بعد توقف اجبارى دام نحو ثمانية أشهر وتحديدا منذ أن نشرت مقالي الأخير الذي انتقدت فيه إقامة مهرجان " فوانيس رمضان 2010" والترويج له دولياً قبل بدء الشهر الكريم بأيام معدودة فقط ، مما اضطر عمرو العزبى رئيس الهيئة لإلغاء وسحب المهرجان من عده دول عربية بعد أن سبق وأعلن عنها في مؤتمر صحفي عالمي ،وظلت علامات الاستفهام تلاحق منفذيه حول جدوى أقامه مهرجان شعبي بقصد جذب ملايين السائحين العرب الذين سيتمنون في أعوام مقبلة قضاء شهر رمضان في مصر.. وظلت الملايين المنفقة على المهرجان المعلوم منها والغير معلوم في طي الكتمان.
ويوما بعد يوم استمر كبار مسئولي الهيئة في مجاملة موظفي المكاتب الخارجية بدون الأخذ فى الاعتبار عنصري الخبرة والكفاءة المهنية و إهدار ملايين الدولارات في شتى صورها ومنها على سبيل المثال لا الحصر: إصدار قرارات بمد خدمه معظم مديري المكاتب الخارجية بالرغم من تجاوزهم المدة القانونية ،هذا بخلاف استعانة مكاتبنا السياحية البالغ عددها 17مكتب بشركات علاقات عامه من الدول المتواجدين فيها لتساعدهم في الترويج لمصر ودفع ملايين الدولارات نظير تلك الخدمات، على الرغم من أن الهيئة متعاقدة فعلياً مع شركة JWT المسئولة عن الترويج لمصر نظير أجر سنوي يبلغ40 مليون دولار، بالإضافة إلى فوضى قرارات السفر البعيدة تماما عن أصول وقواعد المهنة ،حتى بات موظفو قطاع السياحة الدولية جالسون في مكاتبهم بينما زملاءهم في القطاع المالي يقومون بمهام الترويج لمصر في الخارج ،واستمرارية سفر وفود حاشدة من الأقارب و المحاسيب للمشاركة في معارض سياحية لا طائل منها سوى الترويح عن أنفسهم وشراء الهدايا ببدلات السفر.
تلك القرارات الإدارية الفوضوية هي التي فضحت أسباب ظهور أرصدة الدفاتر المحاسبية على غير حقيقتها بالملايين ،وإخفاء عقود بالملايين عن أعين الأجهزة الرقابية،وإنفاق الملايين على المعارض والحملات الخارجية بدون مستندات ،والتعاقد مع الشركات والفنادق دون مناقصات ومزايدات،وأسباب تأخر مديري المكاتب الخارجية في تقديم فواتيرهم شهرياً طبقا لتقارير الجهاز المركز للمحاسبات ، ووووو........الخ.
لست بصدد أن أكشف شيئاً جديدا لقرائنا الأعزاء أسوأ مما سبق ، فقد قمت بمخاطبة الأجهزة المعنية مرارا وتكرارا عبر سلسلة مقالات إهدار المال العام في هيئة تنشيط السياحة على مدار العامين رغبة في انتهاء منظومة الفساد المالي و الادارى في قطاعات الهيئة المختلفة من واقع المستندات الرسمية ،حتى أنى طالبت عبر صفحات الجريدة باتخاذ قرارا سياديا بشأن وقف نزيف كوارث الهيئة التي تتم تحت رعاية وزير السياحة الأسبق ولكن مع الأسف ثبت لي بشكل قاطع أنني أصبو إلى المستحيل.
ولأن كلمة مستحيل تحطمت أمام ثورة شباب 25 يناير، وبات الشعب المصري على دراية ووعى كامل الآن بأهمية صناعه السياحة وقدرتها على دفع عجلة التنمية سريعاً، زادت قناعاتي بأنه آن الأوان أن نطالب الأجهزة الرقابية بتكثيف جهودها الحالية في تطهير القطاع السياحي من جميع بؤر الفساد المستوطنه فيه منذ سنوات..فلا يمكن أن تنجح إستراتيجية جذب رؤوس الأموال الاستثمارية إلى مصر في ظل أجواء غامضة غير مستقره،خاصة بعد أن تبين أمام العالم كله حجم الفساد الذي غضت عنه حكومات مصر المتعاقبة البصر كثيراً.
فليتحد شرفاء الوطن على نصرة وإعلاء كلمة الحق والقضاء على خفافيش المصالح المشتركة الذين يسعون لاستبدال الوجوه بأخرى مماثلة،فلا جدوى من التخاذل أو التستر على فاسدين،ولا يصح مطلقاً أن نتخاذل في قراءة رسالة ثورة شباب يناير الذين افتدوها بدمائهم الذكية.. ولنعلم علم اليقين أن نصرة الحق هو المشهد الجماعي الأخير.
وأخيرا، أتوجه بحديثي إلى رئيس وزراء مصر مباشرة بعد إعلان وزارة السياحة عن عزمها على إعادة صياغة عمل العلاقات العامة بمكاتبنا السياحية الخارجية و دعوة الصحفيين المتخصصين والشخصيات العامة لزيارة مصر لنقل الصورة بشكل ايجابي..فمن وجهة نظري أرى أن هذه المقترحات من شأنها إهدار ملايين أخرى وطننا الآن في أمس الحاجة إليها .. لذا أقترح حلاً سريعاً للخروج من أزمة السياحة الآن وهو الاستعانة بشباب الثورة المثقف والواعي والمهموم بقضايا وطنه في استعادة ومد جسور الثقة والأمن والآمان بيننا وبين شعوب دول العالم ،وذلك عن طريق إجراء حوارات مفتوحة مع كبرى الشركات السياحية الأجنبية ومنظمي الرحلات عبر ال FACEBOOK تحت رعاية وزارة السياحة،فبلا شك هم خيرة سفراء مصر القادرون على شرح وتوضيح أهداف الثورة البيضاء وإنها لم تمس اى سائح بسوء..ومن المؤكد أن السائحين الآن أكثر لهفة وتشوق لمعرفة سر قوة أحفاد الفراعنة.
|