محمود فرحات يكتب:
نستكمل حديثنا معاً عن صراع الذاكرة والتاريخ.. فنعود لليهود وللحركة الصهيوينة وكيف انهم مصّرون على أن (من النيل للفرات دولتهم).. وهم ابداً لا ينسون ان يعلموا اولادهم واحفادهم ذلك.. بل ولازال ذلك الزيف مكتوب على جدران الكنيست.. هم يقولون انه وعد الله لهم ويحفظونه كذباً.. ويؤمنون بأن تلك دولتهم و أن لهم تاريخ في منطقة الشرق الاوسط.. والحقيقة ان دولتهم المزعومة هى في الاصل حدود الامبراطورية المصرية القديمة التي اسسها ملك مصر العظيم (تحتمس الثالث) بدماء وتضحيات اجدادنا.. عقب طرد جدنا العظيم (أعحمس الأول) للغزاة (حقاو-خاسوت) او ما يدعون بالهكسوس (وهم حلف تكون من بدو الصحراء وقبائل عربية وعبرية)..
فقد امتدت الامبراطورية المصرية من شمال العراق وضمت كذلك كل الاراضي السورية والفلسطينية وحتى منابع النيل في الجنوب.. هذه هى الدولة التي طالما صدعنا بها الصهاينة والامبراطورية المزعومه في توراتهم والتي وعدهم بها الله.. ولكن الحقيقة انهم دوما يحقدون على مصر ويسرقون من تاريخنا وتاريخ شعوب المنطقة.. لانهم كباقي الشعوب الصحراوية لا تاريخ لهم
اليهود علموا ابنائهم الزيف ورسخوه في قلوبهم وعقولهم وجعلوا لدى جيل بعد جيل الامل ان يستعيد تلك الدولة المزيفة والتي لا وجود لها في وثائق التاريخ.. بينما نحن المصريين تناسينا تاريخنا ولم نعلم اولادنا ان دولتنا المصرية تمتد من حدود اجدادنا.. لم نعلمهم اننا لا نرضى بديل ان نكون اسياد تلك المنطقة كما كان الاجداد.. لم نزرع فيهم الامل فنزعنا منهم الانتماء للوطن.. وتركنا اولادنا فريسة للعروبيين والاسلاميين ليزيفوا تاريخنا مثل يفعل الصهاينه تماماً الحقيقة نحن (شعوب لا ندرك.. ولا نقرأ.. و إن قرأنا لا نفهم.. وإن فهمنا لا نعمل) أو كما قالها الاسرائيلي موشيه دايان ، نحن شعوب نتعامل مع تاريخنا على انه سلعة او حكاية جميلة او مساخيط نبحث في كنوزهم على الثراء او ما يقوى لدينا اصلابنا (يعني مال او جنس)
فنحن لا نجيد قراءة ما تركه لنا الاجداد من كتاب تاريخ مفتوح.. ووثائق تثبت احقيتنا بارضنا وتراثنا.. وتوضح لنا اعدائنا الذين طالما كانوا ومازالوا يريدون ان يكون لهم وجود وسط ممالك الشرق القديمة الغنية (آن ذاك) بالعلم والثقافة والغنية بالمنح الطبيعية من انهار وزراعة وموانئ هامة فأسرائيل لم يكن لها دور يوماُ في منطقة الشرق الاوسط وهذا ما تؤكد علية وثائق الاجداد فهم مجرد مجموعة من قبائل تعيش في جنوب سوريا الكبرى (وسط فلسطين) فلم يكن لهم يوماً مملكة او دولة ذات تأثير في تاريخ المنطقة فهم كانوا كالريشه في منطقة تنازع زعامتها مصر والعراق وهذا ما يؤكد عليه لوحة انتصارات الملك المصري العظيم (مرينبتاح) المسماة بالخطأ (لوحة اسرائيل).. حيث نجده يذكر بين سطور تلك اللوحة ان قبيلة اسرائيل الكائنة في فلسطين قد ابيدت على يدية وقد خضعت مدن الساحل الفلسطيني كله لسلطان مصر وتم القضاء على التمرد
ما يهمنا في ذلك الموضوع هى تلك المقوله (ودمرت اسرائيل واقتلعت بذرتهم) وبالنظر الى العلامة الهيروغليفية التي تتبع كلمة (يسرأير) نجد الكاتب الذي خط تلك اللوحة لم يضع العلامة الهيروغليفية التي تدل على المدن او علامة التلال والتي تدل على البلاد الاجنبية.. وانما وضع علامة رجل وامرأة مما يعني انهم ليسوا مدينة ولا دولة وانما مجرد قبيلة تعيش على هامش تلك المنطقة..فهم لم يكونوا يوما دولة ولا كانت لهم تأثير في العالم القديم
وللحديث بقية حيث سنتناول في حلقات قادمة بقية اطراف الصراع على الهوية والتاريخ والذاكرة الوطنية والوجود واعداء حضارات الشرق القديم غير اليهود والصهيونية وهم الاسلاميين والعروبيين والعلاقة بين تلك القوى..
|