الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

المسجد النبوى الشريف /1

المسجد النبوى الشريف /1
عدد : 05-2018
بقلم المهندس / طارق بدراوى
tbadrawy@yahoo.com


المسجد النبوي الشريف أو الحرم النبوي أو مسجد النبي هو أحد أكبر المساجد في العالم وثاني أقدس موقع في الإسلام بعد المسجد الحرام في مكة المكرمة والذي بناه النبي محمد صلي الله عليه وسلم في المدينة المنورة بعد هجرته إليها عام 1 هجرية الموافق عام 622م بجانب بيته وقد مر بعد ذلك بعدة توسعات عبر التاريخ فكان منها ماهو في عهد الخلفاء الراشدين ومن بعدهم ماهو في عهد الدولة الأموية فالعباسية والعثمانية وأخيرا في عهد الدولة السعودية حيث تمت أكبر توسعة له عام 1994م إلي جانب وجود مشروع آخر للتوسعة جارى تنفيذه في الوقت الحاضر ويعتبر المسجد النبوي أول مكان في شبه الجزيرة العربية يتم فيه الإضاءة عن طريق إستخدام المصابيح الكهربائية عام 1327 هجرية الموافق عام 1909م وبعد التوسعة التي قام بها عمر بن عبد العزيز الخليفة الأموى الثامن عام 91 هجرية أُدخِل فيه حجرة عائشة والمعروفة حاليا بالحجرة النبوية الشريفة والتي تقع في الركن الجنوبي الشرقي من المسجد والمدفون فيها النبي محمد وصاحبيه أبو بكر وعمر بن الخطاب وتعلوها القبة الخضراء التي تعد من أبرز معالم المسجد النبوي وقد كان لهذا المسجد دور كبير في الحياة السياسية والإجتماعية فكان بمثابة مركزٍ إجتماعيٍ ومحكمة ومدرسة دينية وهو يقع في وسط المدينة المنورة وتوجد من حوله العديد من الفنادق والأسواق القديمة ويفد إليه ملايين البشر الذين يؤدون فريضة الحج أو العمرة لزيارته وزيارة قبر النبي محمد للسلام عليه لحديث من زار قبري وجبت له شفاعتي كما روى الصحابي أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي أنه قال من جاء مسجدي هذا لم يأت إلا لخير يتعلمه أو يعلمه فهو بمنزلة المجاهد في سبيل الله ومن جاءه لغير ذلك فهو بمنزلة رجل ينظر إلى متاع غيره .


وقبل أن نمضي قدما في التعريف بالمسجد النبوى الشريف وتاريخه لابد وأن نلقي نظرة أولا علي تاريخ المدينة المنورة التي تضم هذا المسجد العظيم فهي أول عاصمة في تاريخ الإسلام ويلقبها المسلمون طيبة الطيبة كما أنها ثاني أقدس الأماكن لدى المسلمين بعد مكة المكرمة وهي عاصمة منطقة المدينة المنورة الواقعة على أرض الحجاز التاريخية غرب المملكة العربية السعودية حاليا وتبعد حوالي 450 كم عن مكة المكرمة في الإتجاه الشمالي الشرقي وعلى بعد حوالي 150 كم شرق البحر الأحمر وأقرب الموانئ لها هو ميناء ينبع والذي يقع في الجهة الجنوبية الغربية منها ويبعد عنها حوالي 220 كم وتبلغ مساحتها حوالي 589 كم مربع منها 99 كم مربع تشغلها المنطقة العمرانية أما باقي المساحة فهي خارج المنطقة العمرانية وتتكون من جبال ووديان ومنحدرات سيول وأراض صحراوية وأخرى زراعية ومزارع نخيل ومقابر وأجزاء من شبكة الطرق السريعة ويبلغ عدد سكانها حاليا حوالي 1.5 مليون نسمة وقد تأسست المدينة المنورة قبل الهجرة النبوية بحوالي 1600 عام أى منذ حوالي 3 آلاف عام وعرفت قبل ظهور الإسلام بإسم يثرب وورد في الحديث الصحيح أن النبي محمد صلي الله عليه وسلم قد غير إسمها من يثرب إلى المدينة بعد هجرته إليها ونهى عن إستخدام إسمها القديم فقال من قال للمدينة يثرب فليستغفر الله