الخميس, 18 أبريل 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

إيوان كسرى /2

إيوان كسرى /2
عدد : 04-2018
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
موسوعة (كنوز أم الدنيا)
tbadrawy@yahoo.com



توقفنا في المقال السابق عند توجه وفد العرب إلي المدائن لمقابلة كسرى يزدجرد ودعوته إلي الإسلام واليوم نكمل ونقول إنه تقدم وفد العمالقة الأربعة عشر بقيادة القائد النعمان بن المقرن رضي الله عنه حتى وصل إلى مجلس كسرى يزدجرد الذى تلكأ أولا في مقابلتهم فقال لهم كسرى الفرس بواسطة ترجمانه ما جاء بكم ودعاكم إلى غزونا والولوغ ببلادنا أمن أجل إنا تشاغلنا عنكم فإجترأتم علينا فنظر النعمان بن المقرن بكل أدب وتواضع إلى بقية أعضاء الوفد المنضوي تحت قيادته وقال لهم إن شئتم أجبته عنكم وإن شاء أحدكم أن يتكلم آثرته بالكلام فقالوا بل تكلم ثم إلتفتوا الى كسرى بكل عزة وقالوا له هذ الرجل يتكلم بلساننا فإستمع إلى ما يقول فقام النعمان رضي الله عنه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال لإمبراطور الفرس كسرى يزدجرد إن الله رحمنا فأرسل إلينا رسولًا يأمرنا بالخير وينهانا عن الشر ووعدنا على إجابته خيري الدنيا والآخرة فلم يدع قبيلة قاربه منها فرقة وتباعد عنه منها فرقة ثم أمر أن نبتدئ بمن خالفه من العرب فبدأنا بهم فدخلوا معه على وجهين مكره عليه فإغتبط وطائع فإزداد فعرفنا جميعا فضل ما جاء به على الذي كنا عليه من العداوة والضيق ثم أمر أن نبتدئ بمن جاورنا من الأمم فندعوهم إلى الإنصاف فنحن ندعوكم إلى ديننا وهو دين حسن الحسن وقبّح القبيح كله فإن أبيتم فأمر من الشر أهون من آخر شر منه الجزية فإن أبيتم فالمناجزة فإن أجبتم إلى ديننا خلفنا فيكم كتاب الله وأقمنا على أن تحكموا بأحكامه ونرجع منكم وشأنكم وبلادكم وإن بذلتم الجزاء قبلنا منكم وشأنكم وبلادكم وإن بذلتم الجزاء قبلنا منكم ومنعناكم وإلا قاتلناكم ولم يصدق كسرى يزدجرد ما سمعه للتو من النعمان بن المقرن رضي الله عنه فلم يعتد أكاسرة الفرس أن يسمعوا قولا بهذه العزة من أحد من رعيتهم أو من رسولٍ من رسلِ الإغريق أو الرومان وكأن كسرى يزدجرد لم يعلم أنه أمام فارس بدوي تربى منذ الصغر في صحراء العرب أن الموت من أجل شرفه أهون عليه من الحياة ذليلا فجاءه الإسلام ليزيده عزة فوق عزة وإباءا فوق إباء ولم يفقه العلج الفارسي أنه أمام بشر من نوع آخر ولم يفقه المسكين أنه أمام تلميذ من تلامذة رسول الله محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم فهو أمام صحابي من الصحابة الكرام فإستشاط يزدجرد غضبا وقال للنعمان والغيظ يكاد يتفجر من عينيه إنى لا أعلم أمة في الأرض كانت أشقى منكم ولا أقل عددا ولا أشد فُرقة ولا أسوأ حالا وقد كنا نكل أمركم إلى ولاة الضواحي فيأخذون لنا الطاعة منكم ولا تطمعون أن تقوموا لفارس فإن كان غرور لحقكم فلا يغرنكم منا وإن كان الفقر فرضنا لكم قوتا إلى خصبكم وأكرمنا وجوهكم وكسوناكم وملكنا عليكم ملكا يرفق بكم وعند ذلك جاء الدور على صحابي آخر من صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم ليلقن كسرى فارس درسا سيظل محفورا في ذاكرة المجوس إلى يوم الدين ولعل هذا ما يجعلهم يكرهون كل ما يمت للعروبة والصحابة الكرام بصلة فقد جاء دور أسد من أسود قبيلة الأسد العربية فقد جاء الدور هذه المرة على المغيرة بن زرارة الأسدي رضي الله عنه فنظر إلى كسرى يزدجرد بكل برودة أعصاب ووقف يرد على إستهزائه بالعرب يا كسرى فارس إنك وصفتنا صفة لم تكن بها عالما فنحن كنا أسوأ من ذلك بكثير ثم ذكر المغيرة ما كان عليه العرب من أمور الجاهلية وكيف جاء الإسلام فنقلهم إلى ما هم عليه الآن وذكر مقالة كمقالة النعمان ثم ختم كلامه مخاطبا كسرى فارس مباشرة
