الجمعة, 29 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

إعادة استخدام العناصر الأثرية الإسلامية فى بعض عمائر القاهرة الإسلامية فى عصر أسرة محمد على - الحلقة الأولى

إعادة استخدام العناصر الأثرية الإسلامية فى بعض عمائر القاهرة الإسلامية فى عصر أسرة محمد على - الحلقة الأولى
عدد : 11-2015
بقلم أستاذ دكتور/ محمد على عبد الحفيظ
أستاذ الآثار الإسلامية
جامعة الأزهر

مقدمة :

تعد فكرة نقل العناصر المعمارية والفنية من الآثار القديمة وإعادة استخدامها فى عماﺌر جديدة فكرة قديمة لم تقتصر على الحـﻀارة الإسلامية وحدها ، بل وجدت كـﺫلك فى معظم الحـﻀـارات القديمة ، واستمرت تلك الفكرة فى العصور الإسلامية المختلفة .

وقد سبق أن تناولت بعـﺽ الدراسات فكرة إعادة استخدام الآثار الفرعونية والقبطية القديمة فى المبانى الإسلامية فى مصر ، ومن هـﺫه الدراسات على سبيل المثال بحث المرحوم الأستاﺫ حسن عبد الوهاب عن " الآثار المنقولة والمنتحلة فى العمارة الإسلامية " ومقالة للأستاﺫة الدكتوره دوريس أبو سيف عن " الآثار القديمة فى مصر الإسلامية بين تدميرها وإعادة استخدامها "، لكن هـﺫه الدراسات ركزت على فكرة إعادة استخدام الآثار الفرعونية والقبطية فى عماﺌر إسلامية ، وإن كان الأستاﺫ حسن عبد الوهاب قد عرﺽ لنماﺫج قليلة لآثار إسلامية نقل إليها عناصر معمارية وفنية من آثار إسلامية أخرى إلا أن هـﺫه النماﺫج لم تتجاوز العصر العثمانى

والبحث الـﺫى بين أيدينا ينصب على فكرة إعادة استخدام وتوظيف بعض العناصر المعمارية الإسلامية الأثرية التى كانت فى الأصل تشكل جزءً من عمائر إسلامية ترجع فى معظمها إلى العصرين المملوكى والعثمانى ، والقليل منها يرجع إلى عصر أسرة محمد على نفسها ، حيث أعيد توظيف وصياغة تلك العناصر صياغة معمارية فى عماﺌر إسلامية أخرى خلال حكم أسرة محمد على الممتد من عام 1805- 1952م ، وبصفة أخص خلال النصف الثانى من القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ، وذلك من خلال مجموعة من النماذج الجديدة أغلبها عمائر سكنية ، والقليل منها عمائر دينية .

وتتنوع هـﺫه العناصر ما بين أعمدة رخامية ونافورات رخامية وأحواض رخامية أيضا ، وتجميعات خزفية وأبواب خشبية ومشربيات وأسقف خشبية ومنابر وشبابيك جصية ، بالإﻀـافة إلى أحجار بعـﺽ المبانى التى أعيد استخدامها فى بناء مبان أخرى ، كما سيتناول البحث أيـﻀا ما قامت به لجنة حفظ الآثار العربية من نقل أجزاء من مبان أثرية إلى أخرى .

فكرة إعادة استخدام العناصر المعمارية والفنية القديمة خلال العصر العثمانى :

لكى يتبين لنا الفارق فى الدوافع والأسباب والتطبيق لفكرة إعادة استخدام العناصر الأثرية القديمة خلال الفترة التى تتناولها الدراسة وبين الفترة السابقة عليها لابد لنا من إلقاء نظرة عامة على هذه الفكرة خلال العصر العثمانى .

فقد شهدت القاهرة خلال العصر العثمانى سوقا نشطة فى مجال بيع أنقاض المبانى القديمة ، فكان الأهالى يجدون فى تلك المخلفات المعمارية مواد بناء معقولة الثمن مقارنة بما كانوا سيتكلفونه لو أنهم اشتروا تلك المواد جديدة . وكانت تلك المخلفات تمثل لنظار الوقف مصدرا للدخل وتنمية مال الوقف وتوفير مصدر جديد للوقف ببيع بعـﺽ أنقاﺽ مبانى الوقف المتخربة ، وعلى سبيل المثال نجد ناظر وقف السلطان برقوق يبيع للأمير داوود أغا دار السعادة فى سنة 1009هـ / 1600م ستة أعمدة من الصوان وتسعة قواعد من الرخام كانت موضوعة بوكالة الزيت بمصر القديمة بمبلغ 240 دينارا ، واشترى نفس الأمير من ناظر وقف جامع الملك خارج باب النصر ستة عشر عمودا صغيرا وقطعتين من عمودين كلها من الصوان بمبلغ 560 نصفا وذلك لاستخدامها فى بناء الجامع الجديد الذى أنشأه وعمره الأمير داوود أغا بخط الحبانية بالقرب من بركة الفيل .

