الخميس, 18 أبريل 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

دفتر الحضور والانصراف فى مصر القديمة

دفتر الحضور والانصراف فى مصر القديمة
عدد : 11-2017
بقلم الدكتور/ إسلام محمد سعيد
مدرس مساعد التاريخ والآثار المصرية


وهكذا وصل حقل العمل فى المجتمع المصرى الحالى الذى لم يغفل اطلاقاً مدى التأثر بأفكار و ابداعات حضارته العريقه من طرق وانظمة مبتكرة شكلت مبادىء واسس التعاملات و القوانين الرسمية بالدولة والتى تطورت مع مرور الازمنة وأثرت فى التكنولوجيا الحديثة وجعلتها تُخرٍج من الفكرة والمنهج القديم اختراعات تمتلك من التسهيلات مايجعل الاجراءات تتم بصورة اسرع .. وهذا ما نجده فى حديثنا عن نظام الحضور والانصراف و الاجازات المتبع حاليا فى جميع الهيئات والمنظمات الحكومية المختلفة سواء كانت داخل مصر او خارجها.. فالكثير منا لا يعرف ان نظام الحضور و الانصراف المتبع حاليًا كان معمولا به فى مصر القديمة مع الاختلاف نسبياً .. فقد تم العثور على أحدى القطع المصنوعة من الحجر الجيرى بموقع (دير المدينة) أهم مقرات العمال الحرفيين خلال عصر المملكة المصرية الحديثة الواقع شمال وادى الملوك بمحافظة الاقصر ، وتُعرض تلك القطعة حالياً بالمتحف البريطانى بلندن وهى منحوته بالخط الهيراطيقى لعدد 280 يوم عمل مؤرخة بالعام ال 40 من حكم الملك رمسيس الثانى من بينهم 70 يوم عمل كامل ، سُجل على سطحها من الناحية اليمنى قائمة بأسماء حضور وغياب عدد 42 من العاملين بموقع دير المدينة بنسبة غياب اثنان فقط ، كما قيد على الناحية اليسرى فى خط رأسى أمام كل أسم أيام الغياب وأسبابه باللون الاسود والتى كانت بعضها بسبب مرض ما أو لدغة عقرب، أو للرغبه فى الذهاب لتقديم القرابين للمعبودات، او لإنجاب الزوجة ، واغلبها كانت فى عهدهم أسباب كافية للتخلف عن الحضور، هذا ولتميز سطور امضاءات الحضور والانصراف وأعذار الغياب حرص الفنان المصرى القديم على تدوينها بالمداد الأحمر.

وهناك عدد من الابحاث و الدارسات الحديثه التى اظهرت بعض من الاسباب الاخرى التى كانت تجعل العمال يتخلفون عن الحضور للعمل تتلخص فى إنشغالهم بأداء بعض المهام كالحضور ككتبه او التمثيل عن القائد او الوزير فى بعض الاحداث او لاغراض اخرى تتعلق بالمجتمع الدينى او المحلى كجمع الزراعات وصناعة الجعة لتقديمها للمعبودات، ونلاحظ ان تلك الاسباب تشبه الى حد كبير مايعرف فى عصرنا الحالى ب"نظام المأمورية" الذى يسلكه بعض من الموظفين فى عدد من المصالح الحكومية لتسهيل اجراءات معينة متعلقة بالعمل.

وقد ظل هذا النظام منهجاً متبعاً على مدار الفترات والعصور المتلاحقة الى ان وصلنا لعصرنا الحالى الذى حافظ على الفكرة وادخل عليها عامل التطوير و التجديد فأستخدم المعاملات الورقيه لإثبات الحضور و الغياب بما تعرف ب"يومية الغياب" كما وضع نظام للأجازات منها العارضة والاعتيادية، ثم ادخل التكنولوجيا بعد ذلك فى جزئية الحضور والانصراف و استغنى بعض الشىء عن الامضاء والتعامل الورقى من خلال اختراع جهاز (بصمة الإصبع) لضمان الحفاظ على مصداقيه اثبات الحضور.. تلك مراحل تطوير مختلفة لفكرة واحدة ابتكرها المصرى القديم وعبر من خلالها عن نظاميه مجتمعه ومن ثم طورها العالم بأكمله ولكن مهما وصل الابداع الحالى من ابتكارات واختراعات تظل الفكرة حق محفوظ للحضارة المصرية القديمة مهد واساس العصر الراهن .