وهي محرم دخولها على غير المسلمين مثلها مثل مكة المكرمة تماما فقد دعا النبي محمد ربه قائلا اللهم حرم لي المدينة كما حرمت مكة لأبي إبراهيم فإستجاب الله لدعاء نبيه الكريم وحرم له المدينة فصارت المدينة حرم لا تقطع فيه شجرة إلا لمنفعة ولا يصاد فيها الطير ولا يروع حتي يخرج خارج حدودها فيصاد وفي الحديث عن النبي صلي الله عليه وسلم اللهم إني أحرم ما بين لابتيها مثل ما حرم إبراهيم مكة اللهم بارك في مدِهم وصاعهم . وإذن فالمدينة المنورة تستمد أهميتها عند المسلمين من هجرة النبي محمد إليها وإقامته فيها طيلة حياته الباقية ثم إنتقاله إلي الرفيق الأعلي فيها ودفنه بأرضها فالمدينة إذن هي أحد أبرز وأهم الأماكن لدى المسلمين والتي يسمي أهلها بالأنصار والسور القرآنية التي نزلت فيها بالسور المدنية تمييزا لها عن السور القرآنية التي نزلت بمكة المكرمة والتي تسمي بالسور المكية وتشاء إرادة الله سبحانه وتعالي أن يموت فيها نبيه الكريم محمد صلي الله عليه وسلم ويدفن بها كما ذكرنا وهو الذى قال عن مكة المكرمة إنها أحب بلاد الله إليه ولكن تكريما له لم يمت بها ويدفن فيها حيث كانت ستكون زيارته عمل ثانوى إلي جانب أداء العمرة أو الحج ولكن لكي تكون زيارة نبينا صلي الله عليه وسلم عمل منفرد وزيارة مقصودة لذاتها لا تؤدى بجانب عمل آخر كانت وفاته صلي الله عليه وسلم ودفنه بالمدينة المنورة فمن يذهب للعمرة أو الحج نجده قبل أدائهما أو بعد ذلك يتحمل مشاق السفر إلي المدينة المنورة لزيارة الحبيب دون أن يشكو أو يعترض حيث تكون الروح مشتاقة لزيارة الحبيب والسلام عليه وعلي صاحبيه وفي ذلك يقول الرسول صلي الله عليه وسلم إن الله يرد إليه روحه ليرد السلام علي من يسلم عليه فكأن اللقاء مع النبي صلي الله عليه وسلم في مسجده لقاء حقيقي وعلي من يذهب إلي هذا اللقاء أن يلتزم السكينة والوقار والأدب فلا يرفع صوته ولا يصخب ولا يجادل فهو في حضرة خير الأنام صلي الله عليه وسلم وتضم المدينة المنورة أقدم المساجد في العالم الإسلامي ومن أهمها عند المسلمين مع المسجد النبوى الشريف وهما مسجد قباء ومسجد القبلتين بالإضافة إلى مقبرة البقيع والتي تعد المقبرة الرئيسية لأهل المدينة والتي دفنت فيها أغلب أمهات المؤمنين وهن السيدة سودة بنت زمعة والسيدة عائشة بنت أبي بكر والسيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب والسيدة زينب بنت خزيمة الملقبة بأم المساكين والسيدة هند بنت ابي أمية المعروفة بإسم أم سلمة والسيدة زينب بنت جحش والسيدة جويرية بنت الحارث والسيدة صفية بنت حيي بن أخطب والسيدة رملة بنت أبي سفيان والمعروفة بإسم أم حبيبة وكذلك مدفون بها الكثير من الصحابة منهم الخليفة الثالث عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وسعد بن معاذ والعباس بن عبد المطلب عم النبي صلي الله عليه وسلم كما تضم المدينة المنورة جبل أحد والكثير من الوديان والآبار والشوارع والحارات والأزقة القديمة . ويرجع تأسيس المدينة المنورة والتي كانت تسمي يثرب إلى حوالي 1600 عام قبل الهجرة النبوية كما ذكرنا سابقا وكانت أقدم النصوص التاريخية التي أشارت إلى المدينة هي النصوص الآشورية العائدة للقرن السادس قبل الميلاد وبالتحديد في نقوش نبونعید التي أشارت إلى المدينة بإسم لاثريبو كذلك فقد وجدت كلمة يثرب في الكتابات التاريخية عند الإغريق فقد أشار كلاوديوس بطليموس إلى واحة تقع في بلاد الحجاز بشبه الجزيرة العربية تحمل إسم لاثريبا كما ورد هذا الإسم في الكتابات عند مملكة معين وذُكرت بين المدن التي سكنتها جاليات معينية ومن المعروف أن المملكة المعينية قامت في جزء من اليمن في الفترة ما بين عام 1300 ق.