الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

الملك فاروق الأول- ج5

الملك فاروق الأول- ج5
عدد : 08-2018
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com


قام حسين سرى باشا بتشكيل وزارته الأولي وجاء هذا التشكيل شاملا العديد من الوزراء من وزارة حسن صبرى باشا السابقة بالإضافة إلى أن حسين سرى باشا إعتمد على المستقلين وأعضاء حزب الأحرار الدستوريين فقط بعدما إنسحب الوزراء السعديين من وزارة حسن صبرى باشا السابقة نظرا لإعتراضهم علي سياسة الوزارة بعدم إشتراك الجيش المصرى في الحرب وترك أمر الدفاع عن الحدود الغربية للقوات البريطانية وحدها ولم يصمت الحزب السعدى عند حد الإنسحاب من الوزارة بل قام بشن حملة ضارية علي الحكومة بسبب تلك السياسة وكان من المفترض سؤال ومناقشة مجلس النواب للحكومة في هذا الأمر في جلسة البرلمان التي توفي خلالها حسن صبرى باشا كما ذكرنا في السطور السابقة وعليه أصبح مطلوبا الآن من حسين سرى باشا مواجهة الموقف الحرج الذى كان سلفه حسن صبرى باشا سيواجهه في البرلمان ولكن القدر لعب لعبته وأعفاه منه وبالفعل تمت مناقشة هذا الأمر في البرلمان علي مدى 33 جلسة سرية وكان من رأى الحكومة عدم إشتراك وتورط مصر في الحرب وبعد مناقشات حامية الوطيس تمكنت الحكومة من الحصول على ثقة مجلس النواب والموافقة على وجهة نظرها التي تقضي بتجنيب مصر ويلات الحرب وهي نفس سياسة الحكومتين السابقتين حكومة علي ماهر باشا وحكومة حسن صبرى باشا وفي عهد تلك الوزارة تم إتخاذ بعض التدابير لمواجهة الظروف التي فرضتها الحرب علي العالم كله ومنه مصر بالطبع وكانت إيطاليا قد بدأت تشن غارات جوية علي المدن في البلاد وبدأت بالإسكندرية بإعتبارها أقرب المدن إلي الحدود الغربية حيث توجد المطارات الحربية الإيطالية ثم بدأت الغارات تمتد إلى القاهرة فناقش مجلس الوزراء مايجب أن يتخذ من إجراءات لمواجهة ذلك العدوان الذى يتضرر منه في النهاية الأبرياء من المدنيين وكذلك تعريض ممتلكاتهم للأذى والتدمير ورأى فريق إن هذه الغارات في الأساس غير مقصود بها الإضرار بالمصريين وممتلكاتهم وأن ماحدث يعد نتيجة طبيعية لوجود الإنجليز المعادين لإيطاليا في مصر وطالب البعض بضرورة مخاطبة الحكومة الإيطالية ولفت نظرها إلي هذا الأمر خاصة وأن مصر تقف من تلك الحرب موقفا محايدا ولم تعلن دخولها الحرب إلى جانب بريطانيا وماحدث بالفعل أن الخسائر في الأرواح والممتلكات قد أخذت في التزايد والشعب ينتظر إتخاذ إجراءات وخطوات حاسمة وقوية من جانب الحكومة بشأن هذا الأمر إذ ليس من المعقول أو المقبول أن يتحمل المواطنون الأبرياء مايتعرضون له من الأضرار والأذى والخسائر .

ومن أجل مواجهة تداعيات ذلك تقرر إنشاء لجنة لإعانة مندوبي الغارات وإقتراح الوسائل العاجلة لإيوائهم وإطعام المنكوبين منهم وتقدير الإعانات الواجب تقديمها لهم وتقرر أن يتم الحصول على تلك الإعانات وبما يكفي لإعانتهم من أموال الرعايا الإيطاليين الموضوعة تحت الحراسة من خلال الحارس العام علي تلك الأموال بعد إستئذانه وعلي أن ينفذ هذا القرار بشكل سرى ودون إعلان عنه وكانت أيضا قد قامت حملة تبرعات من الأهالي لإعانة هؤلاء الذين تضرروا من تلك الغارات ساهم فيها الملك فاروق ورئيس مجلس الوزراء والوزراء وعدد كبير من المواطنين كما إعتمد مجلس الوزراء مبلغ 46 ألف جنيه لإستكمال إنشاء مخابئ بمدينة القاهرة لحماية مواطنيها وكذلك إعتماد مبلغ 200 ألف جنيه لإستكمال أى تدابير لازمة للوقاية من الغارات الإيطالية وبالإضافة إلى ذلك قرر المجلس صرف مرتب شهر علي سبيل السلفة لكل موظف يرغب في ترحيل عائلته من الإسكندرية على أن تقسط السلفة على مدى سنة وذلك بسبب أن الإسكندرية كانت أكثر المدن تعرضا للغارات كما أسلفنا القول وقرر مجلس الوزراء في نفس الإطار وقف الهجرة الداخلية إلى مديرية البحيرة التي إكتظت بالمهاجرين من الإسكندرية وإستبدال ذلك بإمكانية الهجرة إلى القاهرة مع صرف إعانة طواريء مؤقتة للعمال وتكوين لجان لتقدير النفقات الشهرية لمن فقدوا مواردهم منهم .

