الخميس, 28 مارس 2024

abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
abou-alhool
الرئيسية
بانوراما
فرعونيات
بلاد وشركات
الحدث السياحي
سحر الشرق
سياحة وإستشفاء
أم الدنيا
حج وعمرة
أعمدة ثابتة
درجات الحرارة
اسعار العملات
abou-alhool

قصور الحمراء..آيات الإبداع الفني في العمارة الإسلامية بالأندلس

قصور الحمراء..آيات الإبداع الفني في العمارة الإسلامية بالأندلس
عدد : 01-2013
رعى الله بالحمراء عيشا قطعته ذهبت به للأنس والليل قد ذهب
ترى الأرض منها فضه فإذا اكتست بشمس الضحى عادت سبيكتها ذهب

إن أول ما تضطرم به مخيلتك حينما تصل الى مدينه غرناطة ,هو أن ترى دره الآثار الاندلسيه الفريدة قصر الحمراء وهوالذى حرف الأسبان اسمه فأصبح يعرف فى العالم الغربي بأسمAlhambra . وتعد مدينه غرناطة الحالية اكبر مدن إقليم جنوب اسبانيا وتقع فى المنحدرات الشمالية الشرقية لسلسة جبال شلير أو جبل الثلج ,وتشغل المدينة الاسلاميه هضبتين يفصل بينهما نهر حدره ,وتتوج قصور الحمراء الهضبة الجنوبية , فى حين يشغل الهضبة الشمالية ربض المدينة المعروف حتى الآن بحي البيازين , فضلا عن القصبة القديمة والقصبة الجديدة ويمر بجنوب المدينة نهر شنيل احد فروع نهر الوادي الكبير , وتعتبر غرناطة من أكثر المدن الاندلسيه احتفاظا بتراثها المعماري الاسلامى.

يرجع أصل بناء الحمراء الى السلطان الغالب بالله محمد بن يوسف بن نصر (635-671 ه /1238 -1272 م) اذ اختار معقل حصين يقع فوق الهضبة المعروفة آنذاك بالسبيكة ليكون مقر لسلطنته فقام بترميم أسواره وأقام قصبه حصينة تحيط بها المتنزهات , وكانت هذه القصبة النواه الأولى للقصور المعروفه بأسم (قصور الحمراء) والتى يرجع الفضل فى انشأئها الى بعض سلاطين بني نصير ,أضاف بعضهم قصرا أو ابتنى مجلسا داخل برج من الأبراج تتقدمه بركه صناعية أو زود احد القصور بصحن تتوسطه نافورة , وصارت الحمراء مدينه ملكيه تتخذ شكل الحصن الذي يقام فى موقع مرتفع منيع ,وكانت تضم القصور والمساجد والمتنزهات وصهاريج المياه وتطوقها الأسوار والأبراج وهى بذلك تشبه الى حد كبير القلاع مثل قلعه الجبل فى القاهرة وقلعه حلب فى سوريا . وبالنسبة لتسميه القصور بهذا الاسم (الحمراء ) فليس له علاقة ببني الأحمر فالتسمية ترجع الى أن الحصن سمى بذلك قبل عصر بني الأحمر وذلك لوقوعه فوق الهضبة المعروفه بالسبيكة والتى عرفت بهذا الاسم لحمره تربتها وتحولها الى اللون الذهبي عندما تسقط عليه أشعه الشمس وفى روايات أخرى يرجع الاسم الى لون الطوب الأحمر الذي بنيت به الأسوار .

أجل هذا هو قصر الحمراء ، هذا هو قبله الرواد من سائر أنحاء الأرض , هذا هو خاتمه المطاف لرواد اسبانيا ورواد الأندلس.

ان قصر الحمراء , أو بالأحري ما تبقى منه , هو أعظم وأروع الآثار الاندلسيه الباقية كما انه اعتبر من أبدع الآثار الاسلاميه التي أبقت عليها حوادث الزمن , وهو يبدو بعقوده وسقوفه ذات زخارف بديعة وأعمدته الرخامية الرشيقة وأناقته المتناهية من أجمل ما تقع عليه العين من الصروح الاثريه وهو مشرق منير يغمره الضوء والهواء .ويطلق الأسبان على قصر الحمراء اسم القصر العربي ويجوز الزائر إليه من مدخل متواضع .

