الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

عبد المنعم خليل .. البطل المقاتل في كل حروب مصر المعاصرة

عبد المنعم خليل .. البطل المقاتل في كل حروب مصر المعاصرة
عدد : 10-2018
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com


اللواء/ عبد المنعم محمد إبراهيم خليل قائد عسكرى مصرى وأحد قادة حرب أكتوبر عام 1973م ،تولي قيادة الجيش الثاني الميداني خلال الفترة من يوم 16 أكتوبر عام 1973م وحتي يوم 13 ديسمبر عام 1973م خلفا للواء سعد مأمون الذى أصيب بأزمة قلبية صباح يوم 14 أكتوبر عام 1973م ،وهو من مواليد محافظة المنيا بوسط صعيد مصر عام 1921م وبعد أن حصل علي شهادة إتمام الدراسة الثانوية إلتحق بالكلية الحربية في شهر نوفمبر عام 1939م بعد شهرين فقط من قيام الحرب العالمية الثانية في أوائل شهر سبتمبر عام 1939م وتخرج منها في شهر مايو عام 1942م وشارك في معارك العلمين بعد تخرجه مباشرة حيث دفع الإنجليز مصر وقتها للإشتراك في الحرب عندما وصلت قوات المحور بقيادة القائد الألماني الفذ ثعلب الصحراء الفيلد مارشال إرفين روميل إلى مدينة العلمين وهددت قوات الحلفاء وشارك عبد المنعم خليل حينذاك في كتائب الخدمات العامة حيث كان هو الضابط المكلف بتوريد الجنود بعد تدريبهم إلى ساحات المعركة والتي لم يشارك فيها الضباط والجنود المصريون بشكل مباشر ولكن كان دورهم القيام بعمليات مساعدة فقط وذلك علي الرغم من أن المعارك كانت علي الأرض المصرية ويقول اللواء عبد المنعم خليل:" إنه قد حدثت تجاوزات كثيرة من جانب الإنجليز حينذاك حيث تعمدوا ألا يدربوا المصريين أو يعلموهم شيئا في هذه الحرب حيث كانوا يتعمدون ألا يكون في مصر جيش وطني قوى حتى لا يحاربهم ويحصل على الإستقلال لبلاده فيما بعد فتعمدوا أن تكون مشاركة الجنود والضباط المصريين في الحرب العالمية الثانية مشاركة رمزية وسطحية فإقتصرت على كتائب الإستطلاع والصواريخ والمهمات الطبية والمركبات أما اليهود فقد قاموا بتشكيل لواء كامل في الإسكندرية وإشتركوا مع الإنجليز في الحرب مما أكسبهم الخبرة في القتال والتخطيط للمعارك وهذا ما ساعدهم بعد ذلك علي تحقيق الإنتصار على العرب في حرب فلسطين عام 1948م".

ويضيف اللواء عبد المنعم خليل:" إن الحرب العالمية الثانية قد ألحقت بمصر أضرارا كبيرة أهمها على الإطلاق تعرض مدينتي الإسكندرية والقاهرة لغارات قوات المحور مما تسبب في الكثير من الخسائر البشرية والمادية للأفراد علاوة علي حقول الألغام التي مازالت موجودة حتى الآن في منطقة العلمين وما حولها برغم مرور أكثر من 76 عاما عليها ولا توجد لها خرائط معلومة لدى أى دولة من الدول التي كانت تحارب في العلمين وذلك بسبب أنهم كانوا يستعجلون زرع الألغام لتكون حائط صد دفاعا عن حياتهم وبالتالي كانت مصر هي الخاسر الأول والأخير في هذه الحرب الأمر الذي ترتب عليه الكثير من الخسائر البشرية والمادية لإزالتها بالإضافة إلى التوقف الكامل عن تنمية الساحل الشمالي الغربي بالرغم من أهميته وأرضه الخصبة الصالحة للزراعة".

