الخميس, 25 أبريل 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

متحف محمد محمود خليل

متحف محمد محمود خليل
عدد : 07-2018
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com



متحف محمد محمود خليل وحرمه هو متحف مصري بالقاهرة يقع بمنطقة الدقي بمحافظة الجيزة أسسه محب الفن والسياسي المعروف محمد محمود خليل عام 1960م ويرجع تاريخ بناء قصر محمد محمود خليل وحرمه الذى أصبح فيما بعد متحفا يحمل إسمه إلى عام 1915م وقد تم بناؤه علي مساحة قدرها 8000 متر مربع تشمل القصر وحديقة واسعة تحيط به وقد شيدت واجهته الشرقية المطلة على نهر النيل على طراز آرتنوفو ويتجلى هذا الطراز بروعته في الهيكل المعدنى والزجاجى الذى يعلو مدخل القصر من تلك الواجهة أما الواجهة الغربية فيغلب عليها طراز الكلاسيكية الجديدة الذى يتيح الجمع بين زخارف من طرز مختلفة في صياغة فنية تتسم بالبهاء والثراء والتناغم والواجهة الشمالية للقصر تتصدرها نافذة كبيرة من الزجاج الملون المعشق بالرصاص وتمثل منظرا طبيعيا خلابا وتبدو للزائر وهى تعلو السلم الداخلى بحيث يمكن رؤيتها من الطابقين الأول والثانى وهى موقعه بإسم الفنان الفرنسى لوسيان ميتيه بتاريخ عام 1907م ويتكون المتحف من بدروم وثلاثة أدوار أرضي وأول وثاني وتستغل الأدوار الأرضى والأول والثانى في عرض مقتنيات المتحف أما دور البدروم فتشغله الإدارة والمكتبة ومركز المعلومات وقاعة كبيرة لمناقشة البحوث ولقد ظل هذا المتحف منذ إنشاؤه حتى عام 1960م مسكنا لأسرة محمد محمود خليل وفي نفس الوقت متحفا ومقرا لمجموعته الفنية الثمينة إلا أنه بناءا على رغبته وتنفيذا لوصية زوجته تحول هذا القصر في يوم 23 يوليو عام 1962م إلى متحف يحمل إسمه وإسم زوجته السيدة إميلين هيكتور لوس الفرنسية الأصل والتي كان قد إلتقي بها في باريس عام 1903م وكانت تعمل بالفن وتدرس الموسيقى بمعهد كونسرفتوار بارشرا وإشتهرت بإسم زورو وأعجب بها وتحول الإعجاب إلي حب وكانت هي أيضا عاشقة للفنون والإقتناء فإختلطت عنده العاطفة مع عشقه لإقتناء كنوز الفن فتزوجها في نفس السنة ومما يذكر عنها أنه حدث عندما كانا في باريس في عام زواجهما عام 1903م أن دفعت إميلين 400 جنيه كاملة في لوحـة الفتاة ذات رباط العنق الأبيض للفنان بييرأوجست رينوار وعندما راجعها زوجها محمد محمود خليل في الأمر أجابته ضاحكة سوف يقدر التاريخ قيمة هذه اللوحة فيما بعد وبالفعل تحققت مقولتها وأصبح ثمن هذه اللوحة حاليا يتجاوز 50 مليون دولار .

