الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

جامع السلطان بايزيد

جامع السلطان بايزيد
عدد : 06-2018
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com


يعد جامع بايزيد واحدا من أكبر وأفخم وأجمل المساجد الأثرية الموجودة في مدينة إسطنبول بتركيا كما أنه يتميز بموقعه الخاص في أشهر مناطق الجانب الأوروبي من المدينة على التل الثالث منها في موقع ساحة ثيودوسيوس بمنطقة إسطنبول القديمة وقد سميت هذه الساحة حاليا بإسمه فصار إسمها ساحة بايزيد وإن كان إسمها الرسمي ساحة الحرية كذلك فهو مجاور لجامعة إسطنبول وقد نهج السلطان بايزيد الثاني نفس أسلوب والده السلطان الفاتح محمد الثاني فإهتم بإنشاء وتشييد المساجد بالمدينة حيث أمر السلطان بايزيد ببناء الجامع عام 911 هجرية الموافق عام 1505م وكلف أحد أمهر المهندسين في ذلك العصر وهو المهندس المعماري خير الدين بتصميم البناء والإشراف عليه ولم يدخر هذا المهندس جهدا في التنفيذ فقام ببنائه على النسق البيزنطي البديع مع محافظته على سمات المساجد الإسلامية العريقة ولذا فإن جامع بايزيد يعد من أوائل الآثار العثمانية التي يمكن رصد تأثير المباني البيزنطية عليها ويمكن بسهولة رصد تأثير كنيسة آيا صوفيا التي كانت قد تحولت إلي جامع في ذلك الوقت علي تصميمه على الرغم من أن قبة مسجد بايزيد الثانى أصغر بكثير من قبة آيا صوفيا التي يبلغ قطرها 30 متر بينما يبلغ قطر قبة مسجد بايزيد الثانى 16.78 متر وقد بني هذا الجامع بكامله في حياة السلطان بايزيد الثاني وإستغرق بناؤه حوالي خمس سنوات ما بين عام 1500م وعام 1505م وقد أُعيد بناء قبة المسجد جزئيا بعدما تعرضت لزلزال شديد عام 1509م أدى إلي هدمها وتمت عمليات الإصلاح عام 1574م بإشراف المهندس المعمارى سنان باشا وهو المهندس الذى قام ببناء مسجد السلطان سليمان القانوني وكان يعد أبرع المهندسين المعماريين لدى الدولة العثمانية .



والسلطان العثماني بايزيد الثاني الذي ولد عام 1447م وتوفي عام 1512م هو إبن السلطان محمد الفاتح وخليفته وهو كذلك والد السلطان سليم الأول الذي كان يلقب بالرهيب وجد السلطان سليمان القانوني وكانت فترة حكمه فترة إندماج وإزدهار ثقافي حيث رحبت الإمبراطورية العثمانية بالعديد من اليهود والمسلمين الذين طُردوا من أسبانيا وأجبروا علي الخروج منها أثناء فترة ماسمي بمحاكم التفتيش التي كان يتم فيها إختبار المسلمين الذين تنصروا بعد سقوط الأندلس في يد الملوك المسيحيين للتأكد من ذلك فإذا لم يتم التأكد من قناعتهم بالتنصر كان يتم إعدامهم فعلا وقد إشتهر السلطان بايزيد الثاني بالتقوى والورع وعرف بلقب السلطان الولي ويرجع سبب تلك التسمية إلى أنه بعدما إكتمل بناء مسجد بايزيد وتم تزويده بالفرش اللازم جاء يوم الإفتتاح الذي يتم عن طريق إقامة الصلاة فيه ولم يعرف المصلون من سيقوم بإمامتهم في هذه الصلاة فقد يكون الإمام المعين لهذا الجامع وقد يكون شيخ الإسلام أو أحد العلماء المعروفين وبينما المصلون في إنتظار من يتقدمهم إلى الإمامة وقف إمام المسجد وتوجه إلى الجموع قائلا ليتقدم إلى الإمامة من لم يضطر طوال حياته لقضاء صلاة فرض أي من صلى جميع الفروض في أوقاتها على مدى سنين حياته فدهش الحضور من هذه الصفة فمن ذاك الذي لم تفته فريضة طوال عمره وبعد وقت يسير شاهد جموع المصلين السلطان بايزيد الثاني يتقدم إلى الإمامة في هدوء ثم يكبر لصلاة الجماعة بخشوع ووقار لذا أطلق عليه الناس لقب السلطان الولي وقد إشتهر السلطان العثماني بايزيد الثاني أيضا بأنه كان كثير الغزوات والخروج للجهاد في سبيل الله ومن العجيب أنه كان يجمع الغبار الذي يعلق بملابسه أثناء غزواته في قارورة وبينما كان يفعل ذلك في إحدى المرات رأته زوجته كولبهار فقالت له أرجو أن تسمح لي يا مولاي بسؤال فقال لها السلطان إسألي يا كولبهار قالت لم تفعل هذا يا مولاي وما فائدة الغبار الذي تجمعه في تلك القارورة قال لها إنه غبار الجهاد يا كولبهار وسوف أوصي بعمل طابوقة أى طوبة من هذا الغبار توضع تحت رأسي في قبري بعد وفاتي ألا تعلمين أن الله يحفظ من النار يوم القيامة جسدا جاهد في سبيله وبالفعل فقد نفذت وصية السلطان حيث صنعت من الغبار الذي تم جمعه في هذه القارورة طابوقة وضعت تحت رأس السلطان بايزيد الثاني ذلك السلطان الورع بعد وفاته عام 918 هجرية الموافق عام 1512م ولا يزال قبره حتى الآن موجودا بجوار مسجده الذي بناه .


