الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

تراثنا الشعبى كنز لم تستغله السياحة بعد...!!

تراثنا الشعبى كنز لم تستغله السياحة بعد...!!
عدد : 02-2019
بقلم دكتور/ نبيل حنظل

تراثنا الشعبى ثرى بعناصر هامه يجب ابرازها والحفاظ عليها , ليس فقط للحفاظ على عاداتنا وتقاليدنا وفنوننا القديمه , او تباهيا بماضينا , وابرازا لاصاله جذورنا,او تذكر لزمن جميل عاشه اجدادنا,وعناصر تراثيه تركوها لنا .. انما ايضا لانه حفاظ على معالم هويتنا واثبات لشخصيتنا, واعتزاز بحكمه وفن وابداعات اجدادنا التى لا تزال ملامحها تعيش فينا, وفى ذلك تقوية لذاكرة الأمة وربط بين الاجيال في الوطن الواحد, وهو في نفس الوقت اثراء واستكمال لتاريخ الحضارة الانسانية فى العالم وتعريف بابداعات وحكمة وفنون سكان الكره الارضية عبر الحضارات التى مرت بهم .

لكنه رغم هذه الاهمية الكبرى , فان كثير من الشعوب لم تتنبه الى استخدام تراثها وما يحويه من عناصر ماديه ومعنويه استغلالا سياحيا او من خلال برامج جاذبه تتيح للسائحين التعرف على ابداعات تراثيه انتجتها الشعوب على مر الزمان – من خلال نمط سياحى يتمتع بميزة نسبيه لا تنافسها البرامج الاخرى لان لكل منطقه فنونها وابداعاتها الشعبيه الخاصه بها ولا شك فان مصر تمتلك تراثا رائعا يحوى عناصر متنوعه, تغطى عصورا تاريخيه واسعه وتقدم نماذج تراثيه أنتجها اجدادنا فى مجالات متعدده، مما يُكَوِّنُ عرضاً سياحياً متفرداً ونادراً وذاخراً بما فيه، الا انه يمكن القول ان السياحة التراثيه Heritage tourism في مصر لم تأخذ بعد فرصتها الكاملة ،كما ان كثير مما تملكه من عناصر تراثيه ملموسه وغير ملموسه مهددة بالاندثار او الضياع او التبديل والتزييف والتشويه و الاهمال ..او التدمير . ورغم انه قد تم رصد ذلك وتحددت اسبابه و ان كثيرا من اجتهادات الحلول يتم طرحها من خلال تقارير وابحاث رسميه ومهنيه وعلميه , كما وتناولته الرسائل العلميه والمؤتمرات المتخصصه , الا ان هذا الجهد غير مستعان به – في اغلب الاحوال – ولم يوضع في خطه عمليه تطبيقيه شامله– ولم يتم توظيفه سياحيا بالشكل المأمول .. فلا تزال التجربه السياحيه الغربيه هى المرجع الرئيسى فى التخطيط والتنميه دون التفات لعناصر تراثنا الفريد وفنونه - الا قليلا- وان الاجتهاد في التنشيط لايزال مركزا على ترويج ما هو رائج , داخل مجموعة من انماط سياحيه ومواقع ومزارات ومقاصد و برامج ومناسبات متكرره , لتكون النتيجة ضياع احد اهم ميزاتنا النسبيه السياحيىة بينما نحسب اننا نحسن صنعا .

يحضرنى هنا رد سائحه اوربيه سئلت عن انطباعها عن زيارتها لبلادنا ؟ ..قالت:"افتقدت فى زيارتى لمصر الروح المصريه.. والتمتع بعناصر التراث المصرى" ... وتساءلت .."لماذا تصرون على ان تجعلوا سائحيكم يعيشون فى جو شبه اوروبى ؟ فيكون الناتج انه لا هو اوربي ولا مصري ,".. و تتسائل متعجبه"أين طابع كل اقليم؟..أين تراثه وحضارته؟.. أين متاحف التراث فى كل اقليم ؟.. أين معارضه؟..أين مسارحه؟.. أين هو من مناهجكم التعليميه وبرامجكم الاعلاميه؟.. كم خصصتم له من اعتمادات؟ .. ماذا فعلتم لتحافظوا على تراثكم الذى لازال باقياً وتحموه من التآكل والتداخل والتشويه والاندثار؟.. مضيفة:"إننا ما جئنا لبلادكم إلا لنرى تراثكم وفنونكم الشعبية الأصيله ،فرأينا محاكاة لصور أوروبيه .. فلم نرى الشرق وتراثه , ولم نرى تراث مصر الشعبى الذى جئنا من أجله!!!".

