الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

صانع السيوف

صانع السيوف
عدد : 06-2018
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com


صانع السيوف من المهن القديمة التى تصارع من أجل البقاء بعد أن كانت مهنة أساسية علي مر الزمان حيث كان السيف سلاح وقطعة وأداة حربية دفاعية وهجومية لا غني عنها في السلم أو في الحرب حيث كان السيف بمثابة السلاح الشخصي لكل شخص والذى يدافع به عن نفسه وقت السلم إذا تعرض لأى أذى أو إعتداء والذى يحارب به أعداءه وقت الحرب وقد إستخدمه الإنسان منذ أقدم العصور وتحديدا في العصر البرونزى أى منذ الألف الثالث قبل الميلاد وكان البرونز والنحاس الأحمر في ذلك الوقت هما مادة صنع السيوف وكان السيف في ذلك الوقت يتصف بنصل رقيق طويل مستقيم له مقبض في نهاية النصل وظل الأمر كذلك حتى بدأ العصر الحديدى فأصبحت السيوف تصنع من الحديد وتمكنت الشعوب التي إكتشفت الحديد وتمكنت من صهره أن تبتكر طريقة لسبكه وطرقه ومن ثم صنعت منه سيوفها من التغلب على شعوب العصر البرونزي بقوة الحديد كما تطور شكل السيف من بلطة هلالية الشكل ولتي إستمر إستخدامها حتى عام 1300 ق م إلي شكله المألوف الحالي حيث صنع الإغريق والآشوريون واليابانيون وسكان جنوب شرق قارة آسيا السيوف من الحديد المطروق ثم تطور شكل السيف في العصر الروماني حتي أصبح للسيف مقبض مميز عن النصل فخف وزنه وسهل حمله وأصبح أسهل في القتال ويبلغ الطول القياسي للسيف من 50 إلي 60 سنتيمتر وفي مصر القديمة عرف الفراعنة السيف منذ أقدم العصور وقد صور العديد من ملوك الفراعنة علي جدران المعابد وهم يحاربون أعداءهم بالسيف كما وجد السيف نفسه في بعض المقابر الملكية الفرعونية حيث عثر على سيفين في مقبرة الفرعون الشاب توت عنخ آمون التي تم إكتشافها بمنطقة وادى الملوك بالأقصر عام 1922م .



وكان السيف من أشهر أدوات الحرب في الجاهلية والإسلام وكان هو السلاح الرئيسي في القتال سواء في الهجوم أو الدفاع كما ذكرنا وقد يكون ذا حد واحدة أو ذا حدين وربما يكون رأسه مدببا حادا ويستعمل للطعن وكان السيف الجيد هو المصنوع من الحديد النقي أو من الفولاذ وفي العربية لفظ فولاذ هو نوع مميز من أنواع الحديد أو خام الحديد المنقى خبثه ويقال لحديد السيف النصل أما حده فيقال له ظبة وجمعها ظبي ومنذ العصر الجاهلي تم إتقان صناعة السيوف وعمل أصحاب حرفة صناعة السيوف أحيانا على توشيتها وتحليتها بالذهب والفضة وتذكر المصادر أن أول من قام بتوشية السيف بالذهب والفضة كان سعد بن سيل الزهراني والذى كان جد قصي بن كلاب لأمه وقصي بن كلاب صار بعد ذلك سيدا وزعيما لمكة وهو من أسس دار الندوة التي كان يجتمع فيها سادة قريش وهو أحد أجداد النبي صلي الله عليه وسلم وقد أهدى سعد بن سيل إلى كلاب والد قصي وإبنته فاطمة والدة قصي سيفين محليين فجعلا في خزانة داخل االكعبة وهذا الخبر حول توشية السيف يدل على أن حرفة وصناعة السيوف كانت حرفة محلية متقنة في شبه الجزيرة العربية ومن جهة أخرى تدل علي أن العرب قد عرفوا صناعات الذهب والفضة كما تدل علي ثراء قبيلة قصي التي كانت تمتلك الذهب والفضة لتوشية السيوف وقد تغني شعراء العرب بالسيوف في أشعارهم سواء في الجاهلية أو الإسلام فيقول أبو الفوارس عنترة بن شداد في شأن سيفه مناجيا عبلة إبنة عمه وحبيبته ولقد ذكرتك والرماح نواهل وبيض الهند تقطر من دمي فوددت تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغرك المتبسم أي أنه قد تذكرها في المعركة والرماح منتشرة في كل مكان والسيوف تصيبه ويتقطر دمه عليها كما أن لمعان السيوف قد ذكره بإبتسامتها المشرقة ويقول عنترة أيضا سيفي كان في الهيجا طبيبا يداوي رأس من يشكو الصداعا وأيضا يقول الشاعر العباسي أبو تمام في أشعاره السيف أصدق أنباءا من الكتب في حده الحد بين الجد واللعب بيض الصفائح لا سود الصحائف في متونهن جلاء الشك والريب وأيضا يقول الشاعر المعروف أبو الطيب المتنبي في أشعاره عن السيف الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس والقلم هذا ولم يغب السيف عن الشعر في العصر الحديث حيث يقول إيليا أبو ماضي ومن نال منه السيف وهو مجرد تهيب أن يرنو إلى السيف مغمدا .