ومابين عام 1948م وعام 1949م شارك عبد المنعم خليل في حرب فلسطين حيث تم تكليفه بالعمل رئيسا لمعسكر يسمى إمداد الرجال وكانت مهمته تدريب الجنود والضباط لسد الخسائر البشرية التي تعرض لها الجيش المصرى في تلك الحرب وكان ذلك المعسكر يوجد في سيناء ثم تم تكليفه بمهمة غريبة جدا لم يستوعبها بالمرة وهى تنظيم تظاهرة عسكرية حيث تم تسليمه عدد 300 جندي وعدد 100 بندقية قديمة غير صالحة للإستخدام على أن يصطحبهم في القطار المتجه إلى غزة والمجدل ومنها إلي مدينة الخليل وهناك سيجد وحدة عسكرية مصرية سيتلقى منها الأوامر . وبالفعل ركب القطار الذي كان يربط بين مصر وغزة قبل الإحتلال الإسرائيلي هو ورفاقه وأثناء الطريق جلس يفكر ماذا سيفعلون هناك والحرب تدور رحاها بين العرب واليهود وما الهدف من مهمته بتنظيم تظاهرة عسكرية يتم تصويرها أمام العالم بأن الجيش المصري يرفض إحتلال فلسطين وأنه سيشارك بقوة في تحريرها من اليهود الصهاينة وأثناء الرحلة أيضا سمع الجنود والضباط يروون لبعضهم ما سمعوه عن الأسلحة الفاسدة التي تقتل المشاركين في الحرب من العرب . وفي النهاية وصل القطار إلي مدينة غزة ورفع مرافقوه الأعلام وأسلحتهم في التظاهرة المخطط لها ومشوا عبر 3 قرى فلسطينية حتى وصلوا بالفعل إلي مدينة الخليل وتحديدا إلي الوحدة العسكرية المصرية التي من المفترض أن يتلقوا منها الأوامر . وكان قائد هذه الوحدة في ذلك الوقت هو الصاغ جمال عبد الناصر الذي إستقبلهم بحفاوة وكأنه كان ينتظرهم بلهفة وقال لهم:" أنتم ستشاركون معنا في القتال"، فأجابه عبد المنعم خليل:" بأن معه 300 جندي فقط و100 بندقية غير صالحة للإستخدام".. فقال له الصاغ جمال عبد الناصر:" سأمدكم بكل الأسلحة التي تحتاجونها"، ومن ثم بدأوا المشاركة في الحرب .
وكشاهد عيان على تلك الأيام الحزينة يقول اللواء عبد المنعم خليل:" إن الأسلحة التي إشتراها الملك فاروق من الإنجليز لزوم حرب فلسطين كانت سليمة 100% حيث كانت مخزنة في مخازن كبيرة بمنطقة التل الكبير منذ إنتهاء الحرب العالمية الثانية مع وضع شحوم كثيرة عليها حتى لا تصدأ وقام الملك فاروق بشرائها وشحنها للمقاتلين في فلسطين دون تنظيفها من الشحوم ولأن أفراد الجيش المصرى لم يكونوا مدربين سواء الجنود أو الضباط على إستخدام هذه الأسلحة فقد حدثت إصابات ووفيات عديدة نتيجة ذلك بالإضافة إلى القنابل الحمراء التي كانت تنفجر في الضباط والجنود لأن من المفترض أن يتم إلقاؤها بعد ثوان قليلة من شد فتيل الأمان ولكن نظرا لعدم التدريب عليها مات وأصيب كثيرون من رجال الجيش المصرى".

ومن ثم فإن الملك فاروق يعتبر بريئا من التهمة التي ألصقها به بعد ثورة يوليو عام 1952م الكاتب الشهير إحسان عبدالقدوس الذي كتب أن العرب خسروا الحرب بسبب الأسلحة الفاسدة فقد كان وطنيا مخلصا لمصر ولا يمكن أن يقوم بهذا العمل أبدا ويستطرد قائلا :"أنا قابلته أكثر من مرة فقد كان يقوم بزيارتنا على الجبهة وفى نادي ضباط الجيش بالزمالك ويقضي معنا يوما كاملًا ويسهر معنا وأنا بصراحة كنت أحبه وعلي الرغم من أن رجال الثورة خلعوه عن العرش ولكنهم كرموه كآخر ملك لمصر عندما خصصوا له اليخت المحروسة لكي يخرج به من مصر مع أداء المراسم العسكرية التي تليق به كملك لمصر ولم تعاقبه الثورة في قضية الأسلحة الفاسدة التي ثبت عدم صحتها بعد ذلك بأحكام قضائية عادلة.