وبالإضافة إلى ماسبق تم صدور قانون خاص بالإعفاءات والمميزات التي تتمتع بها القوات البريطانية في مصر وبمقتضاه لايجوز إنتهاك حرمة المعسكرات البريطانية وتكون تلك المعسكرات خاضعة لرقابة وقضاء السلطات العسكرية البريطانية وحدها ولايخضع أفرادها لسلطان المحاكم المصرية مع معاقبة أى شخص يتخلف عن الحضور أمام هذه المحاكم كما صدر قانون بشأن المزايا التي يتمتع بها أعضاء البعثة العسكرية الإنجليزية الملحقة بالجيش المصرى ومعاملتهم معاملة أشبه ماتكون بمعاملة البعثات الدبلوماسية وأخيرا قرر مجلس الوزراء تأجير المطارين المدني والحربي بمنطقة الدخيلة بالإسكندرية إلي السلطات العسكرية الإنجليزية بإيجار رمزى قدره 100 مليم للمتر المربع في السنة الواحدة .

وفي فترة حكم تلك الوزارة وفي صباح يوم الجمعة 16 مايو عام 1941م وقعت حادثة محاولة هروب الفريق عزيز المصرى باشا وعدد 2 من الطيارين هما حسين ذو الفقار صبرى وعبد المنعم عبد الرؤوف إلي خطوط الإيطاليين في ليبيا حيث إستولى الثلاثة علي إحدى طائرات سلاح الطيران المصرى وفي أثناء تنفيذهم تلك المحاولة إصطدمت الطائرة بسلك كهربائي في المنطقة مابين قها وقليوب بمديرية القليوبية فسقطت الطائرة ونجا ركابها الثلاثة ولاذوا بالقرار وتمكنوا من الإختفاء عن الأعين بالقاهرة ومن خلال الأوراق والصور التي تم العثور عليها في حطام الطائرة المنكوبة تمكنت السلطات من معرفة مرتكبي الحادث وصدر بيان بذلك من مجلس الوزراء صباح يوم السبت 17 مايو عام 1941م وذكر البيان تفاصيل الحادث بإختصار وأضاف البيان بأن ما إرتكبه الثلاثة المذكورين يمثل جناية مضرة بأمن الدولة وسلامتها وأن النائب العام المصرى يباشر التحقيق في الحادث وتم الإعلان عن مكافأة مجزية قدرها 1000 جنيه لمن يعاون أو يرشد أو يدلي ببيانات أو معلومات تساعد في القبض على الثلاثة المذكورين أو أحدهم وتم نشر صورهم بالجرائد والصحف اليومية لتسهيل التعرف عليهم ومع إزدياد الغارات الإيطالية علي المدن المصرية وخاصة بعد وصولها إلى القاهرة وكذلك إزدياد نشاط دولتي المحور ألمانيا وإيطاليا عدوتا بريطانيا في البحر المتوسط وتحقيق القوات الألمانية الإيطالية المشتركة الإنتصار تلو الإنتصار علي القوات الإنجليزية في شمال أفريقيا علاوة على تخوفات الإنجليز علي إستقرار الجبهة الشرقية وإحتمال حدوث قلاقل بها نتيجة الإنقلاب الذى قام به رشيد عالي الكيلاني في العراق ففي مواجهة تلك التطورات والرتم السربع الذى تتصاعد به الأحداث رأى حسين سرى باشا أن إعتماده في وزارته علي المستقلين وعلي حزب الأحرار الدستوريين دون غيره من الأحزاب ليس من الصواب وأنه لابد من أن يوسع الدائرة وأن يكون معه أعضاء من الحزب السعدى علي الأقل في وزارته فكان أن إتفق مع القصر من أجل إجراء تعديل واسع في وزارته وبالفعل تم له ذلك وأجرى التعديل المطلوب وأعاد تشكيل الوزارة يوم 21 يوليو عام 1941م .