وفي عام 1971م إستولت علي هذا المتحف الحكومه المصرية لإستغلاله كمقر تابع لرئاسة الجمهورية وظل كذلك طوال فترة حكم الرئيس الراحل أنور السادات وتم نقل المتحف ومحتوياته إلي مركز الجزيرة للفنون بالزمالك ثم حدث أن أغلق القصر بعد وفاة الرئيس السادات لمدة 14 سنة ثم أعيد إفتتاحه بشكله الجديد بعد نقل محتوياته مرة أخرى لمكانها الأصلي في شهر أكتوبر عام 1995م ويعرض المتحف عدد من اللوحات الخاصة بفنانين عالميين أبرزهم بول جوجان ورينوار وفان جوخ ومونييه وتبرز المدرسة الفنية التأثيرية التي مهدت لظهور فنون القرن العشرين في أغلب لوحات المتحف البالغ عددها 208 لوحة والتي تعبر عن هذه الإتجاهات الفنية المختلفة وكذلك مراحل تطور مبدعيها من الفنانين المذكورين وإلى جانب ذلك يعرض المتحف مجموعة كبيرة من التماثيل البرونزية والرخامية والجصية لكبار مثالي القرن التاسع عشرالميلادى كما تشمل مقتنيات المتحف مجموعة نادرة من علب الأنرو النادرة ذات الطراز الياباني التي قلما يوجد مثيل لها في مجموعات أخرى وقد تم عرض المقتنيات بطريقة تحقق أكبر قدر ممكن من التوازن والجمال من خلال إستخدام المساحات الداخلية المتاحة فى مبنى المتحف بحيث يتحقق عرض أكبر قدر ممكن من الأعمال حسب الإتجاهات الفنية المختلفة والتسلسل التاريخي ففي الدور الأرضي للمتحف توجد خمس قاعات منها قاعة مستديرة يتوسطها تمثال نداء السلاح من البرونز للفنان رودان وهو من رواد المدرسة التأثيرية في النحت وتضم القاعة أيضا فازتين من الصين كبيرتي الحجم وفازتين من اليابان ومجموعة من الأطباق التركية وتتميز هذه القاعة بوجود سجادة حائط كبيرة ترجع إلى القرن السابع عشر الميلادى مصنوعة في بلجيكا وكذلك أقدم إناء في المتحف ويرجع تاريخه إلى القرن الأول قبل الميلاد وهي أنفورة رومانية من الزجاج المنفوخ وفي داخل هذه القاعة أيضا صورتان شخصيتان لمحمد محمود خليل وحرمه وعدد من الفازات الصينية التي ترجع إلى القرن السادس عشر الميلادى وعند دخول الزائر للقاعة الثالثة بهذا الدور يجد أمامه لوحة كبيرة للفنان أمان كانت مهداة إلى أميلين زوجة محمود خليل وفي نفس القاعة بعض من قطع الأثاث الخاصة به وفي نهاية هذا الدور توجد القاعة الأخيرة وبها لوحة كبيرة تمثل رحلة صيد كانت مهداة إلى الرئيس الراحل أنور السادات إضافة إلى لوحة بيضاوية تمثل صورة الأميرة دي فاجرام الزوجة الثانية للإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت وإبنة ملك النمسا فرنسيس الأول وكان زواجهما سياسيا بالدرجة الأولى .


أما الدور الأول فيشمل عدد 8 قاعات ومن أشهر قاعاته الثمانية قاعة كان يوجد فيها لوحة الفنان فان جوخ الشهيرة زهرة الخشخاش بينما تضم القاعة الثانية فاترينتي عرض تحويان مجموعة من التماثيل البرونزية الصغيرة للفنان الفرنسي أنطوان لويس والذى كان يعشق حديقة النباتات بفرنسا كما كان شغوفا بدراسة الحيوانات والطيور وكان ذلك سببا بارعا في إظهار أدق التفاصيل بتلك اللوحة التي رسمها كما تضم القاعات الثالثة والرابعة والخامسة مجموعة من اللوحات النادرة منها لوحة الحياة والموت للفنان العالمي بول جوجان وهي من أشهر اللوحات المعروضة بالمتحف وإختيرت لتكون البوستر الأساسي لمعرض أورساي بفرنسا في عام 1994م إضافة إلى خمس لوحات تمثل المدرسة التأثيرية ولوحات أخرى بالألوان المائية وفي القاعة السادسة من هذا الدور ست لوحات معظمها مناظر طبيعية بالألوان الزيتية وتتميز بألوانها الفضية والرماديات في معظمها فيما ضمت القاعة السابعة مجموعة من الفاترينات التي تحتوي على عدد 58 لوحة صغيرة الحجم وتضم أيضا أكبر مجموعة في الشرق الأوسط وهي من علب اللاك اليابانية بزخارفها الدقيقة وألوانها الرائعة كما تشمل هذه القاعة مجموعة من الفاترينات بها قطع فنية وزجاجات صغيرة من أحجار نصف كريمة كما تعرض خزفيات بأحجام مختلفة ويتوسط القاعة تمثال جبس للكاتب الفرنسي بلزاك نحته الفنان رودان وهي نسخة مهداة من رودان إلى بلزاك وفي القاعة الثامنة توجد عدد 13 لوحة فنية وهي بألوان زيتية ويميزها لوحتان بألوان مشرقة ساطعة يغلب عليها اللون الأزرق وهي لوحة شاطئ تروفيل وفي القاعة تمثال من الرخام .

