الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

الكابريتاج من منتجع ومشفى للأمراء والملوك الى مأوى لفضلات الحيوانات

الكابريتاج من منتجع ومشفى للأمراء والملوك الى مأوى لفضلات الحيوانات
عدد : 08-2016
كتبت/ شيماء على

عندما نبحث عن الطبيعه الممزوجه بالتراث والحضاره سنجد أنفسنا نتحدث عن حلوان مدينة السحر والجمال التى تحتضن (الكابريتاج) تلك العين الكبريتيه الشهيره التي جاءت شهرتها بسبب كمية الكبريت المعالجة التي تصل إلى 27% والتي تعرف ايضا ب(عين حلوان) وهى واحدة من أشهر العيون المائية في مصر..ورغم أن صفحات التاريخ أنصفتها وأبرزت عراقة التراث وجمال الطبيعه هناك إلا أننا نجدها لم تكن ذات قيمة تذكر لدى أحد من المسئولين فهى تعانى منذ سنوات من اهمال شديد يؤكد فقدان الوعى والرؤية فى الاهتمام بها والتسويق عالميا لها لإحياء منتج السياحة الاستشفائية فى مصر.

عرفت تلك العين عند المصريين القدماء وقد ورد ذكرها في حجر رشيد باللغة الهيروغليفية واطلق عليها "عين-آن" حيث اعتبروها منحه إلهية تجلب الخير ، وزاد الأهتمام بها في عصر الخليفة عبد العزيز بن مروان حيث أجتاح مرض الطاعون عام 690م مدينة الفسطاط ، فأرسل الخليفة باحثين يبحثوا عن مكان صحي لإقامته ، فتوقفوا في حلوان، وفيها أسس حكومته وأقام ثكنات للجنود ونقل الدواوين إليها، ثم اندثرت بعد ذلك لتظهر مره اخرى في عهد الاسره العلويه خاصة فى عهد الخديوي عباس الأول بالتحديد عام 1849م حيث كان الجيش يعسكر بالقرب من حلوان وتصادف أن أصيب العديد من الجنود بعدوي الجرب وكان أحد هؤلاء الجنود يتجول في الصحراء ناحية التلال فاكتشف مياه غريبة تحتوي على كبريت وما أن اغتسل فيها حتى تناقصت حكة الجلد وشفي من المرض ، فأخبر رفاقه بالأمر وتم شفائهم مما أصابهم، ووصلت أخبار هؤلاء العسكر للخديوي فأرسل الجنود المصابين بالأمراض الجلدية والروماتيزمية إلى تلك المياه والتى اطلق عليها عيون حلوان وكان ايضا يتبعهم كذلك العديد من المدنيين والذين أقاموا الخيام والحفر الصغيرة ليخرج بها الماء الشافي.

وفي صيف عام 1868م أرسل الخديوي إسماعيل لجنة لدراسة هذه العيون وأصدر بعدها فرماناً ببناء منتجع حراري، وتم الانتهاء منه عام 1871م ، وبني فندق بالقرب منها، وقد عهد بإدارة المنتجع عام 1872م إلى الدكتور رايل ؛ وهو أحد الباحثين الذين درسوا تأثيرات مياه حمامات حلوان الطبية .

وفى عام 1899م افتتح عباس حلمي الثاني عيون حلوان الكبريتية بعد تشييد مجموعة الحمامات الحالية واندفع السائحين إليها من مختلف البلدان وهنا بدأت حلوان تصبح منتجع سياحي خاصة بعد تخصيص فندق اطلق عليه فندق "عين الحياه" وكان خاص بالحمامات وكذلك استراحه للخديوي مصاحبه للفندق اطلق عليها قصر الخديوي عباس حلمي الثاني بحلوان.

ويقال أن السبب في وجود تلك العيون احتمال انسيابها بالقرب من بركان خامد، والماء يخرج منها شفافاً وصافياً إلى سطح الأرض لكن عند ملامسه الهواء له يتغطى الماء بطبقة من الكبريت المخلوط بملح الكالسيوم، فهذا الماء من أغنى العناصر الإستشفائية لكثير من الأمراض مثل الأمراض الجلدية والآلام الروماتيزمية والمفصلية وأمراض الكبد والمسالك البولية، وغيرها ، بالإضافة إلى مناخ مدينة حلوان الجاف يهيئ جواً مثاليا للمصحات العلاجية.

وفى الخمسينيات والستينيات اتجهت الأحلام إلى الاستغلال السياحي الأمثل لمنطقة حلوان حيث تعتبر من المدن النادرة الوجود وكانت تعتبر مشتى عالمياً.. ولم يعرفها المصريين فقط وانما عرفها العالم أجمع خاصة دول الخليج حيث اتى اليها السعوديين واقاموا بالشاليهات هناك والتى بلغ عددها عشره كما كانوا يفضلون المركز بشكل خاص و ينصحون المصريين المقمين بالسعوديه بزيارته فى الاجازات ليستمتعوا بخدماته المميزه مثل "المياه الكبريتيه"و"جلسات الطمى"و"التدليك والشمع"التى لايمكن ان توجد في مكان غيره.