وكان لهذا التعديل الوزارى مقدماته ففي خلال شهر مايو عام 1941م دعا الملك فاروق زعماء وممثلي الأحزاب إلى الإلتقاء به حيث دارت أحاديث اللقاء حول تداعيات الحرب والموقف الدولي وعن ضرورة الإسراع بتشكيل حكومة قومية قوية تكون قادرة على مواجهة الموقف إذا ماتطورت أمور الحرب ومن ثم بدأ حسين سرى باشا مشاوراته وإتصالاته مع الأحزاب المختلفة الغير متواجدة في الوزارة وأولها حزب الوفد الذى إشترط أولا حل مجلس النواب القائم وإجراء إنتخابات جديدة وعليه فقد سعي حسين سرى باشا إلى الحزب السعدى والذى وافق علي الإنضمام إلى الوزارة وبذلك نجحت مساعيه في توسيع نطاق وزارته التي أعاد تشكيلها برئاسته وضمت عدد 5 وزراء من الأحرار الدستوريين وعدد 5 وزراء من الحزب السعدى والباقي من المستقلين ولم تضم أى أعضاء من جزب الوفد أو الحزب الوطني أو حزب الإتحاد وكانت معظم إجتماعات تلك الوزارة يغلب عليها طابع إتخاذ القرارات والتدابير اللازمة لمواجهة تداعيات الحرب علي مصر ففي ذلك الوقت حدثت أزمات حادة في السلع التموينية وحدثت حالة كساد وركود أدت إلى النقص الحاد للسلع في الأسواق وبالذات في المواد الغذائية وكانت أخطر أزمة هي النقص في الخبز بالأسواق وهو الغذاء الأساسي للشعب بجميع طبقاته حتي أن الموسربن والأغنياء إستبدلوه بالبطاطس والمكرونة ووصل الأمر إلي التزاحم والهجوم علي المخابز للحصول على رغبف الخبز وإلى أن الخبز كان يتخاطفه الناس من بعضهم البعض في الشوارع والطرقات وفي محاولة للوصول إلى حل لتلك المشكلة سارعت الحكومة إلى إستيراد 75 ألف طن قمح و200 ألف طن ذرة إلى جانب حظر التصرف في القمح والذرة داخل مصر إلا عن طريق إدارات التموين في المديريات المختلفة بالإضافة إلى توجيه مايتوافر في بعض المديريات من القمح والذرة إلي المديريات التي بها نقص فيهما كما وافقت الحكومة علي إقتراح لوزير الأشغال بتوزيع حصص من الدقيق علي المصالح التي بها تجمعات عمالية من أجل بيعها إلى العاملين بها بأسعار مناسبة وكان مألوفا في هذا الوقت خروج العاملين من تلك المصالح حاملين جوالات وأكياس الدقيق .