ويستطرد اللواء عبد المنعم خليل قائلا:" وكنا كضباط نعلم هذه الحقيقة ولكننا لم نتكلم نظرا لإبتعاد الكثير منا عن السياسة حتى جمال عبد الناصر نفسه وأيضا عبد الحكيم عامر واللذان كانا يعلمان الحقيقة وقتها ولذلك قام عبد الناصر بعد الثورة بإنشاء الكلية الفنية العسكرية والمعهد الفني ليكون عملهما الأساسي هو تشريح ودراسة الأسلحة المستوردة وكيفية عملها وملاءمتها لجو الحرب ومسرح العمليات في مصر" .

تدرج بطلنا عبد المنعم خليل في المناصب القيادية في كافة النشكيلات الميدانية ولذلك فقد كان من القادة الميدانيين المحترفين حيث شغل أولا منصب قائد الكتيبة 53 مشاة ثم أصبح رئيسا لأركان حرب اللواء الرابع مشاة ثم إنتقل إلي اليمن عام 1962م ليشغل منصب رئيس القوات العربية هناك حتي عام 1966م وبعد عودته من اليمن شغل منصب قائد وحات سلاح المظلات في عام 1967م وبعد نكسة الخامس من يونيو عام 1967م تم تعيينه رئيسا لأركان حرب الفرقة الثانية مشاة ثم ترقي ليصبح قائدا للفرقة الثالثة مشاة ثم أصبح رئيسا لأركان حرب الجيش الثاني الميداني فقائدا له خلال الفترة من أواخر عام 1969م وحتي أوائل عام 1972م وهي الفترة التي تخللتها حرب الإستنزاف وبعد ذلك تم تعيينه رئيسا لهيئة تدريب القوات المسلحة والتي إنتقل منها ليصبح قائدا للمنطقة المركزية العسكرية وهو المنصب الذى كان يشغله خلال فترة حرب أكتوبر عام 1973م إلي أن تم إستدعاؤه ظهر يوم 16 أكتوبر عام 1973م إلي القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية وإبلاغه بإختياره قائدا للجيش الثاني الميداني الذى كان قد ترك قيادته منذ حوالي 21 شهر وذلك بعد تنحي اللواء سعد مأمون قائد الجيش حينذاك عن القيادة نظرا لإصابته بأزمة قلبية وليظل قائدا له حتي يوم 13 ديسمبر عام 1973م حيث تم تعيينه مساعدا لوزير الحربية وقائدا لقوات الدفاع الشعبي والعسكرى وليحل محله العميد فؤاد عزيز غالي الذى كان يشغل منصب قائد الفرقة 18 مشاة مع ترقيته إلي رتبة اللواء وبعد ذلك شغل مرة أخرى منصب مساعد وزير الحربية ورئيس هيئة تدريب القوات المسلحة المصرية وتكريما لبطلنا عبد المنعم خليل فقد تم منحه وسام بطل الجيش الثاني الميداني ووسام نجمة الشرف العسكرية كما حصل سيادته على درجة الدكتوراه الفخرية من أكاديمية ناصر العسكرية العليا بتاريخ يوم 24 يونيو عام 2013م لكونه أحد رموز العسكرية المصرية وأقدم قادة حرب أكتوبر عام 1973م المجيدة الذين كانوا ما يزالوا علي قيد الحياة كما تمت ترقيته إلي رتبة الفريق الفخرى في يوم 27 يونيو عام 2013م .