وهكذا أخذت أهميته تزداد وتم تطويره وأطلق عليه (مركز حلوان الكبريتى للطب الطبيعى والروماتيزم) ،وقد تم تأسيسه على الطراز الإسلامي العربى، وكان يضم 38 حجرة للعلاج بالمياه الكبريتية وغرفاً للاستراحة، وشاليهات لإقامة المرضى على بعد خطوات من أماكن العلاج وجميعها محاطه بحدائق جميلة لتوفير مكان رفيع لإقامة المرضى وأدخلت عليه الاجهزة الكهربائية ليصبح به العديد من أنواع العلاجات المختلفة منها الانغماس فى الحمامات الكبريتية والعلاج بالطمى الكبريتى وبالكهرباء والحمام المائى الكهربى بالاضافة الى الآشعة تحت الحمراء كما عالج المركز العديد من الأمراض منها الالتهاب العظمى المفصلى المزمن والالتهاب العظمى الروماتيزمى المزمن والنقرس المزمن والالتهاب والأمراض الجلدية والالتهابات الكلوية المزمنة ولين العظام وأمراض الجهاز التنفسى خاصة الربو والنزلات الشعبية والدرنية.

وكان تطوير كابريتاج حلوان عنوانا لكثير من الصحف ففي عام‏2008‏ تم توقيع مذكرة تفاهم بين التشيك ووزارة السياحة‏,‏ لتطوير المكان‏ ليصبح منتجعا عالميا باستثمارات تقدر بنحو‏500‏ مليون دولار‏,‏لتعود المنطقة مركزا للسياحة العلاجية ومنذ ذلك الحين لا نعرف مصير المشروع.

وللاسف وبسبب الاهمال المتعمد والذي اصابها واصاب غيرها من الاماكن التراثيه والسياحيه استبعد الكبريتاج مؤخراً من الخريطة السياحية بسبب ارتفاع نسبة التلوث به بعد إنشاء مصانع للأسمنت بالقرب منه، فمن الغريب أن لا احد يولى اهمية لتلك العين ووجوبية المحافظه عليها خاصة وان مدينة حلوان تضم جامعه من اكبر الجامعات بمصر وتضم العديد من الجيولوجين واساتذة البيئه والتاريخ الذين لديهم الخبره والمعرفه الجيده باهميتها جيولوجيا وبيئيا وتاريخيا ومن المفترض ان تلك الجامعه أقيمت شأنها شأن أي جامعة من أجل تنمية المجتمع المحيط بها ولكن للأسف لم يكتب أحد من هؤلاء الاساتذه او المتخصصون فى دراسة تلك الاماكن الهامه كلمة او كيفية المحافظه عليها ومدى اهميتها كمكان هام للاستشفاء من العديد من الامراض وايضا مدى اهميته كمكان تراثي وسياحي طبيعي، للاسف لا نجد إلا خرابا ودمارا لتلك الاماكن الهامه وغيرها فى المدينه.. فقد تعرضت عين حلوان منذ فتره لتعديات غريبة، حيث تم هدم جزء من سورها الجنوبي الغربي، واقتطاع جزء كبير من مساحتها لحساب تشييد أبراج سكنية مخالفه بالمنطقة. ثم أعيد الجدار بسرعة بعد أن تم اقتطاع مساحة كبيرة من حرم العين التي تحيط بها الأسوار من جميع الجوانب. وبعد فترة وجيزة من إقامة السور، تم هدمه مرة أخرى، وترك لأكثر من عام مفتوحا مهدوما. ولكن يبدو أنه ظهر جانب آخر يطالب بحقه في العين، أو أن الذي هدم الجدار مرتين اكتفى بما حصل عليه من أراضي من العين، فشرع في أقامة الجدار ثانية. وأغلقت فجأة أبواب العين أمام المارة وتم البناء أمام الباب الرئيسي الجنوبي الغربي، ولن يكون للعين سوى باب واحد فقط هو المفتوح على الشارع الرئيسي أمام محطة مترو عين حلوان... وحاليا أبراج عين حلوان مهددة بالانهيار بعد ان كان هذا المكان ولمدة سنوات عديده مقصدا للامراء والملوك للاستجمام والعلاج!!! وبالرغم من هذا التاريخ الطويل للمكان الذى وضع بصمته على أجساد الامراء والملوك وكان حمامهم الخاص اصبح الان مأوى ومرتعا لاشياء اخرى بعد امتلاء حمام السباحه الخاص به بفضلات الحيوانات على الرغم من تبعيه المكان لثلاث جهات حكومية وهى "وزاره الصحه"و"محافظه القاهره"و"وزاره الاثار" ولكن للاسف اصبح مثله مثل العديد من الاماكن التراثيه والاثريه ذات القيمه الإقتصادية والتاريخية والجمالية العاليه المهمله من قبل المسئولين.

 
 
الصور :