وقد وافق مجلس الوزراء أيضا على إعتماد نصف مليون جنيه من أجل تشجيع المزارعين علي زراعة القمح والذرة والفول مع تحديد المساحة المزروعة قطنا بربع الحيازات الزراعية مع التوعية بضرورة زرع محاصيل الحبوب لمواجهة أزمة الخبز في البلاد كما وافق المجلس علي إعتماد مبلغ مليون جنيه يتم صرفها كعلاوة غلاء معيشة للعمال وصغار ألموظفين وأرباب المعاشات وناقش المجلس أيضا ماعرضته حكومة بريطانيا علي الحكومة المصرية بالمساهمة في إنقاذ الأطفال في بلاد اليونان من خطر المجاعة هناك وذلك عن طريق السماح بإيواء عدد منهم ليعيشوا في كنف مواطنيهم الأغنياء في مصر إلى أن تنتهي الحرب أو علي الأقل السماح لهم بالمرور من خلال الأراضي المصرية إلى بلاد أخرى وقد وافق المجلس علي هذا الأمر بشرط ألا يزيد من يتواجد منهم علي أرض مصر عدد 3 آلاف طفل في أى وقت من الأوقات وبالإضافة إلى ذلك عرض رئيس مجلس الوزراء موقف دولة اليابان والتي أعلنت الحرب علي الولايات المتحدة الأميريكية وقرر المجلس قطع العلاقات الدبلوماسية مع دولة اليابان وإستدعاء السفير المصرى منها والتحفظ على من تراه السلطات من الرعايا اليابانيين يمثل خطرا علي أمن البلاد وذلك حفاظا علي دواعي الأمن الداخلي في هذا الوقت الحرج وترحيلهم خارج البلاد إلى جانب وضع الأموال والممتلكات اليابانية في مصر تحت الحراسة وتشير محاضر إجتماعات مجلس الوزراء خلال هذه الفترة الحرجة من تاريخ مصر والعالم أنه في أحد الإجتماعات بعد تشكيل تلك الوزارة إلى أن الملك فاروق فاجأ المجلس بالزيارة أثناء أحد الإجتماعات مما كان له صدى طيب لدى الوزراء وتم إثبات ذلك في محضر الإجتماع وتم إثبات الكلمة التي ألقاها رئيس مجلس الوزراء ترحيبا بالملك وإدراج نصها به وتم وضعه في غلاف خاص تمييزا له عن باقي محاضر المجلس بصفة هذا الإجتماع حدث تاريخي هام غير متكرر في تاريخ المجلس وعند مغادرة الملك الإجتماع صحب رئيس مجلس الوزراء والوزراء الملك حتى السلم الخارجي لمبنى مجلس الوزراء وتم إلتقاط الصور التذكارية مع الملك وبعد مغادرة الملك للمجلس وإنتهاء الإجتماع توجه رئيس مجلس الوزراء ووزرائه إلي سراى عابدين لتسجيل أسمائهم في دفتر التشريفات .

ولكن شهر العسل لم يستمر طويلا بين السراى وتلك الوزارة فسرعان ما بدأت المؤامرات والدسائس وتم إقناع الملك بأن الوزارة تعمل بإخلاص في خدمة المصالح البريطانية مما عرض الوزارة للهجوم من جانب السراى أضف إلى ذلك الأزمات الإقتصادية التي إستفحلت في البلاد بسبب الحرب ومع كل الجهود المبذولة لحلها إلا أن البلاد وصلت بالفعل إلى حالة المجاعة مما عرض الوزارة إلي الهجوم الشديد من خصومها وعلي رأسهم حزب الوفد والذى هاجم أيضأ الإنجليز نتيجة خرقهم معاهدة عام 1936م وتدخلهم في شئون مصر وهاجم الملك أيضا بسبب إختياره لتلك الوزارة ومن جهة أخرى كان هناك صراع خفي بين الإنجليز والملك نتيجة شك الإنجليز في توجهات الملك وميله نحو دول المحور معتقدا أنه لو إنتصرت ألمانيا في الحرب فسيكون من نتيجة ذلك خروجهم من مصر حتي أن حسين سرى باشا رئيس الوزراء إضطر لفك جهاز لاسلكي كان موجودا بأحد القصور الملكية دون إستئذان الملك خشية أن يتعرض الملك للأذى والضرر من جانب الإنجليز نتيجة شكوكهم أنه يستخدمه في الإتصال مع قوات المحور مما أغضب الملك فاروق إلا أنه إضطر لقبول الأمر الواقع خاصة عندما قال له حسين سرى باشا إنه قد قام بفكه بنفسه بدلا من أن يأتي السفير الإنجليزي ليفكه بنفسه وتكون طعنة غائرة في كرامة مصر والملك متبعا مقولة ببدى لا بيدى عمرو وكانت القشة التي قصمت ظهر البعير وعجلت برحيل الوزارة ماوصل إلى القاهرة من أنباء عن تقدم قوات القائد الألماني الشهير الملقب بثعلب الصحراء إرفين روميل المعروفة بإسم الفيلق الأفريقي وإحرازها النصر تلو النصر علي الجيش الثامن الإنجليزى في شمال أفريقيا بالصحراء الغربية .


يمكنكم متابعة الأجزاء السابقة عبر الروابط التالية
http://www.abou-alhool.com/arabic1/details.php?id=39094
http://www.abou-alhool.com/arabic1/details.php?id=39096
http://www.abou-alhool.com/arabic1/details.php?id=39099
http://www.abou-alhool.com/arabic1/details.php?id=39104