الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

في ذكرى الفاتح من سبتمبر: حقائق عن الملك الزاهد "إدريس السنوسي"

في ذكرى الفاتح من سبتمبر: حقائق عن الملك الزاهد -إدريس السنوسي-
عدد : 09-2018
بقلم الدكتور/ عمر محمد الشريف

ملك ليبيا الحكيم الذي قادها إلى الاستقلال والوحدة، زعيم الحركة السنوسية، شخصية عظيمة تذكرنا بالخلفاء الراشدين، عُرف عنه الورع والتقوى، حافظ لكتاب الله، فرع من الدوحة النبوية.

عندما تولى الحكم أسقط عن نفسه لقب الجلالة لتظل لله وحده، وأمر بإلغاء جميع الألقاب والاكتفاء بلقب واحد هو السيد، فلا جلالة ولا معالي ولا فخامة ولا دولة، فقط السيد السنوسي، كما حظر استعمال القاب الأمراء على أفراد الأسرة السنوسية، وأمر بأن يرفع اسمه من الشوارع والميادين والمؤسسات الحكومية وكذلك أسماء أفراد الأسرة، وألغى جميع الامتيازات التي يتمتع بها الملوك في عصره فدفع الرسوم الجمركية على مستورداته الخاصة، كما ألغى كل ما أعطاه إياه الدستور من سلطات واسعة، وأمر أن لا تقبل الهدايا التي تقدم له بمناسبة عيد ميلاده أو عقد قران ملكي.

محمد إدريس بن محمد المهدي بن محمد بن علي السنوسي الخطابي الادريسي الحسني الهاشمي، جده محمد بن علي السنوسي مؤسس الطريقة السنوسية، ولد في مستغانم بالجزائرعام 1787م ورحل للحجاز حيث أقام أول زاوية لطريقته بها، ثم انتشرت الزوايا السنوسية في بلاد شمال أفريقيا، ولعبت السنوسية دورًا هاماً في نشر الإسلام في أفريقيا كما قاومت الأحتلال الإيطالي.

ولد إدريس في الجغبوب جنوب برقة عام 1890م، وتعلم على يد كبار العلماء السنوسيين، ولما توفى والده المهدي عام 1902م، تولى السيد أحمد الشريف الإمارة كوصي حتى يبلغ ادريس السن.

كانت أول زيارة للملك إدريس لمصر عام 1914م حينما عزم على الذهاب لمكة لأداء فريضة الحج، ونزل ضيفًا على الخديوى عباس الثاني في قصر رأس التين بالأسكندرية، وفي الحجاز التقى بالحسين بن علي شريف مكة والذي أصبح بعد ذلك ملكاً للحجاز.

بعد عودته من الحج تولى الزعامة السنوسية عام 1916م، وقاد المقاومة ضد الأحتلال الإيطالي، وحصلت ليبيا على استقلالها عام 1951م وتم الإعلان في هيئة الأمم المتحدة، وخرج الملك إدريس معلناً ذلك من شرفة قصر المنارة في مدينة بنغازي، ليتم تأسيس المملكة الليبية المتحدة بقيادته وهو في الواحدة والستين من عمره.

تزوج من بنت عمه السيدة فاطمة الشفاء بنت أحمد الشريف، كانت فاطمة زوجة مخلصة وفية تحب ابن عمها كثيراً، ولشدة حبها له كانت توقع اسمها (فاطمة ادريس) وتحب ان تدعى كذلك.

وبعد استقلال ليبيا بثلاثة اعوام وتحديدًا في 5 أكتوبر عام 1954م، وقعت حادثة اغتيال حيث قام الشريف محي الدين السنوسي "حفيد أحمد الشريف وابن اخ زوجة الملك ادريس السيدة فاطمة" باغتيال إبراهيم الشلحي ناظر الخاصة الملكية أمام مقر الحكومة الاتحادية بمدينة بنغازي، فقُبض عليه وحُكم عليه بالإعدام من باب القصاص الشرعي، واعدم شنقا في 6 فبراير 1955 بسجن بنغازي.

كان موقف الملك إدريس واضحاً رافضاً لكل من توسط للعفو عن محي الدين السنوسي، حريصًا على المبادئ الدستورية وضمان سير العدالة على جميع أفراد شعبه، فلم تؤثر فيه صلة القرابة بإعتباره واحداً من أفراد الأسرة السنوسية.

وفي أثناء سفره في رحلة علاج إلى تركيا واليونان، وقع الانقلاب في سبتمبر عام 1969م بقيادة الملازم أول معمر القذافي أو ما عُرف لاحقًا بثورة الفاتح، والذي بدوره ألغى الدستور الليبي، وأطاح بحكم الملك إدريس، لينتهي الحكم السنوسي لليبيا.

وجد السيد السنوسي نفسه بلا مال خاص ينفق منه، فعرض عليه المسئول المالي للرحلة إستلام ما تبقى في عهدته من المخصصات، رفض إدريس بشدة وقال :

"يا بني أنا الأمس كنت ملك ليبيا، ولكني لم أعد كذلك اليوم، وبالتالي فإن هذا المال لم يعد من حقي، ويجب أن يسلم إلى خزينة الشعب".

وتقول زوجته السيدة فاطمة في رسالة لها بعد الانقلاب وتحديداً في 13 سبتمبر 1969م :

"إننا نحمد الله على أن تيجان الملكية لم تبهرنا قط، ولا نشعر بالأسف لفقدها، فنحن كنا دائمًا نعيش حياة متواضعة، ولم يغب عن أذهاننا مثل هذا اليوم، كما نحمد الله كثيرًا على أننا لا نملك مليمًا واحدًا في أي مصرف حتى يشغل بالنا المال".

رحل إلى مصر واستقر بها، ولم يغادرها سوى مرتين للحج، وتوفي في القاهرة في 25 مايو 1983م وهو في الرابعة والتسعين من عمره، ونقل جثمانه من القاهرة إلى المدينة المنورة في طائرة مصرية خاصة ليدفن في مدافن البقيع ليجاور جده صلى الله عليه وسلم.

رحم الله الرجل الصالح السيد السنوسي، لم يعرف له العرب مثيلًا في العصر الحديث، فقد كان زاهدا مترفعًا عن ماديات الحياة، عاش حياة بسيطة عفيفة، لا يحب الظهور مفضلًا هدوء الصحراء والريف، وعرفت ليبيا في عهده نهضة غير مسبوقة، ولم يشهد تاريخ ليبيا عهد زاهر مثل العصر الذهبي للسنوسية، وكفاحهم ضد الاستعمار.
 
 
الصور :