يتكون هذا الجامع الضخم من المسجد الذي يقع في المنتصف تماما إضافة إلى مطبخ لصنع الطعام من أجل الفقراء كذلك يضم الجامع مدرسة إبتدائية ومستشفى خيري ومدرسة دينية وحمام وخان ويكمن الإختلاف بين جامع بايزيد ومجمع الفاتح الذي تم تشييده قبله في أن جامع بايزيد لم يتم بناؤه بشكل متناظر وإنما إعتمد أسلوبا عشوائيا فيما يبدو كما أن الناظر إلى المسجد يجد إطالة في جهتي الشمال والجنوب ذلك من خلال نصفي قبتين ورغم التشابه بين مسجد بايزيد الثاني وآيا صوفيا إلا أن جامع السلطان بايزيد الثاني أظهر روحا جديدة للمعمار التركي حيث أنه يعد تطويرا للمسجد السلجوقي الذى تم بناؤه سابقا في مدينة أماسيا بشمال تركيا في أوائل القرن الرابع عشر الميلادى مابين عام 1308م وعام 1309م والذى يقع علي نهر يشيل إيرماق فيلاحظ مثلا مكعب المركز الذي يدعم القبة وتلك الأربعة دعامات القوية التي تكفل لها الثبات بصورة متناسقة والقبة تبدو كما لو أنها منفصلة بشكل كامل عن المبنى ويبلغ قطرها 16.78م وقد طرز علي أطرافها أسماء الخلفاء الراشدين الأربعة رضي الله عنهم إضافة إلى ذلك كتب على جميع المداخل الداخلية للمسجد مع آيات من القرآن الكريم أما الجدران فهي محلاة بالزخارف البنائية الإسلامية كما زينت الشبابيك بزخارف عثمانية أما أنصاف القباب التي تبدو القبة الرئيسية كما لو كانت مرتكزة عليها فهي منخفضة الإرتفاع وغير مرتبطة بالقبة الرئيسية اى أنما لا يمثلا دعامتين للقبة الرئيسية وهما يستندان على المبنى نفسه وللمسجد أروقة جانبية ذات إرتفاع بسيط تتكون من جناحين يزين كل منهما أربع قباب كذلك هناك بالمسجد صحن له أروقة وتتميز أنها بنفس أبعاد حرم المسجد وتوصل إليه لكنه يبدو منفصلا عنها بجناحين يغطيهما عدد من القباب يصل عددها إلي 20 قبة وهي من أروع وأجمل ما يميز هذا المسجد ويشكل هذان الجناحان إمتدادا لساحة الصلاة من جهتي الشرق والغرب حيث تظهر ساحة الصلاة وكأنها تستند إليهما .

وفي الطرفين البعيدين من هذين الجناحين توجد مئذنتان علي هيئة القلم الرصاص وهو الطراز السائد في الجوامع والمساجد العثمانية وهما تبدوان متطابقتين حيث أنهما يقسمان التكوين المعماري للمسجد ومن الغريب أن إحداهما أكثر إرتفاعا من الأخرى بحوالي 7.9م وهذان الجناحان أيضا من أروع ما يميز مسجد بايزيد الثاني ومن مكونات الجامع أيضا المستشفى والتي وجدت قربها بعض المنحوتات الحجرية و أخرى خشبية وهي تعد تحف فنية رائعة تم إستخدامها في تزيين وتجميل المسجد بالإضافة إلي الزجاج المعشق كذلك فقد تمت الإستفادة من بعض بقايا الآثار البيزنطية وأعيد إستخدامها بين مواد رصف ساحة الجامع وفي أعمدة خزان الوضوء حيث تشهد تلك الأعمدة بصورة خاصة على مدى جودة الصناعة اليدوية البيزنطية أما مطبخ الحساء والخانات فتقع على يسار المسجد حيث يوجد هناك حاليا مقر مكتبة بايزيد وهي مكتبة حكومية كما تضم المدرسة التي توجد في أقصى يمين المسجد متحفًا خاصا بمؤسسة التخطيط التركية أما الحمام فهو على مسافة قصيرة من المدرسة حيث يطل على شارع أوردو بجوار قسم الآداب أما القبور والأضرحة الموجودة بالجامع فهي تقع في القسم المتجه نحو القبلة حيث دفن السلطان بايزيد الثاني وكذلك إبنته سلجق خاتون إضافة إلى قبر مصطفى رشيد باشا وهو مخطط مراسم التنظيمات في الدولة العثمانية في ذلك الوقت .
 
 
الصور :