م وعام 600 ق.م وإمتد نفوذها في فترة إزدهارها إلى الحجاز وفلسطين وعندما ضعف سلطانها كونت مجموعة مستوطنات لحماية طريق التجارة إلى الشمال وكان هذا الطريق يمر بيثرب ويتفق هذا التاريخ التقريبي أيضا مع تاريخ وجود العماليق وحروبهم مع بني إسرائيل في شمال الجزيرة العربية وسيناء وقد تعاقب السكان على المدينة المنورة منذ إنشائها فقد سكنها العماليق ومن بعدهم قبائل المعينيين من اليمن ومن ثم اليهود وقد وصل اليهود إليها لأول مرة خلال القرن الثاني الميلادي خلال الحروب الرومانية اليهودية في فلسطين التي كان من نتيجتها نزوح عدة قبائل يهودية إلى الأقاليم المجاورة وكانت أبرز تلك القبائل التي وصلت المدينة وسكنتها قبائل بني قينقاع وبني قريظة وبني النضير وقد إستمروا يقطنونها حتى هجرة النبي محمد صلي الله عليه وسلم إليها في أوائل القرن السابع الميلادي ويذكر إبن خرداذبة أن بني قريظة عملوا في خدمة الفرس كجباة للضرائب خلال عهد السيطرة الفارسية على الحجاز وبحسب كتابات التراث العربي أيضا فإنه وعلى إثر انهيار سد مأرب نزحت عدّة قبائل عربية من مملكة سبأ في اليمن شمالا ومن هذه القبائل قبيلتا الأوس والخزرج وعندما وصلت القبيلتان إلى المدينة أعجبتا بما فيها من أرض خصبة وينابيع كثيرة فإستقروا فيها مع وجود قبيلتين من اليهود آنذاك هما قبيلة بنو قريظة وقبيلة بنو قينقاع وبعد ذلك عقد حلف ومعاهدة بين اليهود والقبيلتان تلتزمان فيها بالسلام والتعايش والدفاع عن المدينة ضد الغزاة فتحالفوا على ذلك وإلتزموا به مدة من الزمن إزداد خلالها عدد الأوس والخزرج ونمت ثرواتهم إلا أن هناك شواهد أثرية تعود إلى تاريخ اليمن القديم وعدد من النصوص الآشورية ترجح أن تواجد قبائل سبئية على حدود فلسطين قديم وكان ذلك يعد جزء من سياسة دولة سبأ للسيطرة على الطرق التجارية ولاعلاقة له بتصدعات أصابت سد مأرب عدا أنه لا يوجد دليل أن الأوس كانوا سبئيين فالنصوص السبئية وصفتهم بأنهم من أبناء الإله ود وهو أكبر آلهة مملكة معين وليس سبأ ومن المتداول في هذا السياق قصة حسب كتابات إبن إسحق مفادها أن نزاعا وقع بين آخر ملوك الحميريين وسكان المدينة حينما كان ذاك الملك يعبر المدينة فتعرض له بعض السكان وقتلوا إبنه فهدد هذا الملك بإبادة الناس عن بكرة أبيهم وقطع نخيلهم وكاد أن يفعل ذلك لولا أن تدخل إثنان من رجال الدين اليهود وأقنعوه بالعدول عن فكرته لأن هذه المدينة هي مكان سيهاجر إليه نبي من قريش في الزمن الآتي وسيقيم فيها ويدفن فيها وعلى هذا إمتنع عن تدمير المدينة وإعتنق اليهودية وصحب الحاخامان معه إلى اليمن وفي الطريق مروا بمكة حيث عرفاه بالكعبة على أنها ذاك البيت الذي شيده سيدنا إبراهيم الخليل ونصحا الملك أن يفعل ما يفعله أهل مكة وأن يحرم بالحج وأن يطوف بالبيت ويبجله ويوقره وأن يحلق رأسه بعد ان يتم الحج ويفيد إبن إسحق أنه عند وصول الجمع إلى اليمن قام الحاخامان بمعجزة إعتنق أهل البلاد اليهودية على أثرها وذلك بأن سارا في النار دون أن يحترقا .



