الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

دير المحرق

دير المحرق
عدد : 03-2018
بقلم المهندس/ طارق بدراوى
من موسوعة كنوز أم الدنيا
tbadrawy@yahoo.com



ويقع هذا الدير في نطاق مركز القوصية التابع لمحافظة أسيوط بصعيد مصر والقوصية كانت تسمى قيس في الماضي وهي مدينة ضاربة في التاريخ القديم وكانت هي الحدود الشمالية للدولة المصرية وبمثابة الدرع الحصين للحدود الشمالية لمملكة الجنوب ولذلك فهي تعتبر من أعرق المدن المصرية فهي كانت عاصمة الإقليم 14 من أقاليم مصر الوسطى وفي أثناء فترة إحتلال الهكسوس لمصر تصدى لهم أمراء القوصية وأوقفوا زحفهم وبذلك حموا المملكة المصرية من الإنهيار وتحالفوا مع أمراء طيبة لحربهم وكان لهم الدور الأكبر في الإنتصار عليهم فكانت أول معركة ضد هؤلاء المعتدين في القوصية وتوجد لوحة تخلد إنتصارهم عليهم بمنطقة البربة والتي تعنى المعبد بمنطقة زرابي القوصية والتي تمثل المدينة القديمة التي أنشئت عليها القوصية الحالية والتي لم يتبق منها إلا تلك المنطقة وتوجد أيضا آثار فرعونية في قرية مير الواقعة في غرب القوصية كما توجد مقابر حكام القوصية بمنطقة الجبل الغربي وإكتشف منها حتي الآن عدد 14 مقبرة فرعونية معظمها من الدولة القديمة وهي ذات قيمة أثرية كبيرة ولكنها تحتاج إلى جهد كبير لإكتشاف باقي المقابر التي يمتلئ بها المكان كما يوجد منها عدد مماثل بالجبل الشرقي بقرية قصير العمارنة وتحتاج هذه الآثار إلي مزيد من الإهتمام حيث تعاني من إهمال شديد وذلك إلي جانب دير المحرق وهو من أشهر الأديرة لدى الأقباط حيث يعد ثاني كنيسة بنيت في العالم بعد كنيسة بيت لحم بفلسطين .

وتقع مدينة القوصية في شمال محافظة أسيوط ويحدها من الشمال مدينة ديروط ومن الجنوب مدينة منفلوط ومن الشرق نهر النيل والصحراء الشرقية التابعة لمحافظه البحر الأحمر ومن الغرب الصحراء الغربية التابعة لمحافظة الوادي الجديد وهي محاطة بجبال من الشرق وجبال من الغرب مما يجعل مناخها بارد في الشتاء ويمر من خلالها ترعة الإبراهيمية مما يساعد علي ري الأراضي الزراعية بها بطريقة منتظمة أما دير المحرق والذى زاره السيد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام وأقام به ستة أشهر وعشرة أيام فهو يقع فى سفح جبل معروف بإسم جبل قوص قام على إسم مدينة قوص قام التى خربت منذ زمن بعيد وهذا الإسم هو أحد أسماء مدينة القوصية قديما وإشتهر هذا الدير بإسم دير قوص قام وأيضا بإسم دير جبل قوص قام نظرا لوجوده في سفح الجبل المعروف بهذا الإسم وترجع تسميته بالإسم المشهور به حاليا وهو دير المحرق إلى أنه كان متاخما لمنطقة تجميع الحشائش والنباتات الضارة وحرقها ولذلك دعيت بالمنطقة المحروقة أو المحترقة ومع مرور الوقت إستقر إسم دير المحرق وهو يبعد حوالى 12 كيلومتر غرب بلدة القوصية وعلى بعد حوالي 327 كيلو متر جنوب القاهرة و48 كيلو متر شمال مدينة أسيوط ويقع الديرعلى حافة الصحراء حيث ترى الصحراء فى الغرب على إمتداد البصر وكان الرهبان كثيرا ما يتوغلوا فى الصحراء فيما يعرف بالتوحد فى داخل الصحراء حسب الإصطلاح القبطى الرهبانى حيث كان القديس باخوميوس قد وضع أسس الحياة الديرية والرهبانية فى القرن الرابع الميلادى وذكر ان الملك زينون فى أواخر القرن الخامس الميلادى حوالى عام 481م نزل فى قوص قام بناءا على رغبة إبنته إيلارية التى ترهبنت فى وادى النطرون وأمر ببناء الحصون فى جميع الأديرة المصرية ومنها دير المحرق .