وكان العرب في البداية يستوردون السيوف من الخارج كما تخبرنا أشعار الشاعرة العربية الخنساء والشاعر العربي الأعشى التي ذكرت أن العرب كانوا يستوردون السيوف من الهند وربما لأن السيف الهندي كانت صناعته أفضل من السيوف العربية المصنوعة في شبه الجزيرة العربية وتذكر المصادر أن مع الوقت أصبحت سيوف بلاد اليمن أيضا من أشهر السيوف المصنوعة في شبه الجزيرة العربية ومن بعدها إشتهرت مكة أيضا بصنع السيوف ومما يؤكد ذلك أن خباب بن الأرت كان يعمل بحرفة صناعة السيوف في الجاهلية قبل الإسلام وخباب هذا صار صحابيا من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ومن المسلمين الأوائل الذين عذبوا في مكة كما صنعت السيوف في نجد ومن قبل القبائل العربية المنتشرة فيها كقبائل عدوان وسليم كما كان لدمشق باع كبير في صناعة السيوف فكان أيضا للسيف الدمشقي تاريخ وشهرة وكانت غالبا ما تنسب السيوف إلى مكان صنعها أو إلى إسم القبيلة التي صنعتها فكان يقال السيف المهند أى المصنوع في الهند والسيف اليماني أى المصنوع في اليمن والسيف الدمشقي أى المصنوع في دمشق وهكذا .

وقد نقل لنا التاريخ أحداث مهمة عن السيف والمبارزات التي كانت تجرى في بداية المعارك ومبارزات رد الشرف والتي نذكر منها مبارزات غزوة بدر الكبرى بين سيدنا حمزة بن عبد المطلب أسد الله وعم الرسول وسيدنا علي بن أبي طالب وأبو عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب إبن عم الرسول صلي الله عليه وسلم من جانب المسلمين وبين عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة بن ربيعة من جانب المشركين والتي قتلوا خلالها وكانت تلك أولي بشارات النصر للمسلمين ونذكر أيضا مبارزات خالد بن الوليد أثناء فتح العراق وأبرزها مبارزته لهرمز قائد الفرس في موقعة الكاظمة أو ذات السلاسل أولي معارك فتح العراق والتي تمكن فيها خالد بن الوليد من قتله ولا ننسي أيضا أن نذكر مبارزات القعقاع بن عمرو التميمي في موقعة القادسية خلال فتوحات بلاد الفرس والتي قتل فيها إثنان من كبار قادة الفرس هما بهمان جازويه والبيرزان ومن أشهر سيوف العرب كان السيف الذى سمي سيف ذو الفقار وهو سيف الصحابي الجليل علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وقد قدمه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم إليه في غزوة أحد كهدية كمكافأة علي شجاعته وتفانيه وبسالته في المعركة ويعتبر هذا السيف أحد رموز العقيدة الإسلامية وأشهر إرث إسلامي من الصحابة وبالإضافة إلي سيف ذو الفقار كان أيضا من أشهر سيوف العرب سيف الصمصامة والذى يقال إنه أحد السيوف الخمسة التي أهدتها بلقيس ملكة سبأ لنبي ألله سليمان والذى آل إلي عمرو بن معد يكرب الزبيدى أحد فرسان العرب المشاهير في الجاهلية والإسلام وللأسف فقد ضاع أثر هذا السيف منذ العصر العباسي ولا نعلم أين يوجد الآن .