واستغل بعض الأمراء أنقاض المبانى المهدمة وأعادوا استخدامها فى عمائرهم ، فنجد الأمير رضوان بك يشترى أرضية رخامية كانت فى فناء المدرسة الغنامية فى عام 1059هـ /1649م وأعاد استخدامها فى مبانيه ، ونفس الأمر ينطبق على الأمير رضوان كتخدا الجلفى الذى استخدم بعضا من أحجار الجامع الجديد الناصرى بمصر القديمة فى بناء باب العزب بالقلعة ، ومثلت بعض مواد البناء المستعملة وخاصة الرخام والبلاطات الخزفية هدايا معتبرة للتهادى والمجاملة بين الأمراء ، ويحدثنا المؤرخ أحمد شلبى بن عبد الغنى فى كتابه أوضح الإشارات كيف أن الأمير زين الفقار بيك أهدى إلى الأمير عثمان كتخدا عشرة أعمدة من الرخام كانت فى الأصل عند وكالة أيوب بك ، فاحتاج منها ستة فى بناء مسجده بالأزبكية فى سنة 1147هـ /1734م ، وأهدى الأربعة الباقين إلى أحمد كتخدا الخربوطلى حيث أعاد استخدامها فى مسجد الفكهانى عندما قام بتجديده فى سنة1148هـ /1735م.

ويلاحظ أن العناصر الأثرية التى أعيد استعمالها خلال العصر العثمانى كان بعضها منقولا من مبان فرعونية وقبطية سابقة على الإسلام والبعض الآخر كان منقولا من عمائر إسلامية ، ومن أمثلة الحالة الأولى ستة أعمدة بمسجد عثمان كتخدا بميدان الأوبرا ، كما يوجد بدكة المبلغ بنفس المسجد عمود رخامى عليه كتابة يونانية.

ومن نماذج الحالة الثانية باب من مصراعين من الخشب بمسجد داوود باشا بسويقة اللالا 955هـ/1548م يرجح أن هذا الباب يرجع إلى العصر المملوكى القرن 8هـ /14م ، حيث أخذ من أحد العمائر المملوكية وأعيد استخدامه فى ذلك المسجد ، وكذلك يوجد ضمن شبابيك المسجد مصراعا شباك حشواتهما مطعمة بالسن مدقوقة أويمة دقيقة ترجع إلى القرن 8هـ /14م .

ومنها أيضا سبيل الكردى بدرب الجماميزالقرن11هـ /17م حيث يوجد بهذا السبيل باب من الخشب يعود إلى العصر المملوكى حشواته مطعمة ومدقوقة أويمة ،

وفى بيت السحيمى بالدرب الأصفر يوجد بالقاعة الشتوية بالطابق الثانى من هذا المنزل باب من الخشب المطعم بالعاج على هيئة أطباق نجمية ، من المرجح أنه منقول من أحد المبانى المملوكية ، وهناك باب آخر بنفس هذا المنزل وهو الباب الذى يغلق على القاعة الأرضية الموجودة بالضلع الجنوبى الغربى على يسار الداخل من دهليز المنزل ، هذا الباب لا يعود إلى عصر بناء المنزل ، ولكنه نقل من أحد الآثار وأعيد استخدامه مرة أخرى ، وبالسبيل الملحق بمسجد عبد الرحمن كتخدا داخل جامعة الأزهر بالدراسه والمعروف بمسجد الغريب لوح حجرى ضخم من قطعة واحدة يقارب طوله الأربعة أمتار من المؤكد أنه كان موجودا فى جامع البرقية الذى أقام عبد الرحمن كتخدا مسجده هذا على أنقاضه .