أما شمال الدير وشرقه فتوجد الحقول الخضراء التى تريح النظر وتبهج النفس ودير المحرق من أشهر الأديرة القبطية فى مصر وله سمعة تاريخية وعالمية وإشتهر رهبانه منذ القدم بالتقوى والعلم حيث إمتد أثرهم الكرازى والعلمى حتى جنوب أوروبا ووسطها وشمالها ووصل إلى أيرلندا وهو من أهم وأقدس المزارات المسيحية فى أرض مصر وذكر الدير كل المؤرخين قديما وحديثا ومنهم أبو المكارم في القرن الثاني عشر الميلادى والمقريزى في القرن الخامس عشر الميلادى وعمر طوسون في القرن التاسع عشر الميلادى وهذا الدير عامر بالرهبان وتخرج منه العديد من الأساقفة والبطاركة وتوجد داخل الدير كنيسة أثرية تعد أقدم الآثار فى دير المحرق فهيكلها هو ذات المغارة التى أقامت فيها العائلة المقدسة ومذبحها هو نفس الحجر الذى كان بالمغارة والذى جلس عليه السيد المسيح عليه السلام وصحن الكنيسة تم ترميمه فى القرن التاسع عشر الميلادى وتلك الكنيسة الأثرية لها عدة خصائص مميزة لها منها أن القداسات فيها لا تتوقف طول العام ماعدا أيام الإثنين والثلاثاء والأربعاء فى أسبوع البصخة أو أسبوع الآلام وهي الأيام الثلاثة التالية ليوم أحد السعف أو أحد الشعانين من كل عام الذى يوافق اليوم الذى دخل فيه السيد المسيح أورشليم القدس ممسكا بغصن الزيتون رمز المحبة والسلام وتصلى في تلك الكنيسة القداسات باللغة القبطية حتى اليوم ومن قديسي هذا الدير القديس الأنبا أبرام الأول أسقف الفيوم والجيزة وقد إختير من هذا الدير أربعة من البطاركة وعدد كبير من المطارنة والأساقفة المعروفين وبالدير مكتبة كبيرة تضم عدد 708 مخطوط أثرى نادرغير بضعة آلاف من الكتب المطبوعة وتختلف موضوعات هذه الكتب فمنها الكتاب المقدس وأجزائه المختلفة واللاهوت والتاريخ والطقوس الكنسية وغير ذلك هذا ويقام كل عام إحتفال كنسي بدير المحرق لإحياء ذكرى زيارة العائلة المقدسة لهذا الدير أثناء إقامتها في مصر هربا من بطش حكام الرومان في فلسطين .

هذا ويشهد الرهبان والقساوسة وأيضا زوار الدير بأنه قد حدثت به طفرة كبيرة من حيث تطوير وتجديد منشآته وتوفير العديد من وسائل الخدمات به بعد تولي الأنبا الراحل شنودة الثالث منصب بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية عام 1971م حيث أصبح يوجد به وسائل خدمات كثيرة للقاطنين فيه من الرهبان والقساوسة والزوار منها خزان كبير للمياه العذبة وطلمبة لرفع المياه الخاصة به ومولد كهربائي لتغذية الدير بالتيار الكهربائي وكان هذا قبل ربط الدير بالشبكة العمومية للكهرباء بمحافظة أسيوط في أواخر حقبة السبعينيات من القرن العشرين الماضي كما يوجد به أيضا فرن لإعداد الخبز ومخزن للغلال والحبوب وحظيرة للبهائم وأخرى للأغنام وثالثة للطيور ومخزن للوقود اللازم لتشغيل ماكينات الرى وورش للنجارة والحدادة واللحام كما يشمل الدير سوبر ماركت وكافتيريا لتقديم المشروبات للزوار والضيوف ومكتبة لبيع الكتب والأيقونات والصور والكروت التذكارية لزوار الدير كما يوجد بالدير أيضا منحل لإنتاج عسل النحل وحديقة كبيرة ملحقة به يزرع بها العديد من النباتات العطرية النادرة والجميلة إلي جانب بعض الخضروات والفواكه بحيث يكون الدير مكتفيا ذاتيا من حيث توافر الغذاء اللازم لمعيشة قاطنيه وزواره وجدير بالذكر أيضا أن الدير له أراضي وقف تتم زراعة مساحة منها تبلغ حوالي 400 فدان بالقمح والفول والذرة والبصل وباقي المساحة التي تقترب من حوالي 2000 فدان يتم تأجيرها لمن يرغب بما يضمن إيراد ودخل للدير يتم الصرف منه علي أعمال الصيانة والإصلاح والتجديدات به وبالإضافة إلي كل ماسبق يشمل الدير قصر للضيافة تم بناؤه عام 1910م علي شكل صليب وهو يوجد أمام البوابة الرئيسية وهي بوابة أثرية ولم تدخله سيدة منذ نشأته حتي الآن وهذا القصر يقيم فيه رئيس الدير وكبار الزوار من البطاركة والمطارنة والأساقفة ويتبع له مبني لإستضافة الكهنة الجدد الذين يقضون أربعين يوما بالدير بعد سيامتهم وبعد القصر توجد منطقة القلايات وهي غرف صغيرة ينقطع فيها الرهبان للصلاة والعبادة وكل راهب من رهبان الدير له قلاية خاصة به للصلاة والتبتل والعبادة كما توجد أيضا بالدير عدد 4 مضايف أخري لإستقبال الزوار والضيوف .
 
 
الصور :