فإختر إن شئت الجزية عن يد وأنت صاغر وإن شئت فالسيف أو تسلِم فتنجي نفسك فقال كسرى وما معنى صاغر فقال المغيرة بن زرارة بكل عزة أن تعطي الجزية ونرفضها فتعطيها فنرفضها فترجونا أن نقبلها فنقبلها منك فصعق كسرى من هول ما يسمع فقال للمغيرة مهددا أتستقبلني بمثل هذا فقال له المغيرة بن زرارة بكل ثبات إنك أنت الذي كلمتني ولو كان كلمني غيرك لإستقبلته به فغضب كسرى فارس أشد الغضب ولكنه سرعان ما تمالك غضبه ليقول للمسلمين لولا أن الرسل لا تقتل لقتلتكم إذهبوا لا شيء لكم عندي ثم طلب يزدجرد من حرسه أن يملأوا كيسا كبيرا من التراب وأن يحملوه على ظهر أشرف عضو من أعضاء الوفد العربي الإسلامي ظنا منه أنه بذلك سيهينهم فتقدم عملاق بني تميم عاصم بن عمرو التميمي نحو كسرى وحرسه وقال لهم أنا أشرفهم إحملوه علي فإستغرب كسرى من هذا العربي الذي تطوع بنفسه لكي يقبل إهانة كسرى أو هكذا ظن العلج وخرج العمالقة الأربعة عشر وعاصم يحمل وقر التراب مسرعا كأنه يحمل كنزا ثمينا وجاء في هذه الآونة رستم قائد جيوش إمبراطورية فارس إلى كسرى ليعلم منه ما دار بينه وبين وفد العرب فقال كسرى لرستم ما رأيت قوما مثلهم من قبل ولم أكن أعلم أن العرب فيهم مثل ذلك ولكن أشرفهم كان أحمقهم فقال رستم متسائلا لم فقال يزدجرد ساخرا سألتهم من أشرفهم حتى أحمله وقرا من تراب فخرج أحدهم متطوعا وقال أنا أشرفهم فقال رستم وقد صعق من هول ما سمع بل هو أعقلهم لقد أعطيته للتو أرض فارس يا للشؤم عندها إسود وجه يزدجرد وأدرك أن أرض فارس قد صارت بأيدي المسلمين فنادى على جنوده وأمرهم بأن يلحقوا بعاصم ويرجعوا منه كيس تراب أرضهم إلا أن سيف عاصم كان قد سبق عذل رستم فقد طار عملاق بني تميم إلى سعد بتراب أرض فارس ليجعله بين يدي سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه فإستبشر سعد وإستبشر المسلمون وكان ذلك مقدمة وبشرى لنصر القادسية العظيم . وبالفعل إستحوذ المسلمون على إيوان كسرى في شهر صفر عام 16 هجرية الموافق شهر مارس عام 637م بعد فتح كتسيفون عاصمة الفرس والتي يسميها العرب المدائن وذلك بعد إنتصار المسلمين علي الفرس في معركة القادسية أولا التي قامت في يوم 13 من شهر شعبان عام 15 هجرية الموافق شهر يوم 13 سبتمبر عام 636م وإستمرت 4 أيام أى حتي يوم 16 شعبان عام 15 هجرية الموافق يوم 16 سبتمبر عام 636م والتي كانت إحدى معارك الإسلام الكبرى حيث كان الصدام العسكري بين المسلمين والفُرس قد قطع شوطًا في جبهة العراق في خلافة أبي بكر وأول خلافة عمر لكنَّه لم يبلغْ مرحلةَ اللّقاء العسكري المحورى الحاسم بين الطرفَين فإنتصار المسلمين في معركة البويب التي كانت في شهر رمضان عام 13 هجرية لم ينه الوجودَ السياسي والعسكري للفرس في العراق ولم يمكِن أيضا الدعوة الإسلامية من أن تشق طريقَها إلى الناس في هذه البلاد بأمن وسلام فكان