وبعد سنوات عديدة من وصول قبليتي الأوس والخزرج إلي المدينة تحولتا إلى عدوين لدودين وتفيد المصادر بأن اليهود خافوا من إتساع سلطة ونفوذ القبيلتين فقاموا بالتفريق والإيقاع بينهما ونجحوا في خططهم وإشتعلت الحروب الطاحنة بينهما وإستمرت قرابة مائة وعشرين عاما ولم تنته هذه الحرب إلا عند هجرة النبي محمد صلي الله عليه وسلم إلي المدينة ففي القرن السابع الميلادي ظهر الإسلام في مكة المكرمة على يد النبي محمد صلي الله عليه وسلم والذي بدأ في دعوة الناس إلى الدين الجديد وكانت تلك الدعوة سببا في إغضاب سادة قريش الذين كانوا يسكنون مكة فأعد المشركون كافة الأساليب لإحباط هذه الدعوة وحاول النبي صلي الله عليه وسلم أن ينشر دعوته خارج مكة فذهب إلي الطائف قرب مكة ولكن أهلها أساءوا إستقباله ولم يستجيبوا لدعوته وفي موسم الحج في العام العاشر للدعوة وبينما كان النبي يعرض نفسه على القبائل عند العقبة في منى لقي ستة أشخاص من الخزرج من المدينة هم أسعد بن زرارة وعوف بن الحارث ورافع بن مالك وقُطبة بن عامر بن حديدة وعقبة بن عامر بن نابي وجابر بن عبد الله فقال لهم النبي من أنتم قالوا نفر من الخزرج قال أمن موالي يهود قالوا نعم قال أفلا تجلسون أكلمكم قالوا بلى فجلسوا معه فدعاهم إلى الله وعرض عليهم الإسلام وتلا عليهم القرآن فقال بعضهم لبعض يا قوم تعلموا والله إنه للنبي توعدكم به اليهود فلا تسبقنّكم إليه وقد كان اليهود يتوعدون الخزرج بقتلهم لنبي آخر الزمان فأسلم أولئك النفر ثم إنصرفوا راجعين إلى بلادهم فلما قدموا المدينة ذكروا لقومهم خبر النبي محمد ودعوهم إلى الإسلام حتى عرف به أهل المدينة جميعا حيث لم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر عن النبي محمد حتى إذا كان العام المقبل الحادى عشر للدعوة وفى موسم الحج جاء من الأنصار إثنا عشر رجلا فلقوا النبي بالعقبة في منى فبايعوه وكانوا عشرة من الخزرج هم أسعد بن زرارة وعوف بن الحارث ومعاذ بن الحارث وذكوان بن عبد قيس وعبادة بن الصامت وقطبة بن عامر بن حديدة وعقبة بن عامر السلمي والعباس بن عبادة ويزيد بن ثعلبة ورافع بن مالك وإثنين من الأوس وهما عويم بن ساعدة ومالك بن التيهان وكان نص البيعة كما رواها عبادة بن الصامت بايعنا رسول الله ليلة العقبة الأولي علي أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتيه ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصه في معروف فإن وفينا فلنا الجنة وإن غشي أحدنا من ذلك شيئا فأخذنا بحده في الدنيا فهو كفارة له وإن سترنا عليه إلي يوم القيامة فَأَمره إِلَى اللَّه إِن شاء عذَّب وإن شاء غفر .



