الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

أنقذوا مشهد آل طباطبا

أنقذوا مشهد آل طباطبا
عدد : 12-2018
بقلم الدكتور/ عمر محمد الشريف

نداء إلى وزير الآثار الدكتور خالد العناني، وكل الشرفاء في هذا الوطن، أنقذوا التراث، أنقذوا آثارنا المهملة، أنقذوا مشهد آل طباطبا الواقع في عين الصيرة بمنطقة مصر القديمة الغارق في مياه الصرف الصحي والقمامة، والمتوقع انهياره واختفائه في غضون سنوات نتيجة الإهمال ولارتفاع منسوب المياه ببحيرة عين الصيرة.

انقذوا هذا المدفن الفريد الذي تجاوز عمره الألف عام لصالح التراث والثقافة والهوية التاريخية، نتمنى عملية إنقاذ عاجلة وترميم معماري لهذا الأثر الديني العريق المسجل برقم 563 بوزارة الآثار، ومسجل ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو والمهددة بالاندثار، ونلوم على وزارة الآثار إهمالها الشنيع بأثر واحد شاهد على عمارة دولة بأكملها، فهو يعد الأثر الوحيد المتبقي من عصر الدولة الإخشيدية، وأقدم مثال للأضرحة في عمارة مصر الإسلامية، وشاهداً على تطور الفن المعماري للفنان المسلم في العصور الإسلامية المختلفة.

ينسب المشهد إلى الشريف إبراهيم طباطبا بن إسماعيل الديباج بن إبراهيم الغمر بن الحسن المثنى بن الحسن السّبط بن علي بن أبي طالب زوج السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها بنت رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وقد نقل صاحب درر الأصداف، ما نصُّه: أنَّه لا خلاف عند علماء النسب في صحة هذا النسب الشريف.

والشريف طباطبا من أعيان بني هاشم وسمي بهذا الاسم للدغة كانت في لسانه، قال أبوبكر الخطيب لما قدم بغداد في خلافة هارون الرشيد، سمع به فبعث إليه فظن أن أحداً قد وشي به فدخل علي الرشيد فقام الرشيد وأجلسه إلي جانبه وقال له ما جاء بك يا أبا إسحاق، فقال طلبني صاحب الطبا يعني صاحب القبا فكان يقلب القاف طاء.

وجاء الأشراف من بني الحسن بن علي بن أبي طالب إلى مصر ليكونوا بمنأى عن مضايقات العباسيين واضطهادهم، وللشريف طباطبا من الأولاد لصلبه خمسة أولاد هم محمد أبو القاسم الملقب بابن طباطبا، القاسم الرسي (والرسي نسبة إلى الرس إحدى قرى المدينة المنورة سكن بها فنسب إليها)، أحمد، الحسن، وعبدالله.

ويرجّح العالم البريطاني كريزول أن هذا المشهد قد بني حوالى سنة (334 هـ/945م) وهو تاريخ وفاة الشريف طباطبا الأصغر، وكريزول هو أول من وصف المشهد وصفا معماريا دقيقاً وأوضحه بالرسوم والصور، وأشار إلى هذا المشهد شمس الدين محمد ابن الزيات في كتابه "الكواكب السيارة في ترتيب الزيارة في القرافتين الكبرى والصغرى" وذكر أسماء المدفونين به.

أنشئ المشهد في عهد الأمير محمد بن طغج الأخشيد مؤسس الدولة الأخشيدية في مصر والذي تولى الحكم بين أعوام 934 - 946م، ويقع على بعد نصف كيلو غربي مشهد الإمام الشافعي، وعلى نحو ٢٣٠ متر شمالي حمامات عين الصيرة، والمشهد عبارة عن مستطيل غير منتظم يبلغ طوله 30 م. وعرضه 20 م، وفي نهايته الجنوبية يوجد قبّتان، وفي الجزء الشمالي الشرقي من سور المشهد يوجد المدخل.

وهناك مبنى مُستطيل مقسم الى 6 حجرات صغيرة بعضها مربّع والآخر مستطيل وعليها جميعاً قباب، وبهذه الغرف الست مقابر آل طباطبا، كما أن هذه الغرف تتصل بمكان الصلاة من خلال باب في الجهة الغربية.

أما مكان الصلاة في هذا المشهد فيتكون من مربع يبلغ طوله 18 متراً، وفي الجدار الشرقي منه يوجد المحراب، ويغطي المسجد تسع قباب بكل رواق ثلاثة منها، ولَم يتبق من المشهد سوى قبتان في ناحيته الجنوبية وبعض الأساسات في شماله.

والشريف أبو إسحاق إبراهيم طباطبا لم يمت فى مصر ولا يعرف له بها وفاة، وأما من دفن بهذا المشهد فهم من ذريته والذين اشتهروا بإسم السادة الطباطبائيين، وذرية أخيه ومنهم:

"عليٌّ بن الحسن بن طباطبا" الذي كان له مكانة وجلالة، بلغ ماله بعد موته ثلاثةَ قناطير من الذهب ونصفًا، وسبعة قناطير من الفضة، ومئة عبد ومئة أمة، وكان قد أوصى بثلث ماله صدقة، وقيل: نصف ماله، تُوُفِّيَ سنة (255هـ/868م)، "أحمد بن علي بن حسن بن طباطبا" توفي سنة (325هـ/936م)، كان جليل القدر، وله كلام رائق، قيل: إنه تصدق بجميع مال أبيه (المتقدم ذكره) حتى كان لا يجد ما ينفق، فلما بلغ أحمد بن طولون ذلك أعطاه قرية بمصر، فكان يحمِل إليه خراجها، وكان من شأنه أن يشفع في الناس، ويمشي في حوائجهم، حتى قال ابن زُولَاقٍ: لم يكن بمصر فيمن نزل من الأشراف أكثر شفقة ورأفة وسعياً في حوائج الناس منه،‬ "الإمام عبد الله بن احمد بن طباطبا" وكانت تربطه علاقة وثيقة بكافور الإخشيدي، وعرف عبد الله " بصاحب السيادة " ، توفي سنة 348هـ/959م، "أبو القاسم أحمد بن محمد بن إسماعيل بن طباطبا" المتوفى 345هـ/956م، كان نقيب الطالبِيِّينَ بمصر، وكان من أكابر رؤسائها، وله شعر مليح في الزهد وغيره، ومن شعره:

لـقـد غــرت الدنيا أنــاسًـا فـأصـبحوا
سـكـارى بلا عـقل ومـا شربوا خمرا
وقــد خدعتهم مــن زخـارفـهـا بــمــا
غدوا منه في كرب وقد كابدوا ضرا

وممن دفن بالمشهد من إناثهم "السيدة نفيسة ابنة علي بن الحسن بن إبراهيم طباطبا"، و"السيدة خديجة ابنة محمد بن إسماعيل بن القاسم الرَّسِّيِّ بن إبراهيم طباطبا"، وممن دفن بالمشهد من العلماء والصالحين العالم المؤرخ ابن زُولَاقٍ، والقاضي أبو الطاهر محمد بن أحمد المعروف بـابن نصير.
 
 
الصور :