وبخصوص دور اللواء عبد المنعم خليل في حرب أكتوبر عام 1973م فكما ذكرنا في السطور السابقة أنه كان يشغل منصب قائد المنطقة المركزية العسكرية ثم تم إستدعاؤه إلي القيادة العامة للقوات المسلحة ظهر يوم 16 أكتوبر عام 1973م لمقابلة الفريق سعد الشاذلي رئيس الأركان والذى أخبره بإختياره قائدا للجيش الثاني الميداني خلفا للواء سعد مأمون ونظرا لأنه كان غير متصل إتصالا مباشرا بالحرب منذ قيامها فقد طلب من الفريق الشاذلي معرفة أوضاع قواتنا وقوات العدو في نطاق الجيش الثاني الميداني فأحاله الفريق الشاذلي إلي اللواء محمد غنيم نائب رئيس هيئة العمليات الذى شرح له علي خريطة العمليات فكرة عامة عن أوضاع قواتنا في نطاق الجيشين الثاني والثالث الميدانيين وكذلك أوضاع القوات الإسرائيلية التي تواجههما وبخصوص آخر تطورات الموقف علم من كل من الفريق الشاذلي واللواء غنيم أن تقارير الإستطلاع الواردة من الجيش الثاني الميداني تفيد بأنه توجد عدد 7 دبابات إسرائيلية كانت قد تمكنت من عبور القناة عند الدفر سوار ليلة 15/16 أكتوبر عام 1973م وأن عناصر من قوات الصاعقة المصرية من الجيش الثاني الميداني مشتبكة معها وأن الموقف غير واضح تماما حتي الآن ونظرا لأن الفريق الشاذلي كان يتعجل رحيل اللواء عبد المنعم خليل إلي مقر القيادة المتقدم للجيش الثاني فقد إستقل عربة جيب عسكرية وإتجه نحو هذا المقر بالإسماعيلية حيث وصله في حوالي الساعة الرابعة مساءا وقابل هناك اللواء تيسير العقاد رئيس أركان حرب الجيش الذى تولي قيادته مؤقتا من يوم 14 إلي يوم 16 أكتوبر عام 1973م وفي الساعة الرابعة والنصف مساءا إتصل الفريق أول أحمد إسماعيل علي القائد العام باللواء عبد المنعم خليل وساله عن الموقف فأجابه بأنه قد وصل إلي مقر قيادته منذ حوالي نصف ساعة وأنه يقوم بدراسة الموقف فتمني له القائد العام التوفيق وطالبه بسرعة العمل علي تدمير الدبابات الإسرائيلية التي تسللت إلي غرب القناة وعلي أثر ذلك بدأ اللواء عبد المنعم خليل في الإتصال هاتفيا بقادة التشكيلات التي تحت قيادته لمعرفة أوضاع وحداتهم وأوضاع وحدات العدو التي يواجهونها وطلب من فرعي العمليات والإستطلاع الخاصين بالجيش الثاني موافاته بآخر معلومات متوافرة لديهما عن القوة الإسرائيلية التي تسللت إلي غرب القناة .