وفي الدور الثاني توجد سبع قاعات تحتوي على عشرات اللوحات الزيتية لفنانين من أوروبا يمثلون المدارس الفنية التشكيلية المختلفة لعل أبرزها المدرسة التأثيرية في فن النحت إضافة إلى لوحات أخرى لفنان مصري هو سعيد الصدر وهي لوحة عبارة عن قطيع حمير من الطين المحروق كما تحتوي هذه القاعات على لوحة عملاقة من الألوان الزيتية تمثل جسرا فوق مستنقع نبات مائي للفنان كلود مونيه بجانب ما تضمه هذه القاعات من زهور وورد لفنانين من أوروبا .

ومنذ أوائل تسعينيات القرن العشرين الماضي ووزارة الثقافة المصرية تولي إهتماما خاصا بتطوير القصر وفي ذلك يقول الفنان محسن شعلان رئيس قطاع الفنون التشكيلية بالوزارة الأسبق وضعت تصميمات خطة التطوير والتحديث للمتحف إهتماما بهذا الصرح الكبير الذي يعكس قيمة معمارية وفنية كبيرة بحيث يتم إعداد بنيته الأساسية اللازمة لإقامة الأنشطة الثقافية والعروض الفنية ويضيف شعلان إن تطوير المتحف إستهدف إقامة علاقة أوثق وأكثر فاعلية بين الجمهور وأنشطة المتحف الثقافية ولذلك روعي في تحديث المتحف المفاهيم الحديثة لعمارة المتاحف وأن تصبح القاعات الحديثة الملحقة به من أجمل قاعات العرض في متاحف القاهرة الفنية .