وبمرور الزمن وتطور الأسلحة تم الإستغناء عن السيوف بعد أن ظهرت البنادق والمسدسات وغيرها من الأسلحة ولكن مع هذا لم يفقد السيف تاريخه وبريقه عبر الزمن وحرص القادة الكبار علي مستوى العالم علي إمتلاكه فمثلا في عام 1799م أصبح نابليون بونابرت القائد العسكري والسياسي لفرنسا بعد إنقلاب عسكري وتمكن نابليون من إنتزاع العديد من الإنتصارات العسكرية الكبيرة خلال فترة قيادته لفرنسا وكان يمتلك مسدسا وسيفا في ساحة المعركة وبقي متوارثا من قبل عائلته حتى أصبح كنزا وطنيا في فرنسا لا يمكن الإستغناء عنه كما أنه في عصرنا الحالي تعد رياضة الشيش والمبارزة إحدى الألعاب الرياضية الهامة التي تمارس في الأندية الرياضية وفي أندية السلاح مثل نادى السلاح السكندرى كما أن هذه الرياضة تعد إحدى فعاليات الألعاب الأوليمبية وكذلك فإن للسيف مكانة في الفنون والأفراح فهناك رقصة الترس والسيف الشهيرة وهناك الألعاب السحرية بالسيف عندما يقوم الساحر ببلع السيف وهناك طقوس الدراويش بالسيف وإدخاله في البطن أما في الإحتفالات الرسمية وإستقبال الملوك والرؤساء فلابد من ظهور السيف مرفوعا بيد رئيس التشريفات كما أصبحت هناك أيضا عدة إستخدامات أخرى للسيوف حيث يستخدم للديكور والزينة في المنازل والفنادق كما يستخدمها بعض العرب في الرقص والإستعراضات وفي مصر يتم شراؤها لإستخدامها لتمثيل بعض الأدوار التاريخية في المسرح والسينما والمسلسلات التليفزيونية وكان من هذه الأعمال في السينما مثلا أفلام وا إسلاماه وخالد بن الوليد والناصر صلاح الدين والشيماء أخت الرسول وعنترة بن شداد وكان منها في التليفزيون المصرى مسلسلات الفرسان والطارق ورجل الأقدار التي تجسد سيرة الصحابي الجليل عمرو بن العاص وفي التليفزيون السورى مسلسل خالد بن الوليد وصلاح الدين وهولاكو .

ويقول أحد صناع السيوف بمنطقة باب الشعرية في مصر وهو الوحيد في هذه المنطقة الذى مايزال يزاول هذه المهنة منذ حوالي 35 سنة إنه قد توارثها أبا عن جد حيث بهرته أشكال السيوف التي كانا يقومان بتصنيعها فقرر أن يتعلم هذه المهنة ويتقنها فقام والده بتعليمه حتي أجاد صنعها وأصبح يصنعها اليوم بشكل زخرفي ومن أغلى السيوف التي يقوم بتصنيعها السيوف المطلية بماء الفضة أو الذهب وهى غالية السعر في مواجهة السيف الصينى المقلد ويبدأ سعر السيف منها من 100 جنيه وصولا إلى أغلى نوع ويصل سعره إلى حوالي 5 آلاف جنيه أو يزيد ويضيف أيضا إن من أشهر النقوش التي ينقشها على السيف النقوش الإسلامية وكلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله تشبها بالسيف الإسلامي وإنه تمر صناعة السيف بعدة مراحل حيث يقوم في البداية بصب المعدن الذى سيصنع منه السيف سواء كان حديد أو نحاس في إصطمبة السيف لمدة ساعة ثم يقوم بتلميعه ويحد السن ليكون بارزا ثم يتم طلاؤه بالمادة المطلوبة ثم تأتي عمليه النقش علي سطح السيف وهناك منها ما يكون له جراب ومنها ما يكون ليس له جراب وذلك كشكل من أشكال الزينة والديكور وتأخذ هذه العملية ما يقرب من 6 ساعات وإنه يستطيع إنتاج حوالي 10 سيوف يوميا في نفس الوقت .