وخلال اليوم التالي 17 أكتوبر عام 1973م واليوم الذى يليه 18 أكتوبر عام 1973م فشلت جميع المحاولات المصرية التي خططت لها القيادة العامة للقوات المسلحة لتدمير ثغرة الدفر سوار ففي يوم 17 أكتوبر عام 1973م فشل اللواء 25 المدرع المستقل في هذه المهمة ومن ثم ففي ليلة 17/18 أكتوبر تمكن العدو الإسرائيلي من إقامة رأس كوبرى عند الدفر سوار وبدأت القوات المدرعة الإسرائيلية تتدفق إلي غرب القناة عبر هذا الكوبرى لتصل في صباح يوم 18 أكتوبر عام 1973م إلي عدد 3 ألوية مدرعة وعدد 1 لواء مشاة مظلات وليفاجأ اللواء 23 المدرع الذى أوكلت إليه مهمة ضرب الثغرة من الغرب صباح هذا اليوم بهذا الوضع حيث أن نسبة التفوق للقوات المعادية تبلغ 3 إلي 1 وتفشل مهمته هو الآخر وعند الظهر يعبر لواء مدرع آخر ليصبح للعدو غرب القناة عدد 4 ألوية مدرعة بالإضافة إلي عدد 1 لواء مشاة مظلات تم تقسيمها إلي فرقتين وبذلك أصبح الموقف خطيرا وينذر بالخطر بعدما تم فتح ثغرة كبيرة في مظلة الدفاع الجوى المصرى مما سمح للطيران الإسرائيلي المعادى بالعمل بحرية من خلال هذه الثغرة وأيضا أصبح من الممكن أن تعبر فرقة أخرى للعدو غرب القناة ليصبح له 3 فرق في اليوم التالي أو خلال الأيام التالية علي أقصي تقدير وبالفعل ففي صباح يوم 19 أكتوبر عام 1973م اصبح للعدو غرب القناة 3 فرق مدرعة تضم عدد 7 ألوية مدرعة ولواء مشاة مظلات بالإضافة إلي عدد 1 لواء مشاة ميكانيكي وفي يوم 18 أكتوبر عام 1973م تم تحرك الفريق سعد الشاذلي رئيس الأركان إلي الجبهة للوقوف علي الوضع المتدهور لقواتنا في قطاع الجيش الثاني الميداني فوصل إلي مقر قيادة الجيش الثاني الميداني في الساعة الخامسة والنصف مساءا حيث إلتقي باللواء عبد المنعم خليل قائد الجيش وإستمع منه إلي ما إتخذه من قرارات وتدابير لإنقاذ الموقف والتي كانت تتلخص في أن يتم سحب اللواء 15 المدرع المستقل من شرق القناة إلي غربها والذى كان يقوده العقيد آنذاك أحمد تحسين شنن والذى كان تحت قيادة الفرقة 18 مشاة وأن يتمركز في المنطقة شمال ترعة الإسماعيلية وأن يعمل كإحتياطي في يد قائد الجيش كما يتم تكليف اللواء 150 مظلات بالدفاع عن الضفة الغربية للقناة جنوب ترعة الإسماعيلية مع تأمين مؤخرة الفرقة 21 المدرعة والفرقة 16 مشاة المتمركزتين شرق القناة مع قيام هاتين الفرقتين بالضغط علي قوات العدو جنوبا في محاولة لإغلاق الطريق المؤدى إلي ثغرة الدفر سوار مع تركيز نيران مدفعية الجيش علي هذه المنطقة والإغارة عليها بواسطة قوات الصاعقة ونسف الكبارى الواقعة علي ترعة الإسماعيلية لمنع العدو من عبورها من ضفتها الجنوبية إلي ضفتها الشمالية وتهديد مدينة الإسماعيلية وفي نفس الوقت علي الفرقتين 2 و18 مشاة التمسك بشدة بمواقعهما شرق القناة وإستحسن الفريق الشاذلي هذه القرارات من جانب قائد الجيش الثاني الميداني وقام بالتصديق عليها .


