط مجالا لنفوذها ومصالحها وأنها قد عزمت على عزل ما أسمته نهج ناصر في اللعب على خلاف الأمريكان والسوفييت وقد قررت هذه القمة الرباعية أن لا تعارض مبدأ أيزنهاور رسميا وأن تعمل في الواقع على الحيلولة دون تطبيقه عمليا هذا وقد تم تطبيق بنود الخطوات العسكرية لمبدأ أيزنهاور في أزمة لبنان في العام التالي 1958م كما ذكرنا في السطور السابقة عندما تدخلت الولايات المتحدة الأميريكية في الأزمة اللبنانية إستجابة لطلب من كميل شمعون رئيس لبنان وبناءا عليه قامت القوات الأميريكية في شهر يوليو عام 1958م بالتدخل لمساعدة النظامين المؤيدين للغرب في كل من الأردن ولبنان وقدمت تعهدات لاحقة إلى عدة دول أخرى منها تركيا وإيران وباكستان .

يمكنك متابعة الجزء الاول من المقال عبر الرابط التالى
http://www.abou-alhool.com/arabic1/details.php?id=41204
 
 
الصور :
منزل عائلة أيزنهاور في أبيلن بولاية كنساس