الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

المجتمع والعدالة

المجتمع والعدالة
عدد : 03-2017
بقلم الدكتور/ عادل عامر
مدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية

إن النظام الديمقراطي الذي لايتناول قضية العدالة الاجتماعية هو بالتأكيد خارج عن الإطار الديمقراطي ولا يمت له بصله لان وضع تخطيط شامل لعملية الإنتاج هو وضع ضروري وأساسي حيث أن زيادة الإنتاج لابد أن يقابله عدالة التوزيع وهو ما يعود بخيرات العمل الإقتصادى على جموع الشعب .

فالعمل من أجل زيادة قاعدة الثروة الوطنية لا يمكن أن يترك لعفوية رأس المال الخاص المستغل ، كذلك فإن إعادة توزيع فائض العمل الوطني على أساس من العدل لا يمكن أن يتم بالتطوع القائم على حسن النية مهما صدقت .

العدالة هي العمل وفقاً لمتطلبات القانون، سواءً ارتكزت هذه القواعد على الإجماع البشري أو على المعايير الاجتماعية، والعدالة مفهوم واسع تُنادي به جميع الشعوب وتطمح لتحقيقها نظراً لأهميتها في خلق نوع من المساواة بين مختلف أبناء الشعب الواحد.

أما المفهوم العام للعدالة فهي تصوُّر إنساني يُركز على تحقيق التوازن بين جميع أفراد المُجتمع من حيث الحقوق، ويحكُم هذا التصوُّر أنظمة وقوانين يتعاون في وضعها أكثر من شخص بطريقة حُرة دون أي تحكُّم أو تدخُّل سياسي تبرز العدالة الاجتماعية بوجود نظام سياسي عادل، وفي البعد الاقتصادي تبرز العدالة الاجتماعية في التوزيع العادل للثروات، والتخطيط الاستراتيجي في إدارة الأموال، وتأسيس المشاريع المنتجة، ووجود نظام اقتصادي يرتكز على العدل في العمل والحقوق، وتوافر المستلزمات المعيشية للجميع من دون تمييز أو تفريق بغير حق.

وفي الجانب القانوني والحقوقي تتجلى العدالة الاجتماعية في وجود قوانين تنظم الحقوق والواجبات للأفراد والمجتمع، ووجود واحترام حقيقي لإنسانية الإنسان وكرامته، وتمتعه بممارسة كافة حقوقه المشروعة دون خوف أو وجل... وعلى ذلك نقيس بقية الصور الجميلة للعدالة الاجتماعية في مختلف أبعادها وجوانبها.

وهذا حتى تضمن العدالة تحقيق المساواة بين جميع الأشخاص داخل المُجتمع. فالعدالة هي الصمام الذي يحفظ الدول والمجتمعات فليست العبرة في عدم وجود الموارد، ولكن العبرة في أن يشعر الجميع بأن نقص الموارد حالة عامة يتأثر بها الجميع.

فالتنظير للعدالة وتكافؤ الفرص واحترام الحقوق لا يشبع الناس ما لم يجدوا أن هؤلاء المنظرين قد تحولوا من التنظير إلى التطبيق العملي، فوجود القضاة الفاسدين والمسئولين اللصوص والأطباء الذين باعوا ضميرهم يعطي للناس انطباعاً بأن هؤلاء الناس خلقوا للتنظير وأن العدالة لم تأخذ مجراها، فالعامل الكادح يأخذ الفتات والذي يجلس في أفخم الأجواء ويدعي الغيرة على المصلحة العامة ويسرق وينهب وربما يقتل إرضاءً لغرائزه وأهوائه فهو الذي يحوز على الاهتمام الأكبر سواء كان هذا الاهتمام مادياً أم معنوياً. كما أن الدولة تحولت في ظل هذا الوضع إلى دولة حارسة ثم إلى دولة لا تمتلك مقوماتها ولا مقدراتها فأصبحت عاله على الأفراد الذين لهم مصالح خاصة وبذلك تتحول الدولة إلى دولة منحازه لطبقة محددة هي الطبقة الرأسمالية وتصبح الدولة في خدمة الطبقة الرأسمالية على حساب المجتمع، هذه الطبقة التي تتجه إلى الدفاع عن مصالحها فقط

عدم المساواة في تطبيق القانون يجعل العنوان الرئيسي للمجتمع الفوضى والعصبيات العائلية والمالية، إذا حدث تفرقه في تطبيق القانون بين غني وفقير أو بين صاحب منصب حاكم ومحكوم، يؤدي ذلك لا محالة إلى شرخ في صلب المجتمع وفي الانتماء مباشرة، فكيف لشخص يشعر دائمًا بأنه إذا ظلم من شخص آخر في المجتمع ولأنه صاحب مال أو سلطة ينحاز له القانون بتميز واضح وكاشف، تجد دائمًا المجتمع لا يمكن أن يحكمه قانون بل تحكمه الواسطة والمال والعصبيات، فلا يكون مجتمعًا بل تكون غابة عنوانها البقاء للأقوى.