ويمكن ان نقسم ابنيه الحمراء الى جناحين كبيرين الأول جناح قمارش الذي يضم قاعه السفراء وبرج قمارش الذى يعلوه وجناح الأسود الذي يتوسطه فناء الأسود. وتسحرك الابنيه بأشجارها الباسقة وخرير الماء المتدفق فى جوانبها وشدو البلابل التي تملاء أغصانها وتتفسح أمامك ثلاث طرق عريضة , يفضى أولها الى أبراج الحمراء والأوسط الى قصر جنه العريف والثالث وهو الأيسر يفضى الى باب "الشريعة" أول أبواب الحمراء والطريق الصاعد الى باب الشريعة مجهد، صفت على جانبيه مقاعد حجريه وقد انشىء قبله بقليل حوض مستطيل مزخرف نقشت فوقه صور لبعض الأساطير اليونانية وهو يرجع الى عصر الامبراطور "شار لكان ". ووراء باب الشريعة مجاز معقود به فى الناحية اليمنى محراب وضع فيه تمثال للعذراء وقد صنعت به لوحه رخامية أشير فيها الى حصار غرناطة .وفى شمال هذا الدرب الصاعد يطالعك ميدان شاسع أطلق عليه الأسبان "ميدان الأحباب " ومنه ترى لأول مره أهم مجموعه من الصروح والأماكن الاثريه التي تضمها قصبه الحمراء .

فإلى يمينك قصر الامبراطور شار لكان فى جنوب قصر الحمراء والى يسارك ترى الساحة التى يطلق عليها اسم "القصبة" او "الحصن" وفى نهايتها البرج الضخم الذى يسمى "برج الحراسة " وهو من أعظم أبراج الحمراء وهو يشرف عاليا على مرج غرناطة كله وهذا البرج الذى اختاره الأسبان عند دخولهم لرفع الصليب ولا يزال الصليب مكانه قائما فى مكانه كما وضعوه .

ومما يسترعى النظر ان هذا الإشراق تطبعه لمحه من الأسى والكأبه يحس بها المتأمل فى جنباته الصامتة وكأنه يرتد فى حسره واسى الى عهد السيادة والعزة أيام أن كان قاعدة الملك لمملكه عظيمه .

ولو وصفنا الحمراء بكل صفات البذاخه والثراء والجمال والرونق ولو سميناها حسب أهوائنا : دار مفاجآت أو دار العجائب أو المعجزات ثم ألفنا فيها الكتب المتعمقة والمدائح الطويلة والأشعار البليغة لما خطر ببال من زارها وتنقل فى أجنحتها وشاهد روائعها ان يتهمنا بالمبالغة والإسراف , لان الحمراء لاتوصف ولا تمدح بل تشاهد فقط واى ذاكره تقدر على تسجيل واستحضار ألاف الصور والمشاهد الماثلة فى كل مدخل ونافذة وزاويه ولكن من الصور والمشاهد ما يبقى عالقا بالذهن فتعاود مخيلتنا كلما تذكرنا الحمراء وكأننا شاهدناها بالأمس فقط .

وأكثر ما يلفت نظرنا نحو تلك البناء العتيق هو المسجد والكنيسة حيث كان يقع مسجد الحمراء فى وسط الهضبة جنوبي الروضة فى نفس المكان الذى توجد به اليوم كنيسة سانت ماريا وقد أمر بإنشائه السلطان محمد المخلوع , المعروف ب"محمد الثالث" ملك غرناطة (1302- 1309 م) أنشاه على أربع طرز وزوده بالأعمدة والزخارف والثريات الفخمة فكان على صغر مساحته من أفخم مساجد غرناطة ،ولما احتل الأسبان غرناطة تركوا المسجد على حاله بعد ان أقاموا فيه هيكلا واستعملوه كنيسة ,ثم هدم سنه 1576 فى عصر فيليب الثاني. ولد الإمبراطور "شار لكان" وأقيمت مكانه الكنيسة التى سميت بأسم "سانت ماريا" وقد بنيت على شكل صليب لاتيني وهى ذات برج شاهق يعلو كل صروح الحمراء . هذا ولم يبق من آثار المسجد القديم سوى مصباح برونزي بديع الزخرف محفوظ الآن بمتحف مدريد الوطني.
 
 
بقلم الدكتور/ عمرو محمد الشحات