ولايفوتنا في هذا المقام أن نذكر بعض اقوال الفرسان والساسة والأدباء والشعراء في شتي العصور عن السيف حيث يقول شاعر المعلقات بديع الزمان الهمذاني المرء لا يعرف ببرده كالسيف لا يعرف بغمده ويقول أيضا إذا كان في لبس الفتى شرف له فما السيف إلا غمده والحمائل ويقول فارس العرب عمرو بن معد يكرب الزبيدى إنما بعثت إلى أمير المؤمنين بالسيف ولم أبعث إليه بالساعد الذي يضرب به وذلك بعد أن بعث بسيفه المعروف عند كل العرب الصمصامة إلى الخليفة عمر بن الخطاب ولم يعجبه ويقول الشاعر العباسي أبو العتاهية فما تصنع بالسيف إذا لم تك قتالا ويقول إبن نباتة السعدي ومن لم يمت بالسيف مات بغيره تعددت الأسباب والموت واحد ويقول إبن عبد ربه تراه في الوغى سيفا صقيلا يقلب صفحتي سيف صقيل ويقول إبن القيم الجوزية الرقية شفاؤها براقيها وقبول المحل كما أنّ السيف بحديته وقبول المحل ويقول أبو الفضل بن العميد ومدع يدعي بالسيف حجته ما حجة السيف إلا حجة الكذب ويقول الزعيم الهندى الكبير الراحل المهاتما غاندي لقد إقتنعت أكثر من أي وقت مضى بحقيقة أن السيف لم يكن هو من فاز بالمكانة للإسلام في تلك الأيام بل كانت البساطة والإحترام الدقيق للعهود ويقول الأديب الكبير صاحب النظرات والعبرات مصطفي لطفي المنفلوطي إحفروا لأنفسكم بسيوفكم قبورا فالقبر الذي يحفر بالسيف لايكون حفرة من حفر النار ويقول الأديب الكبير عباس محمود العقاد إن الإسلام لا يحارب بالسيف فكرة يمكن ان تحارب بالبرهان والإقناع ويقول أيضا ما الإرادة إلا كالسيف يصدئه الإهمال ويشحذه الضرب والنزال ويقول الكاتب والأديب والشاعر المعاصر فاروق جويدة أعداؤنا من أضاعوا السيف من يدنا وأودعونا سجون الليل تطوينا ويقول أحمد عبد الله السالمي فمن حمل السيف عاف العصا ومن ورد النيل يأبي الزبد ويقول عبد الجبار عدوان الحكمة والشعر يخدمان أحيانا أكثر من السيف والنبل ويقول هشام فايز الحق كالسيف القاطع لا يعرف الميل حين يحسم أمرا وأخيرا يقول أحمد خالد توفيق إن من صنع السيف قد تسبب في إراقة دماء غزيرة لكننا لا نلومه بل نلوم من يقتل بالسيف وإلي جانب هذه الأٌقوال هناك العديد من الأمثلة التي تتحدث عن السيف منها المثل العربي الوقت مثل السيف إن لم تقطعه قطعك والمثل الهندى الحق سيف قاطع والمثل الهولندى الجوع سيف حاد والمثل الياباني المرآة روح المرأة كما السيف روح المحارب كما أنه في الثقافة الشعبية يقول الناس كلمتنا سيف علي رقابنا أى أن ما نقوله ونعد به ونتعهد به هو إلتزام علينا كأنه سيف موضوع فوق رقابنا .
 
 
الصور :