لا بد من لقاء عسكري حاسم يكون من شأنه تحقيق ذلك مما يجعل العراق دار إسلام وأمن وسلام ومن هنا كان الإعداد لمعركة القادسية التي حشد فيها الخليفة عمر بن الخطاب كل ملوك العرب وزعماء قبائلهم في جيش بلغ تعداده قرب الأربعين ألف جندى حيث أعلن عمر حالةَ الطـوارئ والإستنفار العام في جزيرة العرب وذلك لإعداد جيش إسلاميٍ كبير يخوض به المعركة المحورية الفاصلة مع الفرس فكتب إلى أمراء البلدان ورؤساء القبائل في جزيرة العرب يأمرهم ألا تدعوا أحدا له سلاح أو فَرس أو نجدة أو رأي إلا إنتخبتموه ثم وجهتموه إلي الجهاد والعجل العجل وبالفعل إستجابت كل القبائل والتي قدمت كل منها أبرز رؤسائها وأمهر مقاتليها وفرسانها وخير خيولها وأمضى سيوفها وكذلك صنعت القرى والمدن في مختلف الأنحاء بل لقد إحتشد في هذا الجيش أيضا أصحاب الرأي والشرف والسلطة والخطباء والشعراء والحكماء وضم عمر بن الخطاب إلي الجيش أكثر من سبعين مقاتلا من الذين شهدوا غزوة بدر وأكثر من ثلاثمائة من صحابة الرسول صلي الله عليه وسلم وسبعمائة من أبنائهم وثلاثمائة من الأبطال الذي شهدوا مع الرسول فتح مكة حتى لقد أصبح هذا الجيش خلاصة الأمة العربية المسلمة وكتب الذين شاهدوا جنوده عن المزايا التي تحلوا بها فقالوا إنهم لم يروا فيه من يتصف بصفة من ثلاث الجبن أو الغدر أو الغلول وأمر عمر عليهم الصحابي سعد بن أبي وقاص أحد العشرة المبشرين بالجنةوكانت لأمور في نفس الوقت قد بدأت تستقر وتهدأ في بلاط الفرس وإنعقد أمر الحكم ليزدجرد الثالث حفيد كسرى أبرويز والذى أعلن هو الآخر حالةَ الطوارئ والإستنفار العام في بلاده وشرع في إعداد جيش قويٍ زوده بعتاد حربي جيد وضم إليه خيرة رجال الفرس العسكريين وأسند قيادته إلى رستم نظرا لعبقريته في الحروب ومهارته في القتال وذلك لحرب المسلمين وطردهم من العراق والتصدي للدعوة الإسلامية وبالفعل كان رستم قد شرع في إعداد خطَّة عسكرية لضرب الوجود الإسلامي في العراق تقوم على الإتصال بالدهاقين وهم رؤساء القرى وأهل السواد والمقصود بهم الفلاحين واالمزارعين الذين يعملون في زراعة الأراضي الواقعة بين نهرى دجلة والفرات وتشجيعهم على التمرد والعِصيان فإضطربتِ بذلك الأوضاع العامة في الحيرة وغيرها من المناطق التي فتحها خالد بن الوليد والمثني بن حارثة وذلك إستجابةً لدعوة رستم وتنفيذًا لخطته العسكرية فنقض أهل الذِّمة عهودهم وذممهم وآذوا المسلمين هناك وأخذ كل طرف من الطرفين يعد العدة لهذه المعركة المحورية الفاصلة لعدة شهور إلي أنة قامت المعركة في التاريخ المذكور في السطور السابقة وقد إستشهد خلالها حوالي 8 آلاف من جيش المسلمين كان منهم أبناء الشاعرة العربية الخنساء الربعة والتي تلقت خبر إستشهادهم بكل إيمان وقالت قولتها المشهورة الحمدلله الذي شرفني بإستشهادهم جميعاً في سبيل الله ونصرة دينه وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته وقد أبلي المسلمون في هذه المعركة بلاءا حسنا وإستبسلوا فيها أيما إستبسال وواجهوا فيها فيلة الفرس المدرية علي القتال حيث كان من أهم أحداث هذه المعركة بطولات بني أسد بقيادة طليحة بن خويلد الأسدى في اليوم الأول للقتال والذى يسمي يوم أرماث حينما هاجمت الفيلة قبيلتي بجيلة وكندة وجفلت الخيل فأسرع فرسان بني أسد بالتسلل قرب أرجل الفيلة التي