وبعث النبي صلي الله عليه وسلم الصحابي مصعب بن عمير مع من بايعوه من يثرب يقرئهم القرآن ويعلمهم الإسلام فأقام في بيت أسعد بن زرارة يدعو الناس إلى الإسلام ويصلي بهم فأسلم على يديه سعد بن عبادة سيد الخزرج أما سعد بن معاذ سيد الأوس فقد أرسل أسيدا بن حضير من قومه من الأوس من بني عبد الأشهل إلى مصعب ليزجره فذهب أسيد إلى مصعب وقال له ولأسعد بن زرارة ما جاء بكما إلينا تسفهان ضعفاءنا إعتزلانا إن كانت لكما بأنفسكما حاجة فقال له مصعب أو تجلس فتسمع فإن رضيت أمرا قبلته وإن كرهته كف عنك ما تكره قال أنصفت فجلس فكلمه مصعب بالإسلام وقرأ عليه القرآن ثم فقال أسيد ما أحسن هذا وأجمله كيف تصنعون إذا أردتم أن تدخلوا في هذا الدين قالا له تغتسل فتتطهر وتطهر ثوبيك ثم تشهد شهادة الحق ثم تصلي فأسلم ثم قال لهما إن ورائي رجلا إن إتبعكما لم يتخلف عنه أحد من قومه وسأرسله إليكما الآن فعاد أسيد إلي سعد بن معاذ فرآه قادما عليه فقال لمن كان معه والله لقد عاد بوجه غير الذى ذهب به وسأله ما وراءك فأخبره أنه قد تحرج من أسعد بن زرارة وإن كان يريد زجره فليقم هو بهذا العمل فقام سعد وذهب إلى مصعب وهو يبدو عليه الغضب فكلمه مصعب كما كلم أسيد فما كان منه إلا أن أعلن إسلامه وما أن عاد إلي قومه حتي وقف عليهم وقال يا بني عبد الأشهل كيف تعلمون أمري فيكم قالوا سيدنا فضلا وأيمننا نقيبة قال فإن كلامكم علي حرام رجالكم ونساؤكم حتى تؤمنوا بالله ورسوله فإنتشر الإسلام في المدينة حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلا وفيها رجال ونساء مسلمون وفي موسم الحج في العام الثاني عشر للدعوة قبل الهجرة إلى المدينة بثلاثة أشهر في شهر ذى الحجة الموافق شهر يونيو عام 622م رجع مصعب بن عمير إلى مكة وخرج معه ثلاثة وسبعون رجلا وإمرأتان من الأنصار وقابلوا الرسول عند العقبة أيضا فكانت بيعة العقبة الثانية حيث قال الأنصار يا رسول الله نبايعك فقال لهم تبايعوني علي السمع والطاعة في النشاط والكسل والنفقة في العسر واليسر وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأن تقولوا في الله لا تخافوا في الله لومة لائم وعلى أن تنصروني فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكم الجنة وقد سميت أيضا هذه البيعة ببيعة الحرب لأن كان فيها البيعة على القتال والذي لم يكن شرطًا في البيعة الأولى فعن عبادة بن الصامت قال دعانا رسول الله صلي الله عليه وسلم فبايعناه فكان فيما أخذ علينا أن بايعنا علي السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثره علينا قَال إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان فبايعوه رجلا رجلا بدءا من أسعد بن زرارة وهو أصغرهم سنًا وكان الرجال تصفق على يدي النبي بالبيعة أما الإمرأتان اللتان حضرتا البيعة مع أزواجهما فقال لهما النبي قد بايعتكما إني لا أُصافح النساء ثم قال لهم أخرجوا إلي منكم إثني عشر نقيبا يكونون على قومهم بما فيهم فأخرجوا منهم إثني عشر نقيبا تسعة من الخزرج وهم أسعد بن زرارة وسعد بن الربيع وعبد الله بن رواحة ورافع بن مالك والبراء بن معرور وعبد الله بن عمرو بن حيرام وعبادة بن الصامت وسعد بن عبادة والمنذر بن عمرو وثلاثة من الأوس وهم أسيد بن حضير وسعد بن خيثمة ورفاعة بن عبد المنذر وقال للنقباء أنتم على قومكم بما فيهم كفلاء ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم وأنا كفيل على قومي وما أن علمت قريش بأمر هذه البيعة ذهب زعماء مكة إلى أهل المدينة للإحتجاج عليها لكن مشركي الخزرج كانوا لا يعرفون شيئا عنها فأنكروا ذلك ولما عاد زعماء مكة تأكدوا من صحة الخبر