الدوافع والأسباب وراء تنامى فكرة إعادة استخدام العناصر الإسلامية خلال فترة حكم أسرة محمد على :

توفرت عدد من الدوافع والأسباب والظروف أدت فى مجموعها إلى نمو فكرة إعادة الاستخدام للعناصر المعمارية والفنية الإسلامية بالـﺫات خلال عصر أسرة محمد على ، وبصفة أخص فى أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ، واختلفت تلك الدوافع والأسباب كليا عن تلك التى كانت موجودة خلال العصر العثمانى والتى كانت محصورة فى الرغبة فى الحصول على مواد بناء رخيصة الثمن بالنسبة للأهالى ، وتوفير مصدر دخل جديد بالنسبة لنظار الأوقاف .
ولكن هذه الدوافع قد تطورت خلال عهد أسرة محمد على إلى دوافع جديدة ومختلفة حيث تهيأت ظروف ودوافع جديدة أدت إلى نمو فكرة إعادة توظيف واستخدام العناصر الإسلامية المأخوذة من عمائر إسلامية تعود فى معظمها إلى العصرين المملوكى والعثمانى ومن أهم تلك الظروف والأسباب :
1- شق الشوارع والميادين الجديدة بمدينة القاهرة والتى جاءت ضمن المشروع الطموح لتنظيم وتحديث المدينة الذى بدأه محمد على ، ثم خطا خطوات واسعة خلال حكم الخديوى إسماعيل ، وكان لهذا المشروع أكبر الأثر فى تغيير وجه المدينة ، ولكنه كان كارثة على الآثار الإسلامية فقد أزيلت العديد من روائع العمائر الإسلامية عند شق هذه الشوارع .

ففى عهد محمد على أنشئت لأول مرة مصلحة التنظيم التى أخذت على عاتقها عملية توسيع الشوارع القديمة لتسهيل حركة التجارة وشق شوارع جديدة وإقامة عدد من الميادين ، ومن أبرز تلك الشوارع شارع السكة الجديدة الذى فتح فى عهد محمد على وعند فتحه هدمت أجزاء من بعض الآثار الإسلامية من أهمها سبيل ملحق بمسجد مراد باشا بالموسكى 986هـ / 1578م والمبانى التى تعلوه وجزء من وكالة قاسم كتخدا وأجزاء من جامع الشيخ مطهر1158هـ / 1745م منها الميضأة كما هدم باب سر مدرسة الأشرف برسباى829هـ / 1425م .

ومنها أيضا شارع المحجر بالقرب من القلعة فقد هدم عند توسيعه أيضا عدد من العمائر ، وكان المشرف على توسيعه المهندس الفرنسى لينان دى بلفون واستخدم اللغم فى إزالة الكتل الصخرية التى تعترض الشارع ، وأدى استخدام اللغم إلى تهدم بعض أجزاء عدد من المبانى الواقعة بهذا الشارع وبالقرب منه ومنها زاوية الشيخ حسن الرومى.

لكن الجزء الأكبر من المبانى التى أزيلت بسبب شق الشوارع تم خلال حكم إسماعيل الذى تبنى مشروعا لتطوير القاهرة عرف باسم " باريس الشرق " ، كان يهدف من ورائه إلى جعل القاهرة مدينة حديثة تنافس باريس ، وفى سبيل ذلك عمد إلى فتح شوارع جديدة داخل المدينة القديمة من أهمها شارع محمد على الذى يمتد من الأزبكية حتى القلعة ، ووفقا لما يذكره على مبارك الذى كان مشرفا على فتح هذا الشارع فقد بلغ عدد المبانى التى أزيلت لفتح هذا الشارع ثلثمائة وثمانية وتسعون منها ثلثمائة وخمسة وعشرون بيتا ما بين كبيرة وصغيرة والباقى طواحين وأفران ورباع وحمامات وزرائب وخرائب ومن أهم تلك المبانى جامع اسكندر باشا بباب الخلق والتكية التى كانت تقع أمامه(963هـ /1555م) ، والسبيل الملحق بها(966هـ /1558هـ) وهدمت ملاحق مسجد يوسف أغا الحين 1035هـ /1625م وكانت تتكون من مدفن وقبة للمنشئ وأسرته وربعا كبيرا وبيت قهوة ، كما هدم جامع بطيخه القريب منه بأكمله ، وجزء من مسجد الشيخ نعمان وجزء من زاوية الشيخ ضرغام ومسجد الشيخ سليمان بأكمله وجامع قوصون الساقى 730هـ /1330م ولم يبق منه إلا بوابتان وبعض جدر تعلوها قمريات ، وعند فتح ميدان الأزبكية وإقامة تمثال إبراهيم باشا أزيل جامع الأمير أزبك وكان جامعا فى غاية الحسن والزخرفة كما هدم الحمام الذى كان بجواره وغير ذلك من الربوع والقياسر والطواحين والأفران ، وفضلا عن ذلك فقد هدم الجزء الأكبر من المدرسة الظاهرية بالنحاسين فى عهد الخديوى إسماعيل عند فتح شارع بيت القاضى الذى يصل شارع الجمالية بشارع المعز ، كما هدم أيضا جزء كبير من بيت محب الدين الموقع الشافعى 751هـ /1350م ولم يبق منه إلا قاعته الرئيسية ، أما قصر الأمير ماماى السيفى 901هـ /1496م فقد هدم أغلبه ولم يبق منه إلا مقعده.