هنا أضع اجابتها أمام من بيدهم الأمر – ابرازا لهويتنا واستفاده واستثمارا لما هو عندنا من تراث مادى ومعنوى لم ننتبه اليه ولم نستفد منه سياحيا . لنعيد اكتشاف هذا الكنز الكبير, ونخلق منه انماطا سياحيه جاذبة جديده – اغلبها غير متكرر – ونخلق فعاليات سياحيه متنوعه فيها تميز وتفرد جاذب يفتح أسواقا جديده ويضمن تدفقا سياحيا مستمرا على مدار العام ، لينتج وعيا واعتزازا بهويتنا وفخرا بتراثنا وعوده للانتماء وانعاشا للعديد من الانشطه والصناعات والخدمات , واحياءاً لتراث شعب بدأت حضارته قبل فجر التاريخ، وعرف الزراعة والكتابة قبل ان تعرفها دول عديدة في الدنيا , ولا تزال اثاره باقيه ولا يزال العالم يجتهد فى فك اسرارها .

من هنا أقول: دعوا العالم يعرف ان تراثنا يمتد الى عمق الزمان وليس هو- فقط - التاريخ الرسمى الذي نحتته الحضارات على الاثار وسجلته على اوراق البردى, وانما هو ايضا التاريخ الشعبى الذى حفظته الصدور ودلت عليه الاثار ونقل الينا حكمه وفن شعبنا الذى عايش حضارات فرعونيه وقبطيا وعربيه ولقد تعاقبت العصور واختلفت الظروف , و كانت عناصر التراث الشعبى هى الرباط الذى ربط كل المراحل في وحدة واحده حفظت فنون وأداب وصناعات ومعتقدات وعادات وتقاليد اجدادنا وملامح حياتهم وأفراحهم وأتراحهم وقصصهم الى اخر ما تعيه الذاكرة الشعبيه وما تعنيه كلمة "التراث الشعبى".

ولعلنا نجد حتى اليوم ملامح كثيره احتفظ لنا بها التراث ،فالسمات العامه للريف لازالت فيها تأثيرات من السمات القديمه - كتخطيط القرية وشكل المنازل والحياه اليوميه والادوات المستعمله والصناعات البيئه حتى الاغانى والامثال والحواديت ومفردات كثير من الكلمات , و حتي اسماء البلدان و اسماء الاشخاص لا تزال باقيه اما بنطقها الاصلى او بمعناها فلازالت اسماءنا تخلد اسماء قاده وحكام تاريخيين -كرمسيس ومينا وتحتمس واحمس- ولازلنا نطلق على ابناءنا اسماء فرعونية لها صلة بالحياة اليومية او العقائدية من بينها:"بانوب" ومعناها عين الاله انوبيس،و"ياهةر"عين الاله حورس ، و"تاييس"خادمة ايزيس،و "باخوم" عين تمثال الاله،و"بشاي" عبد الله ،"و"ادم" أتوم،و"ماري" مرى اى المحبوبه ،و"ساويرس" من ساور اى الرجل العظيم .

ولازالت كثير من المدن والمراكز تحمل اسماء قبطيه – مثل (طره وبسيون وصهرجت وشطانوف ودفره وطوخ وشبرا وقوص وشبراخيت وشبرامنت ومطاى وطهطا و قوس وكوم امبو واسنا ).. وأخرى اسماءها ذات اصول فرعونيه مثل حلوان ومعناها" اون" ،او "المدينة التى تعلو اون" ،وعين شمس والفرما "بر ماعت – اى معبد الاله ماعت ربة العدل والفضيلة "، و دمنهور "دمى-ن-هور" اى مدينه الاله حور ،وبلبيس ( بر بيس اى معبد الاله بس اله المرح والسرور"، والفيوم "بى –يم – اى الارض المغموره بالماء " و المنيا "منت او الميناء "، و اسيوط " سيوط اى الحارس "، و اخميم "خم مين اى مدينة الاله مين ،و فقط جبتو بالهيروغليفيه ومعناها "مصر و قبط ".

كما لا زلنا نستخدم في لغتنا اليوميه الفاظا فرعونيه وقبطيه حفظها لنا التراث الشعبى من بينها:) مم) اى "طعام" و(امبو) أى "شراب ، و(تاتا) أى "امشى "، و (عنتيل) أى "القوى" وهى محرفه من (انتورى)، و (يشطف) أى "يغسل،"و (شأشأ) أى "سطع" و (رخ) أى "نزل المطر"، و (ليلى ياعينى)أى "افرحى ياعينى".

كما ترجع اسمائنا واسماء بلادنا الى اصول عربيه ولا زالنا نحترم – ونتبع - كثير من عادات وتقاليد الجدود، ولا زلنا نضرب الامثال التى انتجتها حكمتهم - ولا زالت فنونهم وزخارفهم وصناعاتهم باقيه الى اخر ما ترك اسلافنا من تراث مادى ومعنوي لا يزال يعيش فينا.

ولان الصله بين السياحه والتراث وطيده - فتراثنا الشعبى غنى ورائع ودور السياحه هو ابراز هذا النمط السياحي بعد اعداده الاعداد الجاذب المنافس ،ووضعه فى دائرة الضوء و تسويقه ليكون نمط السياحه التراثيه أحد اسباب شد الرحال الى مصر.