أما عن العدالة، العدالة عامة هي التسوية والتفرقة، هي إعطاء كل ذي حق حقه، بضوابط الإنصاف والاتزان وعدم الانحياز والمغالاة في التطبيق، التسوية مع كل ما هو متساو والتفرقة بين كل ما يوجد بينة اختلاف وهذا بشكل عام.

كما تبحث عن الربح وتسعى إلى التوسع في الأعمال الاقتصادية وفى سبيل ذلك يبرز وبشكل قوى دور الدعاية التي لا تخاطب احتياجات الناس فقط بل تتدخل لتشكل وعيهم واحتياجاتهم بما يتماشى مع تحقيق الربح بعيدا عن عادات وتقاليد المجتمع

ويصبح المبدأ السائد هو زيادة البيع أيا كانت الوسيلة، وتتشكل التقدمية والرجعية بحسب رؤيا الرأسماليين وتحديدهم لأنماط السلوك الاجتماعي وفقا لما تصل إليه الدعاية والإعلان في بحثها عن أساليب زيادة الربح .

الناس بفطرتهم يرغبون في العدل والعدالة ولا يضيق بها إلا من يمارس الظلم أو يستفيد منه، ثم إن للحاكم دوراً مهماً في نشر ثقافة العدالة بين الناس، فالعدالة تحتاج إلى ثقافة وسلوك، والاجتماع البشري لا يمكن أن ينعم بروح العدل والنظام والتقدم إلا بتحقيق العدالة الاجتماعية. يق العدالة إلا بأساس المساواة بتخصيصها للثوابت العامة الإنسانية وعدم توغلها على الحقوق والاختلاف الطبيعي بين الأفراد، إحياء بعض الأفراد وإعطاؤهم مزيدًا من الرفاهية في حين ترك بعض الأفراد تحت خطوط الإنسانية ما هو إلا ضرب من ضروب الظلم. فإذا كان الادعاء دائمًا بأنه لا يمكن المساواة بين أفراد المجتمع أمر سيئ، فالأشد سوءًا من ذلك الربط بين المساواة والعدالة على أن لهم المعنى والمضمون نفسه وهذا باطل يراد به مزيدًا من الباطل.

لا يمكن أن تكون من العدالة أن تجد الفارق بين طبقات المجتمع يصل إلى الانفصال. بجب أن يعي الجميع, الحكومات والمواطنين على حد سواء, الواقع في أنه ليس هناك أي طريقة أخرى أو أي حل آخر تحت الشمس لعلاج الأزمة العالمية إلا من خلال تطبيق مبدأ التعاون المتبادل في الجلوس حول المائدة المستديرة على قدم المساواة وعلى نفس درجة المسؤولية من خلال الترابط الذي يجمع البشرية تحت شعار العولمة لبناء مجتمع تسوده المحبة والاهتمام بالآخرين كاهتمام الإنسان بأفراد أسرته. فإن المشاكل التي تواجهنا في كل طريق ليست هي السبب فيما نحن عليه الآن بل إن السبب يكمن في التفكك الموجود بيننا والحاصل نتيجة انهماك كل واحد في الاهتمام بنفسه على حساب الآخرين ونحن نرى حتى أن الطبيعة والتي نفسها تخضع لمبدأ التعامل المتبادل لإبقاء كل عنصر فيها على قيد الحياة قد ضاقت بأنانية البشر وانفصالهم بعضهم عن البعض ويتجلى هذا في زيادة الكوارث الطبيعية من الجفاف والفيضانات والأعاصير والهزات الأرضية والأوبئة والأمراض التي بدأ الطب يعجز عن إيجاد العلاج لها, وعلماء الجيولوجيا يتنباؤن في حدوت المزيد من الكوارث الطبيعية على مجال واسع لم تشهده البشرية من قبل.

ويشير مبدأ المساواة في الحقوق إلى أن فكرة العدالة الاجتماعية لا تنفصل عن فكرة حقوق الإنسان، فالعدالة الاجتماعية استحقاق أساس للإنسان نابع من جدارته كإنسان بالتمتع بمجموعة من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية من ناحية، والمدنية والسياسية من ناحية أخرى على نحو ما هو مقرر في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وغيره من العهود والاتفاقيات الدولية المعنية.

وتقترن المساواة في الفرص بثلاثة شروط عدم التمييز بين المواطنين وإزالة كل ما يؤدى إليه من عوامل، وغياب ما يترتب على التمييز من نتائج سلبية كالتهميش والإقصاء الاجتماعي والحرمان من بعض الحقوق. توفير الفرص حيث لا معنى للحديث مثلا عن التكافؤ في فرص العمل إذا كانت البطالة شائعة. وهو ما يرتب التزاماً على الدولة بوضع السياسات واتخاذ الإجراءات الكفيلة بتوافر فرص العمل، تمكين الأفراد من الاستفادة من هذه الفرص ومن التنافس على قدم المساواة.