2- هدم الآثار الإسلامية لإقامة بعض قصور أفراد العائلة المالكة ، فقد كان لرغبة بعض أفراد تلك الأسرة فى بناء قصور لهم داخل المناطق القديمة بالقاهرة أكبر الأثر فى هدم عدد من العمائر القديمة لتوفير المساحات الهائلة لبناء تلك القصور . ومن أبرز الأمثلة على ذلك سراى الحلمية التى هدم بسببها عدد كبير من المبانى الأثرية منها المدرسة البشيرية التى بناها الأمير الطواشى سعد الدين بشير الجمدار الناصرى فى سنة 761هـ/ 1359م ، كما هدمت قبة الشيخ ظلام التى كانت من توابع تلك المدرسة ،وهدم كذلك حمام قمارى المعروف بحمام إبراهيم بك، وينطبق نفس الأمر على سراى منصور باشا بباب الخلق التى أزيل بسببها عدة بيوت وعطف وحارات أخذت جميعها وهدمت ومن ضمنها سراى الأمير حسن باشا الطويل ، ويكفى للتدليل على هذا السبب أن نذكر فقط تلك الاحصائية التى أوردها على مبارك لأسماء المبانى التى أزيلت وبنى مكانها سراى عابدين والتى بلغ عددها حوالى سبعة عشر مبنى من أهمها جامع الكريدى وجامع محمد بك المبدول وجامع عبد الرحمن كتخدا وضريح سيدى الأشرف وضريح سيدى محمد الغريب وضريح الشيخ التميمى وحمام عابدين وحمام جميزه وبيت خورشيد باشا وبيت عبد الرحمن كتخدا ودار محو بك ، ويبدو أن هذا العدد الذى ذكره على مبارك قد أضيف إليه أعداد أخرى من المبانى فيما بعد ، وقد أورد أمين سامى وثيقة مؤرخة بعام 1291هـ/1874م تتحدث عن شراء ثلاثة وخمسين مكانا اشترتهم الحكومة بمبلغ 6436 كيسة لتقوم بهدمهم وبناء سراى عابدين فى محلهم .

وبطبيعة الحال فإن هذه المبانى جميعها التى هدمت ـ سواء بسبب شق الشوارع والميادين أو بسبب بناء قصور أفراد العائلة المالكة ـ قد أعيد استخدام أنقاضها وما تخلف منها من عناصر معمارية و فنية فى القصور والمبانى التى بنيت أو جددت فى تلك الفترة .

3- الأوامر الصادرة بمنع تصدير الآثار الإسلامية للخارج : صدرت خلال حكم إسماعيل وتوفيق عدد من الأوامر تحظر بيع وتصدير الآثار الإسلامية إلى الخارج ومن تلك الأوامر :

- قانون الآثار القديمة الصادر فى مارس سنة 1869م والذى نص فى مادته الثانية على " منع نقل الآثار إلى البلاد الخارجية ولكن لهم الخيار فى بيعها داخل المملكة إلى الأفراد أو إلى الحكومة إذا طلبت منهم ذلك ".

- قرار مجلس النظار الصادر فى 30 أبريل سنة 1880م والذى تضمن أن " ... كافة الأشياء التى بالمساجد والمعابد والأضرحة أو المأخوذة منها ممنوع تصديرها بالكلية فجميع ما ذكر من هذه الأنواع يصير ضبطه ومصادرته لجهة الميرى " .