وفي ليلة 18/19 أكتوبر عام 1973م شن اللواء 150 المظلات هجوما ضاريا علي الكوبرى الذى نصبه العدو الإسرائيلي علي القناة وأخذت مدفعيتنا تصب عليه النيران دون هوادة ووصلت إلي قيادة الجيش الثاني في هذا التوقيت معلومات تفيد بأنه قد تم نصب كوبرى آخر علي القناة شمالي الكوبرى الأول فتم توجيه نيران المدفعية عليه مما تسبب في إصابته بخسائر فادحة وكانت للأعمال البطولية التي قام بها هذا اللواء أثر كبير في تعطيل تقدم قوات العدو الذى كان يستهدف الإستيلاء علي مدينة الإسماعيلية وتطويق الجيش الثاني الميداني ولم ييأس الجنرال شارون وحاول مرة أخرى بفرقته التي عبرت إلي غرب القناة إحتلال مدينة الإسماعيلية حيث أنه منذ أن بلغته الأنباء بقرب صدور قرار بوقف إطلاق النار قام بدفع كل ما تحت يده من قوات في إتجاه الشمال عاقدا عزمه علي سرعة الوصول إلي ترعة الإسماعيلية وعبورها لكي يتمكن من تحقيق الأمل الذى أخذ يراوده منذ أن عبر بقواته إلي غرب القناة بالإستيلاء علي مدينة الإسماعيلية وبالتالي قطع طرق الإمدادات الرئيسية القادمة من القاهرة وشرق الدلتا لقوات الجيش الثاني الميداني وكان يدرك بالطبع أن سقوط الإسماعيلية سيحدث دويا سياسيا كبيرا علي المستوى العالمي مما سوف يكسبه شهرة واسعة ومجدا عسكريا مرموقا وهنا ظهرت كفاءة وبراعة وخبرة وحنكة بطلنا اللواء عبد المنعم خليل قائد الجيش الثاني الميداني والعميد آنذاك محمد عبد الحليم أبو غزالة قائد مدفعية الجيش واللذان فطنا بالطبع إلي هدف فرقة الجنرال إيريل شارون ومن ثم فقد نظما الدفاع عن مدينة الإسماعيلية تنظيما جيدا جدا علي الرغم من الظروف الحرجة التي كانت تواجهها قواتنا غرب القناة وكان أول ما خططا له هو منع قوات العدو بكافة السبل من عبور ترعة الإسماعيلية من ضفتها الجنوبية إلي ضفتها الشمالية حتي لا ينجح في تطويق المدينة وحصارها تمهيدا لإقتحامها وإحتلالها ورفع العلم الإسرائيلي فوق مبني المحافظة وكان أهم ملامح هذا التخطيط العمل علي تدمير دبابات العدوعلي مسافات بعيدة لمنعها من مجرد الإقتراب من ترعة الإسماعيلية مما سيتسبب في تعطيل أى تقدم لمدرعات العدو وقد نجحت قوات الجيش الثاني الميداني التي نظمها اللواء عبد المنعم خليل بالفعل في تحقيق هذا الهدف وتمكنت من صد قوات العدو جنوب ترعة الإسماعيلية فلم تستطع أى من قوات العدو عبور ترعة الإسماعيلية إلي شمالها في أى جزء من أجزائها وذلك بتنظيم الدفاع المضاد للدبابات لزوم حماية الكبارى المهمة ومحاور التقدم التي تؤدى إلي ترعة الإسماعيلية وإلي جانب ذلك فقد تم إصدار تعليمات يوم 20 أكتوبر عام 1973م إلي جميع كتائب مدفعية الجيش الثاني التي كانت قد إحتلت مرابض تبادلية جنوب ترعة الإسماعيلية عندما عبرت القوات الإسرائيلية إلي غرب القناة بالإنتقال فورا إلي الضفة الشمالية للترعة بعد أن أصبح من الخطورة بمكان بقاؤها في مواقعها بعد قيام الجنرال شارون بالزحف بقواته في إتجاه الشمال طمعا في الإستيلاء علي الإسماعيلية وبالفعل تم ذلك بكفاءة تامة وأصبح للقوات المدافعة عن الإسماعيلية شمال ترعة الإسماعيلية 10 كتائب مدفعية وهي قوة نيرانية ضخمة وفضلا عن ذلك أمكن للجيش الثاني الميداني إستخدام نيران مجموعتي مدفعية الفرقتين 16 مشاة و21 المدرعة من الضفة الشرقية للقناة والتي بلغت 8 كتائب مما جعل من مقدرة قوات الدفاع عن الإسماعيلية إستخدام من 12 إلي 16 كتيبة مدفعية في القصفة الواحدة بإستخدام حوالي عدد 280 مدفع وقد قام العميد آنذاك محمد عبد الحليم أبو غزالة قائد مدفعية الجيش الثاني الميداني بوضع التخطيط النيراني المدفعي المناسب للمعركة وحشد المدفعية في مواجهة حشود وتجمعات العدو التي ستهاجم مدينة الإسماعيلية كما أنه نجح في السيطرة علي جميع وحدات المدفعية في نطاق الجيش الثاني الميداني بحيث تتحقق مركزية النيران علي أعلي مستوى لذا فقد أمكنها القيام بتنفيذ مهام نيرانية عديدة مستخدمة وحدات المدفعية علي الشاطئين الشرقي والغربي للقناة كما نجح العميد أبو غزالة في تخطيط وتنفيذ مهام نيرانية علي طرق إقتراب العدو ومناطق حشد دباباته مما كبده خسائر فادحة أثناء محاولاته التقدم شمالا في إتجاه ترعة الإسماعيلية وقد إعترفت القيادة الإسرائيلية بأن الحشود الضخمة للمدفعية وقوة نيرانها كان لهما تأثير كبير ورئيسي في فشل هجوم الجنرال شارون علي الإسماعيلية .