فطاردوا المسلمين المبايعين فأدركوا سعد بن عبادة والمنذر بن عمرو فأما المنذر فقد إستطاع الهرب وأما سعد فأخذوه فربطوا يديه إلى عنقه ثم أقبلوا به حتى أدخلوه مكة يضربونه فجاء جبير بن مطعم والحارث بن حرب بن أمية فخلصاه من بين أيديهم حيث كان بينهما وبين سعد تجارة وجوار وتشاور الأنصار حين فقدوا سعدا أن يكروا إليه فإذا هو قد طلع عليهم فوصل المبايعون جميعا إلى المدينة وبموجب هذه البيعة بدا النبي صلي الله عليه وسلم يسمح للمسلمين بالهجرة إلي المدينة المنورة تباعا فهاجر إليها عمر بن الخطاب وعبد الرحمن بن عوف وحمزة بن عبد المطلب وغيرهم ثم جاء الأمر للنبي صلي الله عليه وسلم بالهجرة إلي المدينة وإصطحب معه صاحبه أبو بكر الصديق الذى كان قبل ذلك كلما إستأذن النبي لكي يهاجر إلي المدينة يستمهله ويقول له إنتظر وتمهل لعل الله يجعل لك صاحبا فأدرك أن هذا الصاحب ما هو إلا النبي صلي الله عليه وسلم فإشترى بعيرين وأخذ يتعهدهما بالرعاية والإهتمام وعندما أخبره النبي بأمر الهجرة بكي من شدة الفرح حتي أن السيدة عائشة إبنته تقول ما رأيت رجلا يبكي مثلما بكي أبو بكر عندما جاءه الرسول وأخبره بأمر الهجرة وقبل دخول النبي وصاحبه المدينة عرجا على قباء لأداء الصلاة وبنى الرسول هناك مسجدا كان أول مسجد في الإسلام وقد دخل النبي محمد المدينة يوم الجمعة 12 من شهر ربيع الأول سنة 1 هجرية الموافق يوم 27 من شهر سبتمبر عام 622م ثم قام بعد ذلك ببناء المسجد النبوي نواة الدولة الإسلامية الجديدة وآخى بين المهاجرين والأنصار بعد قدومه بخمسة أشهر في دار أنس بن مالك وكانوا 90 رجلًا نصفهم من المهاجرين ونصفهم من الأنصار حتى لم يبق من المهاجرين أحد إلا آخي بينه وبين أنصاري وقال لهم في هذا المقام تآخوا في الله أخوين أخوين ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب وقال هذا أخي فكان الأنصار يقتسمون أموالهم وبيوتهم مع المهاجرين كما نظّم النبي محمد العلاقات بين سكان المدينة وكتب في ذلك كتابا إصطلح عليه بإسم دستور المدينة أو الصحيفة وإستهدف هذا الكتاب توضيح إلتزامات جميع الأطراف داخل المدينة من مهاجرين وأنصار ويهود وتحديد الحقوق والواجبات كما نص على تحالف القبائل المختلفة في حال حدوث هجوم على المدينة وعاهد فيها اليهود ووادعهم وأقرهم على دينهم وأموالهم وقام بتغيير إسمها من يثرب إلى المدينة ونهى الناس عن إستخدام إسمها القديم وقد إحتوت الوثيقة 52 بندا 25 منها خاصة بأمور المسلمين و27 مرتبطة بالعلاقات بين المسلمين وأصحاب الأديان الأخرى ولا سيما اليهود وعبدة الأوثان ومن ذلك الوقت وبدأت تتكون الدولة الإسلامية خلال عهد النبي صلي الله عليه وسلم وخلال عهد خلفائه الراشدين حيث إمتدت الدولة الإسلامية لتشمل شبه الجزيرة العربية واليمن والشام والعراق ومصر والشمال الأفريقي وبلاد فارس والجمهوريات الإسلامية التي كانت تابعة في السابق لدولة الإتحاد السوفيتي وهي كازاخستان وأوزبكستان وطاجيكستان وقرغيزستان وأذربيجان وقبل أن ننهي هذه الفقرة يجدر بنا أن نذكر أن المدينة المنورة فيها أجزاء من الجنة أولها الروضة الشريفة التي سنتحدث عنها في السطور القادمة بإذن الله وهي المنطقة المحصورة بين بيت النبي ومنبره بالمسجد النبوى الشريف وقبر النبي وصاحبيه أبو بكر وعمر وقبور الصحابة المبشرين بالجنة من أهل البقيع فهي روضة من رياض الجنة كما يخبرنا النبي صلي الله عليه وسلم وذلك بالإضافة إلي جبل أحد الذى يقول عنه النبي إنه جبل من جبال الجنة وأيضا قبور شهداء أحد التي توجد إلي جوار هذا الجبل العظيم ..

ونكمل مع المسجد النبوي الشريف في المقالات القادمة باذن الله .