- إفادة صادرة من ناظر الداخلية إلى أمين عموم الجمارك المصرية بتاريخ 3 ذى الحجة 1287هـ/1870م والذى نص على أنه " ... من الآن وصاعدا مقتضى منع إخراج الآثار القديمة صناعة العرب إلى الخارج ".

ومما لاشك فيه أن هذه الأوامر والقرارات الخاصة بمنع تصدير الآثار الإسلامية للخارج كان لها أثر كبير فى إعادة استخدام هذه الآثار فى العمائر الجديدة ، فماذا يفعل تجار العاديات ومحبى جمع التحف فى تلك الآثار بعد صدور هذه القرارات ، لقد كان التصرف المنطقى أمامهم أن يعيدوا استخدام تلك الآثار فى مبانيهم الجديدة أو يبيعونها فى الداخل لمن يرغب فى اقتنائها او إعادة توظيفها فى قصورهم ، لذلك فليس غريبا أن نجد نسبة كبيرة من العمائر التى استخدم فى بنائها عناصر أثرية إسلامية خلال تلك الفترة يرجع ملكيتها إلى تجار عاديات ومحبى جمع التحف والآثار القديمة ومنهم الكونت سانت موريس والبارون ديجليون وغيرهما.

4- تنامى الشعور القومى فى تلك الفترة والتى كان من مظاهره الرغبة فى إعادة إحياء تراث العمارة الإسلامية وروعتها بعد أن طغت طرز العمارة الأوربية على العمارة المصرية ، ونادى البعض بفكرة التخلص من هذا " التغريب المعمارى " ، وأخـﺫ هـﺫا الاهتمام أحد مظهرين :

الأول : تقليد نماﺫج العمارة الإسلامية وخاصة المملوكية منها وهو ما نلاحظه فى عدد كبير من العمائر التى أنشئت خلال عهد الخديوى عباس حلمى الثانى ( 1892- 1912م) وبصفة أخص العمائر الدينية .

الثانى : باعادة استخدام عناصر معمارية إسلامية أصلية نقلت من مبان إسلامية وأعيد توظيفها فى المبانى الجديدة .

وارتبط ﺫلك الأمر أيـﻀا بظهور طبقة من أمراء الأسرة الحاكمة كانوا مولعين بالآثار الإسلامية واقتناء التحف الإسلامية ، ومن أهم هؤلاء الأمير محمد على توفيق والأمير يوسف كمال . هؤلاء الأمراء كان لهم وكلاء داخل مصر وفى المدن الأوربية كذلك مهمتهم الحصول على ما يعرﺽ للبيع من آثار الحـﻀارة الإسلامية ، ولم يتركوا أى مبنى أثرى تهدم إلا وسارعوا إلى ﺸراء أنقاﻀه وأعادوا استخدامها فى قصورهم .

ولم يكن هؤلاء الأمراء وغيرهم من الأثرياء مقتصرين على الحصول على تلك العناصر الأثرية من المبانى المصرية الإسلامية فحسب ، بل سعوا كذلك إلى شراء بقايا قصور فى بلاد الشام ، وظهرت فى أوائل القرن العشرين ظاهرة إعجاب الأمراء والأثرياء والأجانب بقاعات القصور الشامية ، فعملوا على شرائها بأثمان باهظة ، فنجد الأمير محمد على توفيق يشترى بقايا بعض القاعات الدمشقية ويعيد تشييدها فى قصر المنيل ، ونفس الأمر قام به جاير اندرسون عندما اشترى كسوات خشبية شامية من أحد تجار العاديات فى سنة 1939م وأعاد استخدامها فى بيت الكريدلية ، ويبدو أن هذا الأمر أصبح اعتياديا لدرجة أن بعض الكتاب الشوام تصدوا لهذا الأمر وطالبوا بالحفاظ على تلك الثروة حتى لا تخرج من بلادها .

5- إضفاء قيمة تاريخية وفنية على المبنى : فقد كان البعض من أصحاب القصور التى استخدم في بنائها تلك العناصر الأثرية القديمة يهدف من ذلك إلى إﻀفاء قيمة تاريخية وفنية على تلك القصور كنوع من المباهاة والفخر .

تابع الحلقة الثانية عبر الرابط التالى
http://www.abou-alhool.com/arabic1/details.php?id=33117
 
 
الصور :