وقد عرف محمد محمود خليل بحبه للفنون وإقتنائه لكل ما هو قيم ونفيس من لوحات مرسومة وتماثيل وتحف إضافة إلى كونه رجل سياسة من الطراز الرفيع فكان وزيرا ورئيسا لمجلس الشيوخ وذا دور مهم في الحياة الثقافية في مصر وراعيا للحركة التشكيلية من خلال رئاسته لجمعية محبي الفنون التي إشترك في تأسيسها في عام 1924م مع الأمير يوسف كمال أحد أمراء الأسرة المالكة والذى كان محبا وعاشقا للفنون وكان قد اسس قبل ذلك مدرسة الفنون الجميلة بحي الخرنفش بالقاهرة عام 1908م هذا إلى جانب دوره البارز في التبادل الثقافي بين مصر وفرنسا خلال النصف الأول من القرن العشرين الماضي وإعترافا بدوره في هذا المجال حصل على أرفع الأوسمة والنياشين الفرنسية وقد ولد محمد محمود خليل عام 1877م في القاهرة من أب مصري و أم يونانية وكانت أسرته قريبة من العائلة المالكة فوجد نفسه يسعى بين القصور الملكية وقصور الأمراء والنبلاء ويشاهد أعمال الفنانين المصريين والأجانب ويسمع الموسيقى بآلاتها الغربية والشرقية مع الفرق التي كانت تزور قصر الخديوي عباس حلمي الثاني وإلتحق بمدرسة الليسيه الفرنسية بالقاهرة وفي عام 1897م سافر إلى فرنسا لدراسة القانون وفي عام 1903م تزوج من زوجته الفرنسية إميلين هيكتور لوس وعادا معا إلى القاهرة وأقام في قصره بالجيزة منذ عام 1918م وفي عام 1927م وفي عهد الملك فؤاد الأول أصبح رئيسـا للجنة الإستشارية للفنون الجميلة بوزارة المعارف العمومية وفي عام 1928م إستطاع محمد محمود خليل أن يقنع الملك فؤاد الأول والذى كانت له العديد من الإهتمامات الثقافية والفنية بضرورة إقامة متحف للفن الحديث فعهد إليه الملك بهذه المهمة فكان يسافر إلى فرنسا لإقتناء اللوحات للمتحف بصحبة سفير مصر في باريس مع مدير الفنون الجميلة بوزارة المعارف العمومية وأقيم المتحف في البداية بقصر تيجران بشارع إبراهيم باشا سابقا الجمهورية حاليا ثم إنتقل إلى قصر موصيري بشارع فؤاد سابقا شارع 26 يوليو حاليا عام 1930م ثم إلى قصر البستان عام 1935م ثم إلى قصر الكونت زغيب بجوار قصر هدى شعراوي الإسلامي الطراز وقد هدمت مباني هذين القصرين الأخيرين في عهد الدكتور عبد القادر حاتم وزير الثقافة والإعلام الأسبق في مطلع ستينيات القرن العشرين الماضي وموقعهما أصبح الآن موقفا للسيارات يطل على ميدان التحرير بعد فشل مشروع الفندق السياحي الذي كان من المقرر إقامته في هذا الموقع وفي عام 1937م شغل منصب وزارة الزراعة في حكومة الوفد وفي الفترة من عام 1939م إلى عام 1941م تولى رئاسة مجلس الشيوخ وفي يوم 20 أكتوبر عام 1948م تم إنتخابه مراسلا للأكاديمية الفرنسية للفنون الجميلة وفي عام 1949م أصبح عضوا في الأكاديمية وفي نفس العام أشرف على إقامة معرض لفن الديكور بباريس بعنوان مصر- فرنسا أشرف عليه عدد من الفنانين المصريين والفرنسيين وكان هو رئيس الجانب المصرى وقد عرضت به مختارات فنية من المتاحف المصرية والفرنسية وبعض اللوحات الخاصة ببعض الفنانين المستشرقين وربما جاز لنا القول إنه لولا أن محمد محمود خليل قد خلد نفسه بأن أقام في قصره المتحف الذي يحمل إسمه وجمع به كل ما إستطاع أن يقتنيه من لوحات وتماثيل وتحف لأمهر وأشهر الفنانين العالميين فربما لما تذكره كثيرون في تاريخنا المعاصر وقد توفي في باريس يوم 31 ديسمبر عام 1953م وحقيقة فإن الكنوز الفنية النادرة التي يزخر بها متحفه هي ما يجذب الزائر إليه فتلك بما يحتويه من مقتنيات فريدة تعد من أكبر وأشهر المجموعات الشخصية في الشرق ومن أهم المجموعات العالمية وأكثرها شهرة بما تضمه من أعمال فنية ولوحات تنتسب جميعها إلى الفنانين الرواد الذين إقترنت أسماؤهم بميلاد الإتجاهات والتحولات الفنية المتلاحقة التي شهدتها الحركة التشكيلية في أوروبا خاصة في فرنسا خلال القرن التاسع عشر الميلادى وجدير بالذكر أن محمد محمود خليل كان من هواياته أيضا الموسيقي والأدب فترك مكتبة لا يستهان بها حيث بلغ عدد الكتب النفيسة التي ضمتها مكتبته وهي موجودة في قصره أربعمائة كتاب باللغة الفرنسية من بين عدد 2794 كتابا نادرا تضمها المكتبة كما كان خليل ضيفا دائما في منزل عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين وكان منزل محمد محمود خليل صالونا دائما للوزراء والوجهاء وعلية القوم من الأعيان وكبار الأدباء والشعراء والفنانين .
 
 
الصور :