كانت تحمل فوق ظهورها توابيت يقف داخلها جنود الفرس ويرشقون جند المسلمين عن بعد بالسهام والنبال والرماح وقاموا بقطع الأحزمة التي تربط هذه التوابيت إلي ظهور الفيلة مما أدى إلي وقوعها وفي اليوم الثاني يوم أغواث والذى بدأ بمبارزة القعقاع بن عمرو لإثنين من قادة الفرس هما بهمان جازويه والبيرزان وتغلبه عليهما ثم ما كان منه عندما ألبس الجمال ثياب سوداء وبحيث لايظهر منها سوى عيونها ففعلت في هذا اليوم في خيل الفرس مافعلته فيلة الفرس في خيل المسلمين في اليوم السابق ولم تظهر فيلة الفرس في هذا اليوم حيث كان يتم إصلاح الأحزمة التي قطعها المسلمون في اليوم السابق ومن بطولات اليوم الثالث الذى يسمي يوم عماس قيام القعقاع بن عمرو بالإشتراك مع أخيه عاصم بن عمرو وكذلك قيام حمال بن مالك قائد المشاة بالإشتراك مع الربيل بن عمرو بمهاجمة الفيلين الأبيض والأجرب اللذين كانا يعدا قائدا الفيلة المقاتلة ورشق عيونهما بالرماح وقطع خراطيمهما مما أدى إلي إنسحاب سلاح الفيلة من المعركة نهائيا وقد إستمر القتال في هذا اليوم طوال الليل ولذلك تسمي هذه الليلة ليلة الهرير فلم يكن يسمع فيها صوت بين المسلمين والفرس سوى صوت الهرير ثم كان النصر الساحق للمسلمين علي جيش الفرس في صباح اليوم الرابع من المعركة والذى يسمي يوم النصر أو يوم القادسية والذى قتل فيه رستم قائد الفرس والجالينوس أحد قواده الباقين علي قيد الحياة كما تم مقتل حوالي 40 ألف من جند الفرس وبالإضافة إلي ذلك فقد غَنِم المسلمون في معركة القادسية غنائم كثيرةً كان من ضمنها رايةُ فارس الكبرى المصنوعة من جلد النمور والتي تسمي درفش كابيان ويبلغ طولها 12 ذراعا وعرضها 8 أذرع وكانت مرصعة بالياقوت واللؤلؤ وأنواع الجواهر وقد قطعت وأرسلت إلى المدينة المنورة وكان ضمن الغنائم سواري كسرى وتاجه فلما وصلت إلي المدينة المنورة منح عمر سراقة بن مالك سوارى كسرى كما وعده النبي صلي الله عليه وسلم يوم أن كان مهاجرا من مكة إلي المدينة هو وسيدنا أبو بكر الصديق وكان يومئذ سراقة علي الشرك وكان يتعقبهما طمعا في الجائزة التي رصدتها قريش لمن يدل عليهما فلما وصل إليهما إنغرست قدما فرسه في الوحل فطلب من رسول الله أن يدعو الله لينجيه مما هو فيه على أن يرجع عنهم ويعمي عنهم الطلب فدعا له رسول الله وقال له كيف بك إِذا لبست سوارى كسرى ومنطقته وتاجه فقال سراقة كسرى بن هرمز فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم نعم ثم إنصرف سراقة فلما تحقق هذا النصر تحقق لسراقة وعد النبي له حيث ألبسه عمر سواري كسرى إنفاذا لوعد رسول الله صلي الله عليه وسلم ولا يفوتنا هنا أن نذكر اسماء بعض من فرسان وأبطال المسلمين الذين أظهروا بطولات خارقة في هذه المعركة غير ماتم ذكرهم في السطور السابقة مثل عمرو بن معديكرب الزبيدى وزهرة بن الحوية التميمي قائد مقدمة جيش المسلمين وهلال بن علفة التميمي قاتل رستم عدو الله والمعني بن حارثة الشيباني وربعي بن عامر وضرار بن الخطاب الفهرى وعبد الله بن المعتم قائد ميمنة المسلمين وشرحبيل بن السمط الكندى قائد ميسرة المسلمين وهاشم بن عتبة بن أبي وقاص وسواد بن مالك وقيس بن هبيرة وخالد بن عرفطة وسلمان بن ربيعة الباهلي وعبد الله بن ذى السهمين ونكتفي بهذا القدر ونكمل في المقال القادم بإذن الله تعالي .