وتعالوا بنا نستعرض تفاصيل محاولة الجنرال إيريل شارون الإستيلاء علي مدينة الإسماعيلية ففي ليلة 21/22 أكتوبر عام 1973م تم تكليف وحدات مدفعية الجيش الثاني الميداني التي كان يقودها العميد آنذاك محمد عبد الحليم أبو غزالة بالقيام بقصفات إزعاج علي مواقع العدو غرب القناة طوال الليل وفي الصباح قامت الطائرات الإسرائيلية بهجمات جوية عنيفة علي مواقع قواتنا وركزت قصفها علي مناطق نفيشة ومعسكر الجلاء غربي الإسماعيلية ومنطقة أبو عطوة جنوب غرب الإسماعيلية ومنطقة جبل مريم جنوب الإسماعيلية وحاول العدو التقدم نحو الإسماعيلية من جهة طريق القاهرة الإسماعيلية الصحراوى ومن إتجاه نفيشة بدباباته ومدرعاته إلا أن المقذوفات الصاروخية المضادة للدبابات إشتبكت معها وأجبرتها علي الإنسحاب وفي حوالي الساعة العاشرة صباحا جدد العدو محاولاته للتقدم في إتجاه ترعة الإسماعيلية عن طريق محور طريق ترعة السويس التي تتفرع من ترعة الإسماعيلية وتتجه جنوبا نحو السويس وأيضا عن طريق محور طريق القاهرة الإسماعيلية الزراعي المعروف بإسم طريق المعاهدة ولكي يؤمن هذه التحركات قام بقصف مدفعي مركز لمواقع قوات الصاعقة التي حشدها قائد الجيش الثاني الميداني في هذين المحورين لإيقاف أى تقدم من جانب قوات العدو عليهما ونظرا لضيق هذين المحورين فقد تحركت في المقدمة قوات العدو المترجلة من المظلات وعناصر الإستطلاع بينما كان يتبعها ببطء طابور من الدبابات والعربات المدرعة بسبب عجزها عن الفتح والإنتشار وعند الظهر تقريبا إشتبكت مقدمة قوات العدو مع عناصر إستطلاع قوات الصاعقة المصرية والتي إستطاعت تدمير دبابتين وعربة مدرعة إسرائيلية وقي الساعة الواحدة ظهرا تقريبا تقدمت سرية مشاة إسرائيليةعلي محور طريق ترعة السويس إلا أنها فوجئت بنيران مكثفة تنطلق نحوها مما كبدها خسائر جسيمة في الأرواح تزيد عن 50 فردا وعلي أثر ذلك توقف هجوم العدو علي محور طريق ترعة السويس .

وفي نفس التوقيت الذى حاولت فيه قوات العدو التقدم علي محور طريق ترعة السويس كانت تتقدم أيضا بقوة سرية دبابات وسرية مشاة ميكانيكية علي محور طريق المعاهدة عند نفيشة غربي الإسماعيلية وتمكنت كتيبة الصاعقة المتمركزة عند نفيشة من تدمير عدد 3 دبابات وعربتين مدرعتين وقتل وإصابة عدد كبير من الأفراد وعندما خيم الظلام وحل موعد سريان قرار وقف إطلاق النار في الدقيقة السادسة وإثنين وخمسين دقيقة مساء يوم 22 أكتوبر عام 1973م ونظرا لوجود جرحي وقتلي إسرائيليين علي أرض المعركة لم يتم سحبهم لذا طالب الجنرال إيريل شارون بإمداده بعدد من الطائرات الهيليكوبتر لزوم إخلاء الجرحي والقتلي ولكن لم توافقه قيادته علي مطلبه حيث كانت الليلة مظلمة وكان من الصعب علي الطائرات الهبوط بالقرب من ميدان المعركة منعا لإصابتها ولذا أمر شارون قواته بالإعتماد علي نفسها في عملية إخلاء الجرحي والقتلي من أرض المعركة وإستمرت عملية الإنقاذ هذه قرابة الأربع ساعات وبذلك فشلت محاولات الجنرال إيريل شارون وتبددت أحلامه في الإستيلاء علي مدبنة الإسماعيلية وتحقيق شهرة واسعة ومجد عسكرى يلتصق بإسمه وذلك بعود في المقام الأول إلي إيمان وعزيمة وإصرار رجال الجيش الثاني الميداني وقائدهم البطل عبد المنعم خليل وقائد مدفعية الجيش العميد أبو غزالة وما أبدوه من بطولات في منطقة جنوب وشمال ترعة الإسماعيلية والتي أجبرت قوات شارون علي التوقف جنوب الترعة دون أن تتمكن من العبور إلي ضفتها الشمالية وبإنتهاء يوم 22 أكتوبر عام 1973م هدأت الأمور إلي حد كبير في قطاع الجيش الثاني الميداني حيث تركزت تحركات وهجمات قوات العدو منذ صباح يوم 23 أكتوبر عام 1973م وحتي وصول قوات الطوارئ الدولية والسريان الفعلي لقرار وقف إطلاق النار بين الطرفين يوم 28 أكتوبر عام 1973م في الجنوب بقطاع الجيش الثالث الميداني وكما حاولت القوات الإسرائيلية إحتلال مدينة الإسماعيلية حاولت أيضا إحتلال مدينة السويس ولكنها فشلت أيضا فشلا ذريعا مثلما فشلت في إحتلال مدينة الإسماعيلية بعد أن إستبسلت قوات المقاومة الشعبية بالإشتراك مع بعض وحدات الجيش الثالث الميداني في الدفاع عن المدينة وكبدتها خسائر فادحة في الأرواح والمعدات ثم كان ما كان من إتفاقية النقاط الست عند الكيلو 101 طريق القاهرة السويس الصحراوى والتى بموجبها تم توصيل الإمدادات إلي قوات الجيش الثالث الميداني شرق القناة وأيضا مدينة السويس ثم أعقبها إتفاقية فض الإشتباك الأول والتى تم توفيعها يوم 18 يناير عام 1974م بين الجانبين المصرى والإسرائيلي والتي كان أهم بنودها أن تقوم إسرائيل بسحب قواتها من غرب وشرق القناة إلي مسافة حوالي 30 كيلو متر شرق القناة بينما تقوم مصر بسحب قواتها من شرق القناة مع إحتفاظها بعدد 7000 جندى وضابط بالإضافة إلي عدد 30 دبابة علي ألا يتجاوز وجودها مسافة 10 كيلو مترات شرق القناة وفي الوقت نفسه تتواجد قوات الطوارئ الدولية التابعة للأمم المتحدة في المنطقة الفاصلة بين القوات المصرية والقوات الإسرائيلية وعرضها حوالي 20 كيلو متر مع النص علي أن هذه الإتفاقية لا تعد إتفاقية سلام بين الطرفين بل هي مجرد خطوة للوصول إلي معاهدة سلام دائمة بين الطرفين يتم التفاوض بينهما بشأنها داخل إطار مؤتمر جنيف للسلام الذى نادت به الأمم المتحدة في ذلك الوقت .
 
 
الصور :